هل يضع الربط السككي بين الصين وإيران حدا لتأثير العقوبات الأميركية؟
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
طهران- في خطوة وُصفت بأنها "تاريخية تعكس التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة في إطار التنافس بين الشرق والغرب"، استقبل ميناء آبرين الجاف، الواقع جنوب غربي العاصمة طهران، الأسبوع الماضي أول قطار حاويات انطلق قبل 15 يوما من شرقي الصين، محمّلا بألواح شمسية.
وأثارت هذه الخطوة تساؤلات عن تداعيات الربط السككي بين البلدين، وما إذا كان من الممكن أن يشكل ممرا بديلا لمضيق ملقا الخاضع للهيمنة الأميركية.
الطريق السككي الجديد يُقلّص زمن نقل البضائع بين الصين وإيران إلى النصف مقارنة بالطريق البحري التقليدي، الذي يستغرق نحو شهر. ويأتي هذا في وقت تتصاعد فيه العقوبات الغربية على طهران من جهة والقيود الأميركية على بكين من جهة ثانية.
وتعوّل الأوساط الاقتصادية في إيران على هذا الممر الجديد لفتح فرص تجارية جديدة أمام البلاد.
وتندرج هذه الخطوة ضمن مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين قبل نحو عقد بهدف إنشاء شبكة من الطرق التجارية البرية والبحرية بين آسيا وأوروبا، مما يعكس الأهمية السياسية والاقتصادية للمشروع. وقد توقف العمل بالمشروع إثر تفشي جائحة كورونا (كوفيد-19)، قبل أن يُستأنف صيف العام الماضي، حين انطلق أول قطار من مدينة قم جنوب طهران محمّلا بـ50 حاوية من المنتجات الإيرانية إلى الصين.
إعلان فوائد اقتصاديةيعتبر روح الله لطيفي، المتحدث باسم لجنة العلاقات الدولية وتنمية التجارة في "الدار الإيرانية للصناعة والتجارة والمناجم"، أن الجدوى الاقتصادية للربط السككي "كبيرة" لكل من إيران والصين. فهي لا تقتصر على توفير الوقت، بل تشمل أيضا تقليص التكاليف المرتبطة بالنقل البحري، بما في ذلك رسوم رسو السفن ونفقات الشحن والتفريغ.
وفي حديثه لموقع الجزيرة نت، يضيف لطيفي أن النقل السككي يُغني الأطراف المشاركة عن نظام النقل متعدد الوسائط، حيث ينطلق القطار من محطات في عمق أراضي الدول، ويُسلّم الحمولة في محطات أخرى قد تكون بعيدة عن الموانئ البحرية.
ويُشير المتحدث ذاته إلى أن إيران تتمتع بموقع جغرافي إستراتيجي يربط بين القوى الاقتصادية في الشرق والغرب، مما يتيح لها فرصة لتعزيز إيراداتها من خلال شبكة الممرات الدولية. كما يرى أن الخط السككي سيشكل طريقا بديلا للمسارات البحرية، مما يُضعف فاعلية العقوبات الأميركية، ويُمكّن إيران من تصدير واستيراد بضائعها بعيدا عن الرقابة الأميركية.
ويُضيف لطيفي أن هذا الخط السككي الجديد يُعد "همزة وصل في شبكة الممرات الدولية"، إذ يربط ميناء آبرين الجاف بالقرب من طهران بعدة ممرات إستراتيجية، منها ممر الصين-أوروبا، وممر الشرق-الغرب، وممر الشمال-الجنوب، وكذلك ممر طهران-موسكو.
ويخلص لطيفي إلى أن هذا الممر الحديدي الجديد ليس مجرد مشروع لوجيستي، بل من شأنه تحويل إيران من دولة مستهدفة بالعقوبات إلى مركز تجاري وجسر إستراتيجي، يعزّز نفوذها في الاقتصاد العالمي من خلال دمجها في مبادرة الحزام والطريق، وذلك بعد سنوات من العزلة الاقتصادية بسبب الضغوط الغربية.
