محطات مهمة قبل النكبة الفلسطينية.. كيف نُسجت خيوط المؤامرة؟
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
لم تبدأ النكبة الفلسطينية في الخامس من آيار/ مايو عام 1948، بل إن المأساة سبقت هذا التاريخ بعقود طويلة مضت، ابتداء من إطلاق فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين نهايات القرن الثامن عشر، مرورا بسلسلة من الإجراءات والقرارات البريطانية والغربية الداعمة للفكرة، وصولا إلى مرحلة التنفيذ التي تخللتها مجازر إرهابية وحشية ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق أهالي فلسطين، وتهجيرهم من أرضهم.
وتؤكد الأحداث والمحطات المهمة التي شهدتها فلسطين، أن الحلم اليهودي بإنشاء دولة على أنقاض شعب آخر، لم يكن ليرى النور لولا بريطانيا التي استخدمت كل ما يمكن لوضع فلسطين في حالة سياسية وإدارية واقتصادية تسمح بإنشاء وطن قومي لليهود، وهذا لا يعفي بالطبع الدور الغربي عموما في إنشاء هذا المشروع الدخيل والغريب في فلسطين.
تاليا ترصد "عربي21" أبرز الأحداث التاريخية المفصلية التي مهدت لقيام دولة الاحتلال في فلسطين:
نداء نابليون لليهود عام 1799
ربما يخفى على الكثيرين أن تشجيع إنشاء وطن لليهود في فلسطين كان فرنسيا في البداية، حين دعا القائد الفرنسي الشهير، نابليون بونابرت عام 1799، اليهود للاستيطان في فلسطين، وحينها وجه نداءً إلى يهود العالم قائلا: "أيها الإسرائيليون إنهضوا فهذه هي اللحظة المناسبة، إنّ فرنسا تقدم لكم يدها الآن حاملةً إرث إسرائيل، سارعوا للمطالبة بإستعادة مكانتكم بين شعوب العالم".
مؤتمر بال 1897
أسس هذا المؤتمر الذي عقد بين 29 و31 من آب/ أغسطس 1897 في مدينة بازل السويسرية، لظهور الحركة الصهيونية العالمية، والتي تبنت رسميا خطة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وبذلك يعد هذا المؤتمر أول أساس نظري لإنشاء دولة الاحتلال على أرض فلسطين.
ومن أهم قرارات المؤتمر، تشجيع الاستعمار اليهودي لفلسطين بطريقة منظمة، تنظيم الحركة اليهودية واتحاد الهيئات المتفرقة في شتى أنحاء العالم، القيام بمساع لدى مختلف الحكومات للحصول على موافقتها على أهداف الحركة الصهيونية المتمثلة بإقامة دولة يهودية في فلسطين.
في 3 أيلول/ سبتمبر أي بعد انتهاء المؤتمر بثلاثة أيام؛ كتب رئيس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتسل في يومياته: "في بال، قمت بتأسيس الدولة اليهودية، لو قلت هذا اليوم أمام الملأ، سيضحك الناس مني، لكن في غضون خمس سنوات ربما، أو خمسين سنة بكل تأكيد، سيوافقني الناس على ذلك".
اتفاقية سايكس بيكو 1916
كانت الاتفاقية التي وقعت بين فرنسا وبريطانيا في 16 أيار/ مايو عام 1916 في إطار تقسيم أراضي الإمبراطورية العثمانية، حلقة مهمة من حلقات نكبة فلسطين، إذ منحت بريطانيا السيطرة على ميناء عكا وحيفا في فلسطين، وأوقعت فلسطين تحت إدارة دولية، انتزعتها بريطانيا لاحقا، ومهدت من خلالها لفتح الباب أمام هجرة اليهود بهدف إقامة مشروعهم الكبير.
