القدس المحتلة- في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت وتيرة المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق النازحين الفلسطينيين عند مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وهي مراكز يشرف عليها الجانب الأميركي ضمن برامج الإغاثة.

وقد أعاد هذا التصعيد تسليط الضوء على الدور الغامض والمثير للجدل الذي تؤديه شركات الأمن الخاصة في تأمين هذه المراكز، بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وسط اتهامات بتحوّلها إلى مصايد موت جماعية للمدنيين.

وكشف تحقيق استقصائي نشرته المجلة الإلكترونية الإسرائيلية "شومريم" عن تفاصيل صادمة تتعلق بكواليس عمل شركة الأمن الأميركية "إس آر إس" التي تتولّى مهمة تأمين مراكز الإغاثة، من مصادر تمويلها وهيكليتها إلى الأجور اليومية الباهظة التي يتقاضاها موظفوها والذين يعمل معظمهم من داخل إسرائيل.

رواتب خيالية ومصاريف ضخمة

بحسب التحقيق، توظّف الشركة نحو 500 شخص، يتقاضى كلّ منهم أجرًا يوميا يراوح بين 800 و980 دولارًا، يشمل الراتب الأساسي، والتأمينات الاجتماعية، وأيام الإجازة. وتُصرف الرواتب بشكل نصف شهري مباشرة من مقر الشركة الكائن في ولاية وايومنغ الأميركية.

رواتب موظفي شركة التأمين تستهلك نحو 15 مليون دولار في الشهر الواحد (رويترز)

إلى جانب ذلك، تُضاف مصاريف يومية تبلغ 180 دولارًا لتغطية تكاليف المعيشة، والإقامة في فنادق بجنوب إسرائيل، فضلًا عن تذاكر طيران ذهابًا وإيابًا بدرجة رجال الأعمال.

إعلان

وتُقدّر كلفة الرواتب وحدها بنحو 15 مليون دولار شهريا، بينما تصل نفقات التأمين والإقامة إلى 4 ملايين دولار لكل منهما شهريا، بالإضافة إلى التكاليف اللوجستية الأخرى مثل المواصلات، والوجبات، والمعدات الوقائية، والأسلحة.

ومع احتساب هامش ربح الشركة، تصل التكلفة الإجمالية إلى نحو 35 مليون دولار شهريا، أي ما يعادل 360 مليون شيكل (100 مليون دولار) خلال 3 أشهر فقط. ولكن السؤال الأهم الذي يطرحه الصحفيان أوري بلاو وميلان تشيرني في تحقيقهما يتمحور حول الجهة التي تتحمّل فعليا هذه التكاليف الباهظة.

تمويل غامض وإشارات لإسرائيل

وفي حين تم توقيع العقد مع شركة "إس آر إس" في نهاية أغسطس/آب 2024، لا تزال مصادر التمويل غير واضحة. وألمح بعض السياسيين الإسرائيليين، مثل رئيس المعارضة يائير لبيد ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، إلى أن إسرائيل هي من تموّل البرنامج، ولم يصدر أي توضيح رسمي أو دليل قاطع في هذا السياق.

في المقابل، صرّحت مؤسسة "غزة الإنسانية" (GHF)، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة والتي تدير عمليات الإغاثة، بأنها تلقّت وعدًا بتبرّع قيمته 100 مليون دولار من "دولة أوروبية غربية" لم يُكشف عن اسمها. ورغم هذا التصريح، ظل الغموض قائمًا، خاصة مع رفض الأمم المتحدة وعدد من منظمات الإغاثة الدولية التعاون مع هذه المبادرة التي تتم بتنسيق كامل مع الجيش الإسرائيلي.

وفي محادثات داخلية حصلت عليها "شومريم"، أقر مسؤول كبير في شركة "إس آر إس" بأن الشركة "مُمولة جيدًا"، مضيفًا أن مصدر القلق الحقيقي لا يتعلق بتوفر الأموال، بل بإمكانية عدم تمديد العقد بعد سبتمبر/أيلول المقبل. وأكد أن الشركة تعمل "بالتنسيق الوثيق مع إسرائيل من دون أن تكون خاضعة لسيطرتها المباشرة"، مشيرًا إلى أن الحل الأميركي هو الوحيد القائم حاليا على الأرض.

