أجمع خبراء ومحللون سياسيون على أن الأزمة المتفاقمة حول تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي تضع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) أمام معضلة سياسية معقدة قد تؤدي إلى انهيار حكومته وإجراء انتخابات مبكرة خلال الأشهر القادمة.

وحسب الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، فإن نتنياهو يواجه خيارات صعبة للغاية في هذه الأزمة، حيث يجب عليه إقناع رئيس لجنة الخارجية والأمن بتقديم مشروع قانون للكنيست يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية أو يقلل من عددهم المطلوب تجنيده.

وإذا فشل في ذلك، فإن البلاد ستتجه على الأرجح نحو حل الكنيست وإجراء انتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، يؤكد مصطفى.

تصاعد التوتر

يذكر أن الأزمة السياسية تفاقمت بشكل كبير عندما تصاعدت حدة التوتر داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي إثر أزمة "قانون التجنيد"، بعد فشل اللقاء الذي جمع رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يولي إدلشتاين مع قيادات من كتلة "يهودات هتوراه" الحريدية (الممثلة لليهود المتدينين)، والذي وصفته مصادر رفيعة داخل الكتلة بـ"الفشل الذريع".

وفي تطور يعكس عمق الأزمة، تلقى رئيس الكتلة موشيه غفني تعليمات مباشرة من الزعيم الروحي لحزب "ديغل هتوراه"، الحاخام دوف لاندو، تقضي بدعم قانون حل الكنيست إذا قُدِّم الأسبوع المقبل، وذلك إذا لم يُقَر قانون يعفي طلاب المعاهد الدينية الحريدية من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي.

إعلان

وتُعد هذه التعليمات تهديدا مباشرا وغير مسبوق من الأحزاب الحريدية، يكشف عن شرخ عميق داخل الائتلاف، قد يفكك الحكومة، ليس بفعل الحرب على غزة، بل بسبب ملفات داخلية مؤجلة.

وتظهر هذه المواقف الصارمة حقيقة أن الأحزاب الحريدية ترى في قانون التجنيد تهديدا لهويتهم الدينية وأسلوب حياتهم، وقد عبّرت قياداتها، خاصة غفني ورئيس حركة "شاس" أرييه درعي، عن رفض قاطع لأي صيغة تجنيد تشمل أبناء التيار الديني الحريدي.

تناقضات مجتمعية عميقة

ولفهم جذور هذه الأزمة، أوضح أستاذ العلوم السياسية، الدكتور زياد ماجد، أن هذه الأزمة تكشف عن التناقضات العميقة في المجتمع الإسرائيلي بين التيارات العلمانية والدينية، موضحا أن التغيرات الديمغرافية وصعود المكونات الدينية المحافظة جعلت هذه التناقضات تتفجر بشكل أكبر، خاصة في ظل استمرار الحرب على غزة.

وفي السياق نفسه، أكد الخبراء أن الصراع في غزة غيّر طبيعة النقاش حول تجنيد الحريديم بشكل جذري، فبينما كان النقاش في السابق يتركز حول "المساواة الاقتصادية"، أصبح الآن يتعلق بقضايا "الحياة والموت"، كما أوضح مصطفى، وأضاف أن جنود الاحتياط يتساءلون الآن: "لماذا نموت نحن بينما الحريديم يعيشون في أمان؟".

ومن زاوية أخرى سلط الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة الضوء على الاستنزاف الذي تحدثه هذه الأزمة قي الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أن رفض 50% من جنود الاحتياط للخدمة العسكرية، إلى جانب رفض الحريديم للتجنيد، وضع قيادة الجيش في موقف لا تحسد عليه من ناحية القدرة على حشد المزيد من الجنود.

ولفهم تأثير الأزمة على المجتمع الحريدي نفسه، أوضح مصطفى أن تجنيد 50% من الشباب الحريدي كما يطالب الجيش سيؤدي إلى "تفكيك البنية التعليمية والاجتماعية والثقافية" لهذا المجتمع، الذي يعيش نمطا منفصلا تماما عن المجتمع الإسرائيلي العام.

إعلان

ولهذا السبب، أكد مصطفى أن الحريديم يعتبرون هذه المسألة "قضية حياة أو موت" لمستقبلهم الثقافي والديني.

ضغوط خارجية

وإلى جانب التحديات الداخلية المعقدة، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطا خارجية متصاعدة تزيد من تعقيد المشهد السياسي، وفي هذا السياق لفت الحيلة إلى أن استطلاعات الرأي العالمية تظهر انقلابا في المزاج العالمي تجاه إسرائيل، حيث تنظر 20 دولة من أصل 24 دولة شملها استطلاع مركز أميركي نظرة سلبية لإسرائيل.

وفي السياق ذاته، لفت ماجد، إلى التحول الكبير في الموقف الأوروبي، خاصة بعد تسريب الوثيقة السرية للاتحاد الأوروبي التي تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأوضح أن دولا مثل فرنسا وهولندا انضمت إلى معسكر الدول التي تطالب بإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل.

وتكتسب هذه الضغوط الخارجية أهمية خاصة بالنظر إلى الأهمية الاقتصادية لهذه العلاقات، حيث أكد مصطفى أن الاتحاد الأوروبي يستقبل نحو 33% من الصادرات الإسرائيلية، وأن الكثير من المرافق الاقتصادية والعلمية في إسرائيل تعتمد على العلاقة مع أوروبا، مما يجعل هذه الضغوط ذات تأثير مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي.

سيناريوهات مستقبلية

وفيما يتعلق بالتوقيتات المحتملة لتطور هذه الأزمة المعقدة، توقع مصطفى أن تتضح الصورة خلال يومين من خلال اجتماع نتنياهو مع رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي إدلشتاين، الذي يملك صلاحية تقديم مشروع قانون إعفاء الحريديم للكنيست.

وأشار إلى أن إدلشتاين معارض لنتنياهو ولا يريد تقديم قانون يخدم مصالح الحريديم، مما يجعل إمكانية حل الأزمة "ضئيلة جدا".

وحول السيناريوهات المحتملة في حال انهيار الحكومة، يرى مصطفى أن الانتخابات المبكرة قد تؤدي إلى تغيير جذري في المشهد السياسي الإسرائيلي، حيث تشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية إلى أن المعارضة قد تحصل على 72 مقعدا، وهو رقم كافٍ لإسقاط نتنياهو وتشكيل حكومة جديدة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات هذه الأزمة مصطفى أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

أزمة جديدة.. بعد تجاهل حكومة عدن صرف مرتبات موظفي هذه المحافظات من الوديعة السعودية

الجديد برس| خاص| شن حزب الإصلاح، جناح الإخوان المسلمين في اليمن، الأربعاء، هجومًا جديدًا على رئيس حكومة عدن سالم بن بريك، عقب استبعاد المناطق الخاضعة للحزب من الاستفادة من الوديعة السعودية الجديدة. وجاء الهجوم بعد أن خصصت حكومة عدن صرف المرتبات من الوديعة، المقدرة بـ90 مليون دولار، لموظفي ومقاتلي الفصائل التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، متجاهلة مناطق سيطرة الإصلاح في مأرب وتعز، رغم أن الوديعة كان يفترض أن تشمل جميع مناطق نفوذ التحالف في اليمن. وهاجم المستشار الإعلامي لنائب الرئيس الأسبق علي محسن، سيف الحاضري، ابن بريك متهمًا إياه بممارسة “انتهاكات” ممنهجة ضد مناطق حزبه منذ توليه حقيبة المالية، مشيرًا إلى أنه قلّص موازنة الدفاع تدريجيًا حتى توقفت مرتبات ما يسمى بـ”الجيش الوطني” لأكثر من 16 شهرًا. ودعا الحاضري إلى إنقاذ الحزب من الانهيار. وبحسب مصادر، فقد اقتصرت حكومة عدن على صرف مرتبات فصائل المجلس الانتقالي، أبرزها المنطقة العسكرية الرابعة، فيما تجاهلت فصائل الإصلاح، بالتزامن مع تظاهرات نفذها الجرحى في تعز ومأرب دون استجابة من الحكومة. ويتعرض الإصلاح لضغوط لتوريد عائدات مناطقه الغنية بالنفط، خصوصًا مأرب، في وقت بدأ فيه ابن بريك تنفيذ استراتيجية جديدة تستهدف قيادات عسكرية تابعة للحزب، كان آخرها توجيهه مذكرة لوزير الدفاع تطالب بالتحقيق مع قائد محور تعز (علي) فاضل بتهمة نهب ضرائب القات في المدينة.

مقالات مشابهة

  • عاجل | ترمب: لم أناقش مع ممداني ما إن كان سيعتقل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا زار نيويورك
  • احتجاجات ضد حكومة عدن تهدد باغلاق البنك المركزي والمكاتب الإيرادية
  • الاتحاد الأوروبي يطالب بإشراكه وكييف لإنهاء أزمة أوكرانيا
  • زعيم حزب إسرائيلي يشترط لدعم نتنياهو إعفاء الحريديم من التجنيد
  • حديث ترامب الذي قال انه سيفعل شيئاً بخصوص الأزمة في السودان
  • أزمة جديدة.. بعد تجاهل حكومة عدن صرف مرتبات موظفي هذه المحافظات من الوديعة السعودية
  • أزمة في الجيش الإسرائيلي بعد مئات الطلبات لإنهاء الخدمة والتقاعد المبكر
  • الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة في ضباط الخدمة الدائمة ونقص في الجنود
  • "أزمة صامتة" داخل الجيش الإسرائيلي.. الحسم بقرار نتنياهو
  • حكومة الخونة تواجه أسوأ أزمة مالية