حملة تضليل رقمي.. من وراء شائعة الانقلاب في كوت ديفوار؟
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
في 21 مايو/أيار الجاري، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي موجة غير مسبوقة من المنشورات التي تزعم وقوع "انقلاب عسكري" في كوت ديفوار.
الصور والفيديوهات التي انتشرت كالنار في الهشيم على منصات مثل "إكس"، و"تيك توك"، و"فيسبوك"، دفعت كثيرين إلى تصديق تلك الشائعة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
لكن تحقيقًا رقميا أجرته "وكالة سند" كشف واقعًا مختلفًا تمامًا، إذ إن ما حدث لم يكن سوى حملة تضليل رقمية منظمة، قادتها شبكات خارجية استهدفت تضخيم رواية الانقلاب باستخدام محتوى زائف ومنصات متداخلة التأثير.
7 آلاف تغريدة في 24 ساعة.. ومحتوى مفبركرصدت "سند" أكثر من 7 آلاف تغريدة تضمنت الكلمة المفتاحية "Ivory Coast" خلال يوم واحد فقط، بين 21 و22 مايو/أيار، باستخدام أدوات تحليل البيانات مثل NodeXL وGephi. وتم تتبع نحو 4689 حسابًا أسهمت في نشر الشائعة أو تضخيمها.
أظهر التحليل أن كثيرًا من الصور والفيديوهات المستخدمة لا تمتّ لكوت ديفوار بأي صلة. فبعضها يعود لمشاهد قديمة من كينيا وطرابلس، وبعضها مأخوذ من فيلم "حرب العالم" الذي صُوِّر في أستوديوهات "يونيفرسال" الأميركية.
كشفت التحقيقات أن الحسابات الأكثر تأثيرًا في نشر المزاعم لا تنتمي لكوت ديفوار، بل تركزت في دول مثل كينيا، وجنوب أفريقيا، ونيجيريا.
إعلانأبرز الحسابات:
@africandemoc: يديره محمد فيفا داغ، سياسي جنوب أفريقي من أصول تركية، يروّج لخطاب "تحرير أفريقيا من الأنظمة الموالية لفرنسا".
@Mabonga_254: عضو في جماعة "Kenya on Twitter (KOT)" المعروفة بحملات الضغط الرقمي الممنهجة.
تُظهر البنية الشبكية أن هذه التكتلات الرقمية تقاسمت أدوارًا محددة في تضخيم الشائعة من خلال محتوى مزيف وتنسيق منظم.
اللافت أن الحملة اعتمدت على إعادة تدوير محتوى بصري سبق نشره في سياقات مغايرة، مثل صور احتجاجات كينيا لعام 2024، وفيديوهات من طرابلس، بل ولقطات احتفال بفوز منتخب الكوت ديفوار بكأس الأمم الأفريقية 2023.
وذلك يشير إلى سعي ممنهج لصياغة سردية انقلابية وهمية، بغرض إثارة الفوضى والتأثير في الرأي العام، محليا ودوليا.
حملة رقمية في زمن هشاشة المعلومةورغم نفي الحكومة رسميا للانقلاب وظهور الرئيس الحسن واتارا في مناسبات عامة، فقد نجحت الحملة الرقمية في إثارة جدل سياسي واسع، مستغلة حالة الاحتقان في البلاد بعد استبعاد المعارض تيجان تيام من الترشح للرئاسة.
ويعكس هذا الحدث تصاعد خطر حروب المعلومات الرقمية في أفريقيا، حيث باتت الشائعة المصطنعة قادرة على زعزعة الثقة بالمؤسسات، وإشعال التوترات من دون أي وقائع حقيقية على الأرض.
انقلابات بلا دبابات وواقع مشوّشمع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، تظل كوت ديفوار مهددة ليس فقط بالتوترات السياسية، بل أيضًا بحملات رقمية تستهدف تزييف الوعي العام، حيث تتشابك السياسة بالتقنية، وتختلط السرديات الزائفة بالواقع الهش.
فهل تملك الحكومات وهيئات الانتخابات في غرب أفريقيا ما يلزم لمواجهة هذا النوع الجديد من "الانقلابات الرقمية"؟ سؤال قد تكشف الشهور المقبلة بعضًا من إجاباته.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
«محامو الطوارئ» يحذرون من حملة «بلّغ عن متعاون» ويطالبون بوقف الاعتقالات التعسفية
الخرطوم: التغيير: أعربت مجموعة محامو الطوارئ في السودان عن قلقها العميق إزاء تصاعد خطاب التحريض ضد المدنيين، وذلك على خلفية الحملة المعروفة باسم “بلّغ عن متعاون” التي أطلقها مناصرون للجيش السوداني في سياق النزاع مع قوات الدعم السريعK وقالت المجموعة، في بيان اليوم الثلاثاء، إن الحملة تُستخدم كأداة لترويج التخوين وبث الكراهية، وتشجيع الإبلاغ غير المبني على أدلة قانونية ضد المدنيين، فقط بناءً على الشبهات أو الانتماءات الجغرافية أو السياسية أو حتى النشاط المدني، وهو ما اعتبرته يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن الأفراد وتقويضًا لمبدأ سيادة القانون.
وأضاف البيان أن محامو الطوارئ وثقوا “انتهاكات خطيرة” ارتُكبت نتيجة هذه الحملات، من بينها التصفية الميدانية، والإخفاء القسري، والاعتقالات التعسفية، خاصة في ولاية الخرطوم.
وأشار إلى أن بعض المعتقلين قد وُجهت إليهم تهم تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد أو الإعدام، في محاكمات افتقرت إلى الحد الأدنى من معايير العدالة، بينما لا يزال آخرون رهن الحبس الاحتياطي، أو يقضون عقوبات بالسجن أو دفع الغرامات استنادًا إلى اتهامات وُصفت بأنها باطلة أو غير مستندة إلى أسس قانونية.
وحملت المجموعة الجهات التي تقف وراء هذه الحملة المسؤولية القانونية والأخلاقية عن ما ترتب عليها من انتهاكات جسيمة، داعية إلى وقف الحملة فورًا، ومحاسبة كل من يروّج لها أو يستخدمها كأداة لتنكيل المدنيين.
كما طالبت محامو الطوارئ بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفيًا، ووقف المحاكمات التي وصفتها بـ”الجائرة”، مؤكدة أن حماية المدنيين مسؤولية لا تسقط بالحرب، ولا يمكن تبرير انتهاكها بأي مواقف سياسية أو أمنية، مشددة على أن سيادة القانون والعدالة يمثلان الركيزة الأساسية لأي تسوية مستدامة أو استقرار حقيقي في البلاد.