من يحتاج أكثر للآخر.. مسقط أم نيودلهي؟
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
د. عبدالله باحجاج
تابعنا الأسبوع الماضي الجدل في وسائل التواصل الاجتماعي عن مُستقبل الشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان والهند، بعد أنباء صحفية هندية كشفت عن مطالبة نيودلهي مسقط بالتخلي عن شرط التعمين، واعتبرته "العقبة الأخيرة" في مفاوضات التوصل إلى اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين.
وقد كانت ردود فعل التواصل الاجتماعي قوية وعاطفية، رغم أن ما كشفته الصحف الهندية ينبغي أن يكون في صالح بلادنا، لإصرارها على التعمين، ولولا هذا الإصرار ما كان التعمين "العقبة الأخيرة"، ومع ذلك، ينبغي الحذر من الضغوط الهندية، وقدرتها على الالتفاف على المصالح؛ فالقوى الاقتصادية الكبيرة لديها حركة تكتيكية كحركة الزواحف المُتعرِّجة؛ بمعنى إذا لم تنجح في هذا المسار؛ فستُحوِّل نجاحها إلى مسار آخر.
وعندما كنَّا نبحث في ملف عملية تأسيس الشراكة الاقتصادية الشاملة بين مسقط ونيودلهي، وجدنا أنها ستكون محكومة بتفاهمات واتفاقيات مُوقَّعة قبل عامين، وستُشكَّل كمرجعية سياسية لها، من أبرزها، اتفاقية "التوظيف المفيد للأشخاص المصاحبين للموظفين الرسميين"، والتي وُقِّعَت في ديسمبر 2023 أثناء زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- للهند. ومن هنا، فقد تَنفُذ نيودلهي في حالة فشلها في إلغاء التعمين أو كسر نِسَبِه، إلى بنود هذه الاتفاقية؛ فعنوانها فضفاف وقابل للتأويلات، ما لم يتم الاتفاق مُسبقًا على مضامينها وضوابطها، وإلا فقد تحدث إشكاليات في التطبيق، خاصةً عند تحديد مفهوم التوظيف المُفيد والأشخاص المصاحبين للموظفين الرسميين، وهو ما نخشاه في ظل قوة الهند التفاوضية والاقتصادية ونفوذها العابر للحدود.
من هنا.. فإنَّ مخاوف المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي من انجرار بلادنا إلى نظيراتها الخليجية له ما يُبرره؛ فالتركيبة السكانية الخليجية مُختلة؛ ففي إحدى دول الخليج يُشكِّل الأجانب حوالي 89% من إجمالي السكان، وأخرى 87%، وأخرى 69%. وفي السلطنة وجدنا عدة إحصائيات، منها ما نشرته وكالة الأنباء العُمانية نقلًا عن بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات؛ إذ يشكلون 41.7% من إجمالي عدد سكان البلاد في نهاية 2020، وباستخدام الذكاء الاصطناعي بلغ عددهم 43.3% عام 2024؛ حيث إن نيودلهي تأتي باستثماراتها وديموغرافيتها وآيديولوجيتها، وتُنشئ كياناتها التعليمية والتربوية والدينية.. إلخ، لذلك، فإنَّ قضية الحفاظ على الفارق العددي لديموغرافيتنا العُمانية ينبغي أن تحكمه ضوابط ثابتة. وهنا نتساءل: هل تتضمن رؤية "عُمان 2040" عددًا مُستهدفًا للوافدين؟ لم نجد بسهولة الإجابة عبر محرك جوجل، غير أننا وجدنا ما يُسمى بـ"سياسة تحقيق التوازن بين عدد العُمانيين والوافدين"، وهذا مفهوم عام يُشكِّل مجموعة إشكاليات، فقد يُفسَر التوازن هنا بالتعادل؛ لذلك ينبغي تحديد النسبة كمرجعية حاكمة للتنفيذ، كأن تكون ما بين 40%- 45% كأقصى حد، وفي هذه الحالة لن نقلق على الانفتاح الاقتصادي والاستثماري من منظور الحفاظ على قوتنا الديموغرافية؛ عدديًا وهوية.
وليست الهند وحدها هي المُستهدفة هنا، وإنما من حيث المبدأ؛ لذلك فمن الخيارات العقلانية الانفتاح على الهند بالضوابط سالفة الذكر؛ حيث إن الهند تتطلع لأن يكون اقتصادها الثالث عالميًا، وبالتالي، فإنَّ الجيوسياسية العُمانية من أهم مفاتيح انطلاقتها العالمية؛ لأن موقع بلادنا يربط كل قارات العالم؛ حيث تطل على بحار ومحيطات (بحر العرب وبحر عُمان والمحيط الهندي ومضيق هرمز)، ما يتيح لها تسويق تجارتها ومنافسة كبرى الاقتصاديات العالمية، والصين في المقدمة، ومستهدفة الهند وأمريكا، وقد مالت نيودلهي مؤخرًا كل الميول السياسية والاقتصادية نحو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قابلها بمبادرة استثنائية، وهي تحويل استثمارات أمريكية عالية التقنية (مصانع شركة أبل) من بكين إلى نيودلهي.
وتعد الهند الآن ثالث أكبر شريك تجاري لبلادنا في الخليج، وقد خصصت السلطنة منطقة حصرية للهند في ميناء الدقم الاستراتيجي، تُمكِّنها من رسو سفنها وإصلاحها. ويهدف اتفاق التجارة الحُرة المرتقب- والذي تسارع نيودلهي إلى إبرامه مع بلادنا- إلى خفض الرسوم الجمركية على صادراتها، ودخول سلع وخدمات البلدين بانسيابيةٍ، ومن المؤكد أنَّ بلادنا ستستفيد من هذه الاتفاقية؛ أبرزها: استثمارات جديدة، وفرص عمل كثيرة، والاستفادة من التقنية الهندية المتقدمة في المجالين المدني والعسكري؛ فتقنيتها تتميز بتطورات ملحوظة في كلا المجالين- حسب مُتابعتنا.
