عمّان- تعد المياه من أبرز القضايا الإستراتيجية التي تواجه الأردن، نظرا لمحدودية موارده المائية واعتماده المباشر على المصادر السطحية والمشتركة مع دول الجوار، ومن بين هذه المصادر يحتل نهر اليرموك أهمية خاصة كونه أحد أهم روافد نهر الأردن، كما يعد مصدرا حيويا لتزويد الأردن بالمياه، خاصة في ظل تصاعد التحديات المناخية والنمو السكاني.

ورغم مرور نحو 37 عاما على توقيع الأردن وسوريا اتفاقية استثمار وتنظيم تقاسم مياه نهر اليرموك بين البلدين في العام 1987 فإن سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد أعاد الاتفاقية إلى الواجهة مجددا، نظرا لعدم التزام النظام السوري السابق ببنودها رغم حاجة الأردن الملحة لمياه نهر اليرموك، وكذلك فعل الجانب الإسرائيلي، مما شكّل تهديدا مباشرا للأمن المائي الأردني، الأمر الذي أدى إلى توتر في العلاقات المائية بين الدول المتجاورة.

نهر اليرموك يكتسي أهمية خاصة للأردن كونه أحد أهم روافد نهر الأردن (الجزيرة) شريان حياة

ونهر اليرموك أحد أكبر روافد نهر الأردن الذي يبلغ طوله 57 كيلومترا، منها 47 كيلومترا داخل الأراضي السورية، والبقية تقع في المناطق الحدودية الشمالية الأردنية الفلسطينية.

وينبع نهر اليرموك من بحيرة المزيريب في درعا بسوريا، ثم يتدفق ليشكل جزءا من الحدود السورية الأردنية، ليصب في نهر الأردن جنوب بحيرة طبريا عند مثلث منعطف اليرموك.

إعلان

وبالتزامن مع سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد استغلت إسرائيل ذلك لشن عمليات عسكرية والاستيلاء على أراض إستراتيجية، بما في ذلك مناطق بمحافظة القنيطرة ومنطقة جبل الشيخ، مما أثار المخاوف الأردنية بشأن إمكانية السيطرة على حوض اليرموك، وهو ما يشكل تداعيات خطيرة على الأمن المائي في الأردن.

ويتصدر الأردن قائمة الدول الأشد فقرا مائيا على مستوى العالم، وتبلغ حصة الفرد من المياه في الأردن فقط 61 مترا مكعبا سنويا، في حين تظهر المؤشرات العالمية لخط الفقر المائي أن استهلاك الفرد السنوي من المياه 500 متر مكعب سنويا، مما يعني أن حصة الفرد السنوية من المياه في الأردن تقل بنسبة 88% عن خط الفقر المائي.

وعلمت الجزيرة نت من مصادر مطلعة عن وجود نقاشات وحوارات جادة ستبدأ قريبا بين الجانبين الأردني والسوري في ملف المياه والطاقة، بهدف استثمار مياه نهر اليرموك والأحواض المائية وتحديد حصة كل منهما على قاعدة تفعيل الاتفاقية الموقعة بين عمّان ودمشق.

وأضافت المصادر أن الوضع الراهن في سوريا الجديدة يشكل حاليا فرصة لفتح ملف المياه لإحقاق حقوق الأردن المائية في حوض نهر اليرموك، مع إشارتها إلى أهمية استضافة الأردن آلاف اللاجئين السوريين منذ سنوات، ما سبّب ضغطا إضافيا على المياه واستنزافها بشكل كبير.

في المقابل، أبدى الجانب السوري ترحيبه بكافة أوجه التعاون المائي مع الجانب الأردني وصولا إلى تحسين الواقع المائي.

من جانبه، دعا عضو لجنة المياه والزراعة في مجلس النواب موسى هنطش الحكومة السورية الجديدة إلى العمل الجاد لحصول الأردن على حصته كاملة من مياه نهر اليرموك.

