تونس- يتواصل لليوم الثاني إضراب الأطباء الشباب في تونس -المقرر أيام 12 و13 و16 و17و18 يونيو/حزيران الجاري- بدعوة من المنظمة التونسية للأطباء الشبان احتجاجا على رفض وزارة الصحة الاستجابة إلى مطالبهم.

وعلى مدار اليومين الأولين من الإضراب، توافد مئات الأطباء الشبان من الطلبة في سنواتهم الأولى -وصولا للأطباء المقيمين الذين يخضعون للتكوين حسب اختصاص دقيق- إلى باحة كلية الطب للاحتجاج.

وهذا التحرك ليس الأول من نوعه، بل يأتي ضمن سلسلة طويلة من الاحتجاجات والإضرابات والمسيرات التي خاضها الأطباء الشبان خلال العقد الماضي.

مقاطعة وإضراب

وعلى مدار هذه الأيام الخمسة، يرفض الأطباء الشبان العمل ضمن إضراب شامل، كما يقاطعون اختيار مراكز التربُّصات (المستشفيات) التي سيعملون بها خلال الأشهر الستة المقبلة.

ومع أن وزارة الصحة دعتهم، الخميس، للانتقال إلى المعهد العالي لعلوم التمريض لاختيار مراكز التربصات بدلا من كليات الطب، فإنهم واصلوا مقاطعتهم وتحصنَّوا بالكلية.

وقد نددت المنظمة التونسية للأطباء الشبان بما اعتبرته هروبا للأمام للوزارة، بمحاولة كسر مقاطعة الأطباء لمراكز الاختيار بدعوتهم للانتقال إلى خارج أسوار كليات الطب "في سابقة خطيرة ستفاقم الأزمة".

إعلان

وبين المحتجين في كلية الطب، يقف الطبيب المقيم في أمراض وجراحة العيون عاطف الوريمي الذي أعلن مقاطعته لاختيار المستشفى الذي سيشتغل فيه الشهر المقبل.

عاطف وريمي أحد الأطباء الشبان المحتجين على تردي أوضاعهم وبات يفكر بالهجرة للخارج (الجزيرة)

أمضى الوريمي أكثر من 10 سنوات في التكوين وهو يشتغل منذ 6 سنوات كطبيب مقيم بمستشفى شارل نيكول في تونس العاصمة، براتب لا يتجاوز 1900 دينار (620 دولارا) شهريا وسط ظروفه الصعبة.

وبحكم تنقله من مدينة جرجيس (جنوب) للعمل في العاصمة، تحتَّم عليه إيجار سكن بقيمة 250 دولارا شهريا، إضافة لمصاريف الطعام والتنقل، ويقول للجزيرة نت إن راتبه الشهري "يتبخر".

ورغم أنه يؤمِّن أسبوعيا نحو 50 ساعة استمرار (إضافية) في المستشفى خارج ساعات عمله الأصلية، فإنه لم يتقاض مستحقاته، ولذلك قرر مقاطعة اختيار المستشفى الذي سيعمل فيه الأشهر الستة القادمة.

ويقر الوريمي بأن فكرة السفر للخارج تساوره بسبب تردي وضعه المادي، كغيره من الأطباء الذين هاجروا للخارج، وخاصة إلى ألمانيا التي كثَّفت الطلب على الكوادر الطبية وشبه الطبية التونسية.

 

إنذار للسلطة

وأبرز المتحدث ذاته تأثير الإضراب ومقاطعة الأطباء الشبان لاختيار مراكز المستشفيات التي سيعملون بها، مما يعني أنه -بداية من الشهر القادم- لن يوجد الأطباء في المستشفيات مما قد يربك الخدمات الصحية.

ويتم اختيار مراكز التربصات (المستشفيات) من الأطباء الشباب بشكل دوري، مرة كل 6 أشهر، في نطاق تكوينهم التطبيقي. في حين يعتمد الأطباء الشبان اللجوء إلى مقاطعة مراكز العمل كوسيلة للضغط على وزارة الصحة والسلطة.

وجيه ذكار رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان أكد أن هؤلاء الأطباء لا يأخذون مستحقاتهم (الجزيرة)

ويقول رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان وجيه ذكار -للجزيرة نت- إن عدم وجودهم للعمل في المستشفيات الشهر المقبل يهدد بخلل حقيقي في سير العمل الطبي وبتراجع الخدمات الصحية.

إعلان

ويضيف ذكار أن عدد الأطباء المشاركين في الإضراب يقدر بنحو 12 ألف طبيب، لكن الأطباء الذين سيقاطعون اختيار مراكز التربصات (المستشفيات) يصل عددهم إلى 6 آلاف طبيب داخلي وطبيب مقيم.

