صدى البلد:
2025-06-02@19:47:46 GMT

نورهان خفاجي تكتب: صنعاء بلا أجنحة

تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT

قبل نحو عامين أو أكثر جمعني لقاء مع الدكتور محمد عبدالقادر رئيس هيئة الطيران المدني اليمني، حينها كان في رحلة علاجية بالقاهرة، ولم ينشر للأسف هذا اللقاء؛ اليوم، حيث يتم الإعلان عن تدمير آخر طائرة يمنية مدنية على مهبط مطار صنعاء.. يحضرني تفاصيل هذا اللقاء وما تناوله عن أوضاع اليمن الشقيق بشكل عام وعن أجواء – قطاع الطيران - اليمن بشكل خاص.

قبل نحو عامين، كان بالكاد قد عادت صناعة الطيران المدني العالمية يبزغ نجمها من جديد، محاولةٍ نفض غبار أزمة الجائحة الوبائية التي كبلت العالم كله، حينها كان اليمن في هدنة وجيزة من الحرب، يخطط خلالها بأمل خافت في تأهيل مطار صنعاء بكلفة قدرتها السلطات حينها بنحو أكثر من 15 مليون دولار، كان مازال هناك طائرات، أربعة للخطوط اليمنية وكانت تنتظر انضمام الخامسة وطائرة تابعة لشركة السعيدة، كانا ينفذان إلى خارج صنعاء، ربما ليس لعالمِ بعيد ولكن كانا على الأقل يذهبان في فسحة إلى دول الجوار: ' القاهرة وعمان والأردن والخرطوم وجيبوتي وأحيانا بومبي بالهند'.. اليوم بإعلان تدمير آخر الطائرات، باتت صنعاء بلا طائرات.. بلا أجنحة ترفرف في السماء'.

في أوان الجائحة، كتبت عن اليمن، وقولت: إنه إذا كانت دول العالم تتأفف وتعاني نزيف الخسائر بالمليارات، لإغلاق حدودها الجوية لعدة أشهر بسبب الوباء، فما بالك باليمن الشقيق وهو يصارع وحيدا منذ 7 سنوات - حتى عام 2022 تاريخ اللقاء - ؛ بعدما أغلقت الأجواء على سكانه .. سنوات متواصلة من الغلق لم تأخذ خلالها طائرات صنعاء فسحة للسماء. المشهد يصور الحال، إن مطارات اليمن لم تطأ مدارجها طائرة منذ سنوات؛ أبراج المراقبة الجوية لم تُفتح شاشات راداراتها أيضا منذ سنوات؛ صالات الركاب مسدلة نوافذها.. 7 سنوات من العزلة والحرب ازدادت اليوم إلى عشرة وعادت صنعاء بلا طائرات.

في وجود الطائرات حتى شهور قريبة، قبل أن يلتهم جميعها القصف، كان المواطنون اليمنيون الراغبون في الخروج من البلاد وغالبيتهم طلاب أو مرضى أو بعض رجال الأعمال الراغبين في الاستثمار، يخرجون في طريق يستغرق قرابة الـ 20 ساعة بالتحديد 18 ساعة، يمرون بين عشرات نقاط التفتيش حتى يستطيعون الوصول لأحد المطارات التي مازالت تعمل وكان على الأغلب مطاري عدن وسيئون، بديلا عن مطار العاصمة صنعاء الذي كان أيضًا قد دمرت قدراته بالكامل. 

يحكي رئيس هيئة الطيران المدني اليمني، عن الحال، أنه في الطريق بين المطارات كانت تسقط بعض حالات المرضى صريعة، الطلاب يتعرضون للنهب والسرقة والتعدي وأيضًا رجال الأعمال، لا أحد يُستثني من النهب، كان هذا هو الحال في وجود الطائرات!.

يقول إنه في وجود الطائرات المُصرح لها الهبوط على أرض مطار صنعاء، رغم القصف وقلة الإمكانيات، كان المهندسون اليمنيون يبذلون كامل جهدهم في صيانة التجهيزات الفنية والملاحية الموجودة بالمطار حتى لا تنقطع الخدمة، في ظل حرمانهم من تجديدها أو استبدالها بسبب الحصار المفروض على البلاد، ذاك الحصار الذي منع إدخال شحنة مساعدات وتجهيزات ملاحية جديدة للمطار، ولجأت صنعاء حينها إلى جيبوتي قبل ثلاث سنوات لتخزين هذه المساعدات حتى تأذن ساعة فك هذا الحصار.

