غزة- من دون تردد، اندفع محمد الشيخ نحو خيمة في "مدرسة غزة الجديدة"، اندلعت فيها النيران نتيجة غارة جوية إسرائيلية أوقعت شهداء وجرحى، وكان لتوه قد أنهى دورة تدريبية في الإسعافات الأولية ومهارات التدخل مع الضحايا.

والشيخ (22 عاما) نازح في هذه المدرسة ويقيم فيها مع أسرته منذ بضعة شهور إثر تدمير منزلهم، ويقول للجزيرة نت "كنت على بعد أمتار قليلة من الغارة التي استهدفت خيمة من بين أخرى كثيرة متلاصقة في ساحة المدرسة، ونتج عنها انفجار هائل وحريق، وارتقى شهيدان وجرح 7 آخرون".

كانت هذه أول تجربة عملية للشيخ، في تقديم إسعافات أولية لجريح منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

طلبة طب يطلقون مشروعا تطوعيا لنشر مهارات التدخل مع جرحى الحرب (الجزيرة) قيمة التجربة

"بإمكانك إنقاذ حياة"، وقد لمس الشيخ بنفسه قيمة الدورة التدريبية التي انخرط فيها تحت هذا العنوان، عندما تدخل مع أحد جرحى قصف الخيمة وكان ينزف بشدة، ويقول "استحضرت ما تعلمته، وضغطت بشكل مباشر على مكان النزيف باستخدام قطعة قماش نظيفة، ولم أسمح لأحد بتحريك الجريح من مكانه خشية أن يكون مصابا بكسور أو أن يؤدي نقله الخاطئ إلى تفاقم إصابته، ومكثت بجانبه حتى حضرت سيارة الإسعاف".

بعد هذه التجربة أدرك قيمة ما تعلمه، وأهمية تعميم التوعية الطبية بالإسعافات الأولية وآليات التدخل الصحيح مع ضحايا الحرب من جرحى وحتى مرضى في الخيام ومراكز الإيواء.

والشيخ واحد من بين نحو 100 شاب وفتاة، تلقوا تدريبات متقدمة ضمن مشروع "الأمل في الأيدي"، وهو مبادرة تطوعية مجانية لطلبة في كلية الطب البشري في جامعة الأزهر بمدينة غزة.

مشروع "الأمل في الأيدي" درّب 100 شاب وفتاة على مهارات الإسعافات الأولية والتعامل مع جرحى الحرب (الجزيرة)

ويضم هذا المشروع 16 متطوعا، بينهم 9 طلاب و7 طالبات من مستويات مختلفة في كلية الطب، اجتمعوا على فكرة "توعية المجتمع طبيا". ويقول ياسر أبو مريم للجزيرة نت إن الفكرة كانت وليدة المجازر اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الشوارع والمدارس وخيام النازحين ومراكز الإيواء، وشكلت ضغطا هائلا على المنظومة الصحية الفلسطينية.

إعلان

وكانت "مجزرة مطعم التايلندي"، التي ارتكبتها قوات الاحتلال قبل بضعة أسابيع، وأودت بحياة عدد كبير من الشهداء وأوقعت عشرات الجرحى، في منطقة تسوق مكتظة في شارع الوحدة بمدينة غزة، دافعا لهؤلاء الطلبة المتطوعين، الذين صودف وجود بعضهم على مقربة من مكانها، وكان لافتا بالنسبة لهم عدم قدرة الحاضرين على التعامل مع الجرحى.

طالبة طب متطوعة خلال تدريب في مركز إيواء على مهارات الإسعافات الأولية (الجزيرة) اكتساب الخبرات

ويقول أبو مريم (21 عاما)، وهو طالب بالسنة الثالثة في كلية الطب البشري بجامعة الأزهر في غزة، التي تعرضت للتدمير خلال الحرب، "كثيرون يتعاملون مع الجرحى باندفاع لا يستند إلى معرفة طبية، ورغم نيتهم الصادقة والطيبة، فإن تدخلهم الخاطئ قد يضر ولا يفيد، وربما يؤدي إلى فقدان الجريح لحياته".

