غزة أمام خطر المجاعة.. وجبة واحدة في الأسبوع ومساعدات غائبة
تاريخ النشر: 25th, May 2025 GMT
البلاد – غزة
تعيش غزة اليوم واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في تاريخها الحديث، وسط استمرار العمليات العسكرية، وتدهور غير مسبوق في الأوضاع المعيشية، وغياب فعلي للمساعدات الدولية رغم المناشدات الأممية المتكررة.
ووفق شهادات ميدانية ورصد لوكالات إغاثية، يُواجه السكان في مختلف مناطق القطاع شحّاً حاداً في الغذاء والمياه، بينما تشير تقارير إلى أن نحو مليوني شخص يواجهون خطر الجوع يومياً، في ظل انهيار البنية التحتية، وتوقف غالبية الأنشطة الاقتصادية، وفقدان مصادر الدخل.
ورغم وجود عدد محدود من التكيّات (مطابخ خيرية)، إلا أن الكميات التي تُوزع لا تفي باحتياجات السكان، وسط ضغط هائل، وانقطاع طرق الإمداد، وتراجع الدعم اللوجستي.
وتقول ميرفت حجازي، وهي أم لتسعة أطفال تعيش في خيمة بمدينة غزة، إن أسرتها لم تتناول أي وجبة يوم الخميس الماضي، باستثناء كيس من زبدة الفول السوداني حصلت عليه لطفلتها الرضيعة كمكمل غذائي. وأضافت: “منذ أسابيع ونحن نعيش على وجبة واحدة يومياً، أحياناً نصف كيلو عدس نقتسمه جميعاً”.
ولا تقتصر الأزمة على الغذاء فقط. فالمياه النظيفة باتت شبه معدومة في مناطق واسعة من القطاع، ما اضطر العائلات إلى جلب المياه من مناطق بعيدة أو الاعتماد على شحنات الصهاريج غير المنتظمة. ويشير سكان المخيمات إلى أن المياه لا تصل بانتظام، وأن الأطفال يُكلفون أحياناً بمهمات شاقة لنقل كميات قليلة إلى خيامهم، رغم الجوع والإنهاك الشديدين.
فيما تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن مستويات سوء التغذية الحاد في صفوف الأطفال وصلت إلى معدلات خطيرة. وتُظهر بعض الحالات أن وزن الأطفال دون السنة يساوي نصف المعدل الطبيعي، ما ينذر بكارثة صحية وشيكة. كما يعيش الأطفال في بيئة من الخوف المستمر، حيث يمنعهم القصف المتواصل من النوم، ويزيد الجوع من التوتر والانهيار النفسي. تقول أم فلسطينية: “ابنتي الصغيرة تستيقظ خائفة، ثم تتذكر أنها جائعة. أضطر للكذب عليها، وأعدها بوجبة صباحية لا أملكها”.
وعلى الرغم من التصريحات المتكررة من المنظمات الدولية حول إرسال مساعدات إلى غزة، إلا أن العديد من العائلات لم تتلق أي دعم فعلي حتى اليوم. وتشير شهادات محلية إلى غياب التنسيق والتوزيع العادل، خاصة في المناطق الداخلية، بينما تنحصر المساعدات في نطاقات محدودة. وكانت “الأونروا” قد حذّرت مؤخراً من أن “سكان غزة بأكملهم يواجهون خطر المجاعة”، وهو ما أكدته تقارير صادرة عن برنامج الغذاء العالمي وهيومن رايتس ووتش.
بعيداً عن تفاصيل المعاناة اليومية، يحن سكان القطاع إلى حياتهم ما قبل الحرب، كانت وجبات الطعام متوفرة، وفرص العمل قائمة، والحياة تسير بشكل طبيعي رغم ظروف الحصار.
