“كاليفورنيا”: هل هي بداية تفكك أمريكا من الداخل؟
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
بدأ الحديث اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية عن “دكتاتورية” الحاكم وعن “سيادة” الولاية الأمريكية الواحدة المفصولة عن سيادة الدولة، وعن الاستعداد لـ”عدم دفع الضرائب للحكومة المركزية”، وعن “أياد خارجية”، و”تمويل خارجي”، بل وعن إمكانية “سجن” حاكم كاليفورنيا المنتخَب قبل اتهامه أو محاكمته! فهل هذه هي “الديمقراطية” الأمريكية التي صدَّعنا بها الأمريكان والغرب هذه عقود من الزمن وكانت المبرر الظاهر الذي قدموه للإطاحة بحكومات وإعدام رؤساء دول وبث الاضطراب في أكثر من مكان في العالم باسم الدفاع عن الحرية ونشر القيم الأمريكية؟
فكيف تنقلب أمريكا اليوم على مبادئها وعلى الأسس التي قامت عليها؟ أليست أمريكا بلد الهجرة والمهاجرين؟ ألا يُعَد الشعب الأمريكي الحالي هو تجميع لِمهاجرين من شتى بقاع العالم وبخاصة من أوروبا؟ هل يستطيع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أن يزعم أنه من الهنود الحمر السكان الأصليين حتى يعطي لنفسه حق اتخاذ قرار منع الهجرة لهذا البلد الذي صنعه ويصنع أمجاده المهاجرون بما في ذلك النخبة العالمية التي تقف على قمة هرم العلوم والتكنولوجيا والقادمة من جميع القارات؟
هل باتت أمريكا اليوم تُناقِض المبدأ الذي قامت عليه؟ ألا يعني هذا أنها تقوم بتخريب ذاتها من الداخل لتتحول بعد سنوات إلى ما كانت عليها قبل تشكيل الاتحاد؟ إلى قبائل وولايات مفككة ومتناحرة على شاكلة الحرب الأهلية الأمريكية التي ذهب ضحيتها أكثر من مليونين جنوبا وشمالا؟
إن ما يحدث اليوم في “كاليفورنيا” يدفع إلى أكثر من تساؤل حول واقع الولايات المتحدة الأمريكية ومستقبل إدارتها للشأن العالمي.
“كاليفورنيا” هي ولاية أمريكية ولكنها تفوق حجم وقدرة اقتصادات كافة دول العالم باستثناء الصين وألمانيا (والولايات المتحدة ككل طبعا) بناتج محلي خام بلغ 4.10 ترليون دولار أمريكي سنة 2024 أي ما يساوي 14.1% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وحاكمها منتخب لعهدة ثانية بنسبة 55.9% وإلي غاية2026 ، يقطن عاصمتها “لوس أنجلوس” التي تشهد احتجاجات هذه الأيام أكثر من 10 ملايين نسمة 48.6% منهم من “اللاتين” و”الإسبان” وثلث سكانها من المهاجرين…
فكيف يتحدث الرئيس الفدرالي الأمريكي “دونالد ترامب” عن سعادته لو يُسجَن الحاكم المنتخب لهذه الولاية ويصفه بأسوأ الصفات؟ كيف يتهمه بالفشل في التعامل مع المهاجرين؟ وكيف تَعتبر وزيرته للأمن الداخلي “أن ما يجري بهذه الولاية مُدبَّر باحترافية”، وأن المتظاهرين “يتقاضون أموالا” في إشارة إلى اليد الخارجية في الأحداث!؟ بل وكيف يأمر الرئيس “ترامب” قوات الحرس الوطني ثم قوات “المارينز” بالتدخل في الولاية دون استشارة حاكمها المنتَخَب؟
ألا يُبرر هذا وصف هذا الحاكم لـ”دونالد ترامب” بأنه “دكتاتور”؟ ألا يبرر هذا حديثه عن التدخل في “سيادة” ولايته؟ واضطراره إلى مقاضاة رئيسه، وهو يعلم أنه لا يحق لرئيس الولايات المتحدة الأمر بتدخل الجيش في أي ولاية إلا في ثلاث حالات هي غير متوفرة الآن أي الغزو، حدوث تمرد، أو خطر تمرد… مما يعني أن هناك تجاوزا لسيادته، أم أن خلف هذه الأزمة ما هو أعمق وأبعادها هي أكبر مما نتصور…
يبدو بالفعل أن ما يحدث اليوم في “كاليفورنيا” له علاقة اقتصادية ومالية واستراتيجية أعمق من صراع بين مهاجرين وسلطة ولاية مع الحكومة الفدرالية. على المستوى الاقتصادي والمالي، اتهمت “كاليفورنيا” “ترامب بأنه كان سببا في خسارتها ملايير الدولارات مع الصين منذ سنة 2018، وحاكمها اليوم يقول لـ”ترامب” أن سياستك المتسرعة تجاه التعريفة الجمركية مع الصين تسببت لولايته في خسارة ما لا يقل عن 40 مليار دولار وستؤدي إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال…
أما على المستوى الاستراتيجي، فإن السؤال الكبير هو: هل سيؤدي “ترامب” بالولايات المتحدة الأمريكية إلى بداية التفكك؟!
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الولايات المتحدة كاليفورنيا ترامب لوس أنجلوس الولايات المتحدة كاليفورنيا لوس أنجلوس ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة اقتصاد صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
سفير أمريكا بإسرائيل يشعل ضجة بتصريح عن قيام الدولة الفلسطينية والخارجية الأمريكية تعقّب
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—أشعل السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي، تفاعلا بسن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بأعقاب تصريح أدلى به حول موقف أمريكا من قيام دولة فلسطينية.
التصريح المتداول أدلى به السفير الأمريكي في مقابلة مع قناة بلومبيرغ حيث صرّح بأن الولايات المتحدة لم تعد تُؤيد تمامًا قيام دولة فلسطينية مستقلة، مُضيفًا أنه في حال قيامها، يُمكن أن تكون في مكان آخر بالمنطقة بدلًا من الضفة الغربية.
ومضى السفير وفقا لما نقلته بلومبيرغ قائلا: "ما لم تحدث تغييرات جوهرية تُغيّر الثقافة، فلن يكون هناك مجال لذلك". وأضاف أن هذه التغييرات على الأرجح لن تحدث "خلال حياتنا".
من جهتها عقّبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس ردا على سؤال خلال الإحاطة الإعلامية اليومية: "حسنًا، أولًا، لن أُقيّم تصريحات السفير، ولن أشرحها أو أُعلّق عليها إطلاقًا، أعتقد أنه يتحدث عن نفسه، في الوقت نفسه، بالطبع، السفراء موجودون ويعملون مع دولهم المضيفة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالسياسة الأمريكية، وبالتأكيد موقف الرئيس، أنصحكم بالاتصال بالبيت الأبيض".
كان هاكابي، الذي كان حاكم ولاية أركنساس سابقا قد قال في تصريحات العام 2008 قبل تولي منصبه الدبلوماسي إنه "لا يوجد شيء اسمه فلسطيني" وأن الأمر "أداة سياسية لمحاولة إجبار إسرائيل على التخلي عن أرضها"