واشنطن, "د.ب.أ": في خطوة مفاجئة، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاقا مع الصين يضمن للولايات المتحدة الوصول إلى معادن الأرض النادرة، مقابل السماح للطلاب والباحثين الصينيين بالاستمرار في الدراسة في الجامعات الأمريكية. هذه الخطوة أثارت تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراءها، خاصة في ظل التوترات الاستراتيجية المتصاعدة مع بكين وأهمية هذه المعادن في الصناعات التكنولوجية والعسكرية.

ويقول الباحث وخبير الأمن القومي الأمريكي براندون وايكيرت إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن مؤخرا عن التوصل إلى اتفاق تجاري أولي مع الصين. ووفقا لمنشور للرئيس على تطبيق "تروث سوشيال" التابع له، فإن الإطار العام للاتفاق يشمل حصول الولايات المتحدة على وصول كامل إلى معادن الأرض النادرة في الصين، مقابل السماح المستمر لمئات الآلاف من الطلاب والباحثين الصينيين بالدراسة في الجامعات الأمريكية.

كما أعلن ترامب عن تقدم في مفاوضات الرسوم الجمركية، والتي وصفها في منشوره بأنها كانت لصالح الولايات المتحدة.

ويضيف وايكيرت الذي يساهم في عدة منشورات مرموقة، ومؤلف لكتب عن تفوق أمريكا وسباق الصين البيولوجي وطموحات إيران الإقليمية، أن القضية الجوهرية وردت في بداية المنشور، حيث قال ترامب: "سيتم تزويدنا بأي معادن نادرة ضرورية مقدما من قبل الصين. وبالمثل، سنقدم للصين ما تم الاتفاق عليه، بما في ذلك استخدام الطلاب الصينيين لكلياتنا وجامعاتنا".

ولم يتم حتى الآن الإعلان عن تفاصيل الاتفاق الذي أبرمه ترامب، لكن هناك نقطتين رئيسيتين مثيرتين للقلق من البداية. أولا، إن وجود الطلاب والباحثين الصينيين في الجامعات الأمريكية ليس خيرا مطلقا، فقد ثبت مرارا أن إحدى أكثر الوسائل التي تستخدمها الصين لإرسال جواسيس صناعيين إلى الولايات المتحدة تكون تحت غطاء الطلاب الأجانب. ثانيا، والأهم من ذلك، أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على معادن الأرض النادرة في تصنيع منتجاتها عالية التقنية. وهي بحاجة ماسة إلى تنويع مصادرها من هذه المعادن، غير أن التفاوض مع بكين على واردات رخيصة من هذه الموارد يمنع الولايات المتحدة من تحقيق ذلك.

ومنذ نحو عقد مضى، بدأت الصين حملة عالمية لشراء مناجم معادن الأرض النادرة. وبفضل تلك التحركات المستمرة والمدروسة، باتت البلاد اليوم تسيطر على أكبر احتياطي معروف من هذه المعادن في العالم. ويمنح هذا الوضع بكين مزايا استراتيجية كبيرة على الولايات المتحدة وبقية دول العالم، إذ لا يمكن تصنيع أي تكنولوجيا حديثة من دون هذه المعادن.

لكن هيمنة الصين على معادن الأرض النادرة تقتصر فقط على الاحتياطيات المكتشفة حتى الآن. لا تزال هناك ملايين الأطنان من هذه المعادن مدفونة في الأرض لم تستغل بعد. ومن حسن الحظ أن كثيرا من هذه الموارد غير المستغلة موجود في أمريكا الشمالية. وبعد أن أغلقت الولايات المتحدة مناجم معادن الأرض النادرة قبل عقود التزاما بقوانين بيئية أكثر صرامة، أصبحت الآن بحاجة إلى اللحاق بالصين. ويقول وايكيرت إنه ليس من مصلحة أي أحد أن يترك المجال لدولة واحدة، وخاصة الصين، للهيمنة على هذا السوق الحيوي. ومن المنطقي أن يسعى ترامب في الأجل القريب إلى استعادة وصول أمريكا إلى هذه الموارد المهمة. لكن لا يمكن أن ينتهي الأمر عند هذا الحد. فالصين قادرة على قطع هذا الإمداد الحيوي متى ما اقتضت مصالحها الاستراتيجية، وستفعل ذلك.

ويتساءل وايكيرت أنه في ضوء ذلك، أين خطة إدارة ترامب لإعطاء الأولوية لإنشاء مناجم جديدة لمعادن الأرض النادرة داخل الولايات المتحدة؟ وأين الخطة للوصول إلى الموارد الهائلة في جرينلاند، وهي دافع رئيسي وراء مسعى ترامب المثير للجدل لشراء الجزيرة مؤخرا؟

وحتى الآن، لا يوجد شيء. والوقت يعمل فقط ضد الولايات المتحدة. وقد يتم استرضاء بكين (في الوقت الحالي) لمنح الأمريكيين إمكانية الوصول إلى هذه الموارد الأساسية. ولكن ماذا عن وقت لاحق، عندما يقررون غزو تايوان ويصبحون على خلاف مع واشنطن مرة أخرى؟

لقد دخلت إدارة ترامب البيت الأبيض بقوة، وبدأت بمواجهة القضايا الجوهرية. ومن بين تلك القضايا، حتى لو لم يدركها الرأي العام في حينه، إعادة تشغيل مناجم الأرض النادرة داخل أمريكا، والرغبة في الاستحواذ على جرينلاند من أجل الوصول إلى معادنها النادرة الوفيرة وغير المستغلة إلى حد كبير.

لقد أدرك ترامب الحاجة إلى تعزيز الدفاع عن النصف الغربي من الكرة الأرضية. لكن بعد أشهر قليلة من طرحه لتلك القضايا، يبدو أنها لم تعد تمثل أولوية.

فلو كان الحصول على إمداد موثوق من معادن الأرض النادرة أولوية حقيقية للأمن القومي، وينبغي أن يكون كذلك، لكانت إدارة ترامب قد وضعت بالفعل الإطار التنظيمي البيئي والحوافز الضريبية لتشجيع الشركات على تطوير مناجم هذه المعادن بسرعة داخل الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، كان من المفترض أن تكون هناك خطوات فعلية بشأن ملف جرينلاند. وحتى إن تراجعت الإدارة عن خطتها لشراء الجزيرة بالكامل، كان بالإمكان ببساطة التوصل إلى اتفاق مع سكان جرينلاند يسمح للشركات الأمريكية بالحصول على وصول أوسع إلى معادن الأرض النادرة هناك. لكن لم يحدث أي تحرك في أي من الملفين.

من ناحية اخرى، تواصل الصين تعزيز قبضتها على الاحتياطات العالمية المعروفة من معادن الأرض النادرة. ويقول وايكيرت إنه على ترامب أن يركز فورا على القضيتين المتلازمتين: تطوير الموارد الأمريكية من هذه المعادن، والسعي للسيطرة على موارد جرينلاند. وأي مسار آخر لا يعدو أن يكون مضيعة للوقت.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة من هذه المعادن هذه الموارد إلى معادن

إقرأ أيضاً:

البنتاغون يعقد اتفاقاً لـ«عشرين عاماً» مع أكبر مصنع أسلحة في العالم

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن توقيع عقد طويل الأجل مع شركة RTX، أكبر مُصنّع للأسلحة والأنظمة الجوية والفضائية في العالم، بقيمة تصل إلى 50 مليار دولار، ما يُعد من أضخم الصفقات في تاريخ الصناعات الدفاعية الأمريكية.

وجاء في بيان صادر عن البنتاغون أن العقد المبرم مع الشركة، التي تتخذ من أرلينغتون بولاية فرجينيا مقراً لها، يمتد لعشرين عاماً دون فترات اختيارية، ويشمل توريد أنظمة عسكرية ومنتجات نهائية وقطع غيار وخدمات دعم مختلفة.

وأوضح البيان أن تنفيذ العقد سيتم داخل الولايات المتحدة وخارجها، على أن يُستكمل بحلول 31 يوليو 2045.

ويغطي الاتفاق عدة جهات تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، منها الجيش ووكالة الخدمات اللوجستية للدفاع، إضافة إلى هيئات مختلفة داخل البنتاغون، ويُنتظر أن يُحدث دفعة نوعية في قدرات الصناعات الدفاعية الأمريكية على مدى العقدين المقبلين.

وتُعد شركة RTX، المعروفة سابقاً باسم Raytheon Technologies، من أبرز مزوّدي الأنظمة الصاروخية والدفاعات الجوية والتقنيات العسكرية المتقدمة، وتلعب دوراً محورياً في تحديث الترسانة الأمريكية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية.

تحقيق في أنشطة المدعي الأمريكي الخاص السابق جاك سميث لانتهاكه قانونًا فيدراليًا

أعلن مكتب المستشار القانوني الخاص، وهو هيئة اتحادية مستقلة في الولايات المتحدة، عن فتح تحقيق مع المدعي الأمريكي الخاص السابق جاك سميث، للاشتباه في انتهاكه “قانون هاتش” الذي يحظر على الموظفين العموميين استخدام مناصبهم للتأثير على نتائج الانتخابات.

ووفقًا لما نشرته صحيفة “نيويورك بوست”، يأتي هذا التحقيق على خلفية أنشطة سميث خلال توليه القضايا القضائية المرفوعة ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تضمنت اتهامات بسوء حفظ الوثائق السرية ومحاولة البقاء في السلطة بعد خسارته في انتخابات 2020، وهي القضايا التي أُغلقت لاحقًا دون توجيه إدانات.

ويشتبه في أن سميث، الذي استقال من منصبه في يناير 2025، قد خالف القانون الفيدرالي من خلال استخدام سلطته للتأثير على انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2024، وهو ما يعد خرقًا لقانون هاتش، الذي يستثني فقط الرئيس ونائبه وبعض الموظفين رفيعي المستوى من القيود المفروضة على الأنشطة السياسية أثناء أداء الواجبات الرسمية.

وكان السيناتور الجمهوري عن ولاية أركنساس، توم كوتون، هو من بادر بالمطالبة بفتح التحقيق، معتبرًا أن سميث “استخدم سلطته القانونية كأداة سياسية لصالح حملة الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس ضد ترامب”. وأضاف كوتون أن “عدداً من قرارات سميث كانت تهدف للتأثير على نتائج انتخابات 2024 دون مبرر قانوني واضح، مما يشكل انتهاكًا للقانون الفيدرالي”.

يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه الساحة السياسية الأمريكية احتدامًا متزايدًا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.

بلومبرغ: مكتب التحقيقات الفيدرالي حذف اسم ترامب من وثائق قضية جيفري إبستين

كشفت وكالة “بلومبرغ” أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) قام بحذف اسم الرئيس دونالد ترامب وأسماء آخرين من الوثائق المتعلقة بقضية الممول جيفري إبستين المتهم بتشغيل شبكة دعارة قاصرات.

ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة أن عملية تحرير الوثائق لإعدادها للنشر شملت إزالة الأسماء لأن ترامب وآخرين كانوا يُعتبرون أشخاصاً عاديين وقت بدء التحقيق عام 2006. وأكدت المصادر أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل رأيا لاحقًا أن نشر هذه الأسماء لم يكن “مناسبًا أو مبررًا”.

وشددت “بلومبرغ” على أن ذكر الأسماء في الوثائق لا يعني ضلوع أصحابها في أنشطة إجرامية، بل هي جزء من مسار التحقيق فقط.

في سياق متصل، أفادت مصادر أخرى في يوليو الماضي بأن وزارة العدل وFBI لم يعثروا على أدلة تثبت وجود ابتزاز من قبل إبستين لشخصيات نافذة أو على وجود “قائمة عملاء” أو معلومات تؤكد نظرية اغتياله.

كما نفت المتحدثة باسم البيت الأبيض وجود هذه القائمة، وأوضحت أن تصريحات وزيرة العدل السابقة بام بوندي كانت غير دقيقة في هذا الشأن.

من جانبه، وعد ترامب وفريقه في حملتهم الانتخابية لعام 2024 بالكشف عن كل الوثائق السرية المتعلقة بالقضية، وضمان أقصى درجات الشفافية.

مقالات مشابهة

  • الكونغو الديمقراطية ورواندا توقعان اتفاقا للتعاون الاقتصادي
  • البنتاغون يعقد اتفاقاً لـ«عشرين عاماً» مع أكبر مصنع أسلحة في العالم
  • 1300 شخص يوميًا.. الولايات المتحدة تُسجل أعلى معدل ترحيل منذ سنوات
  • الصين تندد بالحمائية بعد إعلان ترامب رسوما جمركية جديدة
  • ترامب: على إيران تغيير نبرة تصريحاتها بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة
  • عاجل. بسبب تدويل الأزمة مع إسرائيل.. الولايات المتحدة تعلن عن عقوبات ضد السلطة الفلسطينية
  • الولايات المتحدة تدرس إصدار تحذير سفر إلى الصين بسبب تفشي حمى شيكونغونيا
  • كيف تستعد الصين لمعركة الذكاء الاصطناعي مع الولايات المتحدة؟
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على أكثر من 100 شخص وشركة مرتبطة بإيران
  • ترامب: سأسمح للاجئين الأوكرانيين بالبقاء في الولايات المتحدة حتى انتهاء الحرب