إلى جانب دراسته للطب، يحمل أبو مريم شهادات تدريب في الإسعافات الأولية حصل عليها من طبيب نرويجي متطوع زار غزة ضمن وفد أجنبي قبل اندلاع الحرب، ومن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وله تجارب سابقة في المشاركة في مبادرات خيرية لتدريب طلبة المدارس، ورواد المساجد، وفي مؤسسات مجتمعية بمدينة غزة.

وعقب اندلاع الحرب، اضطر للنزوح مع أسرته نحو 10 مرات في المدينة ونحو مناطق جنوب القطاع، وتطوع في "نقطة طبية" داخل مدرسة كانوا يقيمون بها في منطقة "قيزان النجار" بمدينة خان يونس جنوب القطاع، وعندما أجبروا على النزوح نحو مدينة رفح المجاورة تطوع في "نقطة طبية" داخل مخيم النزوح.

وخلال تطوعه، اكتسب أبو مريم خبرات يقول إنه ما كان ليكتسبها في هذه المرحلة من عمره من دون تعامله المباشر مع جرحى الحرب، علاوة على حالات مرضية وبعضها خطيرة، ناجمة عن تداعيات العدوان والحصار وسوء التغذية وقلة الدواء.

طلبة وطالبات في كلية الطب البشري في غزة يتطوعون للتخفيف عن المنظومة الطبية المنهكة (الجزيرة)

وعندما عاد إلى شمال القطاع عقب اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، اجتمع شمل أبو مريم مع عدد من زملائه من طالبات وطلاب كلية الطب، وكان من النواة الأولى التي أسست مشروع "الأمل في الأيدي"، لإيمانه بأهمية نشر وتعزيز الوعي الطبي المجتمعي، ومهارات الإسعافات الأولية، ودورها في تدعيم أداء المنظومة الصحية، وتصحيح التصرفات الخاطئة الشائعة في التعامل مع مختلف الإصابات ميدانيا.

إعلان

ويقول أبو مريم إن الاستهداف اللحظي على مدار الساعة وفي كل مكان من جانب قوات الاحتلال، خلال هذه الحرب غير المسبوقة، يستدعي تعليم قطاعات واسعة بهذه المهارات التي قد تكون كفيلة بإنقاذ حياة جرحى أو مرضى في حال التدخل السليم وفي الوقت المناسب.

اهتمام واسع

ومن الميدان إلى المستشفيات والمنازل، يهتم هذا المشروع التطوعي بنشر مفاهيم "الإسعاف النفسي الأولي"، الذي يهتم بالجريح وذويه في مرحلة الاستشفاء والتعافي. وتقول الطالبة المتطوعة ليان العكلوك (20 عاما) للجزيرة نت إن "شعبنا عظيم ويعاني الويلات جراء هذه الحرب ويستحق من كل منا أن يخدمه في مجال تخصصه".

وتدرس العكلوك في السنة الثالثة بكلية الطب البشري بجامعة الأزهر، وهي ابنة طبيب الأعصاب الفلسطيني المعروف أسامة العكلوك، وقد اختارت التطوع ضمن مشروع "الأمل في الأيدي" انطلاقا من إيمانها بأن "الطب مسؤولية إنسانية".

وهي تدرك الضغوط الهائلة على الكوادر الطبية جراء الاستهداف الممنهج من قوات الاحتلال الإسرائيلي للمنظومة الصحية، الذي أدى إلى استشهاد أكثر من 1400 من الأطباء والممرضين والعاملين في القطاع الصحي، واعتقال وجرح عشرات آخرين، وخروج غالبية المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة.

ليان العكلوك في حصة تدريبية داخل مركز إيواء مدرسة غزة الجديدة (الجزيرة)

وتقول إن هدفها وزملائها في المشروع هو نشر التوعية الطبية المجتمعية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، من أجل تخفيف الضغط عن كاهل الكوادر الطبية في المستشفيات والمرافق الصحية القليلة التي لا تزال تعمل بإمكانيات ضعيفة.