وأشار هنطش في حديثه للجزيرة نت إلى أن حصة الأردن التي نصت عليها اتفاقية جونسون من مياه اليرموك تصل إلى 600 مليون متر مكعب، لا يحصل منها على أكثر من 50 مترا مكعبا، والسبب أن نظام الأسد السابق أنشأ أكثر من 42 سدا على النهر، في حين لم نستفد منه على مدار 50 سنة.

إعلان

ولفت إلى أن الأردن يعيش في ظرف صعب يتعلق بموسم مطري هو الأسوأ منذ عقود، وبالتالي ليس أقل من أن نحصل على 100 مليون متر مكعب من مياه نهر اليرموك ليتم إدخالها إلى سد الوحدة الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 150 مليون متر مكعب، وهذا حقنا من المياه.

الطاقة والمياه

ولفت هنطش إلى أن الأردن دخل فعليا في اتفاقيات مشتركة مع الجانب السوري خلال الفترة السابقة لها علاقة بالربط الكهربائي والطاقة، داعيا إلى استثمار هذه المباحثات وصولا إلى تحقيق العدالة الكاملة بالحصول على حقوق كل طرف من المياه.

بدوره، يؤكد خبير المياه الأردني دريد محاسنة أن مصادر المياه في الأردن تكفي مليوني نسمة، في حين يعيش في الأردن نحو 11 مليونا، لافتا في حديث للجزيرة نت إلى أن مصدر المياه الرئيسي للأردن هو نهر اليرموك.

وقال محاسنة إن الجانب السوري اتفق على حفر 26 سدا لكنه حفر حتى اليوم 46 سدا، مشيرا إلى أن الاضطرابات تسببت في زيادة حفر الآبار.

خبير المياه الأردني دريد محاسنة (الجزيرة)

وأضاف أن الأردن اتفق مع الجانب السوري على بناء سد اليرموك الذي كان سيمنح الأردن 300 مليون متر مكعب من المياه، لكن السد الذي بني يتسع لـ110 ملايين متر مكعب فقط، في حين لم تحصل عمّان من السد إلا على 26 مليون متر مكعب، بسبب امتناع سوريا في السنوات السابقة عن تزويد الأردن بهذه الكميات.

وحسب خبراء في المياه، فإن الآثار المترتبة على تراجع كميات المياه الواردة من نهر اليرموك على الأمن المائي الأردني أدت إلى:

زيادة الضغط على المصادر المائية البديلة مثل المياه الجوفية، مما ساهم في استنزافها. تعثر الخطط الزراعية في مناطق الأغوار الشمالية المعتمدة على مياه نهر اليرموك. تفاقم أزمة المياه المنزلية، خصوصا في فصول الصيف، علما أن الموسم المطري الحالي هو الأكثر سوءا منذ عقود. اعتماد الأردن بشكل أكبر على مصادر مكلفة مثل تحلية المياه أو استيرادها عبر مشاريع إقليمية. إعلان

ويرتبط الأردن بعلاقاته المائية مع دول الجوار باتفاقيتين مهمتين:

الاتفاقية العربية المشتركة لإدارة مياه حوض اليرموك بين الأردن وسوريا والموقعة في 1953 والمعدلة عام 1987. اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة عام 1994. تعثرت الخطط الزراعية في مناطق الأغوار الشمالية المعتمدة على مياه نهر اليرموك (الجزيرة)

ووقّع الأردن وإسرائيل برعاية إماراتية اتفاق إعلان نوايا لمشروع مشترك بين البلدين يتم من خلاله تزويد الأردن بحاجته من المياه المحلاة من البحر الأبيض المتوسط لدى الجانب الإسرائيلي، وتزويد الإسرائيليين بطاقة كهربائية من مشاريع طاقة شمسية بالصحراء الأردنية جنوب المملكة.

