الحجاج اليمنيين.. معاناة مستمرة بين خلافات الحكومة والحوثيين والجبايات غير القانونية (تقرير)
تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT
لا تزال أزمة الخلافات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي في العاصمة صنعاء بشأن مناسك الحج قائمة كل موسم يدفع ثمنها المواطن اليمني.
وخلال السنوات الماضية تسببت إجراءات وممارسات الجماعة الحوثية في عرقلة أداء آلاف اليمنيين فريضة الحج، الأمر الذي تسبب بعزوف الكثير من الناس عن أداء الفريضة، أو التسجيل عبر الوكالات في المناطق المحررة.
في السادس والعشرين من أكتوبر الفائت أعلنت وزارة الاوقاف التابعة للحكومة اليمنية بدء التسجيل لموسم حج 1446هـ، وكانت الوزارة قد أمهلت الراغبين في حجز مقاعدهم سبعة عشر يوماً وتسجيل بياناتهم عبر 246 وكالة سفر وسياحة معتمدة.
أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي فقد استكملت أكثر من ستين وكالة سفر وسياحة تعمل في العاصمة صنعاء استقبال حجوزات مقاعد الحجاج ضمن العدد المسموح به لليمن من قبل السلطات السعودية للعام الحالي، بعد أن أمهلت وزارة الاوقاف لأربع مرات الراغبين في الحج إلى مكة تسجيل حجوزاتهم حتى يكتمل العدد، وقد بلغ عدد الحجاج اليمنيين لهذا الموسم 24255 حاجاً وفقاً لوزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية.
ضعف على الاقبال
العديد من مدراء وكالات الحج في صنعاء استطلع رأيهم "الموقع بوست" أكدوا انخفاض نسبة الاقبال على تسجيل الحج بمناطق سيطرة الحوثي على غير العادة، ففي كل عام يتسابق ويتنافس الكثير من المواطنين لحجز مقاعدهم.
يقول فؤاد عبد القادر مدير إحدى وكالات السفر والحج بصنعاء، إنه لم يكن متفائلاً بهذا الموسم لعدم اقبال المواطنين على التسجيل والسبب في ذلك كما يرجح عدم وجود سيوله مالية لدى الناس.
هذا العام، ألزمت كلا من وزارتي الاوقاف التابعة للحكومة والأخرى التابعة للحوثيين المواطنين دفع مبلغ خمسة آلاف ريال سعودي بغرض الحجز فقط، أما باقي الرسوم المفروضة فقد تم ابلاغهم عنها بعد الحجز حينما تم إخطار الوزارتين بإجمالي الرسوم المفروضة من قبل وزارة الحج السعودية، هذا الإجراء لم يكن مناسباً لكثير من المواطنين اليمنيين الذين ينوون الحج لهذا العام.
في حديثه لـ"الموقع بوست"، يقول ريدان المنيفي (45 عاماً)، أنه وغيره تفاجأ من هذا الاجراء الذي سبب لهم إرباك غير مبرر، لكنه كما يقول اضطر لدفع المبلغ حتى يدخل اسمه ضمن قائمة الحجاج لهذا العام.
جبايات غير قانونية
في سبتمبر /ايلول 2016 أقالت جماعة الحوثي منير دبوان وعينت بدلا عنه عبدالله عامر قائماً بأعمال وكيل قطاع الحج والعمرة في وزارة الأوقاف في حكومتها بصنعاء (غير نعترف بها)، عمل الأخير على سحب تراخيص العمل عن سبع وكالات في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي لرفض ملاكها تسليم اتاوات غير قانونية، كما يقول "م.ب" مالك إحدى الوكالات التي تم فتحها فيما بعد، حينما رضخ مالكها وسلم المبلغ المالي المطلوب.
وفي العام 2018 أغلقت وزارة الاوقاف في صنعاء أكثر من 18مكتباً خاصاً بوكالات الحج والعمرة، وقامت بملاحقة وتعقب ملاكها الذين رفضوا أيضا دفع رسوما إضافية غير قانونية لصالح الوزارة وهي غير الرسوم الرسمية التي يدفعها كل حاج ومعتمر يتم تفويجه إلى مكة.
وبحسب مدراء وكالات تحدثوا لـ "الموقع بوست" فإن تلك الرسوم الاضافية كانت تحت مسمى "نفقات تشغيلية"، كما عمدت ذات الوزارة في تلك الفترة على افتعال عراقيل أمام الحجاج اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، من بين هذه العراقيل احتجاز جوازات سفر الحجاج وعرقلة مغادرتهم، ما تسبب في إرباك جدول التفويج في أكثر من موسم.
في يناير 2021، أصدر المجلس السياسي الأعلى التابع لجماعة الحوثي قراراً بتغيير مسمى وزارة الاوقاف إلى وزارة الارشاد وشؤون الحج والعمرة، حينها أسست شخصيات مقربة من الجماعة خمسة عشر وكالة سفر وحج وعمرة جديدة في صنعاء وعمران وإب، احتكرت معظم هذه الوكالات حجوزات المعتمرين القادمين من المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة.
وقابل ذلك القرار تحرك من الحكومة اليمنية والذي قامت بإغلاق المسار الإلكتروني لتفويج الحجاج من العاصمة صنعاء وجعلها تحت اشرافها.
في أغسطس الفائت ألغت جماعة الحوثي وزارة الارشاد، وأسندت ملف الحج والعمرة لقطاع الحج والعمرة الذي يديره القيادي الحوثي عبد الرحمن النعمي.
معاناة مستمرة
غالبية الحجاج اليمنيين يأتون من المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي وهي مناطق ذات كثافة سكانية كبيرة، ويعاني هؤلاء الحجاج من رفع تكاليف الحج، كما يعانون من طول طريق سفرهم، إذ يتوجب عليهم قطع مسافة تقدر حوالي2500كم تمر عبر طريقين بريين مختلفين: الطريق الأول يمر عبر محافظات صنعاء وذمار وإب وتعز والضالع وعدن وأبين وشبوة، والطريق الثاني عبر محافظات صنعاء ومأرب والجوف وحضرموت، وكلا الطريقين من اللازم أن يمروا عبر منفذ الوديعة، وكل تلك المسافات الشاقة من أجل الوصول إلى السعودية.
وتبلغ تكلفة البرامج المخصصة للحج عبر وزارة الأوقاف اليمنية عن طريق الجو 14646 ريالاً سعودياً، أما عن طريق البر فتبلغ 14195 ريالاً سعودياً.
وفي العام الماضي سمح للحجاج القادمين من صنعاء السفر إلى مكة عبر مطار صنعاء الدولي، لكن عودتهم كانت صعبة بعد أن تم احتجاز عدد من الطائرات التابعة للخطوط الجوية اليمنية في مطار صنعاء من قبل جماعة الحوثي، واضطر أكثر من 1300 حاج المكوث في السعودية حتى انتهت الأزمة المفتعلة من جماعة الحوثي.
أما هذا العام فقد توقفت رحلات الخطوط الجوية اليمنية من صنعاء عقب القصف الإسرائيلي الذي طال كافة الطائرات التابعة للخطوط اليمنية التي كانت موجودة داخل مطار صنعاء الدولي، وتم اعادة جدولة الرحلات التي كانت عبر مطار صنعاء إلى المطارات والمنافذ البرية في باقي المحافظات، فبدلاً من سفر الحجاج عبر مطار صنعاء، تم تحويل المسار إلى مطارات عدن وسيئون والمنافذ البرية.
في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول مختار الرباش وكيل قطاع الحج بوزارة الاوقاف التابعة للحكومة اليمنية إن "جماعة الحوثي مازالت تمارس ابتزاز وكالات الحج وشركات النقل والخطوط الجوية، رغم أنها تعرف أن ملف الحج هو بيد الحكومة الشرعية بالتعاون مع الجهات المعنية بالمملكة العربية السعودية".
يضيف الرباش "حرصنا على ابعاد أي خلافات في ملف الحج والعمرة، لكن الحوثيون لم يلتزموا بذلك".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الحج صنعاء الحوثي حجاج الحجاج الیمنیین وزارة الاوقاف جماعة الحوثی الحج والعمرة الموقع بوست مطار صنعاء هذا العام فی صنعاء أکثر من
إقرأ أيضاً:
عبر ورقة الإنسانية وتحييد اليمنية.. تذلل حوثي لإعادة تشغيل مطار صنعاء
تحاول ميليشيا الحوثي الإيرانية استغلال حاجة المرضى والمسافرين في مناطق سيطرتها من أجل الحصول على مزيد من الامتيازات لإعادة تشغيل مطار صنعاء الدولي عبر الحصول على طائرة إضافية من طائرات خطوط اليمنية.
وأصدرت الهيئة العامة للطيران المدني الواقعة تحت قبضة الميليشيات، بيانًا، حاولت من خلاله استغلال معاناة المسافرين الجرحى والعالقين في الخارج، للحصول على تعاطف إقليمي ودولي لاستئناف تسيير رحلات جوية من مطار صنعاء بعد تدمر 4 طائرات تابعة للخطوط اليمنية في مطار صنعاء الدولي جراء غارات إسرائيلية سابقة.
بيان الهيئة في صنعاء جاء ردًا على تعميم داخلي أصدرته شركة الخطوط الجوية اليمنية في العاصمة عدن بعدم قبول أية تذاكر صادره من مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.
اعتبرت الميليشيات أن قرار عدم قبول التذاكر الصادرة من قبلهم يمثل ضررًا مباشرًا على المسافرين، وخصوصًا المرضى والعالقين في الخارج، داعين إلى تحييد خدمات النقل الجوي عن أي خلافات إدارية أو مالية داخل الشركة.
تعمم شركة الخطوط الجوية اليمنية في عدن قضي بعدم قبول التذاكر أو حتى إجراء أي تعديل أو تأكيد للحجوزات الصادرة عبر مكتب صنعاء. متوعدًة باتخاذ إجراءات إدارية ضد أي جهة تخالف هذا التوجيه.
ويشمل القرار، الموجه إلى كافة مكاتب الحجز والفروع، حظر التعامل مع التذاكر المحجوزة أو المدفوعة قيمتها في صنعاء، دون أن توضح الشركة أسباب هذا الإجراء بشكل رسمي حتى الآن.
مصدر في الخطوط الجوية اليمنية في صنعاء أكد أن مكاتب الشركة في صنعاء وباقي المحافظات الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية أصبحت خارج الخدمة، وأن المسافرين لم يعد بإمكانهم قطع أي تذاكر من هذه المكاتب بعد قرار إدارة الشركة في عدن. موضحًا أن الكثير من المسافرين يقومون حاليًا بحجز تذاكرهم عبر مكاتب السفريات الخاصة.
وتسعى الميليشيات الحوثية عبر استغلال ورقة الإنسانية والتحجج بالجرحى والعالقين للحصول على طائرة إضافية من طائرات اليمنية المتبقية والعاملة في المناطق المحررة. إلا أن الحكومة اليمنية ترفض السماح لأي طائرة بالتوجه صوب مطار صنعاء خشية التعرض لإي استهداف جوية من قبل إسرائيل.
وتوعدت إسرائيل بفرض حصار جوي وبحري على ميليشيا الحوثي الإيرانية ردًا على الصواريخ والهجمات التي تنفذها ضد تل أبيب. وأسفرت الغارات السابقة في مايو الماضي عن تدمير 4 طائرات تابعة للخطوط اليمنية كانت متوقفة في مدرج مطار صنعاء، وهو ما عرض حياة الركاب والموظفين للخطر، ناهيك عن تدمير كبير في مرافق وأجزاء المطار.