ما أسباب تخفيض موديز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة؟
تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT
نشر موقع "المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات" تقريرًا سلط خلاله الضوء عن سحب وكالة التصنيف الائتماني الدولي "موديز" التصنيف الائتماني الأعلى من الولايات المتحدة وسط تحذيرات من تنامي مستوى الدين الحكومي واتساع عجز الموازنة في أكبر اقتصاد في العالم.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن محللي وكالة "موديز" يتوقعون ارتفاع عجز الموازنة الفيدرالية في الولايات المتحدة ليصل إلى نحو 9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول سنة 2035، مقارنة بنسبة 6.
ونقل الموقع عن صحيفة " فايننشال تايمز" أن "خفض التصنيف بمقدار درجة واحدة على مقياس التصنيف المكون من 21 مستوى يعكس نموًا استمر لأكثر من عقد في مؤشرات الدين الحكومي ومدفوعات الفوائد، لتصل إلى مستويات تتجاوز بشكل كبير نظيراتها في الدول ذات التصنيف المماثل.
في المقابل، أعرب البيت الأبيض عن استيائه من قرار خفض التصنيف، موجهاً انتقادات حادة إلى مارك زاندي باعتباره كبير الاقتصاديين في وكالة "موديز".
وقال مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشونغ: "لا أحد يأخذ تحليله على محمل الجد. لقد ثبت إخفاقه في العديد من المناسبات"، مضيفاً أن زاندي "لم يكن يوماً من أنصار ترامب".
من جانبه، حاول المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي إلقاء اللوم على إدارة الرئيس جو بايدن بشأن قرار وكالة "موديز" بخفض التصنيف الائتماني.
وقال في بيانه: 'تعمل إدارة ترامب والجمهوريون على تصحيح الفوضى التي خلقها بايدن، من خلال الحد من الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام في الحكومة واعتماد مشروع قانون موحّد وشامل لإعادة النظام إلى بيتنا الداخلي".
أما، ستيفن مور، المستشار الاقتصادي السابق للرئيس ترامب والخبير الاقتصادي في مؤسسة "هيريتج"، فقد وصف قرار خفض التصنيف بأنه "أمر فاضح".
وذكر الموقع أن الولايات المتحدة لم تحتفظ لأول مرة في تاريخها بتصنيف ائتماني من الدرجة الممتازة بحسب وكالات التصنيف الكبرى الثلاث. وكانت وكالة "فيتش" قد خفّضت التصنيف الأمريكي في سنة 2023 بسبب مشاكل مالية، فيما قامت وكالة "إس آند بي غلوبال" بخفضه في سنة 2011.
وينقل الموقع عن أستاذ القانون في جامعة فاندربيلت والمتخصص في سوق سندات الخزانة،ييشا ياداف، أن خفض تصنيف وكالة "موديز" يشكّل "الاختبار الأخير لواقع التوقعات المتشائمة بشأن إدارة الدين العام في الولايات المتحدة"، وأضاف ياداف: "رغم أن الأمر متوقع إلا أنه يشكل ضربة حادة لسوق متوتر، ونداءً عاجلاً للسياسيين للتركيز على الإصلاحات اللازمة للحفاظ على بريق الديون الأمريكية كأهم أصول آمنة في العالم".
وارتفع عائد السندات الحكومية الأمريكية استجابةً لهذا الخبر، حيث سجل عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات ارتفاعًا بنحو 0.3 بالمئة هذا الشهر ليصل إلى حوالي 4.5 بالمئة. أما عائد سندات الخزانة لأجل 30 عامًا فقد تجاوز 5 بالمئة لفترة وجيزة هذا الأسبوع.
ويرى الموقع أن هناك أسباب واقعية تقف وراء قرار خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، بحيث فشل النظام السياسي الأمريكي، الذي يعاني من تعقيدات وصراعات بين الأحزاب وداخلها، في مواجهة عجز الموازنة الهائل. فمن جهة يرفض الجمهوريون رفع الضرائب، ومن جهة أخرى يرفض الديمقراطيون تقليص الإنفاق.
وأفادت وكالة "موديز" بأن إدارة الولايات المتحدة والكونغرس لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق بشأن إجراءات تعكس اتجاه العجز السنوي الكبير في الموازنة وزيادة مدفوعات الفوائد.
وتوقعت وكالة "موديز" بلوغ الدين الحكومي للولايات المتحدة حوالي 134 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول سنة 2035، مقارنة بـ 98 بالمئة في سنة 2024.
والجدير بالذكر أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر من السنة الماضية، سجل الدين الحكومي الأمريكي مستوى تاريخيًا جديدًا، متجاوزًا حاجز 34 تريليون دولار. وفي الثالث من كانون الثاني/ يناير 2024، تجاوز الدين الحكومي الأمريكي للمرة الأولى 36 تريليون دولار، ليزيد بذلك خلال أقل من سنة بمقدار 2 تريليون دولار. ويُعد الدين الحكومي الأمريكي من حيث القيمة الاسمية الأكبر في العالم.