إعلان أعباء اقتصادية ثقيلة

ما يزيد من تعقيد المشهد هو الأثر الاقتصادي الكبير الذي تُخلّفه هذه العمليات، خصوصًا في ظل استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، المعروفة باسم "عربات جدعون". وقدّرت وزارة المالية الإسرائيلية التكلفة الإجمالية للحرب حتى نهاية عام 2024 بنحو 141.6 مليار شيكل (ما يعادل 40 مليار دولار)، تشمل النفقات العسكرية والمدنية وصندوق تعويضات الأضرار.

أما صافي الإنفاق، بعد استبعاد المساعدات الأميركية، فقد بلغ 121.3 مليار شيكل (نحو 33 مليار دولار)، منها 96.4 مليار شيكل (نحو 26.5 مليار دولار) للإنفاق الدفاعي و24.9 مليار شيكل (حوالي 6.85 مليارات دولار) للنفقات المدنية.

العجز المالي الإسرائيلي الناتج عن الحرب بلغ حوالي 29.2 مليار دولار بنهاية العام (رويترز)

ويرى كبير المحللين الاقتصاديين في صحيفة "كالكاليست"، أدريان بايلوت، أن الفجوة بين الرقمين تعود إلى الدعم الأميركي بالإضافة إلى إسهامات وزارات حكومية ودول أجنبية.

وأوضح بايلوت أن أحد أبرز تداعيات الحرب تمثّل في ارتفاع الدين الحكومي، إذ زادت نسبة الإنفاق المدني (باستثناء النفقات العسكرية) إلى 6.1% من الناتج المحلي في عام 2024، مقارنة بنسبة 4.9% كانت مُخططة سابقًا.

العجز وتراجع الإيرادات

وأشار بايلوت إلى أن الحرب أسهمت كذلك في اتساع العجز المالي بشكل كبير، إذ ارتفع العجز بنسبة 1.4% من الناتج المحلي في عام 2023، و4.8% في عام 2024، ليصل إجمالي إسهام الحرب في العجز إلى 106.2 مليارات شيكل حتى نهاية العام.

كذلك تسببت نفقات الحرب في انخفاض ملحوظ في الإيرادات الضريبية، وهي خسائر يصعب قياسها بدقة، إلا أن التقديرات تشير إلى أن الخسائر الضريبية وحدها بلغت 1.1% من الناتج المحلي في عام 2024، أي ما يعادل 22 مليار شيكل إضافية.

ورغم كل هذه المعطيات، يؤكد بايلوت أن "الغموض لا يزال يلفّ تفاصيل العقود الأمنية"، خاصة في ظل امتناع وزارة المالية الإسرائيلية عن نشر بيانات منفصلة تتعلق بنفقات الحرب في عام 2025.

إعلان

ويضيف أن هذا التكتّم الرسمي يُصعّب من مهمة تقييم الكلفة الحقيقية الجارية للحرب، في وقت يتصاعد فيه الجدل الداخلي في إسرائيل حول مدى جدوى هذا الإنفاق وفاعليته، سواء على الصعيد العسكري أو الإنساني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات ملیون دولار ملیار دولار ملیار شیکل إلى أن عام 2024 فی عام

إقرأ أيضاً:

وزير الزراعة يعلن تجاوز تمويل «البتلو» 9.5 مليار جنيه لصالح 44.8 ألف مستفيد

كشف علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن حجم التمويل للمشروع القومي لإحياء البتلو تجاوز حتى الآن 9.5 مليار جنيه، لأكثر من 44.8 ألف مستفيد، لتربية وتسمين ما يزيد على 518 ألف رأس ماشية.

