علق ياسين الحمد، خبير العلاقات الدولية، على انتشار الجماعات المتمردة والسلحة في القارة الإفريقية، بن القارة تعد من أكثر المناطق تأثرًا بالجماعات المتمردة المسلحة والإرهاب، حيث تعاني العديد من دولها من صراعات مسلحة مزمنة تهدد الأمن والاستقرار، مضيفا أن  أعداد الوفيات المرتبطة بالعنف في أفريقيا ارتفعت بنحو 60 بالمئة منذ عام 2021، إذ هذه الجماعات، التي تختلف في أيديولوجياتها وأهدافها، تعتمد على العنف والارهاب لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية، ما يجعلها أحد أخطر التحديات التي تواجه القارة السمراء اليوم.

ارتفاع صادم في الوفيات.. وإرهاب متعدد الأوجه

وأضاف الحمد، في تصريحات لـ"صدى البلد" اليوم أنه بينما يحاول المجتمع الدولي مساعدة حكومات القارة الأفريقية في التخلص من الوباء الارهابي الذي حل عليها، تقف بعض الدول على المسار الآخر المتمثل بدعم الجماعات الارهابية والمتمردة بمختلف أشكال الأسلحة والذخائر ومستغلة لها كأداة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية بدون تحمل المسؤولية المباشرة، أو كسوق لتصريف تصنيعها الحربي وتحقيق مكاسب مادية، موضحا أن أفريقيا اليوم باتت سوقاً واسعاً لبيع الطائرات بدون طيار، بفضل انخفاض التكاليف، مقارنة بالنتائج العملية لإستخدامها، حيث وقعت مئات الهجمات باستخدام الطائرات بدون طيار في 15 دولة على الأقل في أفريقيا في السنوات الأخيرة.

دعم مزدوج.. مساعدات دولية ومصالح خفية

وتابع أنه بينما تعد تركيا المورد الرسمي الأول للدول الأفريقية، بإجمالي 32 اتفاقية، تم التوقيع عليها منذ عام 2021، تعمل أوكرانيا على توسيع نفوذها في القارة من خلال تلبية الطلب المتزايد على الطائرات بدون طيار، حيث نجحت في جذب رغبة الجماعات الإنفصالية والإسلامية المتشددة في مختلف أنحاء أفريقيا في الحصول على درونات حديثة وبأسعار معقولة خارج سلاسل التوريد للقوى التكنولوجية الكبرى، موضحا أنه بعد أن أفادت تقارير بأن أوكرانيا تقوم بتدريب المتمردين كالطوارق في موريتانيا لارتكاب هجمات ضد الحكومة في مالي، وتأكيد مسؤولين أوكرانيين رفيعي المستوى كأندريه يوسوف المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية ذلك، كشفت وسائل إعلامية أفريقية أن الحكومة الأوكرانية بدأت بتدريب الإرهابيين على استخدام الطائرات بدون طيار وتزويدهم بها أواخر العام الماضي.

تركيا وأوكرانيا.. سباق توريد للدرونات في إفريقيا

وأوضح أنه سبق وأن اعترضت قوات الأمن الصومالية شحنة من الطائرات الانتحارية بدون طيار كانت تُنقل سراً عبر منطقة بونتلاند بهدف نشرها ضد القوات العسكرية وقوات حفظ السلام في جنوب البلاد، إذ كانت الطائرات المخبأة في مكبرات صوت، أوكرانية الصنع معدلة لحمل متفجرات، إذ تعتقد السلطات أن الطائرات بدون طيار كانت في طريقها إلى إرهابيي حركة الشباب، وقد استخدمت حركة الشباب الطائرات المسيرة لسنوات لجمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ عمليات استطلاع ضد قوات حفظ السلام وقوات الجيش الوطني الصومالي وكبار الشخصيات الأجنبية.

شحنات قاتلة ودرونات مفخخة

وأكمل أن تنظيم الدولة الإسلامية نشر في غرب أفريقيا مؤخرا أربع طائرات مسيرة مسلحة تحمل قنابل يدوية في هجوم على قاعدة العمليات الأمامية في منطقة واجيكورو في بورنو، شمال شرق نيجيريا بحسب المقاطع المصورة فإن الطائرات أوكرانية المنشأ.

وأكد الحمد أن المحللة آنا أغيليرا في الشبكة العالمية للتطرف والتكنولوجيا قالت: "أصبحت الطائرات بدون طيار جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجيات التشغيلية للجماعات المتطرفة، بما يتماشى مع الاتجاه العالمي المتمثل في استخدام أساليب أكثر فعالية لتضخيم الدعاية واكتساب الرؤية، وخاصة في العصر الرقمي".

أوكرانيا.. قوة درونات عسكرية وواجهة دبلوماسية

واستطرد: "أوكرانيا أصبحت واحدة من أكبر المنتجين للطائرات بدون طيار (الدرونات) في العالم، حيث تحولت إلى قوة صناعية وعسكرية في هذا المجال، خاصة بعد إندلاع حربها مع روسيا في فبراير 2022، إذ تعتمد أوكرانيا على إنتاج محلي مدعوم من حلفائها الغربيين، مثل الولايات المتحدة ودول الناتو، موضحا أن أوكرانيا تنتج مليون طائرة مسيرة سنويا، معظمها انتحارية بعيدة المدى، تُستخدم في الهجمات الدقيقة ضد الأهداف العسكرية.

وأشار إلى أن أوكرانيا قامت بحملة دبلوماسية واسعة النطاق، مدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، لكسب التأييد الأفريقي، ساعية لجعل قضيتها تحظى بزخم أكبر في الساحة الدولية، وقامت بافتتاح عشر سفارات جديدة في دول أفريقيا، وإرسال شحنات القمح في إطار المساعدات، بهدف رئيسي يتمثل في احتواء وتقويض النفوذ الروسي، مشيرا إلى أنه تبين فيما بعد أن الهدف الأوكراني اتسع ليشمل توريد الطائرات بدون طيار الأوكرانية للجماعات المتطرفة، وعلى الأرجح التسويق لها عبر إمكانية تجربتها على أرض الواقع، لبيعها لأطراف أخرى لاحقاً، بحسب الخبراء.

252 هجومًا في 2024.. و46% باستخدام الطائرات بدون طيار

ولفت إلى أن مؤشر الإرهاب خلال عام 2024 تصاعد في أفريقيا خصوصاً في الغرب والساحل، حيث أن 252 عملية إرهابية استهدفت 13 دولة، إضافة الى دخول دول جديدة على خارطة الإرهاب فيها، كما أن الإرهاب يودي بحياة 2927 شخصًا ويصيب 941 آخرين، فيما أن أكثر من 46% من الهجمات التي شهدتها القارة كانت الطائرات بدون طيار مستخدمة فيها، مضيفا أن  الصومال تعد من أكبر المتضررين من الإرهاب بـ (75) عملية تليها مالي بـ (38) هجومًا إرهابيًّا، لتتصدر نيحيريا الدول الأفريقية من حيث الخسائر البشرية جراء الإرهاب بواقع (638) ضحية.

طباعة شارك القارة الأفريقية بالجماعات المتمردة المسلحة مساعدات دولية الطائرات الانتحارية صفقات الموت إفريقيا

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القارة الأفريقية مساعدات دولية الطائرات الانتحارية إفريقيا الطائرات بدون طیار

إقرأ أيضاً:

واشنطن تقود الإرهاب في الشرق

محمد بن سالم التوبي 

الرئيس الأمريكي أو الرئيس رقم واحد في العالم وهي الحقيقة التي لا مناص من الاعتراف، بها لأنه الواقع المُرّ الذي يعيشه العالم وتعيشه البشرية سواءً، كان ترامب أو سابقوه ممّن جعلوا سيوفهم في رقاب الملايين من البشر الذين سفكت دمائهم منذ الحرب العالمية الأولى إلى يومنا هذا. وما زالت الآلة الأمريكية تفتك بالبشرية شرقًا وغربًا، ولنا في اليابان عبرةً وعظه؛ فقد قُتِل من جرّاء القنابل الذريّة ما يزيد عن (٣٠٠) ألف شخص إمّا بالموت المُباشر أو من خلال الأمراض الفتّاكة التي سبّبتها الإشعاعات

إن المُتتبّع للحروب الأمريكية منذ حرب الاستقلال إلى يومنا هذا يجد أنّها حروب عبثية مُقيته لم يكن الإنسان فيها ذا قيمة؛ سواء كان الإنسان جُندي أمريكي أم شعوب يُمَارَسْ ضِدَّها الاستعمار أو القتل من أجل القتل والتصفية. لقد خاضت الولايات المتحدة الأمريكية حروبها في الشرق والغرب من غير أسباب مُقنعة، وحتى حربهم على السُّكّان الأصليين من الهنود الحُمر الذين ما زالوا يعانون من التمييز في القرن الواحد والعشرين هي حرب تطهير عرقي .

لقد قتل الجيش الأمريكي من جنوده ما يزيد عن المليون جندي في حروب عبثية لا يمكن وصفها بالحروب التي تنادي بها أمريكا من أجل حُرّية الشعوب، أو من أجل الديموقراطية أو مكافحة الإرهاب؛ بل جُلّها حروب تتمحور حول الإمبريالية والسلطة والتوسع والنفوذ؛ فالعقيدة الأمريكية من أجل النفوذ يجب أن تشعل حروبا هنا وهناك حتى يتأتّى لها أن تمسك بقيادة العالم ليأتوا إليها صاغرين تتسابق إليهم الرقاب حتى إذا ما وجدت الفرصة للتخلص منها أقاموا عليها الحدّ وأتوا بقيادة جديدة تكون خاضعة منقادة مسلوبة الحرية والكرامة .

لقد عانى العالم من الحروب الأمريكية سواء في أمريكا اللاتينية أم في الشرق القريب أو البعيد  كما هي الحرب في كوريا (١٩٥٠–١٩٥٧) التي أودت بحياة ما يزيد عن ٣٦ ألفًا من الجنود الأمريكان، وما يزيد عن مليوني إنسان من الكوريتين ومن الصينيين الذين دخلوا الحرب عندما وجدوا الأمريكان على حدودهم وهذه الحرب جرّت لاحقًا إلى الحرب في فيتنام (١٩٥٠-١٩٧٥) التي راح ضحيتها ما يقارب ٦٠ ألفًا من الجنود الأمريكان وأكثر من مليونين من الأبرياء الفيتناميين إلى أن تحررت وخسرت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب وعادت منكسة الرأس، وما هو الداعي لهذه الحرب التي شنّتها واشنطن من أجل دحر الشيوعية وكانت النتيجة أن توحّد المعسكر الشمالي والجنوبي تحت حكم شيوعي .

الحرب في العراق كلّفت العراق أمنه واستقراره وتفكيكه؛ فبعد أن كان بلدًا ينعم بالاستقرار والوحدة تحوّل إلى وطن تحكمه الطائفية والقبلية والمذهبية التي مزّقته شر ممزق وكلّفت اقتصاده رقمًا فلكيًا لا يمكن أن يحصره مركز بحثي ولا حجم الدمار الذي تعاني منه العراق في الوقت الحالي أو مستقبلاً. لقد شردت الحرب ملايين من أبناء العراق وقتلت الجيوش ما يزيد عن مائتي ألف مدني وتسببت الحرب في فشل منظومة الخدمات وزيادة مستوى الفساد وانهيار البنى التحتية لكل العراق. كما أن ما زاد وعمّق المشاكل الاقتصادية هو ظهور ميليشيات مسلّحة وتفشّي الطائفية وانقسام المجتمع إلى سنّي وشيعي.

حصيلة الحرب في أفغانستان ونتائجها على مدى عشرون عامًا كانت وخيمة على الشعب الأفغاني؛ حيث قتل ما يزيد عن ٤٧ ألف مدني و٦٦ ألف قتيل من الجيش الأفغاني وما يقارب من ٦٥ ألف من حركة طالبان، والملايين من البشر الذين نزحوا داخل أفغانستان وخارجها، وفي نهاية المطاف حكم طالبان افغانستان وخرج الأمريكان من الحرب بخسائر تقدر بما يزيد من ٢ ترليون دولار ضاعفت من حجم الديون في الخزانة الأمريكية التي تعاني من أثر هذه الديون، وقد صُنّفت تلك الحرب كأطول الحروب على البشرية وقد استنزفت الكثير من الموارد المالية؛ مما أدّى إلى فقدان الثقة في قيادة الولايات المتحدة الأمريكية للتحالفات في الحروب  

إن التدخلات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا وسوريا والسودان واليمن ومؤخرًا ضرباتها الأخيرة لإيران على إثر رد إيران المستحق على ما قامت به إسرائيل من هجوم مباغت عليها، وكذلك قيام واشنطن بوقوفها مع إسرائيل في حرب الإبادة في غزة ومدّها بالسّلاح والجنود والتكنولوجيا المتقدمة؛ كل ذلك يثبت جليًا إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على جعل الشرق الأوسط منطقة غير مستقرة من أجل هيمنتها وحماية إسرائيل الدولة اللقيطة التي صنعها الغرب على حساب الفلسطينيين.

مقالات مشابهة

  • السجن مدى الحياة لسويدي لدوره بقتل طيار أردني
  • المؤبد بحق إرهابي في قضية قتل طيار
  • سجن مدى الحياة على ارهابي في السويد في قضية قتل طيار أردني حرقا
  • روسيا تهاجم أوكرانيا بأكثر من 300 طائرة مسيرة و8 صواريخ
  • أبرز الانتقالات الصيفية التي شهدتها القارة الأوروبية
  • دراسة: ارتفاع بنسبة 60% بوفيات عنف الجماعات المتطرفة في القارة الأفريقية
  • واشنطن تقود الإرهاب في الشرق
  • مكافحة الإرهاب في كوردستان: سقوط مسيرة مفخخة قرب أربيل
  • أبرز 8 انتقالات صيفية شهدتها القارة الأوروبية في كرة القدم
  • «زيلينسكي»: أوكرانيا تقترب من التوصل إلى اتفاق مع هولندا لإنتاج طائرات مُسيّرة