خطة إبادة غزة وكذب المبررات الصهيونية
تاريخ النشر: 4th, June 2025 GMT
د. عبدالله الأشعل **
الإرهاب الأمريكي جعل الدول الأعضاء في محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية تتردد في مواصلة المعركة القانونية ومحاربة الإفلات من العقاب عن الجرائم التي خططتها واشنطن ونفذتها إسرائيل؛ حيث إن واشنطن شريك كامل لإسرائيل في أعمال الإبادة؛ فهي تمُد إسرائيل بالسلاح الفعال في إبادة الشعب الفلسطيني، وتُغطِّي جرائمها دبلوماسيًا وتشجعها على ارتكاب الجرائم، كما تمد إسرائيل بالمال، والأهم من ذلك أنها تلجم المنظمات الدولية الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان.
وقد فرض الكونجرس الأمريكي عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية؛ لأنها تحدَّت إسرائيل وأمريكا، وأصدرت أوامر الاعتقال لكلٍ من رئيس وزراء الاحتلال ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق المُقال.
الطريف أن محكمة العدل الدولية لا تزال تبحث عن أدلة العمد لدى إسرائيل في خطة الإبادة. ولعلم المحكمة أن الخطة الأمريكية التي تنفذها إسرائيل تحت حراسة أمريكا وتدخلها المباشر تتكون من 4 عناصر. وما كان لإسرائيل أن تنفرد بإبادة غزة والمُضي في خطتها في إقامة إسرائيل الكبرى لولا أن واشنطن ارهبت المحيط العربي والإسلامي.
وتقضى خطة الإبادة الإجرامية إلى ارتكاب الجرائم الآتية:
1- العودة إلى الإبادة انتهاكا لاتفاق وقف الإبادة.
2- تشديد الحصار على القطاع واستخدام التجويع سلاحا للإبادة.
3- القضاء على المقاومة ونزع سلاحها ومغادرتها غزة لتأمين جرائم إسرائيل.
4- تكثيف الهجمات الجوية على المخيمات وسط خرائب غزة في الإغلاق والحصار؛ وذلك انتقامًا من سكان غزة على تحديهم ترامب ورفض التهجير القسري، ويرى ترامب ونتنياهو أن من يخاف من الإبادة المباشرة، فليرحل إلى خارج غزة وإفراغ فلسطين من أهلها بحيث يمكن للصهاينة أن يحلوا محلهم تحت ستار لحين إعمار غزة، ويرى ترامب أن نزوح الأهالي في هذه الحالة هو فرار من الموت وهو هجرة وليس تهجيرًا، علمًا بأن إجبار السكان على النزوح هو تهجير قسري.
صحيحٌ أن التهجير القسري معناه تجميع السكان رغما عنهم وشحنهم إلى الخارج دون عودة، غير ان إرغام السكان عن طريق الإبادة ودفعهم إلى الفرار من الموت يقود الي نفس النتيجة.
ويرى ترامب أنها هجرة طوعية وهذا وهم كبير. وهكذا قررت واشنطن أن فلسطين ملك كلها للصوص الصهاينة يتقدمهم ترامب الصهيوني الأكبر.
يريد ترامب تأمين إسرائيل في فلسطين، فلا تؤرقها مقاومة أو سيف القانون الدولي، وكذلك إفلات إسرائيل وأمريكا من العقاب وإهدار هيبة القانون الدولي، وأخيرًا الجريمة المركبة؛ وهي القضاء على المقاومة وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه: الحق في مقاومة الاحتلال والإبادة والطرد من الوطن، وحق العودة، إضافة إلى الحقوق السياسية، وأهمها احترام سيادة الدولة الفلسطينية والانسحاب من أراضيها.
فكيف تعلن أمريكا وإسرائيل علنا خطة الإبادة بقصد التهجير ولم يحتج أحد في الوسط العربي والإسلامي والدولي، وماذا ينتظرون بعد حصد الإبادة لمئات الفلسطينيين يوميًا، إضافة إلى اغتيال قيادات المقاومة وترديد الأكاذيب الصهيونية وهي أن إسرائيل تقوم بالإبادة؛ لأن المقاومة تهدف إلى القضاء على إسرائيل وأن الإبادة انتقام من أهل غزة عقابًا لهم على تمسكهم بالأرض وتحميل المقاومة مأساتهم.
وأهم الأكاذيب أن حماس هي التي جلبت الانتقام الصهيوني بهجومها يوم 7 أكتوبر 2023، كما لو أن إسرائيل قبلها كانت حملًا وديعًا ولم تتحد الأمم المتحدة وتنسحب من أراضي الدولة الفلسطينية.
وردًا على كذبة إسرائيل الكبرى أن هجمة حماس على إسرائيل 7 أكتوبر 2023 هي عدوان على إسرائيل استوجب انتقام إسرائيل من العرق الفلسطيني بسبب عملية المقاومة.
وقد تطاول نتانياهو على المحكمة العالمية التي قررت أن إسرائيل دولة محتلة بما يعني أن فلسطين كلها ملك لأهلها وأن القانون الإسرائيلي يحظر إقامة دولة فلسطينية في فلسطين، لأن إسرائيل تستحوذ على كل فلسطين.
ولم يقل لنا نتنياهو منذ متي فلسطين ملك لإسرائيل وليست دولة محتلة، هل بعد السابع من أكتوبر 2023 فقط؟
سبق للمحكمة أن قررت أن علاقة إسرائيل بفلسطين أنها سلطة احتلال.
قررت ذلك في الرأي الاستشاري في قضية الجدار العازل عام 2004، ومن قبله، قرار مجلس الأمن 242/ 1967.وبعد ذلك في رايها الاستشاري في يوليو 2024.
وردِّي على الفرية الصهيونية حول السابع من أكتوبر نُلخِّصه في الملاحظات الآتية:
أولًا: أن إسرائيل منذ القرن التاسع عشر حتى قبل قيام إسرائيل كانت تجسيدا للمشروع الصهيوني وخدعت العالم كله.
ويقضى المشروع الصهيوني بالانفراد بفلسطين كلها ولذلك رفضت إسرائيل قرار تقسيم فلسطين وعندما رفضه العرب اتهمتهم أنهم لا يريدون السلام. والسلام عند إسرائيل يعني الاستسلام لمخططها وإفراغ فلسطين من أهلها فضلا عن التمسح باليهودية واسرائيل في الواقع سكانها هم أنصار المشروع الصهيوني فليسوا مدنيين.
والحق أن مقاومة الفلسطينيين بدأت منذ وصول الهجرات الأولى للمستعمرين الصهاينة، حتى نجحت المؤامرة وقامت إسرائيل كراس حربة لتنفيذ المشروع.
ثانيًا: أن سلوك إسرائيل منذ قيامها هو الإرهاب والمذابح وطرد السكان أصحاب الأرض. ولم تتوقف المذابح والابعاد وحصار غزة يوما ولذلك فإن عملية أكتوبر كشفت إسرائيل وبدا سلوكها الإجرامي بعدها صريحًا.
ثالثًا: أن المقاومة مشروعة مادام الاحتلال مستمرا، فالاحتلال عدوان دائم خاصة أن المشروع الصهيوني يقضى بإبادة أهل فلسطين ثم جلب صهاينة العالم تحت ستار حق العودة اليهودي المزعوم.
وقد فشلت كل محاولات المجتمع الدولي والقضاء الدولي في ردع إسرائيل ومكنتها واشنطن من إهدار هيبة القانون الدولي والتباهي بجرائمها.
رابعًا: يباح للمقاومة استخدام أي سلاح كما يباح لها أخذ الرهائن قدر المستطاع بموجب اتفاقية نيويورك 1979 خاصة المادة 12، كما أن أخذ الرهائن مشروع وله دافع أخلاقي وهو إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين المحكوم عليهم بالسجن والإعدام علما بأن القضاء الإسرائيلي ليس له سلطة محاكمتهم وتطبيق القانون الإسرائيلي.
وقد قارنت في مقال سابق بين السلوك الحضاري للمقاومة والسلوك البربري الاسرائيلي في السجون الصهيونية.
وهذا الواقع الصحيح يفهمه العالم لأول مرة ويمثل مسمارًا في نعش إسرائيل؛ فأصيبت بحالة من الهياج الناجم عن استشعار الخطر بنهاية الظاهرة الإسرائيلية.
إنَّ سلوك إسرائيل الهمجي هو تنفيذ للمشروع الصهيوني ولا علاقة له بهجوم حماس. ولكن هذا الهجوم كشف الجيش الذي لا يُهزم، وعوار الأجهزة الأمنية التي تدَّعي الكمال.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“حماس” تهنئ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى انطلاقتها الـ58
الثورة نت /..
قدّمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ، اليوم الخميس ، تهانيها إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بمناسبة الذكرى الـ58 لانطلاقتها.
جاء ذلك في رسالة وجهها عضو المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس مكتب العلاقات الوطنية، حسام بدران، إلى أمينها العام الرفيق أحمد سعدات ونائبه الرفيق جميل مزهر، وأعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية، وكافة القيادات والكوادر والمناضلين في كل ساحات الوطن والشتات.
وأكد بدران في رسالته ، اطلعت عليها وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ، “تقدير حركة حماس العميق لمسيرة الجبهة الشعبية الكفاحية منذ الحادي عشر من ديسمبر 1967″، معتبراً أن “الجبهة شكلت إضافة نوعية لمسيرة النضال الوطني الفلسطيني، وقوة ثورية صلبة في مرحلة ما بعد النكسة، وامتداداً لتجربة حركة القوميين العرب”، واعتبرها “صوتاً وطنياً صريحاً في مواجهة التسوية السياسية ورافضة لاتفاقات الاستسلام والاعتراف بالاحتلال”.
وأشار إلى “الدور الريادي للجبهة في العمل الفدائي والمقاوم، وابتكار أشكال الاشتباك مع العدو، وبصمتها الواضحة في مسيرة المقاومة الفلسطينية من خلال مواقفها الثابتة وعملياتها النوعية”.
كما استذكر القيادي في الحركة “الدور الطليعي للقائد الوطني المناضل جورج حبش”، مشيداً “بتضحيات قادة الجبهة ومناضليها الذين قدموا شهداء وأسرى على درب التحرير، وعلى رأسهم الشهيد القائد الرمز أبو علي مصطفى، والأمين العام الأسير أحمد سعدات”، واصفاً إياهم بأنهم “يشكلون رصيداً نضالياً مشرفاً ألهم الأجيال بروح الصمود والتضحية والثبات”.
وجدد عضو المكتب السياسي لحركة حماس “حرص الحركة على تعميق التعاون والشراكة بين مكونات الشعب الفلسطيني كافة، واستمرار العمل المشترك في ميادين المقاومة والسياسة والمجتمع”، مؤكداً أن “العلاقة بين الحركة والجبهة تشكل رصيداً وطنياً يزداد قيمة في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ شعبنا”.
وختم بدران رسالته بالدعاء بأن “تحمل الذكرى القادمة بشائر التحرير، وأن ينقشع الاحتلال عن أرض فلسطين، مع الاحتفال بتحرير الأسرى وعودة الشعب الفلسطيني إلى دياره وحقوقه كاملة غير منقوصة”.