مواجهة العقوباتوفي السياق نفسه، ترى صحيفة "كيهان"، المقربة من مكتب المرشد الإيراني الأعلى، أن الربط السككي بين الصين وإيران يساهم في الالتفاف على العقوبات البحرية الأميركية، من خلال توفيره ممرا بديلا عن مضيق ملقا، الذي تهيمن عليه القوى الغربية في التجارة العالمية.
إعلانوفي تقرير بعنوان "ممر جديد للتجارة العالمية"، كتبت الصحيفة الناطقة بالفارسية أن طهران لجأت إلى هذا الممر البري كحل لوجيستي فعّال لإفشال الضغوط الأميركية، خصوصا بعد أن أطلقت الإدارة الأميركية حملة في مارس/آذار الماضي لاعتراض ناقلات النفط الإيرانية في مضيق ملقا.
وأضافت الصحيفة أن المشروع لا يقتصر على نقل النفط، بل يُمهّد لتحول جذري في النظام المالي العالمي، عبر تعزيز التداول بالعملات الوطنية بدلا من الدولار، الذي تعتبره أداة رئيسية للعقوبات الأميركية.
وبحسب "كيهان"، فإن الخط السككي بين الصين وإيران يشكل شريانا حيويا يربط آسيا الوسطى بالمحيط الهندي، عبر مروره بكازاخستان وتركمانستان، ويمنح دولا مثل روسيا وبيلاروس وجمهوريات القوقاز منفذا مباشرا إلى الموانئ الخليجية من خلال ميناء بندر عباس جنوبي إيران. كل ذلك يعزز مكانة طهران كمركز إقليمي لا يمكن تجاهله.
تشغيل ميناء آبرينمع وصول أول قطار شحن صيني إلى العاصمة الإيرانية، أعلنت طهران رسميا تشغيل ميناء آبرين الجاف كأول منشأة من نوعها في البلاد. ووصفت وسائل الإعلام الإيرانية هذا التطور بأنه "إستراتيجي"، ويأتي ضمن مساعي إيران لتطوير بنيتها التحتية في مجال النقل واللوجيستيات.
ويُقام الميناء الجاف على مساحة تبلغ 700 هكتار، ويتميز بقربه من مطار الإمام الخميني الدولي والمنطقة الاقتصادية الخاصة التابعة له. وتبلغ القدرة الاستيعابية للميناء نحو 30 قطارا يوميا، مع إمكانية مناولة ما يصل إلى 60% من واردات البلاد، مما يساهم في تخفيف الضغط على الموانئ البحرية، ويُقلّل من الاعتماد على الشاحنات لنقل البضائع إلى داخل البلاد.
لكن تقارير إيرانية، من بينها ما نشرته وكالة أنباء "إيلنا"، تشير إلى بطء في استغلال كامل قدرات الميناء، حيث لم يُستقبل سوى قطارين دوليين منذ العام الماضي.
إعلان تأثير محدوديعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي، محمد إسلامي، أن الربط السككي بين إيران والصين جاء نتيجة للمعاهدة الإستراتيجية الموقعة بين البلدين لمدة 25 عاما. ويُقرّ بأن الصين هي المستفيد الأول من هذه الخطوة، لكنها في الوقت نفسه تفتح الباب واسعا أمام إيران للاستفادة من المشروع من خلال دمجها في مبادرة الحزام والطريق.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح إسلامي أن هذا المشروع أُطلق قبل نحو عقد، أي قبل أن تبدأ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الأولى سياسة "أقصى الضغوط" ضد إيران، وبالتالي لا يمكن ربطه مباشرة بالمساعي الإيرانية-الصينية للالتفاف على العقوبات الأميركية، رغم إمكانية استخدامه لهذا الغرض في الوقت الراهن.
ويُشير الباحث إلى أن الخط السككي يُعدّ حلا مناسبا للعراقيل التي تواجه حركة البضائع بين الصين وإيران عبر ممر الشرق-الغرب، خصوصا في ظل تصاعد التوتر بين باكستان والهند من جهة، والمنافسة بين بكين ونيودلهي من جهة أخرى.