وخلال مشاركتها في الفعاليات التدريبية، لمست العكلوك اهتماما واسعا من المتدربين على تعلم مهارات الإسعافات الأولية، والإسعاف النفسي الأولي، إدراكا منهم بأن الإلمام بهذه المعرفة قد ينقذ حياة جريح أو مريض إذا تم التعامل معه بالطريقة الصحيحة.

إعلان

ويتشاطر الذكور والإناث هذا الاهتمام، وبحسب العكلوك فإن 50% من الذين انخرطوا في التدريبات كانوا من الفتيات، وبينهن نازحات في الخيام ومراكز الإيواء، وتوضح "لدينا خطة لمواصلة العمل على نشر التوعية على نطاقات أوسع لمواكبة الأعداد الهائلة من الجرحى والمرضى الذين تدهورت حالاتهم الصحية بسبب قلة العلاج والأدوية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات مهارات الإسعافات الأولیة کلیة الطب البشری قوات الاحتلال فی کلیة الطب أبو مریم

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: الاستثمار في العنصر البشري

حين أعلنت الدولة في موازنة العام المالي 2025/2026 تخصيص ما يقارب 700 مليار جنيه لقطاعات التنمية البشرية، لم يكن هذا مجرد رقم في جدول ميزانية، بل رسالة واضحة بأن الإنسان المصري أصبح محور السياسات الاقتصادية والاجتماعية. الرقم نفسه يكشف زيادة ملحوظة عن العام السابق، حيث كانت المخصصات نحو 447 مليار جنيه، أي ما يعادل زيادة أكثر من 56%، وهو مؤشر على أن الدولة بدأت تدرك أن التنمية الحقيقية لا تبنى بالإنفاق على البنية التحتية وحدها، بل بالاستثمار في الإنسان.

من هذا المبلغ، تُخصص نحو 327 مليار جنيه للاستثمارات العامة في مجالات التعليم والصحة والبحث العلمي والخدمات الاجتماعية، وهو ما يمثل أكثر من ربع الاستثمارات العامة، رقم يدل على حجم الاهتمام بقطاع التنمية البشرية. هذا التوجه ليس مجرد شعارات أو أرقام، بل هو محاولة لتغيير الواقع، وجعل كل مواطن قادرًا على المساهمة بفعالية في بناء مصر الحديثة.

عندما نتحدث عن الاستثمار في العنصر البشري، فنحن لا نتحدث فقط عن موظف حكومي أكثر كفاءة، بل عن كل المصريين. الطفل الذي يحتاج إلى تعليم جيد، المريض الذي يحتاج رعاية صحية فعالة، ذوي القدرات الخاصة الذين يحتاجون برامج تأهيل ودمج. كل جنيه يُنفق على الإنسان هو استثمار في اقتصاد قادر على المنافسة، وفي مجتمع أكثر عدالة واستدامة.

الواقع اليوم يظهر أن الاستثمار في الإنسان أصبح ضرورة استراتيجية، لا رفاهية. سوق العمل يتغير بسرعة، ومهارات المستقبل ليست نفسها التي كانت مطلوبة قبل عشر سنوات. التعليم الجيد، الصحة المستدامة، والخدمات الاجتماعية الفعالة، هي ما يحدد قدرة مصر على التحول إلى اقتصاد معرفي يعتمد على الجودة والكفاءة، بدلًا من الاعتماد على الموارد الطبيعية أو التمويل الخارجي.

التحدي الأكبر، كما أرى، هو التنفيذ. الأرقام الضخمة تبدو مشجعة، لكنها بلا خطة واضحة وتنسيق فعال، لن تؤدي إلى النتائج المرجوة. نجاح هذا الاستثمار يحتاج إلى تحديد أولويات دقيقة، مراقبة الأداء، إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني، وضمان وصول الخدمات إلى جميع المواطنين، بما في ذلك الفئات الأكثر ضعفًا.

على سبيل المثال، إذا كان الهدف هو تحسين التعليم، فإن تخصيص الموارد وحده لن يكفي. يجب تحديث المناهج، تدريب المعلمين، تجهيز المدارس بالبنية التحتية والتقنيات الحديثة، وقياس النتائج بموضوعية. في الصحة، ليس المهم فقط بناء مستشفيات جديدة، بل تحسين جودة الخدمات، توفير أطباء وممرضين مدربين، تحديث المعدات الطبية، وتأمين المستلزمات الأساسية. هذه التفاصيل الصغيرة هي ما يحول الاستثمار من أرقام على الورق إلى واقع ملموس.

