الجوع ينهش بطون الأطفال في غزة.. عربي21 ترصد شهادات مروعة
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
لم يهدأ أمير ذو الثلاثة أعوام عن البكاء طوال ساعات الليل المظلم في غزة، بسبب عدم تناوله أي وجبة من الطعام منذ ما يزيد عن 24 ساعة.
تقول "فاطمة" المصدومة بجوع أبنائها الأربعة، وأصغرهم أمير، إنها جابت شوارع منطقة نزوحها قرب ميناء غزة، لساعات طويلة بحثا عن وجبة طعام، أو كسرة خبز تسد رمق أطفالها الجوعي، لكنها لم تجد، لتعود إلى خيمتها المهترئة، مكسورة حزينة أمام دموع أطفالها.
نزوح تحت القصف
نزحت "فاطمة" من منطقة السكة شرق مخيم جباليا الخميس الماضي، وتوجهت غربا نحو مدينة غزة بحثا عن الأمن، وهربا من لهيب القصف الوحشي، حيث اضطرت خلال هذه الرحلة لدفع 150 شيكلا (42 دولارا) كانت آخر ما تمتلكه، مقابل نقلها بسيارة مع أطفالها وبعض ما تيسر من الملابس والأغطية، لتجد نفسها لاحقا دون نقود أو طعام، إلا من بعض الماء الشحيح الذي توزعه بعض المبادرات على النازحين في المنطقة.
تقول الأم في شهادتها لـ"عربي21"، إن بطون أولادها الأربعة تقرقر من الجوع طول الليل المظلم في خيمتهم التي لا يوجد فيها سوى زجاجة من الماء، ورغم أنها بحثت مطولا عن كيلو من الطحين لصناعة الخبز، أو بعض المعلبات، لكنها لم تجد، إذ إن الأسعار التي تباع فيها المواد الغذائية الشحيحة أصلا، أصبحت باهظة ولا يطيق النازحون شراءها.
وبينما تخشى فاطمة على أطفالها ونفسها من الهلاك جوعا، تزداد المجاعة استفحالا، مع إغلاق أبواب العديد من "التكيات" والمبادرات الخيرية، والتي كان النازحون يعتمدون عليها في وجباتهم اليومية.
"تعيش على شرب الماء"
ولا تقوى الحاجة المسنة "هاجر" على المشي بحثا عن الطعام الشحيح أصلا، فهي مريضة وليس لديها المال لشراء حاجياتها من الأسواق الفارغة، إلا من النذر القليل من الغذاء.
تقول المسنة "هاجر" لمراسل "عربي21" إنها باتت وحيدة داخل خيمتها في منطقة مواصي خانيونس، ولا تقوى على المشي أو البحث عن الغذاء والطعام، بسبب أمراضها المزمنة، وحياتها التي انقلبت جحيما منذ أن قضى ابنيها الوحيدين مع أطفالهم شهداء في قصف سابق استهدف بيت عائلتهم شرق المدينة.
وبينما تعيش الحاجة فاطمة يومها على شرب الماء فقط، تكشف أن بعض المتطوعين يجيئون إلى خيمتها بين الفينة والأخرى، ليعطونها ما تيسر من الطعام لتسد رمقها به، مؤكدة أن لم تتناول أدويتها منذ فترة كبيرة بسبب نفاذها من عيادات التوزيع المجانية، والصيدليات الخاصة على حدا سواء.
ولم يكن الحال أفضل عند عبد العزيز زيدان الذي نزح رفقة أطفاله وزوجته وأمه من جحيم القصف في حي الشجاعية شرق غزة، قبل نحو 10 أيام، فالحال متشابه بين كل النازحين، وجريمة التجويع والقتل إسرائيلية واضحة، وتجري وسط صمت عربي ودولي مطبق.
كان زيدان محظوظا بعض الشئ بعد أن تمكن من جلب نصف كيس من الطحين، وبعض المعلبات خلال رحلة نزوحه التي قضى معظمها مشيا على الأقدام نحو منطقة السرايا وسط غزة، حيث حط هناك رحالة ونصب خيمته، لكنه أكد لـ"عربي21" أن تلك الكميات شارفت على النفاذ، رغم محاولاته الاقتصاد في تناولها مع أطفاله وعائلته.
يذكر زيدان أن الكميات التي تتناولها عائلته تمثل الحد الأدنى، ما يجعل أطفاله في حالة جوع دائم وبكاء لا ينقطع، أملا في الحصول على نصيب أكبر من الطعام يسد حاجتهم اليومية.
