نددت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، أمس الخميس، بنقل موقوفي قضية "التآمر ضد أمن الدولة" إلى سجون خارج العاصمة تونس واعتبرتها "تعسفا ومخالفة للقانون الذي يفرض إعلام عائلات المعتقلين".

وقالت الجبهة في بيان لها أمس إنها "علمت أن المعتقلين فيما يعرف بقضية التآمر قد تعرّضوا اليوم لنقل تعسّفي تم بموجبه توزيعهم على سجون في أنحاء البلاد"

وذكرت أنهم نقلوا إلى "سجون برج الرّومي والنّاظور (شمال) والسّرس (شمال غرب) وسليانة (شمال غرب) وبرج العامري (غرب العاصمة)، دون أي موجب وفي مخالفة لقانون السّجون الذي يفرض عليها إعلام عائلات المعتقلين بنقلهم".

واعتبرت أن هذا النقل "يعكس رغبة في عدم الاكتفاء بالتّنكيل بالمعتقلين بل التّشفي في عائلاتهم أيضًا عبر إجبارها على قطع مئات الكيلومترات لزيارة أبنائها".

وفي 19 أبريل/نيسان الماضي، أصدرت محكمة تونسية أحكاما بالسجن تراوحت بين 4 و66 عاما في حق 40 متهما في قضية "التآمر على أمن الدولة"، بينهم 22 حضوريا، و18 غيابيا.

ومن أبرز المتهمين في القضية، القيادي بـ"حزب حركة النهضة" نور الدين البحيري، والسياسي ورئيس الديوان الرئاسي الأسبق رضا بلحاج، وأمين عام "الحزب الجمهوري" عصام الشابي، والوزير الأسبق غازي الشوّاشي، إضافة إلى أسماء أخرى محسوبة على " جبهة الخلاص الوطني" التي تضم شخصيات معارضة بارزة.

إعلان

وترى أطياف من المعارضة ومنظمات حقوقية أن القضية "ذات طابع سياسي وتستخدم لتصفية الخصوم السياسيين وتكميم الأصوات المنتقدة للرئيس قيس سعيّد وخاصة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية".

لكن السلطات التونسية أكدت في مناسبات عدة التزامها بتطبيق القانون، وأن جميع الموقوفين في البلاد يُحاكمون بتهم جنائية تتعلق بأمن الدولة، أو الفساد ونفت وجود محتجزين لأسباب سياسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

تقرير .. بين ساحات المحاكم ومتطلبات السياسة.. هل تلتقي المعارضة التونسية؟

تونس - يتواصل جدل في تونس حول لقاءات ميدانية بين شخصيات قيادية معارضة خلال المحاكمة في قضية "التآمر" أو تلك التي انتظمت ضد اعتقال المحامي والقاضي السابق أحمد صواب الموقوف منذ شهر على خلفية اتهام السلطات له بـ"التحريض على العنف".

وتعود قضية "التآمر على أمن الدولة" إلى فبراير/ شباط 2023، عندما تم إيقاف "سياسيين" ومحامين وناشطي مجتمع مدني ورجال أعمال بتهم "محاولة المساس بالنظام العام وتقويض أمن الدولة" و"التخابر مع جهات أجنبية" و"التحريض على الفوضى أو العصيان".

كما تبرز مخاوف متزايدة على حرية العمل الحزبي والنقابي يؤكدها المعارضون وينفيها المدافعون عن الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو/ تموز 2021.

وتوالت الأحكام القضائية بحق قياديين في حركة النهضة المعارضة، مما يطرح سؤالا كبيرا حول مصير النهضة، أكبر الأحزاب التونسية.

ويستمر إغلاق مقرات حركة النهضة وملاحقة قياداتها وإصدار أحكام ثقيلة بحقهم، منها الحكم على رئيسها راشد الغنوشي (83 عاما) بالسجن 22 سنة، وكذلك الحكم على وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري بالسجن 43 سنة، وعلى رئيس الحكومة الأسبق علي العريض بالسجن 34 سنة، في قضايا مختلفة.