اليوم تضاف ثلاث سنواتٍ جديدة منذ تاريخ هذا اللقاء، ويزداد معه تضييق الخناق على صنعاء، خاصة بعد الاستهداف الأخير على  المطار من قبل الاحتلال لآخر طائرة مدنية كانت تستعد لنقل فوجٍ من الحجاج، أربعة صواريخ إسرائيلية استهدفت طائرة صنعاء وتناثرت أجنحتها في ساحة المطار، وتناثر معه آمال عودة التشغيل القريب لهذا المطار، خاصة بعد أن وصلت كلفة إصلاح التدمير إلى 500 مليون دولار بدلا من 15 مليون دولار قبل ثلاثة أعوام، وتم إعلان وقف العمليات بالمطار لأجل غير مسمى!
 

طباعة شارك أخر طائرة يمنية مطار صنعاء صناعة الطيران اليمن نورهان خفاجي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أخر طائرة يمنية مطار صنعاء صناعة الطيران اليمن نورهان خفاجي مطار صنعاء

إقرأ أيضاً:

اليمن يفرض شروط السيادة في البحر الأحمر: “ترومان” تغادر و”كوين إليزابيث” تعبر بإذن صنعاء

يمانيون – تحليل خاص

تشهد الساحة البحرية في البحر الأحمر تحولات استراتيجية عميقة تُعيد رسم معادلات النفوذ، في ظل انكفاء القوى الغربية وارتباكها أمام معادلة الردع التي أرستها القوات المسلحة اليمنية.

في الأيام الأخيرة، أُجبرت الولايات المتحدة على سحب حاملة طائراتها “ترومان” دون تحقيق أي مكاسب ميدانية، فيما اضطرت بريطانيا إلى التنسيق المسبق مع صنعاء قبل السماح بعبور حاملة طائراتها “HMS كوين إليزابيث”، لتؤكد بذلك حقيقة التحول الذي بات يحكم مسرح البحر الأحمر: لا قوة عظمى تمر إلا بشروط اليمن.

 ترومان “الرمز” تسحب ظلّها
غادرت حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس ترومان” مياه البحر الأحمر دون أن تحقق أي تأثير يُذكر على مسار الأحداث. ورغم الضخ الإعلامي الذي صاحب وصولها إلى المنطقة قبل أشهر، فإن الواقع أثبت أن وجودها كان استعراضيًّا أكثر منه عمليًّا.

وبحسب قناة “13 نيوز ناو” الأمريكية، فإن “ترومان” من المقرر أن تصل إلى الولايات المتحدة في الأول من يونيو، لتختتم بذلك فصلاً باهتًا من الحضور الأمريكي في البحر الأحمر. لم تنخرط الحاملة في أي عمليات، ولم تُشارك في أي ردّ فعليّ مباشر ضد العمليات اليمنية المستمرة دعمًا لغزة، وهو ما يُفسَّر على نطاق واسع بأنه فشل مزدوج: فشل في تقدير قدرة صنعاء، وفشل في إدارة المغامرة دون دفع ثمن استراتيجي.

عبور بريطاني بشروط يمنية
وفي موازاة الانكفاء الأمريكي، سجلت لندن سابقة لافتة في التعامل مع الوضع اليمني، عبر تنسيق مسبق مع صنعاء للسماح بمرور حاملة الطائرات “HMS كوين إليزابيث” في البحر الأحمر.

وكشف عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، في تغريدة نشرها على منصة “X”، أن الجانب البريطاني تواصل مع الجمهورية اليمنية وأبلغ أن مرور الحاملة يهدف إلى المناورة فقط دون تنفيذ أي عمليات قتالية.

وأضاف الحوثي أن القوات المسلحة اليمنية وافقت على هذا المرور بشرط عدم اتخاذ أي موقف عدائي يمسّ مهام الإسناد اليمني لغزة.

تم التواصل بالجمهورية اليمنية
بخصوص مرورحاملة الطائرات البريطانية HMS بأنهاستعبرللمناورة ولن تنفذ اي عمليات قتاليةفي البحر الاحمر
وتم ابلاغهم من قبل القوات المسلحةاليمنية بالسماح بالمرور مادامت في مهمةغير قتاليةاو توجه عدواني
لاعتراض القوات المسلحةعن اسناد غزة التي تباد من الكيان

— محمد علي الحوثي (@Moh_Alhouthi) May 31, 2025

هذه التغريدة، رغم إيجازها، تختزل تحولًا جذريًّا في المشهد البحري والسياسي للمنطقة. فلأول مرة، تُضطر دولة غربية كبرى إلى التنسيق العلني وغير القسري مع طرف إقليمي من موقع الندية، بل من موقع التبعية المشروطة. لم يعد البحر الأحمر منطقة رخوة للغطرسة الغربية، بل بات ساحة سيادة مشروطة بإرادة صنعاء.

التحول من الردع بالقوة إلى الردع بالشروط
تعكس التحركات البريطانية والأمريكية ارتباكًا واضحًا أمام الخطوط الحمراء التي رسمتها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر. فلم يعد الحديث عن ضربات موضعية أو مواجهات تكتيكية، بل عن تغيير جذري في قواعد اللعبة.