وقال وزير الزراعة، إن مجلس إدارة المشروع القومي لإحياء البتلو، قد وافق مؤخرًا على اعتماد مبلغ 275 مليونًا و885 ألف جنيه، كتمويل جديد لصالح 393 مستفيدًا من صغار المربين وشباب الخريجين، بإجمالي عدد رؤوس 3929 رأسًا، ليصبح إجمالي ما تم تمويله للمشروع حتى الآن أكثر من 9 مليارات و565 مليون جنيه لحوالي 44.8 ألف مستفيد، لتربية وتسمين ما يزيد عن 518 ألف رأس ماشية، سواء كانت عجولًا لإنتاج اللحوم أو عجلات عالية الإنتاجية لإدرار الألبان، لتوفير المزيد من اللحوم والألبان.

وأشار «فاروق» إلى أن ذلك يأتي في إطار المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» التي أطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتطوير الريف المصري ورفع مستوى صغار المزارعين والمربين، لافتًا إلى أهمية هذا المشروع للمساهمة في توفير لحوم حمراء بالسوق بسعر عادل ومناسب لكل من المنتج والمستهلك، بالإضافة إلى توازن الأسعار في الأسواق سواء كانت الرؤوس الحية للمواشي أو أسعار اللحوم الحمراء والألبان.

وأوضح وزير الزراعة، أن هناك متابعات ميدانية من لجان متخصصة، تم تشكيلها من قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة والهيئة العامة للخدمات البيطرية بالتنسيق مع مديريات الزراعة والطب البيطري على مستوى محافظات الجمهورية، لتوفير كافة أوجه الدعم والرعاية البيطرية والصحية ودراسة أي مشكلات تواجه المستفيدين على أرض الواقع والعمل على تذليلها في مهدها.

من جانبه، أكد المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة، أنه يتم إجراء معاينات لحظائر المستفيدين من قبل وزارة الزراعة والبنك الممول (الزراعي المصري أو الأهلي المصري)، بهدف التأكد من وجود مكان مناسب ومساحة كافية للتربية والإيواء، قبل الموافقة على التمويل، لافتًا إلى أنه فور استلام المستفيد للرؤوس يتم التأمين عليها في صندوق التأمين على الثروة الحيوانية وبنسبة مخفضة، للاستفادة من الخدمات التي يقدمها الصندوق للمربين، وذلك في إطار الدعم الذي تقدمه وزارة الزراعة بشكل مستمر.

وقال الدكتور طارق سليمان رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة إنه يمكن الاستفادة من المشروع القومي للبتلو من خلال التقدم لأقرب إدارة زراعية أو فرع بنك زراعي مصري أو بنك أهلي مصري المنتشرين على مستوى محافظات ومراكز الجمهورية، أو من خلال التواصل مع قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة على الأرقام: (0220541463 - 0220541464).

اقرأ أيضاً«الزراعة» تتابع موقف إزالة التعديات بالمنوفية

«الزراعة»: توفير اللحوم البلدى بأسعار أقل من السوق بنسبة 20%

«متحدث الزراعة»: إرسال 220 طبيبًا بيطريًا إلى السعودية للإشراف على عمليات ذبح الأضاحي

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تكشف طبيعة الأهداف التي تهاجمها في لبنان
  • تخصيص 4.5 مليون شيكل لإعادة إعمار محافظات شمال الضفة
  • إسرائيل تحقّق رقمًا قياسيًا في صادراتها الدفاعية: 14.7 مليار دولار رغم "الفترات الصعبة"
  • ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي في بنك إسرائيل إلى 223.6 مليار دولار خلال أيار
  • وزير الزراعة يعلن تجاوز تمويل «البتلو» 9.5 مليار جنيه لصالح 44.8 ألف مستفيد
  • لصالح 44.8 ألف مستفيد.. الزراعة: تمويل البتلو تجاوز 9.5 مليار جنيه
  • إسرائيل تقول إن صادراتها من السلاح بلغت 14.7 مليار دولار في 2024
  • 52 مليون دولار دفعة جديدة تنعش آمال الإغاثة الإنسانية في اليمن
  • إسبانيا تعلق صفقة بقيمة تزيد عن مليار شيكل مع شركة “رافائيل” الإسرائيلية