ويقول سعيد إن منظومة القضاء في بلاده مستقلة ولا يتدخل في عملها، بينما تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة المعارضين له والرافضين لإجراءاته الاستثنائية.

** 3 عناوين رئيسية

وتتزايد توقعات متابعين باحتمال إقدام السلطات على خطوات إضافية ضد حركة النهضة، لاسيما حلها.

رغم ذلك أكد المستشار السياسي لرئيس النهضة القيادي بجبهة الخلاص الوطني المعارضة رياض الشعيبي تمسك حركته بالعمل وفق القانون والنضال الديمقراطي لتغيير الأوضاع.

وأضاف الشعيبي للأناضول أن "كل مكونات المجتمع المدني والقوى السياسية والاجتماعية في البلاد، وبينها حركة النهضة، تتعرض للاستهداف".

وأوضح أن "هذا الاستهداف أخذ أشكالا متعددة، اعتقالات، وضع في الإقامة الجبرية، إغلاق مقرات، تضييق على الأنشطة، سياسات كاملة اتخذتها السلطة تجاه حركة النهضة".

واستدرك: "رغم ذلك نحن في حركة النهضة لنا ثوابت وخيارات واضحة، تتلخص في ثلاثة عناوين أساسية، نعتبرها مكاسب ليس فقط لحركة النهضة، بل لكل القوى السياسية في البلاد".

وبيَّن أن "الخيارات الثلاثة هي خيار القانونية، وخيار العلنية، وخيار السلمية"

و"لا سبيل للتفريط في الإطار القانوني المنظم للعمل الحزبي والعمل الجمعياتي في البلاد، لأنه أحد المكاسب الأساسية التي ناضلت من أجلها أجيال عديدة في تونس"، حسب الشعيبي.

** معسكرات مغلقة

وحول علاقة النهضة ببقية مكونات المعارضة حاليا، قال الشعيبي: "منذ اللحظات الأولى لانقلاب 25 جويلية، كانت الرؤية واضحة أمامنا".

وفي 25 يوليو/ تموز 2021، بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابا على الدستور وترسيخا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2012).

فيما يقول سعيد إن إجراءاته هي "تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم"، مشددا على عدم المساس بالحريات والحقوق.

الشعيبي أوضح أن الرؤية بشأن تلك الإجراءات هي "أن ما حصل هو انقلاب على الديمقراطية، ولا يمكن أن تقع مقاومته والتصدي له إلا ضمن حالة وطنية".

واستدرك: "غير أن وعي القوى السياسية كان متفاوتا، ولم يكن على نفس الدرجة".

وبيَّن أن "هناك أطراف سياسية راهنت على توظيف واستعمال الانقلاب للتخلص من خصمها السياسي والأيديولوجي، كما أن هناك أطراف مصلحتها ليست في الديمقراطية، بل في الاستبداد".

الشعيبي تابع: "الآن بعد 4 سنوات هناك هجرة جماعية حصلت من الموقف الذي يحاول أن يشكك في مصداقية حركة النهضة في الدفاع عن الديمقراطية والمطالبة بعودتها إلى المعسكر الديمقراطي الذي أصبح الآن مرصوصا".

واستطرد: "الآن كل الأطراف، بعد أن نالها ما نالها من الديكتاتورية والاستبداد، أصبحت مجمعة أنه لا خلاص للبلاد إلا من خلال العودة إلى الديمقراطية والمؤسسات الدستورية الشرعية".

لكن "هذا الاجماع لم يتطور إلى نوع من التنسيق السياسي ومازالت المعسكرات أبوابها مغلقة أمام بعضها البعض"، وفق الشعيبي.

** التقاء "صوري"

وحول التقاء المعارضة التونسية مع بعضها بعضا، قال متحدث "تحالف أحرار" أحمد الهمامي (الموالي للرئيس سعيد) إن "الديمقراطية هي أن يكون هناك عمل سياسي مشترك بين أطراف سياسية متعددة".

واستدرك في حديث للأناضول: "لكن ما لا نوافق عليه هو أن هناك أطراف لم تكن تلتقي مع بعضها البعض قبل ثورة 25 جويلية ويلتقون اليوم".