وبالتالي؛ فالاستفادة منها خيار استراتيجي لبلادنا من بين مجموعة خيارات أخرى؛ كإيران والجزائر وروسيا، وهي كانت محطات أساسية في جولات عاهل البلاد الخارجية، وهذه الخيارات قد أصبحت تقابل الآن الخيارات الخليجية التريليونية نحو أمريكا، التي بها ستصنع قوتها التقنية والتكنولوجية الجديدة. وكل مُتابع دقيق لا بُد أن تستوقفه محطات جلالته الخارجية غير الخليجية في اختياراتها وتواقيتها ونتائجها، وتطلعاتنا منها أكبر وأعظم لمستقبل البلاد؛ حيث نتوقع أن يكون ضمن أولوياتها توطين الصناعات المتقدمة، وصناعة تقنيات الذكاء الاصطناعي لتأسس قوة السلطنة في مواجهة محيط إقليمي متغير ومتنافس، ومواجهته تتم عبر تبني المقاربتين البراغماتية والراديكالية في آنٍ واحدٍ.
فهل يتم تطبيقهما في محادثات بلادنا الاستراتيجية مع دول مثل الهند وإيران؟!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تتويج بنك مسقط بجائزة "أفضل بنك رقمي" في عُمان
مسقط- الرؤية
توج بنك مسقط، المؤسّسة الماليّة الرائدة في سلطنة عُمان، بجائزة أفضل بنك رقمي في السلطنة لعام 2025، ضمن جوائز التميّز التي تصدرها مؤسّسة Euromoney العالميّة المرموقة علمًا بأن هذه الجوائز يتم منحها للمؤسّسات المصرفيّة الرائدة في فئة الخدمات المصرفيّة الرقميّة المقدمة للزبائن وفي مجال تقديم حلول مصرفيّة مبتكرة، تهدف إلى تعزيز تجربة الزبائن وتسهيل استفادتهم من الخدمات والتسهيلات المختلفة. وقد جاء اختيار بنك مسقط بعد عملية اختيار تضمنت تقييمات مدروسة ونقاشات مع المختصّين في هذا المجال حول العالم.
وأعرب عبدالله بن حمود الجفيلي مساعد مدير عام الخدمات المصرفية الإلكترونيّة ببنك مسقط، عن سعادته بحصول البنك على جائزة أفضل بنك رقمي في السلطنة والتي تؤكد حرصه على تلبية احتياجات الزبائن الحاليّة والتزامه بمواكبة التوجّهات العالميّة، مقدّما الشكر والتقدير لمؤسّسة Euromoney على تتويجها بنك مسقط بهذه الجائزة المرموقة.
وأوضح أن التزام البنك بالتطوّرات الرقميّة الحديثة جاء تزامنًا مع جهود السلطنة في تشجيع خلقِ مجتمعٍ رقميّ ومواكبةً للتقدّم التكنولوجي العالمي ويعمل البنك على تنفيذ خطة واستراتيجية لتعزيز دوره الريادي في هذا المجال من خلال إطلاق العديد من المشاريع والمبادرات التي تساهم في تقديم أفضل الخدمات الإلكترونية للزبائن، لافتاً إلى أن العديد من الزبائن يعتمدون على المنصّات الرقميّة المختلفة للبنك وتطبيق الهاتف النقّال الذي يتيح للزبائن فرصة الوصول إلى الخدمات المصرفيّة المقدّمة لهم بسلاسة وسرعة.
وأوضح الجفيلي أن هذا التتويج يعكس التزام البنك بتنفيذ استراتيجيّته التي تسلّط اهتمامها وتركيزها على الزبائن وجهوده الحثيثة التي يبذلها لخلق مؤشّرات تطوّر شتّى وملحوظة خلال مسيرته في التحول الرقمي، مبينا أن البنك يحرص باستمرار على تطوير الخدمات والتسهيلات المصرفيّة التي يقدّمها للزبائن عبر منصاته الرقميّة والمتوفّرة أيضًا في فروعه والتي يبلغ عددّها حتى اليوم حوالي 190 فرعٍ يتضمن فروع ميثاق للصيرفة الإسلامية وموزّع في محافظات السلطنة وكذلك توفير أكثر من 900 جهاز يقدّم خدمات متعدّدة على مدار الساعة بما فيها أجهزة الصراف الآلي والإيداع النقدي وأجهزة الخدمة الذاتيّة.
ونظرًا للتأثير الكبير الذي أحدثته التحوّلات والتغييرات الرقميّة على نطاق الخدمات المصرفيّة المقدّمة للزبائن، سعى بنك مسقط إلى تعزيز جودة الخدمات التي يقدمها من خلال تطوير المنصّات الإلكترونيّة بما يسهم في رفع كفاءتها التشغيليّة وتحسين تجربة الزبائن. وفي هذا الإطار، يقدّم بنك مسقط لزبائنه مجموعة من الخدمات والحلول المصرفيّة المتميّزة عبر الإنترنت وتطبيق الهاتف النقّال بما يتلاءم مع احتياجاتهم على سبيل المثال يمكن للزبائن عبر هذه المنصّات القيام بإنجاز معاملات مختلفة من بينها تقديم طلبات الحصول على البطاقات الائتمانية أو البطاقات مسبقة الدفع، وتحويل الأموال، وحلول الاستثمار، ومنتجات التأمين، وآليات لدفع الفواتير، وطلب دفاتر الشيكات، وخدمات فتح الحسابات وغيرها من الخدمات.