وعد بلفور 1917
أصدر وزير الخارجية البريطاني، آرثر بلفور عام 1917 وثيقة نصت على أنّ بريطانيا تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وُصفت الرسالة بأنها وعدُ من لا يملك لمن لايستحق لأنّ بريطانيا لم يكن لها أي حق قانوني أو سياسي في فلسطين وتُعتبر هي الممهد الرئيسي لفتح باب هجرة اليهود على مصراعيه وقيام دولة الاحتلال.
مؤتمر سان ريمو 1920 (بدء الانتداب البريطاني)
بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وإطباق بريطانيا على أراضي فلسطين تخلت بريطانيا عن فكرة تقسيم أملاك السلطنة وفق مخطط "سايكس بيكو"، واستخلفتها بنظام الانتداب الذي أقره مؤتمر "سان ريمو" الذي عقدته مع فرنسا عام 1920 بهدف تحديد مصير ولايات المشرق العربي المحتلة، أبرزها فلسطين.
منحت دول التحالف المشاركة في المؤتمر تخويلا رسميا إلى بريطانيا بفرض سلطة الانتداب على فلسطين، لصالح تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي تحت ذريعة إعادة روابطه التاريخية المزعومة بفلسطين، ليبدأ فعليا تطبيق الموعد المشؤوم، وعد بلفور.
قرار تقسيم فلسطين 1947
عام 1947، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارها رقم 181 بتقسيم فلسطين، إلى دولة عربية بنسبة 45%، وأخرى يهودية بنسبة 54%، و1% منطقة دولية، متمثلة في القدس.
مثل هذا القرار دفعة كبيرة للمشروع الصهيوني، وبموجبه، فإن اليهود الذين لم يتجاوز عددهم ثلث السكان ولم يمتلكوا سوى 7 بالمائة من الأراضي، مُنحوا ما يربو عن 56 بالمائة من مساحة فلسطين التاريخية، والذي يبلغ 27 ألف كيلومتر مربع.
أحداث النكبة عام 1948
عند حلول عام 1948، كان اليهود قد أسسوا على أرض فلسطين نحو 300 مستوطنة، وكوّنوا قوات عسكرية من عصابات الهاغاناه، والأرغون، وشتيرن تعد بعشرات الآلاف.
وفي مساء الـ 14 من آيار/ مايو عام 1948، أعلنت العصابات الصهيونية إقامة دولة الاحتلال، "إسرائيل" بعد أن تمكنت من هزيمة الجيوش العربية، واستولت على نحو 77% من فلسطين، وشرّدت بالقوة 800 ألف فلسطيني، من أصل 925 ألف فلسطيني.
دمّر الصهاينة حينها 478 قرية فلسطينية، من أصل 585 قرية كانت قائمة في المنطقة المحتلة، وارتكبوا 34 مجزرة مروعة وبشعة مهدت الطريق للتهجير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية النكبة الفلسطينية مجازر الاحتلال وعد بلفور فلسطين الاحتلال مجازر النكبة وعد بلفور المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال فی فلسطین وطن قومی عام 1948
إقرأ أيضاً:
الصهيونية ومؤامرة تفكيك النسيج المسيحي في المشرق من خلال الجماعات الصهيونية الإرهابية
#الصهيونية و #مؤامرة #تفكيك #النسيج_المسيحي في المشرق من خلال الجماعات الصهيونية #الإرهابية
بقلم : المهندس محمود “محمد خير” عبيد
في مشهدٍ إقليميٍّ معقّد تتداخل فيه الأجندات وتختلط فيه الشعارات بالدوافع الخفية، تكشف قراءة الأحداث عن مشروع متكامل الأركان تقوده الصهيونية العالمية يهدف إلى تفكيك المشرق من الداخل. وهذا المشروع لا يستهدف البنية السياسية أو الاقتصادية فحسب، بل يضرب في عمق الوجود الروحي والحضاري، متخذًا من الجماعات الإرهابية أداةً طيعة لتحقيق أغراضه. وفي قلب هذا المخطط، تقف المجتمعات المسيحية المشرقية هدفًا مباشرًا، لا لكونها خصمًا عسكريًا أو منافسًا سياسيًا، بل لأنها تُجسّد تاريخًا مشتركًا وهوية متجذّرة تقف عائقًا أمام الرواية الصهيونية الزائفة عن المنطقة.