وأضاف: "كانوا يشتمون بعضهم بعضا في عديد المنابر الإعلامية، وهناك مَن وصف حزب حركة النهضة بأنها إرهابية في قنوات داخلية وخارجية".

و"كذلك نجد التقاء أقصى اليسار وأقصى اليمين المتطرف ضد ما يسمونه انقلابا، والحال أن ذلك يلغي تصويت الشعب على الدستور بنحو 3 ملايين تونسي، أي ما يعادل عدد الذين انتخبوا برلمان 2019"، حسب الهمامي.

واعتبر أن "ذلك الالتقاء هو التقاء صوري".

** حل حركة النهضة

وتتصاعد في تونس مخاوف من أن تكون المحاكمات المتتالية لقياديين في النهضة في قضايا عدة مقدمة لحل الحركة.

وعن ذلك قال الهمامي: "نحن مع حل حركة النهضة كحزب إخواني متورط في عديد القضايا، منها التآمر على أمن الدولة".

وتابع: "رأينا أحكاما متعددة ضد هؤلاء الذين كانوا يمسكون بالسلطة، وأوصلوا البلاد بطريقة أو بأخرى إلى مرحلة خطيرة جدا، وكان 25 جويلية هو التاريخ الفاصل لإنقاذ البلاد".

وبالنسبة للاتهامات الموجهة للرئيس سعيد باستهداف الأحزاب والجمعيات والنقابات، قال الهمامي: "الموضوع ليس موضوع انفراد بالسلطة أو استيلاء على السلطة، هناك 3 ملايين كلفوا رئيس الجمهورية في انتخابات علنية وحرة شفافة."

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2024 بدأ سعيد ولاية رئاسية ثانية تستمر 5 سنوات.

الهمامي أضاف: "هناك اعتراف دولي بتونس الآن، وهي ممثلة في جميع المنظمات الدولية العربية منها والإفريقية والعالمية".

وأردف: "يتحدثون عن تضييق على العمل النقابي والسياسي، ونحن لا نرى أن السلطة توجهت لحل حزب سياسي معين أو حظر نقابة أو حظر نشاط جمعية معينة".

وتابع: "بل بالعكس نراهم صباحا مساء يشتمون ويتظاهرون ويتحدثون للإعلام داخل تونس وخارجها، وهذا مكسب الحرية".

واستطرد: "الذين يتباكون ويقولون إن الحرية غير موجودة في تونس نحن نراهم ينقدون وينتقدون وأحيانا وصلوا إلى تجاوز القيم الأخلاقية للشعب التونسي حتى وصلنا السب والشتم والتهديد"، وفق قوله.

الهمامي ختم بأن "المعارضة لابد أن تكون (موجودة)، لأن (أي) دولة في العالم لابد لها من معارضة.. (و) نحن نريد معارضة بناءة ناقدة وغير منتقدة".

مقالات مشابهة

  • أكثر من 100 ألف محبوس.. السجون الفرنسية تحطم الرقم القياسي في عدد المعتقلين
  • احتجاجات لعائلات معتقلي قضية التآمر.. تنديد بنقل عدد من المساجين لسجون مختلفة (صور)
  • أزمة شمال البصرة.. وزير النفط لشفق نيوز: مستمرون بنقل مياه الشرب
  • عشائر غزة تندد بالاعتداء على المستشفى الميداني الأميركي
  • نقل عدد من معتقلي ملف التآمر في تونس لسجون مختلفة.. الدفاع يصفها بـ التنكيل والتشفي
  • استشاري تكنولوجيا إعلام: الحكومة أنهت تريند «شهادات الحلال»
  • تقرير .. بين ساحات المحاكم ومتطلبات السياسة.. هل تلتقي المعارضة التونسية؟
  • وسائل إعلام سورية تُكذّب أبواق نظام المخزن: مكتب “جبهة البوليساريو” في دمشق مغلق منذ 2003
  • مدبولي يكشف حقيقة عودة الكُتاب مرة أخرى