ومع ذلك، يرى إسلامي أن المشروع لم يُصبح بعد عنصرا مؤثرا بشكل كبير في تحسين الاقتصاد الإيراني أو مواجهة الضغوط الأميركية، بما في ذلك تصدير النفط، وإن كان مناسبا لنقل بعض المنتجات والمشتقات النفطية من إيران إلى الصين.
ورغم الطموحات الجيوسياسية الكبيرة، يؤكد الباحث الإيراني أن تأثير المشروع على حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يزال "محدودا" في الوقت الراهن، نظرا لعدم انتظام رحلات القطار وغياب جدول زمني واضح. ويشدد على ضرورة وجود خطة طويلة الأمد تضمن التدفق الثنائي للبضائع.
وفي ظل غياب التزام متبادل بين طهران وبكين لضمان حركة نقل منتظمة عبر الخط السككي، يتساءل البعض في إيران: هل يعود السبب إلى خشية من تدخل واشنطن في عرقلة المشروع؟ أم أن القطارات الشرقية ستكون فعلا بداية لنهاية هيمنة العقوبات الغربية؟
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إيران منتبهة للفخ الأميركي.. ماذا يحدث في المفاوضات بينهما؟
منذ حوالي شهرَين، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّه سوف يعطي الإيرانيين فرصة شهرَين لتوقيع اتفاق معه، ولربما كان سبب إصرار إيران على إجراء الجولة السادسة من المفاوضات بين الجانبين يوم الأحد 15 يونيو/ حزيران بدلًا من يوم 12 يونيو/ حزيران، هو أن يوم الخميس 12 يونيو/ حزيران يصادف نهاية فترة الشهرين، وتريد إيران أن ترسل رسالة مفادها أنها لن ترضخ للإرادة الأميركية.
وعلى الرغم من أن الجانب الأميركي يحاول أن يوجد جوًا نفسيًا مشحونًا قبيل الجولة السادسة من المفاوضات، فإن الجانب الإيراني يحاول التزام الهدوء وعكس نوع من الطمأنينة بالنسبة لقدراته في الدفاع عن نفسه وموقفه، وربما لتجنّب تهييج الوضع الداخلي للبلاد.
هذا في حين أن القادة العسكريين يؤكدون أن القوات المسلحة الإيرانية في حالة تأهب قصوى، وأن إيران تُحضّر نفسها لأي سيناريو محتمل.
هنا في طهران، يكفي أن تتمشّى في أروقة وكواليس مراكز القرار السياسية، أو تشارك في اجتماعات مراكز الدراسات، أو تتحدث مع صنّاع القرار، لتجد أن جميع صنّاع القرار، من شتى التوجهات الفكرية والسياسية في هذا البلد، متفقون على أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستسعيان إلى تطبيق السيناريو الليبي ضد إيران، وأن الإيراني يجب ألا يقع في هذا الفخ، حتى لو أدّى الأمر إلى إشعال فتيل الحرب.
إعلانوتفضّل القيادة الإيرانية أن يكتب التاريخ أنها حاربت ووقفت في وجه الولايات المتحدة وإسرائيل حتى اللحظة الأخيرة، بدلًا من أن يكتب التاريخ أنها رضخت واستسلمت وأدخلت البلاد في سيناريو يُشابه السيناريو الليبي.
ولربما يمكن القول إن موضوع عدم الرضوخ للطلبات الأميركية، خاصة في شأن البرنامج النووي الإيراني، يُعتبر من المواضيع القليلة التي يتفق عليها الساسة الإيرانيون من شتى الاتجاهات السياسية.
وحتى المعارضة الإيرانية التي لا تتلقى رواتبها من إسرائيل والولايات المتحدة، تدعم عدم امتثال إيران للإملاءات الأميركية والإسرائيلية، ورفض التخلي عمّا يُعتبر إنجازات علمية ودفاعية إيرانية.