استهداف الأقلية لأنهم لا يشكّلون تهديدًا عالميًا
لم تختر الصهيونية استهداف المسيحيين في الغرب, حيث يشكّلون أغلبية مؤثرة, بل توجهت إلى تفكيك المسيحية في المشرق، حيث الوجود المسيحي أقل وّ يسهل ضربه وشيطنته دون مساءلة. هذا الوجود التاريخي، الذي يُعدّ الامتداد الحي للمسيحية الأولى، يشكل وجدانًا روحيًا مشتركًا بين المسلمين والمسيحيين في الشرق، وهو ما تسعى الصهيونية لمحوه عبر سياسات التفريغ والتهجير والترويع.
الجماعات الإرهابية: أدوات صهيونية بثوبٍ ديني
لم يعد خافيًا أن كثيرًا من الجماعات المتطرفة، التي ترفع راية الإسلام وتدّعي الغيرة عليه، تعمل في جوهرها كأدوات صهيونية تخريبية. هذه الجماعات، التي تموَّل وتُدار من غرف استخباراتية غربية وصهيونية، تمارس العنف ضد المسيحيين باسم الدين، لتولّد الكراهية، وتفكك النسيج الاجتماعي المشترك، وتدفع بالمجتمعات نحو التفكك والانفصال.
من خلال مراكز البحث الصهيونية في تل أبيب، لا تُدرَّس العقيدة الإسلامية لفهمها واحترامها، بل لإعادة تشكيلها وفق رؤيةٍ أمنية، يُنتَج من خلالها دعاة مزيفون، يُتقنون الخطاب الشرعي ظاهريًا، لكنهم يحملون أفكارًا هدّامة تخدم أجندات خارجية، وتعمل على إشعال الفتنة بين المسلم والمسيحي في أرضٍ كانت عبر التاريخ مهدًا للتعايش والرسالات السماوية.
الأرقام لا تكذب: نزيفٌ صامت للمسيحية المشرقية
ان الواقع الديمغرافي يروي قصة نزيفٍ منظم, ففي العراق، انخفض عدد المسيحيين من 1.4 مليون قبل الغزو الأمريكي إلى أقل من رُبع مليون اليوم, اما في سوريا، تقلص عددهم من 1.7 مليون إلى أقل من 700 ألف., وفي فلسطين، تراجعت نسبتهم من 8% عام 1948 إلى أقل من 1% اليوم, حتى في لبنان، تقلص الوجود المسيحي من أكثر من نصف السكان إلى قرابة الثلث، وسط تزايد نوايا الهجرة بين شبابهم.
هذه الأرقام ليست عابرة، بل نتيجة تخطيط متعمد لإفراغ الشرق من تنوعه، واستكمال مسار صهيوني طويل يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من بعدها المسيحي والإسلامي على السواء.
ان المسيحيون كانوا و ما زالوا و سوف يبقون الشاهد التاريخي على كذب المشروع الصهيوني, فوجود المسيحيين في المشرق يعرّي المشروع الصهيوني على أكثر من مستوى من خلال انهم هم الدليل الحيّ على تعدّد المنطقة وتسامحها التاريخي، ما يناقض الصورة التي تسعى الصهيونية لتسويقها عن “منطقة متطرفة وطاردة للأقليات”., اضف الى ذلك انهم هم شركاء أصيلون في الهوية المشرقية و جزء لا يتجزأ من سوريا الكبرى، ما يجعلهم جزءًا من المعادلة الحضارية التي ترفض التقسيم الطائفي والمذهبي الذي تعمل على ترويجه الصهيونية العالمية, كما ان وجود المكون المسيحي ضمن النسيج المشرقي يكشف تناقض ادّعاء الكيان الصهيوني بأنها “ملاذ للأقليات” في وقتٍ تمارس فيه كل الأدوات لتفريغ الشرق من تنوعه الطبيعي.