يكشف زيدان عند حديثنا معه السبت، أن ما تبقى في جعبته من الطعام علبيتن صغيريتين من الفول والفاصوليا فقط، سيوزعها عند المساء مع كسرة من الخبز، على أطفاله وزوجته وأمه، ما يعني أنه أصبح اليوم الأحد دون طعام أو مأكل.
سياسة التجويع
قال المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، السبت، إن جيش الاحتلال يعمق سياسة التجويع في قطاع غزة، باستخدام وسائل مختلفة، منها استهداف مبادرات وبنوك الطعام.
وكشف المكتب في بيان لها أن 68 مركزا لتوزيع المساعدات والطعام، جرى قصفه ضمن سياسة "التجويع الممنهجة" التي تتبعها دولة الاحتلال ضد المدنيين بالقطاع، منها 39 مركزا لتوزيع الغذاء والمساعدات، و29 تكية طعام تقدم وجبات يومية للفقراء والمحتاجين.
وأكد البيان أن "السلوك الإجرامي الممنهج الذي يستهدف منشآت الإغاثة والتكافل الاجتماعي يثبت بوضوح استخدام الاحتلال الغذاء كسلاح في حربه، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني".
بدوره، قال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، السبت، إن النساء والأطفال في قطاع غزة من أكثر الفئات تضررا جراء سياسة التجويع التي تمعن دولة الاحتلال في تنفيذها منذ 2 آذار/ مارس الماضي.
وأوضح أن الظروف الإنسانية في قطاع غزة تدهورت إلى "مستويات كارثية" جراء إغلاق الاحتلال للمعابر منذ أكثر من شهرين.
وأكد أن أكثر من 65 ألف طفل باتوا "مهددين بالموت بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء"، لافتا إلى وفاة أكثر من 50 طفلا نتيجة لذلك منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة التجويع الاحتلال الفلسطيني فلسطين غزة الاحتلال الاطفال التجويع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الطعام
إقرأ أيضاً:
المجازر مستمرة في غزة والموت يهدد مئات المرضى والجرحى بالمستشفيات
#سواليف
أعلنت مصادر طبية في قطاع غزة استشهاد 44 فلسطينيا منذ فجر الثلاثاء، بينهم 16 من منتظري المساعدات، بقصف وغارات إسرائيلية، في حين حذرت وزارة الصحة بأن نفاد الوقود بالقطاع يهدد حياة مئات المرضى والجرحى بالمستشفيات.
وداع مؤثر لــشــهــداء عائلة العيماوي الذين ارتقوا في قصف الاحتلال لمنزلهم في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة. pic.twitter.com/h2eUN4ZzP4
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) July 1, 2025وذكر مصدر طبي أن 16 فلسطينيا استشهدوا وأصيب أكثر من 15 آخرين جراء استهداف الجيش الإسرائيلي منتظري شاحنات المساعدات في منطقة نتساريم جنوب غرب مدينة غزة.
مقالات ذات صلة جراء التجويع الإسرائيلي.. استشهاد شاب بسوء التغذية في غزة 2025/07/01من جانبه، ذكر مستشفى العودة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين في بيان، أن فلسطينيا استشهد وأصيب 50 آخرون بينهم 10 بحالات خطيرة من منتظري المساعدات باستهداف إسرائيلي في شارع صلاح الدين جنوب منطقة وادي غزة وسط القطاع.
وفي منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة استشهد 6 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة العيماوي.
وقال مستشفى الهلال الأحمر الميداني إن 6 فلسطينيين استشهدوا وأصيب أكثر من 40 آخرين إثر قصف على خيمة تؤوي نازحين في مواصي خان يونس.
وأفاد مجمع ناصر الطبي باستشهاد 10 فلسطينيين إثر قصف جوي إسرائيلي على منزل في مخيم بخان يونس.
ونسف جيش الاحتلال الإسرائيلي مباني سكنية ببلدة القرارة شرق مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، في حين أُطلقت طائرات مروحية إسرائيلية صوب مدينة حمد شمال المدينة.
كما كثف جيش الاحتلال غاراته وقصفه المدفعي وإطلاق النار وعمليات نسف المنازل شرق مدينة غزة.
طفل فلسطيني يتخذ من ورق الكرتون بديلًا عن الحذاء بعد اضطراره للمشي مسافة 5 كيلومترات حافيًا على الأقدام للوصول إلى مركز توزيع المساعدات بمدينة #غزة pic.twitter.com/V7zLnDSx7c
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) June 30, 2025ووصفت الأونروا الآلية الإسرائيلية الأميركية الجديدة لإيصال المساعدات في غزة بأنها حقل للموت.
وقالت إن قتل المدنيين يستمر في أثناء بحثهم عن الطعام في القطاع، وأكدت أن الأمم المتحدة وحدها بما فيها الأونروا قادرة على إيصال المساعدات بأمان وعلى نطاق واسع مع استمرار أوامر التهجير وتكثيف القصف.
انتشار الأمراض
ومن جانب آخر، قالت وزارة الصحة في غزة إن مستشفى النصر (الرنتيسي) للأطفال في غزة، سجل مئات الإصابات بمرض التهاب السحايا بين الأطفال.
داخل هذه الأكياس توجد عائلات كاملة
هذا هو الخبر من غزة الان
https://t.co/X19OniFxjl
وحذر المستشفى من تصاعد انتشار المرض في ظل الانهيار المستمر للقطاع الصحي والظروف المعيشية الكارثية التي يعيشها السكان.
وأشار إلى أن المرافق الصحية في قطاع غزة تتعرض لضغوط غير مسبوقة نتيجة سياسة الاحتلال القائمة على الحصار والتدمير الممنهج للبنية التحتية الصحية.
وقال الدكتور راغب ورش آغا رئيس قسم الاطفال في مستشفى الرنتيسي للأطفال بغزة إن تدهور البنية التحتية وسوء التغذية سرّعا من انتشار التهاب السحايا بين الأطفال.
وحذر ورش آغا من خطورة هذا المرض في ظل انعدام العلاج المناسب له، ما قد يتسبب في ارتفاع معدلات الوفاة بين الأطفال، وأضاف أن هناك مئات الإصابات بين الأطفال بهذا المرض شهريا.
في الشأن نفسه تتزايد أعداد المرضى من الأطفال في قطاع غزة بشكل كارثي، وتسجّل الجهات الصحية مشكلات طبية لديهم يصعب تشخيصها بسبب التدمير الكامل لمعدات أساسية كالرنين المغناطيسي، وغياب العلاج المطلوب.
نفاد الوقود
وأعلن مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة عن توقف خدمة غسل الكلى نتيجة نفاد الوقود، والاقتصار على تقديم خدمة العناية المركزة فقط لساعات قليلة.
وقال مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية للجزيرة إن 350 مريضا حياتهم مهددة بعد وقف خدمة غسل الكلى، وطالب بتزويد المستشفى بالوقود فورا خلال ساعة أو ساعتين كحد أقصى.
وأضاف أن وحدتي الطوارئ والعناية المركزة تعملان بالحد الأدنى وأنهما مهددتان بالتوقف الكامل خلال ساعات، مما يعني استشهاد كل من يعيشون بالاعتماد على أجهزة التنفس الصناعي.
وقالتَ وزارة الصحة في غزة إن القطاع الصحي يعاني أزمة خانقة ومستمرة من عدم توفر الوقود نتيجة سياسة الاحتلال التقطيرية في تزويد المستشفيات به، مشيرة إلى أن الاستمرار في عدم توفير الوقود يعني الموت المحتم لكافة المرضى والجرحى في المستشفيات.
شاب يخاطر بحياته لإنقاذ شقيقه من ذوي الاحتياجات الخاصة بعد قصف الاحتلال منزلهم والمنازل المحيطة بهم في حي التفاح بمدينة غزة pic.twitter.com/oyxAdajQMt
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 30, 2025وناشدت الوزارة كافة المؤسسات الدولية والجهات المعنية ضرورة التدخل وحماية المنظومة الصحية من الانهيار وذلك من خلال العمل على توفير الإمدادات الطبية.
بدون مبالغة.. نهاية العالم في غزة
الآلاف يتزاحمون من أجل لقمة طعام، الرصاص من فوقهم والدبابات من خلفهم
شيء صادم.. شعب عزيز ضاقت به الدنيا pic.twitter.com/PRAZ2PJlyS
اســتــشــهــاد الشاب أيوب صابر أبو الحصين (29 عاما)، من في خانيونس جنوب قطاع غزة، نتيجة سوء التغذية والمجاعة. pic.twitter.com/3RXoq5gxJ7
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) July 1, 2025