وعلى الرغم من أن الأضواء تكون عادة متركّزة على جولات المفاوضات التي يُجريها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع مندوب الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، فإن المفاوضات الأساسية بين الجانبين تجري خلف الكواليس، عبر مفاوضات غير رسمية وغير علنية، وعبر اتصالات بوساطات و…، وبعد أن تُفضي هذه المفاوضات الخلفية إلى نتائج مُرضية، يلتقي عراقجي مع ويتكوف بهدف تثبيت ما تم التوصل إليه بشكل غير رسمي.
ولهذا يمكن القول إن الاتفاق على إجراء الجولة السادسة من المفاوضات يعني أن الجانبين قد توصّلا إلى نتيجة في مفاوضاتهما خلف الكواليس.
ولكن، وعلى كل الأحوال، يمكن القول إن المشكلة الأساسية التي تواجه المفاوضات بين الجانبين هي أن الجانب الأميركي لم يقرر بعد ما يريده، وهناك تخبّط ملحوظ في القرار الأميركي.
فالمفاوضات بين الجانبين بدأت بعد مباحثات مطوّلة، وتبادل رسائل متعددة، والتوصل إلى صيغة مرضية نسبيًا للطرفين، حيث كان متفقًا على أن تقوم إيران بتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم، وتقديم طمأنات مرضية للأميركيين بشأن سلمية برنامجها النووي، مقابل رفع كامل للعقوبات الأميركية عن إيران.
إعلانوالمطلب الأميركي كان محصورًا في "التأكّد من سلمية البرنامج النووي الإيراني، وعدم توجّه إيران لتصنيع السلاح النووي"، في حين كان المطلب الإيراني واضحًا، وهو "رفع العقوبات بشكل دائم، وتقديم ضمانات بأن الولايات المتحدة سوف تنفذ تعهّداتها في الاتفاق، ولن تنسحب منه أو تفرض العقوبات مجددًا تحت عناوين أخرى".
وبحسب ما قاله لي أحد المشرفين على المفاوضات، فإنه وخلال خمس جولات من المفاوضات، غيّر الجانب الأميركي رأيه أكثر من خمسين مرة، ولم يقدّم في أي مرة مشروعًا واضحًا يبيّن ما الذي ستقدمه الولايات المتحدة لإيران مقابل طلباتها، أو يوضح آلية رفع العقوبات وتأمين المطالب الإيرانية.
وتعلم الولايات المتحدة جيدًا أن إيران لن تقبل بوقف تخصيب اليورانيوم بشكل كامل داخل البلاد، وهي حاضرة في المفاوضات من أجل رفع العقوبات فقط، ولا يوجد أي دليل يشير إلى أن إيران ستخضع للطلبات الأميركية.
وحتى التهديدات العسكرية الأميركية لن تكون مؤثرة في تغيير الموقف الإيراني، فالتهديدات العسكرية الأميركية والإسرائيلية مطروحة على الطاولة منذ عام 1995، ومع ذلك مضت إيران في تطوير برنامجها النووي، رغم تلك التهديدات والعقوبات المفروضة عليها، ولم تقم بتخفيض وتيرة التصعيد إلا نتيجة لاتفاقيات سياسية.
ويعلم الأميركي أيضًا أنه لا يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني بضربة عسكرية واحدة، إذ إن هذا الأمر سيحتاج إلى عمليات عسكرية متعددة، وبالتأكيد فإن ذلك سيكون محفوفًا بالمخاطر، نظرًا لأن إيران لن تقف متفرجة، بل سترد وتدافع عن نفسها.
وإضافة إلى ذلك، فحتى لو تم تدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، فإن إيران تستطيع إعادة بنائه بسرعة خلال عام، في أماكن سرية، نظرًا لامتلاكها التكنولوجيا اللازمة، إضافة إلى أن لديها كل ما تحتاجه من معادن اليورانيوم إلى تكنولوجيا تصنيع أجهزة الطرد المركزي وغيرها، داخل الأراضي الإيرانية.