وفي آذار/مارس الماضي، توقع مكتب الميزانية في الكونغرس تحطيم الدين الحكومي الرقم القياسي السلبي المسجل زمن الحرب العالمية الثانية بحلول سنة 2029، وارتفاعه إلى 156 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول سنة 2055.
وأشار مكتب الميزانية في الكونغرس إلى أن تزايد الدين ينتج عنه تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة مدفوعات الفوائد للمستثمرين الأجانب حاملي الديون الأمريكية وبالتالي يحمل تداعيات خطيرة على الآفاق المالية والاقتصادية للبلاد.
في المقابل، يرجح محللو المكتب تسجيل الولايات المتحدة بين آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر من هذه السنة عجز أمريكا عن الوفاء بالتزاماتها المالية ومواجهة احتمال التخلف عن سداد ديونها في حال عدم رفع الكونغرس سقف الدين العام.
في الوقت نفسه، ومع تصاعد وتيرة الحروب التجارية التي أطلقها دونالد ترامب وتراجع الطلب على سندات الخزانة الأمريكية، شهدت أدوات التحوّط ضد تخلف الولايات المتحدة عن السداد زيادة ملحوظة في شعبيتها.
ورجح الموقع أن تساهم الإصلاحات التي يطرحها ترامب في تقليص عجز الموازنة بمئات المليارات من الدولارات، غير أن ذلك لا يمثل سوى جزء بسيط من الحجم الإجمالي للعجز المالي.
وفي ختام التقرير نوه الموقع بأن الميزانية العسكرية الأمريكية القياسية، إلى جانب الطموحات العسكرية غير المسبوقة للاتحاد الأوروبي، تعكسان حالة من التناقض البنيوي وإدارة أقرب إلى "انفصام منهجي" في صنع القرار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي التصنيف الائتماني عجز الموازنة الناتج المحلي ترامب الناتج المحلي التصنيف الائتماني عجز الموازنة ترامب المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التصنیف الائتمانی الولایات المتحدة سندات الخزانة الدین الحکومی عجز الموازنة خفض التصنیف بحلول سنة فی سنة
إقرأ أيضاً:
العقوبات النفطية قد تقوِّض نفوذ الولايات المتحدة
قبل 600 سنة تقريبا عندما فتح العثمانيون القسطنطينية تعلَّموا خطرَ الإفراط في التمدد الإمبراطوري.
ففي محاولة لمعاقبة التجار الأوروبيين الذين كانوا يكرهونهم فرض العثمانيون رسوما وعقوبات على سلوكهم طريق الحرير المشهور. رد البرتغاليون بتطوير طرق بحرية إلى آسيا. وقاد الصراع الذي نتج عن ذلك إلى تدهور طويل الأمد لطريق الحرير. لقد أتى الإفراط في ممارسة النفوذ بنتيجة عكسية.
هل يحدث هذا الآن مرة أخرى؟ يجدر بنا أن ننظر في ذلك.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يفرض تعريفات جمركية شديدة التقلب فقط ولكنه يطبق عقوبات أيضا. بالمناسبة كلمة تاريف (تعريف) الإنجليزية والتي تعني الرسم الجمركي مُقترضة من اللغة العربية.
في الأسبوع الماضي فقط وأثناء جولته الشرق أوسطية أعلن ترامب عن عقوبات على الشركات الآسيوية التي تنقل النفط الإيراني إلى الصين. كما يدرس أيضا فرض عقوبات جديدة ضد روسيا في أعقاب تحرُّك من أوروبا.
يقينا، ترامب ليس أول رئيس أمريكي يفعل هذا. فأسلافه من الرؤساء الأمريكيين تبنوا باطراد فكرة العقوبات منذ عام2001. لكن البيت الأبيض يبدو متلهفا وبشدة لاستخدام هذه الأسلحة الآن ليس فقط في مجال النفط ولكن أيضا في التقنية الحساسة كالرقائق الإلكترونية وفي المال (بإقصاء البلدان عن نظام سويفت للمدفوعات). أو كما كتب إدوارد فيشمان في كتابه الجديد الذي صدر تحت عنوان نقاط الاختناق: النفوذ الأمريكي في عصر الحرب التجارية «القوى العظمى قديما نهضت وعاشت بالسيطرة على نقاط الاختناق الجغرافية كمضيق البسفور. النفوذ الأمريكي في الاقتصاد المعولم يعتمد على نقاط اختناق من نوع مختلف».
على أية حال هنالك مفارقة معيَّنة هنا. فكما رد البرتغاليون على قيود العثمانيين بتطوير طرق تجارية بديلة قوضت نفوذهم، تهدد أهداف ترامب اليوم بفعل نفس الشيء (إيجاد بدائل تقوِّض نفوذ أمريكا- المترجم) وبأسرع من ذلك.
لننظر في أمر النفط. في عام 2022 بعد غزو أوكرانيا فرضت أمريكا وأوروبا عقوبات على صادرات النفط الروسية بأمل ضرب اقتصادها. تماما كما فعلت العقوبات قبل ذلك مع إيران. لكن الحلفاء الغربيين خشوا أيضا من أن يرفع فرضُ حظرٍ كامل أسعارَ النفط. لذلك حاولوا أنصاف الحلول. فقد سمحوا لروسيا بالبيع للبلدان غير الغربية لكن عند أسعار أدنى من السوق أو أقل من 60 دولارا مع فرض العقوبات على المخالفين.
ألْحَقَ ذلك الإجراءُ بعضَ الضرر بروسيا. ويشير بحث اقتصادي صدر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي بولاية دالاس أن روسيا عندما حولت وجهة صادراتها النفطية إلى الهند لزمها «قبول خصم حوالي 32 دولارا في مارس 2023 من سعر نفط «أورالز» في يناير 2022 بسبب ارتفاع تكاليف الشحن البحري وقوة المساومة الجديدة التي حصلت عليها الهند.
لكن هذا الضرر خفَّ مع شروع روسيا في استخدام «أساطيل الظل» لنقل النفط. وهي الناقلات التي تتجنب الرصد بإغلاق أجهزة الإرسال والاستقبال.
وفي حين كانت مثل هذه الأساطيل صغيرة في السابق إلا أنها تكاثرت الآن وأوجدت «نظاما دائما وموازيا لتجارة النفط لا يخضع للسياسات والضوابط المعترف بها دوليا»، حسب تقرير للمعهد الملكي للخدمات (الدفاعية) المتحدة.
في الواقع، يشير تحليل اقتصادي حديث استخدم نماذج تعلُّم الآلة إلى أن السفن المظلمة (سفن التهريب التي تتخفَّى عن التتبُّع) نقلت ما يُقدَّر بحوالي 9.3 مليون طن متري من النفط شهريا في الفترة بين 2017 و2023 أو ما يقارب نصف صادرات النفط العالمية عن طريق البحر. وتشكل واردات الصين 15% من هذه التجارة.
يحاول المسؤولون الأمريكيون الحيلولة دون ذلك. ولهذا الغرض صدرت العقوبات الأخيرة ضد الشركات التي تتخذ مقرها في هونج كونج. لكن وكما ذكرت أغات ديماري الباحثة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في كتابها «رد الفعل العكسي» توحي التجارب السابقة بأن العقوبات تنجح حقا عندما تُطبَّق بسرعة وتكون أهدافها واضحة ومدعومة بواسطة الحلفاء (وهذا الشرط الأخير حاسم في أهميته).
ليس واضحا ما إذا كان في مقدور ترامب تحقيق ذلك. فسياسة الرسوم الجمركية التي يتّبعها قضت على ثقة الحلفاء. ومساعي الإدارات الأمريكية السابقة للحد من صادرات التقنية إلى الصين ترتبت عنها جزئيا نتائج عكسية. فبكين تطوّر تقنياتها الخاصة بها وتستخدم أطرافا ثالثة لتهريب الرقائق الإلكترونية.
نفس الشيء حدث مع التمويل. فعندما أقصت أمريكا روسيا من نظام «سويفت» للمدفوعات «قللت بقدر مهم من حجم التجارة الروسية مع الشركات في الغرب». لكنها كانت غير فعالة في خفض التجارة الروسية مع البلدان غير الغربية، حسب ورقة غير منشورة أعدها اقتصاديون ببنك التسويات الدولية. السبب في ذلك «ازدياد استخدام عملات الشركاء في تجارة روسيا مع البلدان النامية». فقد ساعد على التخفيف من آثار عقوبات نظام «سويفت».
كالعادة، لجأ ترامب إلى التشدد. فقد هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على البلدان التي تطور أنظمة مدفوعات غير دولارية. ربما سينجح في ذلك على ضوء الهيمنة الحالية للدولار. لكن وكما أشارت أغات ديماري في حين توضح التجارب السابقة إلى أن العقوبات قد تكون فعالة أحيانا إلا أن ذلك يستلزم استخدامها على نحو حاسم ومع الحلفاء. حتى مع ذلك يمكن أن تترتب عنها عواقب غير مقصودة.
لذلك كل الأبصار مصوَّبة نحو النفط الإيراني. ربما يسحب ترامب تهديداته. فأسعار النفط هبطت يوم الأربعاء الماضي عندما قال إنه يحرز تقدما في محادثاته مع طهران. لكن إذا لم يحدث ذلك سيشكل نشاط سفن التهريب اختبارا حاسما للتحقق مما إذا كانت لدى فريق ترامب حقا القدرة على تقييد صادرات النفط الإيرانية كما يعتقد. لقد حان الوقت لأخذ العبرة مما حدث لطريق الحرير.
جيليان تيت كاتبة رأي ورئيسة هيئة التحرير بصحيفة الفاينانشال تايمز
عن الفاينانشال تايمز