وبحسب سكان محليين، فإن الوضع انقلب رأساً على عقب منذ اندلاع الحرب في أواخر 2023، ما أجبر مئات الآلاف على النزوح من منازلهم، والعيش في مخيمات لا تتوفر فيها شروط الحياة الأساسية.
وتكشف المؤشرات الحالية أن غزة دخلت فعلياً في مرحلة الانهيار الإنساني الشامل، حيث يجتمع الجوع، وانعدام الأمن، وانهيار البنية التحتية، في معادلة قاتلة. ورغم صمود السكان وتضامنهم الداخلي، إلا أن غياب الحلول السياسية، وتعثر جهود الإغاثة، وغياب الضغط الدولي الكافي، يهدد بجعل الوضع أكثر سوءاً في الأسابيع المقبلة.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
الأغذية العالمي: دخول مساعدات محدودة لا يكفي لدرء المجاعة بغزة
أكد برنامج الأغذية العالمي الحاجة إلى إدخال مزيد من المواد الغذائية الأساسية إلى قطاع غزة لدرء خطر المجاعة، قائلا "إن دخول مساعدات محدودة مؤخرا لا يكفي لإبقاء فلسطينيي القطاع على قيد الحياة".
جاء ذلك بالتزامن مع بدء عدة مخابز يدعمها البرنامج الأممي، الخميس، العمل مجددا في جنوب قطاع غزة بعد دخول كميات محدودة من الدقيق.
وأضاف البرنامج الأممي، في منشور عبر حسابه على منصة إكس، أن "بعض مخابز غزة عادت للإنتاج بعد تلقيها إمدادات محدودة من الدقيق، لكن ذلك وحده لا يكفي لإبقاء فلسطينيي القطاع على قيد الحياة".
وكانت المخابز المدعومة من برنامج الأغذية العالمي، وعددها 25 مخبزا، تقدم الخبز للفلسطينيين في غزة بأسعار رمزية تصل إلى 2 شيكل (الدولار يعادل 3.7 شواكل) للربطة الواحدة التي تزن كيلوغرامين بعدد أرغفة متوسطة الحجم تراوح بين 23-24، وسط حالة غلاء اجتاحت البضائع والسلع الشحيحة.
وساهمت هذه المخابز في تخفيف المعاناة الإنسانية للنازحين الفلسطينيين الذين أفقدتهم حرب الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كل ما يملكونه، وحوّلتهم إلى "فقراء".
وفي 6 أبريل/نيسان الماضي، أعلن برنامج الأغذية العالمي، في بيان، إغلاق جميع المخابز التي يدعمها في غزة بسبب نقص الوقود والدقيق، بالتزامن مع تشديد الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
إعلانوالأربعاء، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة دخول 87 شاحنة محملة بالمساعدات التي تم تخصيصها لصالح عدد من المؤسسات الدولية والأهلية، للمرة الأولى منذ 81 يوما من الإغلاق الإسرائيلي المشدد للمعابر.
ويحتاج قطاع غزة يوميا إلى 500 شاحنة مساعدات إغاثية وطبية وغذائية عاجلة، و50 شاحنة وقود كحد أدنى منقذ للحياة وسط تفاقم المجاعة الناجمة عن الإغلاق الإسرائيلي للمعابر منذ أكثر من شهرين، حسب ما أورده المكتب الحكومي في بيان الاثنين.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر في وجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
والاثنين، قالت هيئة الإذاعة الإسرائيلية إن المبعوث الرئاسي الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف تعهد لحركة حماس بالضغط على تل أبيب لاستئناف دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، مقابل إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر.
والأسبوع الماضي، أفرجت حماس عن ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية إلى جانب الإسرائيلية، بعد مفاوضات أجراها ويتكوف مع حماس، بمنأى عن تل أبيب.
والاثنين، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه مواصلة الحرب في غزة، وأقر بتعرضه لضغوط خارجية دفعته للموافقة على إدخال مساعدات إنسانية، حسب مقطع مصور نشر عبر تليغرام.
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.