زاهى حواس يكتب: أستاذى الأول «الريس دكتور» كان أحد أسباب عشقى للآثار
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
كتبت من قبل عن عم مأمون حارس المتحف الفن الإسلامى وشرحت كيف أن هذا الرجل أفنى حياته بالمتحف الإسلامى وهذا يجعلنى أذكره الآن بقصص جميلة ورائعة عاصرتها لعمال وحراس وإداريين من الصعب أن يجود الزمن بأمثالهم كثيرًا.. وقد عمل هؤلاء معى منذ بداية حياتى العملية فى حقل الآثار والاكتشافات الأثرية، أو بالمتاحف أو مكاتب إدارة الآثار، وهو ما يعرف فى مصر بـ"تفاتيش المناطق الأثرية".
هؤلاء لم ينالوا حقهم من التكريم وهم بحق جنود الظل فى ملحمة الاكتشافات الأثرية، ودائمًا ما يشتهر الأثرى المكتشف وتغطى شهرته الآفاق.. فيما يبقى هؤلاء الرجال فى طى النسيان. ومن هنا كان رد الجميل لهم من خلال أن نشرح الدور الذى قاموا به وفى نفس الوقت أن نقوم بتكريم كبار العمال والعتالين وهم من يقومون بنقل التماثيل والتوابيت الضخمة وتحريكها من أماكنها سواء داخل المتحف أو من المناطق الأثرية إلى المتحف.
وأول سؤال يتبادر إلى ذهن زائر المتحف المصرى هو: كيف تم نقل هذه الآثار الضخمة من تماثيل وتوابيت ولوحات من المناطق البعيدة الموحشة التى اكتشفت بها إلى داخل المتحف المصرى؟ والحقيقة أن وراء كل تمثال وتابوت فى المتحف المصرى قصة عمل وإبداع من عمال لا يعرفون حتى القراءة والكتابة، لكن لديهم ذكاء فطرى وعبقرية عبر خبرات متوارثة من آلاف السنين منذ زمن أجدادهم الفراعنة بناة الحضارة.
هذه القصص للأسف لم تكتب بعد.. وكان أروع مشهد فى حياتى بعيدًا عن لحظة اكتشاف الآثار هو رؤية رؤساء العمال والعتالين وهم يصعدون واحدًا تلو الآخر إلى منصة التكريم ليصفق لهم الجميع بحب وحرارة تتويجًا لعطائهم. ومنذ عام ٢٠٠٢ والمجلس الأعلى للآثار ينتهج سياسة تكريم هؤلاء الرجال العظام الذين عاشوا فى الظل.. والذى لولاهم ما كان هناك اكتشافات أثرية أو تاريخ يُكتب.
يعود بنا الزمن إلى الوراء أربعين عامًا حيث كان يوم دخولى إلى مبنى مصلحة الآثار الذى كان يقع خلف المتحف المصرى، وشاهدت أحد كبار الموظفين يقف إلى جانب طابور الحضور والانصراف ومعه ورقة وقلم يسجل أسماء الناس الذين يقومون بالتوقيع فى دفتر الحضور والانصراف أمام الموظف المسئول، وعندما سألته: لماذا يقوم بذلك؟ قال لي: "أنا أكتب أسماء الأشخاص الذين يوقعون لزملائهم الغائبين عن العمل، لكى يستخدم ذلك ضدهم فى الشكاوى التى يكتبها ضد زملائه"!.
يومها كرهت هذا العمل وقررت أن أبحث لنفسى عن وظيفة أخرى، إلا أن القدر كان له خطط أخرى فوجدت نفسى فى موقع حفائر يسمى "كوم أبو بللو"، حيث التقيت بأحد رؤساء العمال ويسمى "دكتور"، وهو اسمه المسجل فى شهادة الميلاد، وكانوا العمال ينادونه بـ"الريس دكتور".. هذا الرجل الطيب لم يكن يعرف القراءة والكتابة، لكنه كان بالفعل دكتورًا فى عمل الحفائر الأثرية والترميم، وهو شيء من الصعب أن تتعلمه بين جدران الجامعة، بل يحتاج إلى خبرات موقعية طويلة.
كان الريس دكتور يعرف تفاصيل الحفائر ويستطيع أن يحدد بالضبط مكان المقبرة وأن يخرج ما بداخلها من قطع أثرية دون أن تصاب بخدش واحد.. وقد تعلم على يد أبيه وجده اللذين عملا مع الرعيل الأول من علماء الآثار فى مصر فى أشهر مناطق الآثار وجميعهم ينتمون إلى بلدة فى صعيد مصر تسمى "قفط" بمحافظة قنا حاليًا. هذا الريس دكتور هو أستاذى الأول الذى تعلمت على يديه فنون الحفائر وترميم الآثار، وكان أحد أسباب عشقى للآثار.. رحم الله أستاذى الريس دكتور.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المناطق الأثرية المتحف المصرى
إقرأ أيضاً:
«الدقهلية» توقع بروتوكول تعاون مع البنك الأهلى المصري لتسويق واستثمار أصولها
وقع اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، والمحاسب أحمد نبيل رئيس قطاع الاستثمارات وأمناء الاستثمار التنفيذى بالبنك الأهلى المصرى، وذلك فى إطار حرص الجانبين على تعزيز الشراكة المؤسسية وتحقيق أفضل سبل التعاون من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق العائد الإقتصادى الأمثل.
هذا ويتضمن البروتوكول بأن يقوم البنك الأهلى المصرى، من خلال قطاع أمناء الإستثمار التابع له، بتسويق الأصول المملوكة لمحافظة الدقهلية بكافة صورها، سواء من خلال البيع المباشر، أو نظام المشاركة، أو الإيجار، وذلك بإستخدام الأدوات والآليات التى تتوافق مع طبيعة السوق العقارى والإستثمارى، مثل المزاد العلنى، أو المظاريف المغلقة العلنية، أو أى من طرق البيع المعتمدة الأخرى، وذلك بهدف تسويق واستثمار عدد من الأصول التى تمتلكها المحافظة، من أراضٍ، ووحدات تجارية، وإدارية، وسكنية، وكافيتريات، ومواقف سيارات، وأسواق.
ويأتى التعاون مع البنك الأهلى المصرى نظرًا لما يتمتع به من خبرات فنية متخصصة وكفاءة عالية فى مجالات التسويق العقارى والإستثمارى، إضافة إلى ما يملكه من شبكة واسعة من الأدوات الترويجية والتسويقية القادرة على الوصول لأكبر شريحة من المستثمرين، فضلاً عن التزامه بالشفافية التامة وضمان تحقيق أفضل عائد ممكن للمحافظة.
وقد أعرب محافظ الدقهلية عن تقديره البالغ للجهود المبذولة من قبل البنك الأهلى المصرى، مثمنًا التعاون المثمر فى هذا المجال الحيوى، مؤكدًا أن هذا البروتوكول يأتى ضمن حزمة من الإجراءات التى تتبناها المحافظة لتعظيم مواردها الذاتية وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الأصول غير المستغلة، وذلك بما يعود بالنفع على مواطنى الدقهلية ويدعم الخطط التنموية والخدمية على مستوى المحافظة، ووجه الشكر لفريق العمل بالمحافظة والبنك الأهلى المصرى، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات تنفيذية جادة وسريعة لطرح تلك الأصول بالتعاون مع البنك الأهلى، وفق رؤية تخطيطية تتسم بالمرونة والتكامل مع احتياجات السوق.
جاء ذلك بحضور الدكتور أحمد العدل نائب المحافظ، واللواء عماد عبد الله السكرتير العام للمحافظة، و سامح الشناوي مدير قطاع أمناء الاستثمار، والدكتور أحمد حامد نائب مدير عام أمناء الإستثمار، و عدد من مسؤولى البنك، و محمد ابراهيم خبير مثمن، و هانى ابو أحمد خبير مثمن، وعدد من قيادات المحافظة.