كما أن الاستثمار في العنصر البشري يعكس رؤية اجتماعية وأخلاقية. فعندما تُستثمر الأموال في التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، فإن الفئات الأكثر هشاشة — مثل الأطفال، الفقراء، وذوي القدرات الخاصة — تحظى بفرص حقيقية للتعلم والعمل والاندماج. هذا الاستثمار يخلق مجتمعًا أكثر تماسكًا، ويعزز العدالة الاجتماعية، ويكسر الحواجز التي تمنع الفئات الضعيفة من المشاركة الفاعلة في المجتمع.

الأرقام تؤكد هذا التوجه. مخصصات التعليم ارتفعت لتصل إلى حوالي 180 مليار جنيه، بينما خصصت الصحة حوالي 95 مليار جنيه، بما يشمل إنشاء وتجهيز المستشفيات، دعم الأدوية والمستلزمات، وتطوير الكوادر الطبية. مقارنة بالسنوات السابقة، نجد أن التعليم ارتفع بنسبة تزيد عن 40% والصحة بما يقارب 35%، وهي نسب تشير إلى جدية الحكومة في إعادة ترتيب الأولويات نحو الإنسان قبل كل شيء. هذا المستوى من الاستثمار يضع مصر في موقف أفضل لمواجهة التحديات الديمغرافية والاقتصادية، ويعطي الشباب فرصة أكبر للتعلم والعمل، ويجعلهم أكثر استعدادًا لمتطلبات سوق العمل الحديث.

أيضًا، الاستثمار في العنصر البشري مرتبط بتحسين الإنتاجية وزيادة الكفاءة في الاقتصاد الوطني. الموظف المؤهل قادر على تقديم خدمات أفضل، اتخاذ قرارات أكثر فعالية، والمساهمة في تحسين الأداء العام للمؤسسات. وهذا بدوره يعزز القدرة التنافسية لمصر على الصعيد الإقليمي والدولي، ويخلق بيئة استثمارية أكثر جذبًا، ويزيد من ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.

من منظور اقتصادي، يمكننا مقارنة هذا التوجه بمؤشرات التنمية البشرية العالمية. مؤشر التنمية البشرية لمصر في السنوات الأخيرة كان عند 0.707، مما يضعها في فئة التنمية البشرية العالية، لكن ما يميز هذه الموازنة هو أنها تتجه لتحسين هذه المؤشرات بشكل ملموس، من خلال استهداف التعليم الأساسي والعالي، التدريب المهني، والصحة العامة، لتصل إلى معدلات أكثر قدرة على المنافسة دوليًا خلال السنوات الخمس المقبلة.

وبالنظر إلى الاقتصاد المحلي، تشير الدراسات إلى أن كل 100 جنيه تُستثمر في التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية ينتج عنها زيادة محتملة في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 150 جنيهًا خلال خمس سنوات، وهو عائد اقتصادي ملموس يوضح أن الاستثمار في الإنسان ليس نفقة بل استثمار حقيقي يعود على الدولة والمجتمع.

بالنظر إلى هذه الأرقام مرة أخرى، نجد أن 327 مليار جنيه مخصصة للاستثمار في التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، و700 مليار جنيه إجمالي مخصصات التنمية البشرية، وهي أرقام تعكس التزام الدولة على الورق. لكن الفارق الحقيقي سيظهر حين تتحول هذه الأموال إلى مدارس مجهزة، مستشفيات حديثة، برامج تدريبية فعالة، ومشروعات اجتماعية تنعكس مباشرة على حياة المواطنين.

هذا التوجه ليس لحظيًا، بل طويل الأجل. الاستثمار في الإنسان مشروع مستدام، نتائجه لا تظهر بين ليلة وضحاها، لكنه يضع الأسس لمجتمع قوي قادر على الصمود أمام الأزمات والتحديات المستقبلية. المواطن المتعلم، الصحي، والمتمكن هو وحده القادر على المساهمة في بناء مجتمع متماسك واقتصاد قوي.