ما يجري اليوم يُكرّس تحول الردع اليمني من العمل العسكري إلى التأثير السياسي والرمزي. فمجرد أن تُجبر بريطانيا على طلب الإذن، أو تُجبر أمريكا على الانسحاب بهدوء، دون أن تطلق صنعاء صاروخًا واحدًا، فهذا يعني أن كفة القوة قد تحوّلت من المنظومات المتطورة إلى القرار السيادي المعلن والصامد.

وفي هذا الإطار، فإن عبور “كوين إليزابيث” دون مهام قتالية لا يُعدّ مجرد حدث بحري، بل اعترافًا ضمنيًا بمركزية صنعاء في معادلة الملاحة الإقليمية. إنه شكل من أشكال الانحناء السياسي أمام قوة لم تستورد الهيبة من واشنطن أو لندن، بل صنعتها من موقع المعاناة والانتصار معًا.

القوات اليمنية تُعيد تعريف الملاحة العسكرية
الرسائل المتتالية من صنعاء لا تكتفي بالاستعراض الرمزي، بل تعيد ترسيخ مفاهيم جديدة للسيادة. لم تعد القوة تقاس بعدد الحاملات ولا بنوع المقاتلات، بل بقدرة الطرف الأضعف – شكليًّا – على فرض معايير الاشتباك، وتحديد من يمرّ ومن يُمنع، ومن يُعامل كخصم ومن يُعتبر محايدًا بشروط.

هذه السيادة لم تأتِ من فراغ. فطيلة الأشهر الماضية، أثبتت القوات المسلحة اليمنية قدرتها على استهداف السفن الصهيونية ومن يرتبط بها، وفرضت حالة من القلق الدائم على كل قطع البحرية الغربية. ومع إعلان صنعاء أن دعمها لغزة مستمر ولن يتوقف، فإن كل قطعة بحرية تمر من مضيق باب المندب أو البحر الأحمر باتت تحمل في حساباتها سؤالًا استراتيجيًّا: هل يُسمح لها بالعبور أم تُجبر على التراجع؟

استراتيجية جديدة للهروب الغربي
في ظل كل ما سبق، تبدو مغادرة “ترومان” وعبور “كوين إليزابيث” كأنهما حركتان في مسرح واحد. الأولى تمثل الهروب من المواجهة، والثانية تُجسّد العبور تحت السيطرة. وبين الانسحاب والمرور المشروط، تظهر معادلة جديدة: الغرب يتراجع دون أن يخسر علنًا، وصنعاء تربح دون أن تطلق النار.

هذه المعادلة تنذر بتحولات قادمة في سلوك القوى الدولية تجاه المنطقة. فالمشهد لم يعد قابلًا للتكرار على النحو القديم. كل سفينة تمر الآن تُحسب خطواتها ألف مرة، وكل مهمة يُخطط لها بدقة خشية الاصطدام بقرار سيادي يمني يعيد رسم خريطة النفوذ في الممر البحري الأهم عالميًّا.

من باب المندب تبدأ معركة الإرادة
بين عبور مشروط وغياب مشرف، تؤكد صنعاء مجددًا أن من يسيطر على القرار في البحر الأحمر ليس من يملك الغواصات والطائرات، بل من يملك الإرادة والتوقيت والسيادة. وقد أثبتت الأيام أن الإرادة اليمنية ليست موسمية، بل متجذرة في معركة أوسع من البحر الأحمر، معركة اسمها: غزة أولًا، والهيمنة الغربية إلى زوال.

مقالات مشابهة

  • وفاة مختطف داخل سجون الحوثيين بظروف غامضة
  • الاحتلال يعترض صاروخا من اليمن بعد تعطيله حركة الطيران بـبن غوريون
  • صنعاء.. وفاة مختطف داخل سجون الحوثيين بظروف غامضة
  • اليمن يفرض شروط السيادة في البحر الأحمر: “ترومان” تغادر و”كوين إليزابيث” تعبر بإذن صنعاء
  • رفض تذاكر صنعاء.. هيئة الطيران تحذّر من استخدام الخطوط الجوية لتصفية الحسابات
  • هيئة الطيران تُدين قرار إدارة اليمنية بعدن منع قبول التذاكر الصادرة من صنعاء
  • من صنعاء تحذير عاجل لشركات الطيران: مسارات ’’الغارات الصهيونية مناطق خطرة ’’ .. وطائرات العدو ’’ستصبح أضحوكة’’”
  • تنفيذاً لتهديدات المشاط .. محاولة حوثية فاشلة لاختطاف طائرة جديدة لـاليمنية
  • في اليمن أكثر من (300) نوع للحمام أشهرها عالمياً “الصنعاوي”