الكيان الصهيوني: من رفض المسيح إلى محاربة أتباعه
تاريخيًا، رفضت المؤسسة الدينية اليهودية المسيح عليه السلام لأنه خرج من خارج نسقهم الكهنوتي، ولأنه لم يأتِ لتحقيق أطماعهم السياسية. نفس هذا المنطق العدائي يستمر اليوم في استهداف أتباعه، لا سيما أولئك الذين بقوا في المشرق، قريبين من كنائس المهد والقيامة، وحاملين لرسالة السلام رغم العواصف, فالمشروع الصهيوني يدرك أن تفريغ المشرق من مسيحيه يُسقط أي إمكانية لحوار روحي أصيل، ويُسهّل على تل أبيب تقديم نفسها كـ”حامية للأقليات” في محيط “إسلامي متوحّش” صنعته هي بيديها.
من هنا نجد ان ما تنشده المنظومة الصهيونية هو إيجاد هجرةٌ قسرية بأدوات الإرهاب الصهيوني المُقنّع بعباءة الأصولية الإسلامية، فما يحدث للمسيحيين في المشرق ليس هجرةً طوعية، ولا مجرد نتيجة طبيعية لحروب عبثية، بل هو تهجيرٌ ممنهج تقوده أذرع صهيونية تُتقن التخفي خلف عباءة الأصولية. فالجماعات المتطرفة التي تمارس القتل والخطف والترويع والإرهاب، والتي تعلن مواقفها من خلال منابر الترهيب و القتل و التكفير الممنهج باسم الدين, ليست إلا أدوات وظيفية في مشروع تفريغ الأرض من أهلها. يُدفع المسيحيون لهجرة أوطانهم تحت التهديد، وسط حملات مدروسة تُمارس فيها كل أشكال الضغط النفسي والمادي، في ظل صمت دولي مريب، وتواطؤ إقليمي واضح.
وهنا، تتجلى الماكينة الصهيونية التي لا تكتفي بسرقة الأرض، بل تسعى أيضًا لسرقة النسيج الحضاري والروحي للمشرق. المسيحيون لم يغادروا وطنهم لأنهم رفضوا العيش فيه، بل لأنهم دُفعوا قسرًا إلى الرحيل، تحت سيف الإرهاب الذي صنعته وتدعمه أجهزة استخباراتية صهيونية وأجنبية، تخطط وتنفّذ وتستثمر في الفوضى الدينية المصطنعة.
من هنا نجد بان تفكيك المسيحية المشرقية بوصفها ضرورة صهيونية، ليست الهجرة المسيحية من المشرق نتاج حروب عشوائية أو مصادفات جغرافية، بل نتيجة سياسة صهيونية مُمنهجة، تعتمد على تفجير الداخل عبر وكلاء مموّهين دينيًا، وتدعم الجماعات المتطرفة كقوة تفكيك اجتماعي وثقافي. الهدف ليس طائفة بعينها، بل تفكيك المشترك الروحي والحضاري الذي كان عبر التاريخ أقوى سلاحٍ في وجه المشروع الاستيطاني.
فحين يُغادر المسيحيون المشرق، لا يغيب فقط أهل كنيسة، بل تُطعن هوية، ويُسقط توازنٌ حضاريٌّ امتد لقرون. وهذا بالضبط ما تريده الصهيونية.
من هنا نناشد كل مسيحي مشرقي التمسك بارضه و حضارته و ثقافته و ارثه الذي حافظت عليها الأجيال السابقة منذ الاف السنين و ان لا يمنحوا للصهاينة فرصة لترويعهم و تهجيرهم من ارضهم فانتم اصل الأرض و أبنائها الأصليون.