ويحمّل وزارة الصحة تداعيات مقاطعة الأطباء اختيار مراكز التربصات، لعدم إبدائها إرادة حقيقية لتحقيق مطالبهم رغم ما يعانونه من تدهور ظروف العمل وأجور متدنية وتأخير في صرف المستحقات.

مطالب لم تنفذ

وحول الأسباب الدافعة لهذا الاحتجاج، يقول ذكار إن الأطباء الشبان يشعرون باستياء وإحباط بسبب عدم استجابة الوزارة لمطالبهم بصرف مستحقات عملهم خلال ساعات الاستمرار في المستشفيات العمومية.

ويضيف أنهم يتقاضون أجورا زهيدة تتراوح بين 1400 دينار (450 دولارا) و1900 دينار (620 دولارا) شهريا، في حين يتقاضون دولارا واحدا بأحسن الحالات عن كل ساعة عمل إضافية في المستشفى.

ويتابع ذكار "هذا الأجر لا يتناسب إطلاقا مع حجم المسؤولية والجهد المبذول. كما أن قيمة ساعة الاستمرار مهينة".

ويؤكد أن الوزارة لم تستجب إلا لنقطة وحيدة من مطالبهم، وهي الترفيع في راتب الطبيب خلال الخدمة العسكرية لمدة سنة من 750 دينارا (250 دولارا) إلى 2000 دينار (680 دولارا) شهريا.

غير أن هذا التحسين لا يعوض بقية المطالب المتراكمة التي ظلت تراوح مكانها دون تنفيذ -حسب ذكار- الذي يؤكد أن معاناة الأطباء الشبان تفاقمت منذ سنة 2010 وتسبب في هجرة المئات منهم.

ويضيف أن آخر مفاوضات جرت مع الوزارة كانت في 15 مايو/أيار الماضي، ولم ينبثق عنها أي شيء، حيث أبدت تفهما شكليا لكنها تعللت بوجود عراقيل إدارية ومالية تحول دون تنفيذ المطالب.

غياب الإرادة

ويؤكد ذكار أن معالجة ملف الأطباء الشبان تفتقر إلى الإرادة السياسية، معتبرا أن الصحة العمومية في البلاد رغم الخطابات الرسمية -التي تؤكد أهمية المستشفى العمومي- لا تحظى بالأولية المطلوبة.

إعلان

ويشهد تكوين الأطباء في تونس مسارا طويلا يدوم 12 عاما بعد البكالوريوس، إذ يبدأ بـ5 سنوات دراسة بكليات الطب تليها سنة تدريب عملي كطبيب داخلي بأحد المستشفيات العمومية.

جانب من احتجاج الطلاب بكلية الطب بتونس حيث علقوا عملهم خلال الأيام القادم بالمستشفيات (الجزيرة)

ثم يجتاز طلبة كليات الطب مسابقة التخصص لينتقلوا إلى مسار يدوم سنوات طويلة من التدريب التطبيقي المستمر بالمستشفيات كطبيب مقيم، ويستغرق بين 3 و5 سنوات حسب الاختصاصات الطبية.

ويعمل الأطباء الجدد في نطاق مسار التخصص لساعات طويلة بالمستشفيات، ضمن ما يعرف بساعات الاستمرار، ويخضعون لمراحل متعددة من التأهيل والاختبارات قبل الحصول على بطاقة الطبيب.

غير أن الأطباء الشبان يشتكون من تردي وضعهم المادي رغم ما يؤكدونه من انضباط وجهود كبيرة لتقديم الرعاية الصحية للمواطنين بمستشفيات تعاني من نقص الموارد والتجهيزات، ورغم المخاطر الصحية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج وزارة الصحة فی تونس

إقرأ أيضاً:

ما حقيقة ظهور محتجة متوفاة في فيديو لقاء ترامب وستارمر

في لحظة خاطفة، تحولت جلسة رسمية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى مشهد أثار ضجة واسعة على منصات التواصل.

"ترامب تحت ضغط شعبي"، و"امرأة تتحدى الرئيس بلافتة حادة"؛ هكذا جاءت العناوين، تسبقها لقطات لامرأة تقف في الخلفية، ترفع لافتة مكتوبا عليها شعار لاذع ضد ترامب، بينما تجمدت الكاميرات على وجهه المتجهم.