لكن وسائل إعلام إسرائيلية أكدت بعد ذلك أن تل أبيب تدرس وقف ضخ المياه إلى الأردن وعدم تمديد الاتفاقية، وذلك على خلفية تصريحات وصفت بأنها "مناهضة لإسرائيل" من مسؤولين كبار في المملكة- وعلى رأسهم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي– بشأن ما يتعلق بالحرب على غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ملیون متر مکعب الجانب السوری نهر الأردن فی الأردن من المیاه فی حین إلى أن

إقرأ أيضاً:

المنتدى الإماراتي الروسي للأعمال يختتم أعماله بعدد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون

 

دبي (الاتحاد)
اختتمت في دبي أمس فعاليات فعاليات المنتدى الإماراتي الروسي الأول للأعمال، والذي عقد ضمن فعاليات الاجتماع الثاني عشر للجنة الحكومية الروسية الإماراتية المشتركة المعنية بالتعاون التجاري والاقتصادي والتقني الذي أُقيم في دبي.
ومن المقرّر أن يصبح منتدى الأعمال الإماراتي الروسي حدثاً سنوياً، على أن تُقام دورته المقبلة في موسكو عام 2026.
وفي السنوات الأخيرة، ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل كبير، ومن المتوقع أن يتجاوز 10 مليارات دولار بحلول نهاية عام 2025، كما توسعت المشاريع المشتركة لتشمل مجموعة واسعة من القطاعات، بدءاً من التصنيع والنقل والخدمات اللوجستية، وصولاً إلى الزراعة والتقنيات الرقمية والرعاية الصحية والاستثمارات.
وتولى مجلسُ الأعمال الإماراتي الروسي، بالتعاون مع مؤسسة روسكونغرس وبدعم من وزارة الصناعة والتجارة الروسية ومجموعة ماراثون للاستثمار، تنظيمَ المنتدى الذي جمع أكثر من 500 مشارك، من بينهم رؤساء كبرى الشركات وصناديق الاستثمار في روسيا والإمارات، إلى جانب ممثلي الوزارات المعنية في كلا البلدين وشركات التكنولوجيا الناشئة.
وشهد المنتدى توقيع عدة اتفاقيات من شأنها الإسهام في رسم ملامح التعاون بين رواد الأعمال الروس والإماراتيين خلال السنوات المقبلة.
ومن ضمن هذه الاتفاقيات مذكرة تعاون تم توقيعها بين مجلس الأعمال الإماراتي الروسي ومنطقة رأس الخيمة الاقتصادية، بهدف تعزيز التجارة الثنائية وتدفقات إعادة التصدير من خلال التعاون اللوجستي واستخدام منطقة رأس الخيمة الاقتصادية كنقطة انطلاق للشركات الروسية لدخول السوق الإماراتي وأسواق الدول الأخرى.
كما وقّع مجلس الأعمال الإماراتي الروسي اتفاقية شراكة مع شركة غازبروم-ميديا القابضة، بهدف تعزيز المحتوى الإعلامي والمشاريع التعليمية والمبادرات التجارية الروسية في سوق الإمارات.
وتم أيضاً توقيع مذكرة تفاهم بين مجلس الأعمال الإماراتي الروسي ومجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار لوضع إطار للتعاون المشترك في مجالات الابتكار والتنمية المستدامة، بما يشمل إطلاق مسار ابتكار مخصّص بين الإمارات وروسيا.
وكان الحدث الأبرز في المنتدى هو الجلسة العامة التي كانت بعنوان «بنية النمو طويل المدى: فرص جديدة لكلا البلدين»، والتي أدارها ألكسندر فينوكوروف، رئيس مجلس الأعمال الإماراتي الروسي.
وشملت الجلسةُ العامة مشاركةَ كلٍّ من معالي عبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة، وأنطون عليخانوف، وزير الصناعة والتجارة الروسي، ومنصور الملا، نائب الرئيس التنفيذي للصندوق الاستثماري التابع لشركة أبوظبي التنموية القابضة، ورستم مينيخانوف، رئيس جمهورية تتارستان، وسلطان أحمد بن سليّم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية، وفيتالي سيرجيشوك، عضو مجلس إدارة بنك «في تي بي»، وألكسندر زاروف، الرئيس التنفيذي لمجموعة «غازبروم-ميديا» القابضة.
وقال عبد الله بن طوق المري، إن الشراكة بين الإمارات وروسيا تقوم على الانفتاح والاحترام المتبادل، مع الالتزام المستمر بالتعاون الاقتصادي العملي والمثمر، وخلال السنوات القليلة الماضية، توسعت هذه الشراكة من حيث العمق والحجم، مؤكدةً قدرتها على الصمود حتى خلال فترات التوترات العالمية، ولا تزال حكومتا البلدين والقطاع الخاص يواصلون استكشاف فرص جديدة لتعزيز التعاون المشترك.
وأضاف: ولا ريب أن القدرات الصناعية الروسية وخبرتها العلمية، وسوقها الواسع، تُعزّز وتُكمّل مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي لرأس المال والخدمات اللوجستية وريادة الأعمال، وفي الوقت نفسه، تقدم الإمارات مزايا واضحة للشركات الروسية التي تسعى إلى التوسع في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
وقال معاليه، إن المشاركة الواسعة من جانب مجتمع الأعمال تعكس الأهمية المتزايدة لهذه الشراكة مشيرا إلى أن علاقات البلدين أثبتت قدرتها على الصمود وتوسعت خلال السنوات الماضية، حيث واصل الجانبان استكشاف آفاق جديدة للتعاون في مجالات التجارة والاستثمار والصناعة والابتكار.
وأوضح أن هذا الزخم الإيجابي يظهر بوضوح في الأرقام، إذ يتجاوز عدد الشركات الروسية المسجلة في الإمارات 13500 شركة، فيما تم إصدار ما يقرب من 2000 رخصة جديدة خلال العام الجاري وحده.
وخلال الجلسة الحوارية أشار معاليه إلى نمو الناتج المحلي غير النفطي ارتفع من نحو 69% من إجمالي الاقتصاد قبل نحو 5 سنوات ليصل إلى 77.8% اليوم مع التطلع للوصول إلى 80% خلال عامين.
من جانبه قال أنطون عليخانوف، وزير الصناعة والتجارة الروسي: نشارك اليوم في حوار نشط مع شركائنا في دولة الإمارات على مختلف المستويات، بهدف تحديد ودعم إقامة مشاريع جديدة تحقق المنفعة المتبادلة، وذلك في قطاعات مثل الطيران المدني وبناء السفن ومعدات النفط والغاز وصناعة الفضاء والتقنيات الرقمية، وفي إطار هذا التعاون، نركز على المشاريع ذات الرؤية طويلة المدى والتي تعتمد على التعاون الصناعي والشراكة التكنولوجية.

