رغم توقيعها مع إيران قبل حوالي شهرين معاهدة تعاون استراتيجية في شتى مجالات الدفاع والطاقة، لم تعبّر روسيا حتى الآن عن نيتها للتدخل لصالح حليفتها في المواجهة مع إسرائيل، في ظل احتمال توسّع رقعة النار تتسع والتلويح بدخول الولايات المتحدة في الحرب. اعلان

لا تزال ثمة أسئلة عما سيفرزه الميدان في حال خرجت المعركة بين طهران وتل أبيب عن السيطرة، خاصة مع تلويح الخارجية الإسرائيلية الاثنين بأن النظام الإيراني بات تهديدًا عالميًا، قادرًا على إرسال الصواريخ إلى أوروبا.

يتساءل البعض عن دور موسكو من كل ذلك، ومدى استعدادها لمد يد العون لطهران، أو إذا ما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يصطاد في الماء العكر" كما يلمح البعض، خاصة وأن تصريحاته لا تزال خجولة.

وقد أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، في حديثه مع "سي بي إس"، والذي عاد إلى واشنطن بشكل عاجل، لا لنية وقف إطلاق النار بين الطرفين، بل "لغاية أكبر من ذلك بكثير"، بأنه لم يرَ دلائل حتى الآن تفيد بتورط روسيا أو كوريا الشمالية في مساعدة إيران.

كيف تعاطى الكرملين مع المواجهة المحتدمة؟

في البداية، حاول بوتين أن يوازن مواقفه، مدينًا “انتهاكات إسرائيل لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”، لكنه توقف عند هذا الحد، متجنبًا الانزلاق إلى مواجهة مباشرة.

ومع تصاعد النزاع، استثمر الكرملين موقعه كوسيط، متمسكًا باقتراحه حول "الاستعداد لإزالة الفائض النووي الإيراني"، لكنه لم يجد ترحيبًا كافيًا سوى من ترامب الذي راهن عليه.

وبينما يصف البعض العلاقة بين روسيا وإيران بأنها "حلف" قوي، يرى آخرون أنها لا ترتقي إلى هذا المستوى التقليدي، بل هي مجرد "تعاون استراتيجي" قائم على رؤية مشتركة لعالم متعدد الأقطاب.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقيان في الكرملين في موسكو، روسيا، بتاريخ 30 يناير 2020.Maxim Shemetov/Pool Photo via AP, File

وقد قالها أندريه رودينكو، نائب وزير الخارجية الروسي، صراحةً: "توقيع المعاهدة الذي جرى في نيسان الماضي لا يعني إنشاء تحالف عسكري مع إيران أو تقديم مساعدة عسكرية متبادلة".

ومع ذلك، يختلف الرأي حول مدى استعداد موسكو للدفاع عن شريكتها مقارنة بأدائها الأخير في سوريا، والذي أدى إلى سقوط نظام بشار الأسد، بحسب عدة مراقبين.

Relatedماذا نعرف عن نظام "باراك ماغن" الذي استخدمته إسرائيل لصدّ المسيّرات الإيرانية؟من زمن الشاه إلى عهد الخميني: كيف تحوّلت إيران من حليف استراتيجي لإسرائيل إلى خصم لدود؟السماء السورية.. ساحة جديدة في المواجهة بين إيران وإسرائيل

فمن جهة، أي انقلاب في طهران قد يحرمها من شريك استراتيجي مهم، خاصة وأن النظام الجديد، مهما كانت طبيعته سواء أكان ليبراليًا أو علمانيًا أو محافظًا، لن يكون بالضرورة صديقًا كما هو النظام الحالي.

ومن جهة ثانية، يرى البعض أن موسكو قد تجد فرصتها في استمرار الصراع، خصوصًا مع ارتفاع أسعار نفط الأورال الروسي، الذي تجاوز حاجز 60 دولارًا، متجاوزًا سقف الأسعار الذي فرضته الدول السبع، مما ينعش خزينتها ويخفف من وطأة العقوبات والضغوط الغربية.

بالإضافة إلى ذلك، قد تجعل الحرب الصين، التي تستهلك يوميًا حوالي 1.8 مليون برميل من النفط الإيراني، أكثر اعتمادًا على روسيا، التي لا تزال بحاجة ماسة إلى تحرك أمريكي لتحويل أنظمة الدفاع الصاروخي إلى قواعدها في الشرق الأوسط وحلفائها من السعودية والإمارات وقطر، ما يعزز نفوذها في المنطقة.

سفينة نفط راسية في مجمع شيسخاريس، روسيا، بتاريخ 11 أكتوبر 2022APما الذي يمكن أن تفعله روسيا من أجل إيران؟

حتى الآن، تحاول الصحف الروسية التعاطي مع المسألة بحذر، مع الترويج للكرملين على أنه وسيط مثالي لحل النزاع، رغم ذلك يعتقد البعض أن النجاح الدبلوماسي بعيد المنال، خاصة وأن مصداقية بوتين قد تأثرت لدى حلفائه بعدما تراجع عن دعم نظام بشار الأسد السنة الماضية، ريثما كان الحرس الثوري الإيراني وحزب الله يتجهزان لدعم الجيش السوري.

ويرى البعض أن روسيا لا تستطيع دعم إيران "إلا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن لا توجد التزامات عسكرية تقيدها". خاصة وأنها لم تعد "بحاجة إليها في تصنيع الطائرات المسيرة التي تحتاجها للحرب ضد أوكرانيا"، إذ باتت قادرة الآن على إنتاج حوالي 2700 مسيّرة شهريًا دون دعم طهران.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل إيران النزاع الإيراني الإسرائيلي دونالد ترامب الحرس الثوري الإيراني بنيامين نتنياهو إسرائيل إيران النزاع الإيراني الإسرائيلي دونالد ترامب الحرس الثوري الإيراني بنيامين نتنياهو الحرس الثوري الإيراني روسيا الولايات المتحدة الأمريكية فلاديمير بوتين حروب إسرائيل إسرائيل إيران النزاع الإيراني الإسرائيلي دونالد ترامب الحرس الثوري الإيراني بنيامين نتنياهو البرنامج الايراني النووي قطاع غزة هجمات عسكرية علي خامنئي سوريا صواريخ باليستية

إقرأ أيضاً:

3 أهداف لزيارة "ويتكوف" مركز مساعدات أمريكية برفح أهمها تلميع صورة "إسرائيل"

غزة - خاص صفا

ليست الأهداف المعلنة لزيارة المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي "ستيفن ويتكوف" للكيان الإسرائيلي وغزة، والمتعلقة بالاطلاع على الوضع الإنساني في الأخيرة، حقيقية، لكن الرجل اليهودي جاء لـ"عدة ملفات، منها إيجاد صيغة لمواجهة الضغط العالمي الذي تتعرض له إسرائيل".

ويؤكد محللان سياسيان في حديثين منفصلين مع وكالة "صفا"، أن "ويتكوف" جاء لمحاولة تلميع صورة "إسرائيل" المشوهة عالميًا بسبب الإبادة والتجويع الذي تمارسه بحق مليوني نسمة بالقطاع، وأيضًا لهدفين آخرين متعلقين بالمفاوضات والوضع الداخلي الإسرائيلي.

ووصل المبعوث الأمريكي "ويتكوف" للكيان الإسرائيلي الليلة الماضية، وزار مركز ما تسمى المساعدات الأمريكية الإسرائيلية جنوبي قطاع غزة، والتقط صورًا فيها، وغادر قبل أن يتم استئناف استهداف منتظري المساعدات من جيش الاحتلال.

وقبيل وصول "ويتكوف" صباح اليوم للمؤسسة الأمريكية، تم تنظيم المكان، وتسوية المنطقة الرملية، التي سالت فيها دماء المئات من طالبي المساعدات، وإبعاد الدبابات والقناصة، وتقليص عشرات الآلاف من طالبي المساعدات، لعددٍ قليل من أسر عناصر ياسر أبو شباب، ضمن "مسرحية هزلية أمام العالم"، لتلميع المكان.

مواجهة المزاج العالمي

ويقول المختص بالشأن السياسي والإسرائيلي عماد عوّاد "إن الهدف الأول لزيارة ويتكوف، هو صياغة استراتيجية مع إسرائيل للوقوف بوجه تشوه صورتها أمام العالم، خاصة بظل الحراك العالمي الحالي والاعترافات بالدولة الفلسطينية من عدة دول، وهو ما أعاد القضية الفلسطينية لزخمها".

ولم يكمل عواد حديثه عن زيارة "ويتكوف" قبل أن يستدرك بأن "الاعترافات بالدولة الفلسطينية وصفة لاقتتال فلسطيني داخلي، لأن الدولة الفلسطينية المقصودة على المقاس الغربي والإسرائيلي".

ويكمل "لكن المقلق لإسرائيل وويتكوف، هو أن هناك مزاج عالمي يتغير، وبالتالي هم بحاجة لإيجاد صيغة ما لمواجهتها".

ومن أجل مواجهة هذا المزاج السلبي، يرى عواد أن الجانبين يسيران بعدة اتجاهات، الأول إيجاد آلية لادخال المساعدات بحدودها الدنيا، تؤدي إلى إيقاف الزخم العالمي ضد "إسرائيل" في هذه القضية، خاصة أنها ترتفع بشكل متسارع.

ملف المفاوضات والضغط الداخلي

والأمر الثاني من وجهة نظره، هو محاولة تحريك ملف المفاوضات، معللًا ذلك بـ"أن إسرائيل كانت تعتقد أنه سيكون هناك موافقة من حماس على كل الشروط، ولن يكون هناك اعتراضاً، وحينما اعترضت حماس فاجأها ذلك".

وبحسب عواد، فإن الجانب الثالث لزيارة "ويتكوف"، هو أن هناك صراع داخلي إسرائيلي حول استمرار الحرب، خاصة أن الجيش الإسرائيلي يسحب بعض ألوية جنوده من غزة، وهناك خلاف عميق بين اليمين المتطرف والجيش فيما يتعلق بهذه القضية.

ويعتقد أن ويتكوف "جاء أيضاً لتحريك ملف المفاوضات، لكن من خلال محاولة الحفاظ على الجزء الأهم من الشروط الإسرائيلية".

ويستدرك "ولكن باعتقادي هذا الموضوع ليس سهلاً، خاصة أنه من الواضح أن إسرائيل والولايات المتحدة، تدركان تماماً أن هناك شروطًا لا يمكن أن تتنازل عنها حماس، خاصة في ظل النية الإسرائيلية الأمريكية المبيتة، أنهما ذاهبتان ما بعد الهدنة لتطبيق مشروع التهجير من غزة".

وبالمحصلة فإن "ويتكوف جاء لأجل العديد من الملفات، منها المفاوضات، وإيجاد صيغة لتخفيف الضغط الدولي على إسرائيل، ومنها محاولة فكفكة الملف الداخلي الإسرائيلي، لأن من يتابع ما يجري بالوضع الداخلي الإسرائيلي يدرك تماماً أن ما يحدث ليس سهلًا أبدًا"، يقول عواد.

وعقب مغادرة "ويتكوف" لمركز ما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" لتوزيع المساعدات، فتح جيش الاحتلال النار على طالبيها بذات المركز، ما أدى لاستشهاد خمسة منهم على الأقل، وإصابة العشرات.

عزلة دولية

من جانبه، يرى المحلل السياسي طلال عوكل في حديثه لوكالة "صفا"، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يكن يرغب بزيارة ويتكوف، لأن المبعوث الأمريكي يريد دفع المفاوضات.

ويقول "إن ويتكوف يزور إسرائيل أيضًا للضغط من أجل دفع المفاوضات، ويستهدف أيضاً تحسين آليات إرسال وتوزيع المساعدات في القطاع، بعد أن انفضحت سردية التواطؤ على المجاعة وقتل طالبي المساعدات".

ويشير إلى تصريحات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"،  تجاه الوضع الإنساني في القطاع، والتي خرج بها بالتزامن مع زيارة "ويتكوف".

ويقول إن: "الولايات المتحدة تريد حسم هذه المهزلة، بسبب أنها لم تعد تتحمل ممارسات نتنياهو وحكومته، والتي تدفع البلدين نحو عزله دولية متزايدة".

وعيّن "ترامب" ستيفن ويتكوف (67 عاما)، مبعوثاً خاصًا له في الشرق الأوسط بمايو عام 2024 المنصرم، وهو يهودي، شكل تعيينه مفاجأة للعالم، لعدم وجود أي خبرات سياسية له، وهو صاحب مقترح وقف إطلاق النار بغزة الذي تدور حوله المفاوضات، دون الوصول لاتفاق حتى اليوم.

ومنذ أكتوبر للعام 2023 ترتكب "إسرائيل" بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع، أدت لاستشهاد ما يزيد عن 60 ألف شهيد، بالإضافة لـ حوالي 145 ألف إصابة، وما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض.

مقالات مشابهة

  • في ظل التوتر المتصاعد مع إسرائيل.. إيران ترفع جاهزيتها العسكرية وتعيد تشكيل مجلس الدفاع
  • الخارجية: غياب الإرادة السياسية من جانب إسرائيل هو العقبة الأساسية أمام التوصل لاتفاق
  • إيران تهدد برد يشلّ إسرائيل خلال 48 ساعة من أي هجوم محتمل!
  • إيران تحث المجتمع الدولي على وقف جرائم إسرائيل في غزة
  • ضربة تقضي على النووي .. مخاوف من عودة الحرب بين إيران و إسرائيل
  • الغارديان: إسرائيل تدير الجوع في غزة عبر حسابات بسيطة
  • 3 أهداف لزيارة "ويتكوف" مركز مساعدات أمريكية برفح أهمها تلميع صورة "إسرائيل"
  • ثلاثة أهداف لزيارة "ويتكوف" لغزة أهمها تلميع صورة "إسرائيل" المشوهة عالميًا
  • كلمة الوزير الشيباني خلال مأدبة عشاء حضرها سفراء الدول العربية لدى روسيا في العاصمة موسكو
  • ارتفاع حصيلة القصف الروسي على كييف إلى 26 قتيلاً .. أوكرانيا تطالب بعزل روسيا