اقرأ أيضا list of 1 itemlist 1 of 1حيتان على الشواطئ وتسونامي يجرف المنازل.. مشاهد مضللة عن زلزال كامتشاتكاend of list

المقطع بدا لوهلة حقيقيا: "اجتماع رسمي، وإضاءة متقنة، وامرأة جريئة، ودراما سياسية تتفجر في قلب الحدث"، كما لو أن لحظة احتجاج نادرة اخترقت الطوق الأمني الصارم ووصلت إلى موائد القرار.

سرعان ما غصت التعليقات بموجات من التفاعل، تصف الفيديو بأنه "صرخة أسكتلندية" ضد سياسات ترامب، وتجسيد حي للغضب الشعبي.

لكن خلف هذه اللقطة، بدأت التساؤلات تتصاعد: من تلك المرأة؟ وهل كانت حقا في مكان الحدث؟ وأين حراسة الأمن؟ وهل المشهد حقيقي، أم مجرد تركيب بصري لخداع المشاهد؟

امرأة تقتحم اجتماعا رسميا

البداية كانت مع انتشار مقطع فيديو نشر عبر "إنستغرام"، وحقق تفاعلا واسعا بعدما زعم أنه يوثق لحظة اقتحام سيدة تحمل لافتة مناهضة لترامب خلال اجتماع رسمي جمعه برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في أسكتلندا.

ظهرت المرأة في خلفية المشهد، مما أوحى بأنها اخترقت دائرة الأمن واحتجت داخل القاعة.

View this post on Instagram

A post shared by LOREM (activism only) (@loremresists)

 

تحقق بصري وتقني

أجرت وكالة "سند" للرصد والتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة تحليلا دقيقا للمقطع، وتبين أنه مثال على الفبركة السياقية، حيث جرى دمج مشهد من الاجتماع الفعلي بين ترامب وستارمر، والذي عُقد بتاريخ 28 يوليو/تموز 2025، وصورة قديمة تعود إلى عام 2016، وتُظهر الكوميدية الأسكتلندية جيني غودلي خلال احتجاج فردي أمام ملعب تيرنبيري للغولف الذي كان يملكه ترامب في أسكتلندا.

من صاحبة اللافتة؟

بالبحث عن المرأة الظاهرة في الفيديو، تبين أنها الممثلة الكوميدية الأسكتلندية جيني غودلي (Janey Godley) التي نظمت احتجاجا فرديا ضد ترامب في عام 2016 أثناء زيارته لأسكتلندا آنذاك، ورفعت حينها اللافتة المسيئة التي تظهر في الفيديو.

إعلان

الصورة التي التقطت لغودلي في ذلك الوقت انتشرت على نطاق واسع وظهرت لاحقا في تقارير إعلامية تناولت زيارة ترامب في 2025، لكنها ليست حديثة.

 

وبحسب أرشيف منشوراتها الشخصية، فإن غودلي نشرت صورة الاحتجاج عبر مدونتها عام 2016.

كما أنها توفيت في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أي قبل زيارة ترامب إلى أسكتلندا في يوليو/تموز 2025، وذلك يؤكد استحالة مشاركتها في أي احتجاج خلال هذه الزيارة.

 

View this post on Instagram

A post shared by Janey Godley (@janeygodley)

 

 

الفيديو الأصلي

بالرجوع إلى البث المباشر عبر قناة البيت الأبيض، لاجتماع ترامب وستارمر، لم تظهر أي محتجة في الخلفية، وذلك يعزز فرضية التلاعب الرقمي عبر تركيب اللقطة القديمة داخل المشهد الجديد لإيهام الجمهور بأن الاحتجاج وقع خلال الاجتماع.

 

 

مقالات مشابهة

  • 21 عملا مقاوما بالضفة خلال 24 ساعة
  • ما حقيقة ظهور محتجة متوفاة في فيديو لقاء ترامب وستارمر
  • أسعار النفط تواصل ارتفاعها لليوم الرابع وسط مخاوف بشأن الإمدادات
  • محافظ بورسعيد يبحث آليات انضمام المستشفيات الخاصة لمنظومة التأمين الصحي الشامل
  • ارتفاع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 73 دولارا للبرميل
  • الوزراء يعتمد توصيات لجان إنهاء النزاعات القضائية بين الجهات الحكومية
  • صحة الإسكندرية: تنفيذ قوافل التبرع بالدم داخل عدد من المستشفيات
  • صحة الغربية تشهد انطلاق البرنامج التدريبي لتأهيل فرق العمل لتحقيق كفاءة مالية واستدامة صحية بالمستشفيات
  • قتيل واقتحامات في حضرموت احتجاجًا على انهيار الكهرباء
  • تراجع أسعار الذهب عالميًا