أخبار ذات صلة روسيا: التسوية السياسية في أوكرانيا «أولوية قصوى» الإمارات وروسيا تبحثان تعزيز التعاون في قطاعات الاقتصاد الجديد

مقالات مشابهة

  • محافظ أسوان يوجّه بتنفيذ بئر سحب لإنهاء شكوى المياه الجوفية بقرية الدكة بنصر النوبة
  • “مياه سوهاج” تعلن اعتماد الضوابط الجديدة لتقنين أوضاع العاملين الحاصلين على مؤهلات أعلى أثناء الخدمة
  • عبدي يؤكد على اتفاق 10 آذار لبناء سوريا الجديدة: مسد سيكون له دور كبير
  • جنبلاط يدعو إلى إجراء استفتاء حول انضمام لبنان إلى الاتفاقيات الإبراهيمية
  • سوريا.. قوات إسرائيلية تتوغل في القنيطرة وحوض اليرموك
  • مياه الأقصر تعلن انقطاع المياه عن عدة مناطق بالطود
  • يسألون أين أونروا ومنظمة التحرير؟.. نازحو مخيم اليرموك يحلمون بالعودة والإعمار
  • المنتدى الإماراتي الروسي للأعمال يختتم أعماله بعدد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون
  • تفاصيل صادمة .. مقتل مواطن أردني على يد ابنه في أمريكا
  • الفريق صدام حفتر يستقبل وفدًا عسكريًا أردنيًا لبحث التعاون المشترك