من وجهة نظري، هناك ثلاث رسائل رئيسية يوضحها هذا التوجه: أولًا، أن الحكومة بدأت تدرك أن الإنسان هو رأس المال الحقيقي للدولة، وليس الأموال أو الموارد الطبيعية وحدها. ثانيًا، أن التنمية تحتاج إلى متابعة وصبر وتنفيذ صارم، فالموازنة وحدها لا تصنع الفرق. ثالثًا، أن هناك فرصة حقيقية للشراكة بين الدولة والمجتمع المدني، وخاصة المؤسسات العاملة في تمكين ذوي القدرات الخاصة، لتعزيز أثر هذا الاستثمار على أرض الواقع.

على سبيل المثال، مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل مع ذوي القدرات الخاصة تستطيع استخدام جزء من هذه الميزانية لدعم برامج الدمج في المدارس والجامعات، وتمكينهم من التدريب المهني، وإعطائهم فرص عمل حقيقية. هذه الإجراءات لا تعزز التنمية البشرية فقط، بل تخلق مجتمعًا أكثر عدالة وشمولية، حيث يشعر كل مواطن بأنه جزء فاعل في بناء الوطن.

كما يمكن توسيع الاستثمار ليشمل برامج الصحة النفسية للشباب والأطفال، إذ تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن 15% من الأطفال المصريين يعانون من مشاكل نفسية أو ضغط عصبي يحتاج إلى تدخل مبكر. دعم الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الاستثمار في العنصر البشري ويؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم والإنتاجية المستقبلية.

في النهاية، الاستثمار في العنصر البشري ليس مجرد بند في الموازنة أو رقم يُعلن في مؤتمر صحفي. إنه رهان على مستقبل مصر، على قدرة شبابها، على صحة مواطنيها، وعلى جودة خدماتها. وإذا تم تنفيذه بجدية وشفافية، فإن أثره سيظهر تدريجيًا في جودة التعليم والخدمات الصحية، في كفاءة الموظفين، وفي قدرة المجتمع على المنافسة والابتكار.

التحدي الأكبر هو تحويل هذه الأرقام من أرقام على الورق إلى واقع ملموس، يجعل المواطن يشعر بقيمته الحقيقية، وأن المستقبل يبدأ به وليس فقط بالسياسات المالية أو المشروعات الكبرى. عندها فقط يمكن القول إن الاستثمار في العنصر البشري أصبح سياسة دولة حقيقية، وليست مجرد شعار.

إنها لحظة حاسمة، وفرصة نادرة لمصر لتعيد تعريف أولوياتها، لصناعة مجتمع أكثر كفاءة وعدالة، ولمواصلة مسار التنمية البشرية بطريقة عملية وملموسة. وبذلك يصبح المواطن محور أي نهضة، والإنسان هو الاستثمار الحقيقي الذي تبنى عليه الدولة مستقبلها.

طباعة شارك التنمية البشرية السياسات الاقتصادية الاستثمار

مقالات مشابهة

  • اربد: ورشة حول تعزيز الوعي المجتمعي بالقطاع السياحي
  • “الدفاع المدني” بغزة : إجلاء إصابتين وعشرات الأسر التي حاصرتها نيران الدبابات الصهيونية
  • “جرامين يمن”.. مبادرة تكسر دائرة الفقر وتفتح أبواب الأمل لآلاف الأسر
  • تكافؤ الفرص تقود أوسع حملة توعوية بأسوان لحماية المرأة وتعزيز الوعي المجتمعي
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: الاستثمار في العنصر البشري
  • خريجو الدفعة الـ36 بجامعة السلطان قابوس يؤدون القسم الطبي والتمريضي
  • الاتحاد الأوروبي: جنوب أوروبا معرض لخطر الحرب الهجينة التي تشنها روسيا
  • طبيبة إسبانية متطوعة بمستشفى ناصر بغزة توضح معاناة القطاع الطبي
  • حرب غزة التي لم تنته
  • الصحة بغزة : أكثر من 70 ألف شهيد منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس