في ذكرى ميلاده.. أحمد خالد توفيق العرّاب الذي غيّر وجه الأدب العربي
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
"نحن نكتب لأن هناك من يُصغي، حتى وإن لم نرَه... نكتب لأن الكلمات تخلق العالم، وتنقذنا من قسوته"، بهذه الروح، عاش الدكتور أحمد خالد توفيق، وبهذه الروح كتب، فصار للعربية جسرٌ جديد إلى قلوب الشباب، وصار هو العرّاب الذي قاد أجيالًا كاملة في رحلات بين السطور، بين الرعب والفانتازيا، بين الطب والحياة، بين الموت ومعناه الحقيقي.
وُلد أحمد خالد توفيق في 10 يونيو 1962 بمدينة طنطا، محافظة الغربية، نشأ في أسرة مصرية عادية، ودرس الطب في جامعة طنطا حتى حصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة، لم يكن الطب نهاية الطريق، بل كان بداية موازية لمسارٍ آخر، سلكه بشغف أكبر: الكتابة.
دخل عالم الأدب من أوسع أبوابه في التسعينيات، حين كتب أولى سلاسله الشهيرة "ما وراء الطبيعة" عام 1992، بعد أن رفضت المؤسسة العربية الحديثة روايته الأولى، لتعود وتطبعها بعد إصراره ومثابرته، كانت تلك البداية فقط، سرعان ما تبعتها سلاسل مثل "فانتازيا" و"سفاري"، التي أسرت القلوب وأطلقت الخيال من قيوده.
في زمنٍ كانت فيه المكتبات تمتلئ بالكتب المترجمة ويفتقر الشباب العربي لأدب يعبر عنهم، جاء أحمد خالد توفيق ليمنحهم بطلاً يشبههم، بأسلوب سهل عذب، يحمل عمقًا خلف بساطته، وروحًا ساخرة خلف وقاره، لم يتعالَ على القارئ، ولم يتكلف الفلسفة، بل خاطب القلوب قبل العقول، فتعلّق به القرّاء كأنهم وجدوا صوتهم في كلماته.
كتب أكثر من 500 كتاب بين سلاسل، وروايات، ومقالات، وترجمات، لكن روايته "يوتوبيا" التي صدرت عام 2008 كانت علامة فارقة، إذ خرج بها من إطار أدب الشباب إلى ساحة الرواية العربية الجادة، وتُرجمت إلى أكثر من لغة، لتُعرف كواحدة من أجرأ الروايات في نقد الواقع المصري.
ومع الوقت، تحوّل "العرّاب"- كما أطلق عليه قراؤه- إلى ظاهرة ثقافية، لم يكن فقط كاتبًا يروي قصصًا، بل كان أبًا روحيًا لجيلٍ بأكمله، منحهم الأمل حين ضاق الواقع، وفتح لهم أبواب الخيال حين أُغلقت النوافذـ، كان صوتًا حنونًا في زمنٍ صاخب، وخفيف الظل في عتمةٍ ثقيلة.
ولم تكن حياته تخلو من مواقف إنسانية، فقد عُرف بتواضعه الشديد، وحرصه على التواصل الدائم مع قرائه، لا سيما على الإنترنت، حيث كان يجيب على أسئلتهم، ويشاركهم مخاوفهم وطموحاتهم، حتى باتوا يشعرون بأنه صديق حقيقي لا مجرد مؤلف.
روى أحدهم مرة أنه التقاه مصادفةً في معرض الكتاب، وكان يرتدي ملابس بسيطة ويحمل حقيبة ظهر، كأي زائر عادي، لم يكن يحيط نفسه بهالة نجومية، بل بتواضع العلماء ودفء المعلمين، حكى له الشاب عن تأثره بسلسلة "ما وراء الطبيعة"، فابتسم العرّاب وقال: "الحمد لله إن الكلام ده نفعك.. أنا كنت بكتبه لنفسي في الأول."
رحل أحمد خالد توفيق في 2 أبريل 2018، عن عمر ناهز 55 عامًا، لكن وفاته لم تكن نهاية، بل بداية فصل جديد من الحب والوفاء، شيّعه الآلاف، وذرف القرّاء الدموع، وكأنهم فقدوا قريبًا لا كاتبًا، ومنذ ذلك اليوم، تحوّلت صفحاته ومؤلفاته إلى مزارات أدبية، يعود إليها الناس بحثًا عن الدفء، والفهم، والحنين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أحمد خالد توفيق مدينة طنطا عالم الأدب ما وراء الطبيعة أحمد خالد توفیق
إقرأ أيضاً:
خالد بن أحمد: «أسبوع الأرشيف» فرصة لإبراز رؤية الشارقة
أكد الشيخ خالد بن أحمد بن سلطان القاسمي، رئيس دار الوثائق في الشارقة، أن احتفال الإمارة بالأسبوع العالمي للأرشيف يشكل فرصة لتسليط الضوء على الرؤية الاستثنائية والجهود المتواصلة التي يتبناها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في صون الوثائق وحفظ التاريخ بما يعكس عمق الهوية وثراء الموروث الثقافي، فقد وجّه سموه منذ سنوات بتأسيس بنية متكاملة تُعنى بجمع الوثائق وحفظها وإتاحتها وفق أفضل المعايير العالمية، إدراكاً لأهمية الوثيقة في حفظ حقوق الأفراد والمؤسسات وتوثيق مسيرة الدولة.
وأضاف: «يأتي احتفالنا بالأسبوع العالمي للأرشيف هذا العام ليؤكد من جديد المكانة المحورية التي تتقلدها الوثائق في بناء المجتمعات وتطورها. وفي الشارقة، التي عُرفت بريادتها في مختلف المجالات، تولي دار الوثائق دعائم نهج مؤسسي راسخ من خلال تأسيس بنية متكاملة تضم جهات متخصصة وكوادر وطنية مؤهلة تعمل على جمع وتنظيم الوثائق التاريخية والحكومية وفق أفضل الممارسات العالمية».
وأضاف أن دار الوثائق تواصل أداء دورها المحوري في تنظيم وحفظ الوثائق الحكومية، وتعزيز الثقافة المجتمعية بأهمية الوثيقة، وتيسير الوصول للمعلومات بما يدعم صناعة القرار ويخدم الباحثين والمجتمع.
وفي هذه المناسبة، أكد الالتزام بمواصلة العمل على تطوير منظومة حفظ الوثائق الحكومية والتاريخية في الإمارة، وتوعية المجتمع بأهميتها، وضمان استمرارية هذا الدور الحضاري الذي نفخر به والاستفادة من التقنيات المتقدمة في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، بما يواكب تطلعات المستقبل ويحافظ على إرثنا الوثائقي للأجيال القادمة.