إعلانوبما أن إيران استطاعت الحصول على وثائق نووية سرّية إسرائيلية تتضمن كيفية تصنيع الأسلحة النووية، والتي قام الأوروبيون بتزويدها بها، فهناك احتمال بأن تتوجه إيران هذه المرة إلى تصنيع السلاح النووي من أجل تأمين أمنها ووجودها.
وإضافة إلى ذلك، فإن الأميركي يعلم أيضًا أن وجود اليورانيوم المخصب بنسب عالية، بالإضافة إلى التكنولوجيا وأجهزة الطرد المركزي الموجودة حاليًا داخل إيران، يُمكِّن هذا البلد من تصنيع السلاح النووي خلال أيام، إذا ما توفرت الإرادة السياسية لذلك.
ولهذا، فإن هناك مخاطرة كبيرة أيضًا بأن تندفع إيران نحو سيناريو كوريا الشمالية، نتيجة للسياسات الأميركية والأوروبية، بدلًا من أن تندفع نحو السيناريو الليبي.
وكانت الولايات المتحدة قد دخلت في مفاوضات مع كوريا الشمالية، وتوصلت إلى اتفاقيات تحد من البرنامج النووي لهذا البلد، عندما كان بيل كلينتون رئيسًا لأميركا. ولكن بعد ذلك، فإن سياسات جورج بوش دفعت هذا البلد إلى التوجه نحو تصنيع السلاح النووي، والإعلان عن إجراء أول تجربة نووية في عام 2006.
ولولا سياسات الحكومة الجمهورية الأميركية وتهديداتها، لربما لم تضطر كوريا الشمالية إلى تصنيع السلاح النووي.
وهنا يكمن جوهر المطلب، وهو أن أي هجوم أميركي أو إسرائيلي على إيران، وإيجاد تهديد وجودي لهذا البلد، قد يؤدي إلى تغيير المرشد الإيراني لفتواه، وتغيير إيران لعقيدتها النووية.
وإضافة إلى كل ذلك، فإن الصين ستكون أكثر من سعيدة بدعم إيران ماديًا وعسكريًا لمواجهة الولايات المتحدة، وإدخالها في المستنقع الإيراني، وهي تعلم أن الأميركي سيتوجّه لاحقًا إلى مواجهة الصين بعد أن يطمئن إلى تحييد إيران وروسيا.
أما روسيا، فهي أيضًا لن تقبل بخسارة منفذها الوحيد المتبقي الآمن إلى البحار الدافئة، كما أنها لن تنزعج إذا غرقت الولايات المتحدة في المستنقع الإيراني، لأن ذلك سيؤدي تلقائيًا إلى انخفاض مستوى الدعم الأميركي لأوكرانيا.
إعلانأما دخول الأوروبيين، غير الراضين عن تهميش دورهم في المفاوضات، على الخط عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتهديدهم بتفعيل "آلية الزناد" في الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، فقد زاد الطين بلّة، إذ إن إيران باتت تُحضّر نفسها لاتخاذ إجراءات حادّة ضد هذه الخطوة، أقلّها زيادة حجم اليورانيوم المخصب بنِسب عالية، وخفض مستوى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة أن إيران حصلت على مستندات سرية إسرائيلية تؤكد أن هذه الوكالة سرّبت معلومات سرية لإسرائيل عن البرنامج النووي الإيراني، وأن بعض مفتشيها قد تجسّسوا لصالح إسرائيل.
وعمليًا، تتساءل إيران حاليًا عن جدوى التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة إذا كانت العقوبات الدولية سيُعاد فرضها على هذا البلد.
وعلى الرغم من أن موضوع إعطاء إجازات صيفية للأميركيين الموجودين في المنطقة، وسفر عائلاتهم، هو أمر اعتيادي يتكرر كل عام، فإن الولايات المتحدة تحاول تصوير هذا الأمر على أنه تهديد لإيران، بأنها قد تُقدِم على خطوة عسكرية ما إذا قررت إيران التصعيد بعد صدور قرار مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو في حال عدم خضوعها للطلبات الأميركية.
وحسب بعض التسريبات، فإنه في الوقت الذي كان قد تم فيه التوصل إلى اتفاق بين الجانبين خلال الجولة الثالثة من المفاوضات، على إنشاء كونسورتيوم (مجموعة دول من المنطقة) لتولي مسؤولية تخصيب اليورانيوم في إيران، غيّر الأميركيون رأيهم بعد زيارة ترامب للمنطقة، وطالبوا بأن يكون موقع تخصيب اليورانيوم في إحدى الجزر الإيرانية في الخليج، وأن يكون مكشوفًا لا تحت الأرض.
وبعد ذلك، عادوا وغيّروا رأيهم مرة أخرى في الرسالة التي أرسلوها، وطالبوا بأن يتم التخصيب خارج الأراضي الإيرانية، وأن تقوم إيران بوقف التخصيب وتفكيك منشآت التخصيب بشكل كامل داخل الأراضي الإيرانية، مع السماح للمفتشين الأميركيين بتفتيش المنشآت الإيرانية تحت مظلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكان من المتوقّع أن ترفض إيران هذا الطلب.
إعلانوحسب بعض التسريبات، فقد قدّمت إيران مقترحها المقابل في هذا الشأن للجانب الأميركي، ويقوم أساسه على أن تبقى منشآت تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية في مكانها، وأن تقوم الكونسورتيوم بإنشاء منشآت تخصيب جديدة في أي مكان يتم الاتفاق عليه، لتأمين احتياجات إيران ودول المنطقة من اليورانيوم المخصب.
وتقبل إيران، بموجب هذا المقترح، بتخفيض حجم ونسبة التخصيب داخل منشآتها دون إيقافه، وذلك بالتوازي مع الكميات التي يتم تسليمها لها من قبل الكونسورتيوم.
ويمكن تخفيض نسبة التخصيب إلى مستويات منخفضة جدًا توازي الصفر تقريبًا، إذ إن تخصيب كمية تقل عن الطن بنسبة 3.67% يُعدّ عمليًا مساويًا للصفر، وهو يكفي فقط لإبقاء أجهزة الطرد المركزي في حالة دوران حتى لا تتعطّل.
وفي حين تُصرّ إيران على الإبقاء على اليورانيوم المخصب بنِسَب عالية داخل البلاد، في أماكن مغلقة وتحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كضمان لتنفيذ الأميركي لتعهداته، فإن الجانب الأميركي طلب من الجانب الروسي الدخول على الخط ونقل هذا اليورانيوم إلى روسيا، وهو ما ترفضه إيران، على الأقل في الوقت الراهن.
لكن، في المقابل، تطالب إيران الأميركيين بتقديم عروض مغرية، وأهمها توضيح كيفية رفع العقوبات عن إيران، نظرًا إلى أن الرئيس الأميركي لا يمكنه إلا رفع العقوبات الرئاسية، التي تُشكّل حوالي 20% فقط من مجموع العقوبات، في حين يتطلب رفع باقي العقوبات قرارًا من الكونغرس الأميركي.
ويرفض الإيرانيون مبدأ تعليق العقوبات الأميركية، كما حدث بعد الاتفاق النووي، لأن التجربة السابقة أثبتت أن تعليق العقوبات لا يؤدي فعليًا إلى فتح مجالات التعاون الاقتصادي الإيراني على المستوى الدولي.
وبما أن الولايات المتحدة وافقت على إجراء الجولة الجديدة من المفاوضات، فهناك تصوّر بأنها قد تقبّلت ضمنيًا العرض الإيراني، وأن كل ما يدور في الأجواء الإعلامية هدفه فقط كسب أوراق تفاوضية.
إعلانوهنا يكمن السؤال: هل تريد الولايات المتحدة الحرب أم السلام؟ إذ إن الاتفاق ومشروع السلام المُرضي للطرفين باتا مطروحين على الطاولة، والتخوف الوحيد هو أن تحاول الإدارة الأميركية نقل مشاكلها الداخلية، خاصة في ظل ما يشهده الداخل الأميركي من احتجاجات على قرارات ترامب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline