الرسوم الجمركية تهزّ الاقتصاد العالمي: تباطؤ في أميركا وتضخم في إسرائيل
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والعالم، محذّرة من تباطؤ اقتصادي واسع بفعل تداعيات سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. اعلان
خفضتمنظمة التعاون الاقتصادي والتنميةتوقعاتها للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والعالم، في ظل استمرار تداعيات سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي أثّرت سلباً على التقديرات الاقتصادية.
كما أشار التقرير إلى أن التعديلات المتكررة في الرسوم الجمركية خلال الأسابيع الأخيرة زادت من حالة عدم اليقين في الأسواق. وشهدت الفترة الأخيرة إلغاء بعض الرسوم الانتقامية من قبل محكمة التجارة الدولية الأميركية، قبل أن تعيد محكمة الاستئناف تطبيقها، إلى جانب إعلان ترامب نيّته مضاعفة رسوم الصلب إلى 50%.
وكانت المنظمة قد توقعت سابقًا نمواً عالمياً بنسبة 3.1% في 2025 و3% في 2026. وأضاف التقرير أن الآفاق العالمية تزداد صعوبة، في ظل ارتفاع الحواجز التجارية، وتشديد السياسات المالية، وتراجع ثقة المستثمرين والمستهلكين، إضافة إلى الغموض السياسي والاقتصادي، ما يُنذر بتأثيرات سلبية ملموسة على النمو إذا ما استمرت هذه العوامل.
Relatedأيّ مستقبل ينتظر الإقتصاد العالمي تحت وطأة الوباء وبعد رفع الحجر على مدينة ووهان؟ترامب تجاوز سلطته... محكمة أمريكية توقف الرسوم الجمركيةحرب الرسوم: بكين ليست خائفة وتقرر المواجهة... تصعيد قد يغير قواعد اللعبة!إسرائيل: تضخم مستمرفي إسرائيل، تتوقع المنظمة نمواً اقتصادياً بنسبة 3.3% في عام 2025، يرتفع إلى 4.9% في 2026، مدفوعاً بتحسن البيئة الاقتصادية عقب وقف إطلاق النار في لبنان نهاية 2024. وأسهم هذا التطور في استعادة الثقة بالأسواق، وتعزيز الاستهلاك، وزيادة الصادرات.
وانعكس الاستقرار الأمني في انخفاض كبير في عوائد السندات، وعودة شركات الطيران الأجنبية إلى مطار بن غوريون، ما أنعش قطاع التكنولوجيا، وساهم في تسارع الاستثمارات الأجنبية. ورغم رفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1% في بداية 2025 وارتفاع أسعار الفائدة، ظلت مؤشرات الاستهلاك قوية، وسجلت مشتريات بطاقات الائتمان في مارس مستويات تفوق تلك المسجلة في ديسمبر 2024.
إلا أن التضخم لا يزال يمثل تحدياً، إذ يُتوقع أن يبلغ 3.2% في 2025 قبل أن يتراجع إلى 2.9% في 2026. وتواجه إسرائيل أيضاً معوّقات إضافية مثل تباطؤ الهجرة الصافية، وارتفاع الإنفاق العسكري، ونقص العمالة في قطاع البناء. ومن المرجح أن تستمر السياسة النقدية المتشددة مع بقاء التضخم فوق النطاق المستهدف بين 1% و3%، وسوق عمل يعاني من شحّ في اليد العاملة، حيث بلغ معدل البطالة 2.7% في أبريل 2025.
وساعد ارتفاع قيمة الشيكل مقابل العملات الأجنبية في الحد من تضخم أسعار الواردات، خصوصاً بعد إدخال إصلاح تنظيمي يسمح باعتماد المنتجات الأوروبية مباشرة في السوق الإسرائيلية. وتعوّل الحكومة الإسرائيلية على استقرار الأوضاع الإقليمية لتعزيز الاستثمارات ودفع النمو، إذ قد يؤدي أي تصعيد أمني واسع إلى تقويض هذه المكاسب وزيادة العجز المالي.
وأكدت المنظمة أن الإصلاحات الداخلية في مجالي التعليم والبنية التحتية ضرورية لمواكبة النمو السكاني وتلبية متطلبات قطاع التكنولوجيا المتطور. كما حذرت من أن التوترات السياسية الداخلية، خصوصاً المتعلقة بخطط تعديل النظام القضائي، قد تؤثر سلباً في جاذبية الاقتصاد الإسرائيلي، وتدفع بالمواهب التقنية إلى الهجرة.
ودعت المنظمة إلى الاستمرار في ضبط الإنفاق العام، وخفض الإعانات غير المستهدفة، والحفاظ على سياسة نقدية متشددة حتى يعود التضخم إلى مستواه المستهدف، إلى جانب تعزيز الاستثمار في التعليم والبنية التحتية، وإزالة القيود التنظيمية التي تعيق التنافس والنمو.
اقتصاد أمريكاوعدّلت المنظمة توقعاتها لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 1.6% في العام الجاري، و1.5% في عام 2026، بعدما كانت تتوقع نمواً بنسبة 2.2% لعام 2025 في تقريرها السابق الصادر في مارس. وعزت هذا الانخفاض إلى آثار السياسة الجمركية، وتزايد الغموض المحيط بالسياسات الاقتصادية، وتراجع صافي الهجرة، وتقلّص حجم القوى العاملة على المستوى الفدرالي.
وعلى الصعيد العالمي، توقعت المنظمة تباطؤاً في النمو، مشيرة إلى أن التراجع يتركز في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، بينما من المرجّح أن تبقى التعديلات في اقتصادات أخرى محدودة. وجاء في التقرير: "من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 3.3% في عام 2024 إلى 2.9% في عامي 2025 و2026، بافتراض استمرار الرسوم الجمركية عند مستويات منتصف مايو، رغم الطعون القانونية الجارية".
أرقام النمو العالميوكانت المنظمة قد توقعت سابقًا نمواً عالمياً بنسبة 3.1% في 2025 و3% في 2026. وأضاف التقرير أن الآفاق العالمية تزداد صعوبة، في ظل ارتفاع الحواجز التجارية، وتشديد السياسات المالية، وتراجع ثقة المستثمرين والمستهلكين، إضافة إلى الغموض السياسي والاقتصادي، ما يُنذر بتأثيرات سلبية ملموسة على النمو إذا ما استمرت هذه العوامل.
كما أشار التقرير إلى أن التعديلات المتكررة في الرسوم الجمركية خلال الأسابيع الأخيرة زادت من حالة عدم اليقين في الأسواق. وشهدت الفترة الأخيرة إلغاء بعض الرسوم الانتقامية من قبل محكمة التجارة الدولية الأميركية، قبل أن تعيد محكمة الاستئناف تطبيقها، إلى جانب إعلان ترامب نيّته مضاعفة رسوم الصلب إلى 50%.
التضخم تحت ضغط رسوم ترامبوفي ما يخص التضخم، أشارت المنظمة إلى أن ارتفاع تكاليف التجارة في الدول التي رفعت رسومها الجمركية سيؤدي إلى زيادة معدلات التضخم، وإن كان هذا الأثر سيُخفف جزئياً بفعل انخفاض أسعار السلع الأساسية.
ورغم الجدل القائم حول مدى تأثير الرسوم على الأسعار، حيث يرى العديد من صناع السياسات والمحللين أن الأثر لا يزال غير واضح ويعتمد على ردود الدول الأخرى، رفعت المنظمة توقعاتها للتضخم في الولايات المتحدة إلى 3.2% لعام 2025، بعد أن كانت تتوقع 2.8%. وقد يقترب معدل التضخم الأميركي من 4% مع نهاية 2025، في وقت تتوقع فيه أن يبلغ متوسط التضخم في دول مجموعة العشرين 3.6%، نزولاً من تقديرات سابقة عند 3.8%.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل غزة حركة حماس فرنسا سوريا روسيا إسرائيل غزة حركة حماس فرنسا سوريا روسيا الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل أوروبا اقتصاد عالمي منظمة التعاون الاقتصادي الرسوم الجمركية إسرائيل غزة حركة حماس فرنسا سوريا روسيا إيطاليا المملكة المتحدة أوروبا دمشق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني رجب طيب إردوغان فی الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
أهم 10 أحداث أثرت في الاقتصاد العالمي خلال 2025
نحن نقف اليوم على أعتاب نهاية عام 2025، العام الذي شهد سلسلة من الأحداث الاقتصادية والجيوسياسية التي غيرت شكل العالم.
فقد حمل هذا العام تحولات كبيرة أثرت في شكل التحالفات وفي نماذج التمويل والتجارة وفي خريطة النفوذ الاقتصادي، وفتح الباب أمام مرحلة مختلفة يختلط فيها البعد الاقتصادي بالجيوسياسي بشكل أوضح من أي وقت مضى.
وقد كان لعودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دور بارز في زيادة حدة هذه التقلبات، سواء عبر السياسات التجارية أو عبر التغيرات في النهج الإستراتيجي للولايات المتحدة، الأمر الذي مهّد لتحولات ما زالت تتفاعل حتى الآن وقد تستمر في تشكيل مسار عام 2026.
ولكي نفهم إلى أين نتجه من الضروري أن ندرك ما الذي حدث خلال هذا العام، وكيف تراكمت هذه التطورات وشكلت واقعا اقتصاديا عالميا أكثر حساسية وتعقيدا.
وفي هذا المقال سنستعرض أبرز الأحداث الاقتصادية التي أثرت على النظام الاقتصادي العالمي في 2025، ونحاول من خلالها فهم الاتجاهات المحتملة في عام 2026.
1- عودة ترامب وإعادة تشكيل الدور الأميركيشهد عام 2025 تحولا مهما مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو حدث ترك أثرا مباشرا على بنية النظام العالمي، خصوصا من ناحية السياسات التجارية والتحالفات الدولية جاءت هذه العودة ضمن سياق سياسي مشحون داخليا في الولايات المتحدة، ورافقتها خطوات واضحة نحو إعادة تعريف دور أميركا في العالم، سواء من خلال مراجعة اتفاقيات تجارية، أو التشكيك في التزامات سابقة، أو تبنّي نهج أكثر تشددا في الملفات المتعلقة بالهجرة والعولمة وسلاسل التوريد.
هذا التغيير في اتجاه السياسة الأميركية لم يكن مجرد تغيير في الوجوه، بل شكّل انتقالا إلى سياسة أكثر تشددا وأقل انفتاحا على النظام العالمي، الأمر الذي خلق حالة من القلق في الأسواق العالمية وفتح الباب أمام موجة واسعة من إعادة تموضع إستراتيجي لدى العديد من الدول، خاصة تلك التي تعتمد بشكل مباشر على السوق الأميركي أو المظلة الأمنية والسياسية لواشنطن.
شهد أبريل/نيسان 2025 ما عُرف بـ"يوم التحرير"، وهو اليوم الذي أعلنت فيه الإدارة الأميركية حزمة واسعة من التعريفات الجمركية على واردات رئيسية من الصين وأوروبا ودول أخرى، في خطوة اعتُبرت نقطة تحول في مسار التجارة العالمية.
إعلانهذا القرار لم يقتصر أثره على العلاقات الثنائية بين واشنطن وبكين، بل امتد ليشمل الأسواق المالية التي سجلت تراجعا حادا، خصوصا أسهم التكنولوجيا والرقائق، مع تبخر مئات المليارات من القيم السوقية خلال ساعات.
كما ردت دول عدة بفرض تعريفات مضادة، مما أدى إلى تصاعد التوتر التجاري وإعادة تسعير السلع عالميا ومخاطر التضخم.
وشكّل هذا اليوم بداية مرحلة جديدة تتجه فيها الولايات المتحدة نحو حمائية أشد، في حين بدأ العالم يعيد تقييم مصادرة التجارية والبحث عن مسارات بديلة لتقليل التعرض للصدمات المتوقعة في القترة المقبلة.
شهد عام 2025 تصعيدا حادا في الشرق الأوسط بعد تنفيذ إسرائيل ضربة عسكرية ضد إيران، في تطور أعاد تغيير التوازنات الأمنية بالمنطقة.
هذا الحدث لم يكن مجرد مواجهة محدودة، بل فتح بابا واسعا لاحتمالات التصعيد مستقبلا، وأثار مخاوف من امتداد العمليات العسكرية إلى نطاق أوسع قد يشمل منشآت حيوية للطاقة أو ممرات إستراتيجية للشحن.
وانعكس هذا التوتر فورا على الأسواق العالمية، حيث ارتفعت أسعار الطاقة، ورغم أن التصعيد لم يتحول إلى حرب شاملة فإنه أعاد إدراج المخاطر الشرق أوسطية كعامل رئيسي في تسعير الطاقة والسلع بالأسواق العالمية.
4- قيود الصين على المعادن النادرة وصدام التكنولوجيافي منتصف عام 2025 أعلنت الصين فرض قيود واسعة على تصدير عدد من المعادن النادرة والإستراتيجية المستخدمة في الصناعات التكنولوجية والعسكرية الأميركية، وهو قرار شكّل واحدة من أكثر الصدمات تأثيرا في المشهد الاقتصادي.
فقد أظهر هذا الإجراء حجم الاعتماد الأميركي على المواد الخام القادمة من الصين، خصوصا في مجالات الرقائق والبطاريات والسيارات الكهربائية والروبوتات، مما أدى إلى اضطرابات مباشرة داخل المصانع والشركات الأميركية وزيادة كبيرة في التكاليف.
ومع اتساع نطاق الأزمة بدأت الولايات المتحدة البحث بشكل عاجل عن مصادر بديلة، سواء عبر استثمارات مكثفة في أفريقيا وغرينلاند أو عبر تفاوض مع دول أخرى لتأمين الإمدادات.
ومع ذلك، تبين لواشنطن أن تعويض القدرة الإنتاجية الصينية ليس أمرا سهلا أو سريعا، الأمر الذي دفع الإدارة الأميركية إلى تخفيف حدة مواقفها تجاه بكين والدخول في هدنة مؤقتة وُصفت بأنها "هشة"، إذ جاءت أقرب إلى وقف تصعيد مرحلي فرضته الضرورات الاقتصادية أكثر من كونه تفاهما إستراتيجيا طويل المدى.
5- الحرب الروسية الأوكرانية.. مرحلة تصعيد جديدةشهد عام 2025 تحولا واضحا في مسار الحرب الروسية الأوكرانية بعد دخولها مرحلة تصعيد جديدة تمثلت في دعم أوكراني مقدم من بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة لاستخدام أسلحة أكثر تطورا وصواريخ بعيدة المدى مثل "توماهوك".
ورغم أن هذه الخطوة لم تنفذ فإن مجرد طرحها شكّل تغييرا في طبيعة الصراع.
وردّت روسيا بتشديد موقفها وإعلان أن العمليات تحولت إلى حرب مفتوحة، قبل أن تحقق مكاسب ميدانية مستمرة حتى ديسمبر/كانون الأول 2025، في ظل إرهاق أوكراني وفقدان ما يقارب 20% من أراضيها.
هذا الوضع دفع الولايات المتحدة إلى تهديد مستوردي النفط الروسي الصين والهند واليابان بعقوبات للحد من الإيرادات الروسية، لكن هذه الدول رفضت الامتثال، مما أجبر واشنطن على التراجع.
إعلانوكشفت هذه التطورات عن محدودية التأثير الغربي في تغيير المسار العسكري على الأرض.
شهد عام 2025 حادثة غير مسبوقة في منطقة الخليج العربي تمثلت في اعتداء إسرائيلي على دولة قطر، في تصعيد غيّر شكل التوازنات والتحالفات الجيوسياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط.
وتُعد دولة قطر من أهم مراكز الطاقة والإمدادات العالمية وذات ثقل سياسي في الخليج والشرق الأوسط.
وأسهم الاعتداء في إعادة صياغة محددات الأمن الإقليمي ومسارات التعاون العربي، كما سلط الضوء على أهمية استقرار هذه المنطقة في ضمان استمرار تدفقات الطاقة العالمية في مرحلة يشهد فيها العالم ارتفاعا في مستويات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي.
7- البحر الأحمر.. اضطرابات الممر البحري الأكثر حساسيةمن بين الأحداث البارزة في عام 2025 موجة جديدة من التوترات في البحر الأحمر أدت إلى اضطراب واحد من أهم الممرات البحرية في العالم، مما تسبب في ارتفاع تكاليف الشحن بنسب تجاوزت 300% خلال فترات معينة من العام.
وبفعل هذا التطور تأثرت حركة تجارة السلع بشكل مباشر، ولا سيما البضائع الأساسية والمواد الخام، مما أعاد ضغوط التضخم إلى الواجهة بعد فترة من الهدوء النسبي.
ومع تأخر وصول الشحنات وارتفاع تكاليف النقل وارتفاع تكاليف التأمين ازدادت الأعباء على الشركات الصناعية والتجارية، خصوصا في أوروبا وآسيا اللتين تعتمد سلاسل توريدهما بدرجة كبيرة على هذا الممر الحيوي.
8- الضغوط الاقتصادية الأميركية وتزايد مخاطر الركودعاش الاقتصاد الأميركي خلال عام 2025 تباطؤا واضحا انعكس في مؤشرات أساسية أكدت ضعف الزخم وتزايد احتمالات الركود، فقد هبطت ثقة المستهلك إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وتباطأ التوظيف وارتفعت تسريحات العمالة، في حين تراجع مؤشر الشحن الداخلي كمؤشر مباشر على ضعف النشاط الاقتصادي.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار البقالة والسلع الأساسية، مما زاد الضغوط على الأسر التي تواجه ديونا تجاوزت 17.5 تريليون دولار، إلى جانب ديون الطلاب التي بلغت نحو 1.77 تريليون دولار.
وعلى الصعيد المالي، ازداد اعتماد الحكومة على إصدارات الدين، وسط ارتفاع العوائد وعلاوات المخاطرة، في حين تجاوزت تكلفة خدمة الدين 1.2 تريليون دولار سنويا، واقترب إجمالي الدين العام من 38 تريليون دولار، وهو ما زاد الضغوط على السياسة المالية والنقدية.
كما تراجع الدولار بنحو 10% منذ تولي الرئيس ترامب، وانخفضت حصته ضمن الاحتياطيات العالمية مع توجه البنوك المركزية نحو تنويع أصولها.
ويشير هذا المزيج من التطورات إلى تحديات هيكلية عميقة تؤثر في مسار الاقتصاد الأميركي وترفع المخاطر المرتبطة بالاقتصاد العالمي خلال عام 2026.
9- هزة العملات المشفرة وارتباطها بالذكاء الاصطناعياهتزت أسواق الأصول الرقمية في عام 2025، مما أدى إلى تراجع حاد في العديد من العملات المشفرة، خصوصا تلك المعتمدة على المضاربات والرافعات المالية المرتفعة.
وتزامن ذلك مع تقلبات واسعة في قطاع الذكاء الاصطناعي الذي أصبح المحرك الرئيس للأسواق، حيث أدى أي تصحيح في أسهم الرقائق والخوارزميات المتقدمة إلى انتقال موجة بيع نحو الأصول الرقمية عالية المخاطر، وهو ما دفع المستثمرين والمضاربين فيها إلى تصفية العديد مراكزهم والانتقال الى أصول أخرى، مما أدى إلى خسائر.
وأظهرت هذه التطورات ترابطا متزايدا بين أسواق التكنولوجيا والتشفير وحساسيتهما للمخاطر.
شهدت أسواق السندات في عام 2025 موجة واسعة من التقلبات التي عكست حالة عدم اليقين المتزايدة في الاقتصادات الكبرى، إذ ارتفعت العوائد في الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا إلى مستويات تشير إلى تخوف المستثمرين من الضغوط المالية وتباطؤ النمو وارتفاع عبء الديون.
إعلانوبات واضحا أن أسواق السندات أصبحت تعكس بدقة حجم المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية التي تمر بها هذه الدول، حيث مثلت الارتفاعات المتتالية في العوائد إشارة مباشرة إلى تراجع الثقة في قدرة بعض الحكومات على احتواء التضخم أو إدارة مستويات الدين المتصاعدة.
وبرزت اليابان بوضوح هذا العام بعد أن سجلت علاوات المخاطر على سنداتها أعلى مستوى منذ عام 2008 نتيجة مخاوف من احتمالات رفع الفائدة لأول مرة منذ سنوات طويلة، وتزايد القلق بشأن مسار التضخم في الاقتصاد الياباني في ظل حجم دين ياباني عام هو الأكبر في التاريخ.
وأظهرت هذه التطورات أن أسواق السندات العالمية لم تعد تتحرك فقط وفق سياسات البنوك المركزية، بل أصبحت مرآة شاملة للمخاطر الاقتصادية والمالية والجيوسياسية التي تواجه الدول، مما يجعلها أحد أهم المؤشرات التي تجب مراقبتها عند تقييم اتجاهات الاقتصاد العالمي في 2026.
النتيجة وتوقعات 2026
أدت التحولات العشرة التي شهدها عام 2025 إلى تغيير عميق في سلوك المستثمرين والدول على حد سواء، إذ أصبح واضحا أن البيئة الاقتصادية الجديدة تختلف جذريا عما كان عليه الوضع في العقديين الماضيين.
فمع عودة الرئيس ترامب وتوسع السياسات الحمائية وارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية بدأت الدول في اتخاذ خطوات احترازية مبكرة، سواء عبر تنويع شراكاتها الاقتصادية أو إعادة تشكيل تحالفاتها الإستراتيجية بعد أن أدركت أن الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة بات يحمل مخاطر سياسية واقتصادية متزايدة.
وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة بدأت دول حليفة لواشنطن في البحث عن موازنة علاقاتها، فاتجهت إلى تعزيز روابطها مع المعسكر الشرقي، سواء عبر البريكس أو الآسيان أو عبر شراكات ثنائية جديدة مع الصين والهند وروسيا، في تحول يعكس إدراكا متزايدا بأن النظام العالمي يتجه نحو تعددية حقيقية في مصادر القوة.
هذا التحول لم يقتصر على الحكومات وحدها، بل شمل أيضا المستثمرين الذين أعادوا تقييم رؤيتهم للأسواق.
ومع تزايد المخاطر الناتجة عن الحروب التجارية والاضطرابات الجيوسياسية والتحديات في قطاع التكنولوجيا والديون المرتفعة ارتفع الطلب على الذهب والأصول الدفاعية والأدوات ذات المخاطر الأقل، وهو ما يفسر الارتفاع الملحوظ في أسعار هذه الأصول خلال العام.
كما أظهر المستثمرون ميلا أكبر للتحوط والانتقال نحو محافظ أكثر توازنا، مع تقليل الاعتماد على الأصول عالية الحساسية للتقلبات.
ورغم حجم هذه التحولات فإن عام 2025 لم يشهد حلولا حقيقية لأي من التحديات التي واجهت الاقتصادات الكبرى، فالحرب التجارية مستمرة، وملفات الطاقة والتضخم والديون لم تتراجع حدتها، كما أن أسواق الدين والسندات مرشحة بقوه لمواجهة اضطرابات لم تشهدها منذ عقود قد تنهي عصر العوائد الرخيصة على الديون لعقود قادمة، بالإضافة إلى أن أغلب المشاكل الجيوسياسية ما زالت دون مخرج واضح.
ولذلك، فإن قراءة كل هذه المؤشرات معا تُظهر أن عام 2026 سيكون على الأرجح مليئا بالتقلبات، ليس لأنه عام أزمات جديدة، بل لأن أزمات 2025 لم تُحل، وتم ترحيلها إلى السنة التالية حيث قد تتفاقم أو تتفاعل بطرق أكثر تعقيدا.
وهذا يجعل 2026 عاما حاسما في تحديد اتجاه النظام الاقتصادي العالمي.
لذلك، على دول منطقة الشرق الأوسط أن تراقب الوضع الاقتصادي والجيوسياسي بشكل دقيق، وأن تتخذ الاحتياطات المناسبة لما هو قادم، خاصة في ظل بيئة عالمية تتميز بالتقلبات المستمرة.