يواصل الاحتلال سياسته المتعمدة لقتل أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بكل الطرق، وعلى رأسها حرمانهم من الدواء والعلاج عبر منع دخوله إلى القطاع وقصف المستشفيات وإخراجها عن الخدمة.

ويُعد مجمع ناصر الطبي في خانيونس أحد المستشفيات القليلة جدا التي ما زالت تعمل في قطاع غزة، لكنه مُهدد بالخروج عن الخدمة خلال يومين إلى ثلاثة أيام بسبب هذه السياسات الإسرائيلية.



وكان لافتا تعرض محيط مستشفى ناصر في خانيونس لقصف إسرائيلي خلال حديث مراسل "عربي21" مع الدكتور مروان الهمص، مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بقطاع غزة، والذي حذر من كارثة حقيقية قد تقع في حال خرج المجمع الطبي شبه الوحيد القادر على تلبية احتياجات المواطنين في جنوب القطاع، عن الخدمة.

وقال الهمص إن "ما يحصل في مجمع ناصر الطبي هو نتيجة لتراكم الأحداث باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لكل المنظومة الصحية وإخراج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة في جنوب قطاع غزة، كذلك إخراج مدينة رفح كلها عن الخدمة، حيث لم يتبق إلا مجمع ناصر الطبي وهو المستشفى الحكومي العام الوحيد هناك والذي يعمل على استقبال الجرحى والمصابين وكذلك المرضى".


وأوضح لـ"عربي21"، أن "مجمع ناصر الطبي فيه غرف عناية مُركزة تتسع لـ 51 سرير وحضانة أطفال تتسع لـ 25 سرير إضافة إلى 22 كرسي غسيل الكلى، وقسم للقلب، و6 غرف عمليات تعمل على مدار الساعة، وهذه الأقسام غير موجودة في أي من مستشفيات جنوب القطاع بما فيها الميدانية".

وتابع، "لو قام الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء مجمع ناصر الطبي وإخراجه عن الخدمة عندها ستتوقف الخدمات الصحية في كل جنوب قطاع غزة الذي يتواجد فيه الآن 900 ألف إنسان في مناطق خانيونس ورفح ويتضمن هذا العدد نازحين للمنطقة أيضا، وبالتالي حينها لن يتوفر لهؤلاء المواطنين أي خدمات طبية ممكنة".

وحول الاحتياجات العاجلة التي يحتاجها مجمع ناصر الطبي قال الهمص، "يحتاج بشكل عاجل للوقود الذي يمنع الاحتلال الإسرائيلي إدخاله، والمتوفر منه الآن يكفي لتشغيل المستشفى لمدة يومين أو ثلاثة فقط، وفي حال عدم توفره بعد ذلك سيتوقف المجمع الطبي عن العمل بشكل كامل".

كما يحتاج المجمع الطبي وفقا للهمص، لغرف وأسرة للعناية المُركزة، فالموجود حاليا في القسم لا يتسع للمرضى، إضافة إلى النقص في حليب الأطفال حيث لا يوجد ولا أي علبة حليب للأطفال الرضع ليس فقط في مجمع ناصر الطبي بل في كل مدينة خانيونس، علما أن الأطفال الخدج في المستشفى يحتاجون للحليب بشكل عاجل.

وأضاف، "أيضا هناك نقص شديد في الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية خاصة أدوية أقسام الطوارئ (الشاش الطبي، الأربطة الضاغطة، وغيرها من المواد اللازمة لغرف العمليات)، بسبب كثرة الإصابات".

ولفت إلى أنه "لولا مواصلة الاحتلال الإسرائيلي قصفه واستهدافه لأبناء شعبنا الفلسطيني – يصل يوميا ما يزيد عن 200 حالة إلى المستشفى – لكان لدينا بعض الاستقرار، ولكن يصلنا يوميا من مراكز توزيع المساعدات -مراكز توزيع الموت- إصابات شديدة وخطيرة تحتاج بشكل عاجل للدخول في غرف العمليات والعناية المُركزة".

وأردف، "لو دخلتم الآن أقسام المستشفى لرأيتم بأم أعينكم كيف أصبح الوضع مُحزن ومؤلم حيث لا يوجد متر واحد إلا وفيه سرير مريض، بالطبع قمنا باستحداث خيم جديدة، كما كان هناك مبنى قمنا بتوسعته لاستخدامه سابقا لمكاتب الوزارة لكننا الآن نستخدمه لمبيت الجرحى وهم كُثر ولا نعلم إلى أين نحولهم".

وحول عدد المستشفيات الميدانية التي لا زالت تعمل في جنوب قطاع غزة، قال الدكتور مروان الهمص، "بالرغم من وجود مستشفيات ميدانية إلا أنها لن تُغني وجود مجمع ناصر الطبي، علما أن هناك 4 مستشفيات ميدانية في خانيونس (الأردني، والصليب الأحمر، والبريطاني، والكويتي).


وأكد أن "هذه المستشفيات الأربعة لا يمكنها تقديم 20 في المئة فقط من الخدمة التي يقدمها مستشفى ناصر، مع شكرنا لكل ما يقدمونه وأخص بالذكر المستشفى الميداني الأردني لأنه ملاصق لمجمع ناصر وحينما نحتاجهم يكونوا على أهبة الاستعداد".

ويتابع الهمص، "نحن نعاني معاناة شديدة، فلدينا نقص شديد بالأدوية والوقود اللازم لتشغيل المستشفى، والمستلزمات والمعدات والأجهزة الطبية، وللأسف أيضا أطفالنا يموتون جوعى بدون حليب".

وشرح الهمص بأن "مستشفيات الصليب الأحمر والمستشفى البريطاني كان كل واحد فيهما بداخله 50 سرير وتوسع الآن لـ 70، لكن لم تشمل هذه التوسعة العناية المُركزة وبنوك الدم، بالتالي في حال توقف بنك الدم الموجود في مستشفى ناصر لن يبقى بنوك دم".

وأوضح أن "المستشفى الميداني الأردني مع كل الشكر للمملكة والطواقم الطبية فيه، لكن لا يوجد فيه سوى 3- 4 أسرة عناية مُركزة و17 سرير لمبيت المرضى، وغرفة العمليات تعمل على مدار اليوم".

وأضاف، "لهذا نناشد الملك عبد الله وكل الأخوة في المملكة الأردنية الهاشمية بأن يتم توسعة المستشفى الميداني الأردني، حيث كان هناك خطة لنقل قسم نسائية وولادة، ولو تم التوسعة بالخيام لمبيت المرضى لكانت أفضل خدمة تُقدم لأبناء شعبنا الفلسطيني".

وناشد المسؤول في وزارة الصحة الفلسطينية مستشفيات الصليب الأحمر والبريطاني بأن يتم عمل توسعة لإضافة أسرة وأجهزة خاصة بالعناية المُركزة، حيث لا يوجد عناية مُركزة إلا في مجمع ناصر وفيها فقط 52 سرير ممتلئة عن بكرة أبيها، ولو لا قدر الله حدثت إصابات جماعية أخرى سننتظر موت أحد المرضى أو استخدام قسم الاستقبال كقسم عناية مُركزة رغم أنه غير مُجهز لهذا الغرض.

وأكد أن "خروج مجمع ناصر الطبي عن الخدمة يعني فقدان خدمة العناية المُركزة، وبالتالي سيكون الموت المحتم هو مصير 52 مريض يبيتون الآن في هذا القسم، كذلك سيكون الموت مصير 25 طفل يبيتون الآن في قسم عناية الأطفال والخُدج".

وأردف، "أيضا بتوقف المجمع الطبي لن نستطيع تقديم الخدمة لمن يحتاجون لعمليات طارئة والتي يُقدر عددها 50- 60 عملية يوميا، نعم قد يكون هناك خدمة متوفرة لهم في المستشفيات الميدانية ولكنني أقولها بكل ألم سيعيش منهم 20 ويموت 30".

وأشار إلى أن "المرضى الذين يحتاجون لعلاجات معينة مثل خدمات القسطرة القلبية وعلاج القلب وعلاج السرطانات والتي هي موجودة فقط في ناصر، ومرضى الجلطات الدماغية الذين يحتاجون للمبيت، سيتضررون في حال خرج مجمع ناصر عن الخدمة".

وتابع، "انا اقولها وبكل صراحة إن خروج مجمع ناصر الطبي عن الخدمة يعني خسارة الألاف من المرضى والجرحى والمصابين الذين يصلون يوميا لحياتهم لا قدر الله، وبالتالي خروجه عن الخدمة سيشكل كارثة حقيقية".

ويرى الهمص أن "الاحتلال يرهن حياة 700 ألف إنسان داخل مدينة خانيونس، وهو حاليا يضع مجمع ناصر في مربع أوامر الإخلاء، طبعا هو يقول أن المجمع ليس ضمن الإخلاء مع أن كل محيطه مُخلى".


وأكد أن "الاحتلال يريد أن يهدم المنظومة الصحية وقتل أبناء شعبنا الفلسطيني بكل الطرق إن كان بالاستهدافات والقصف بالطائرات والصواريخ أو بحرب التجويع وقتل أبناء شعبنا في مراكز توزيع المساعدات، أو عبر منع العلاج في داخل المستشفيات وهذا هو الأصعب والأمر".

وحول ما إذا كان هناك تواصل مع المنظمات الدولية المعنية بالصحة قال الدكتور مروان الهمص، "نحن على تواصل دائم مع الصحة العالمية وجمعية الصليب الأحمر ووكالة الغوث وحقوق الإنسان، ويوميا نتواصل في وزارة الصحة مع طواقم هذه المنظمات، وقبل ساعة زارنا طواقم من منظمتي أطباء بلا حدود فرنسا- اسبانيا، كما زارنا أمس طاقم منظمة الصحة العالمية، ولكن دائما ما يبرر الاحتلال تعطيل عملهم بالأسباب والدواعي الأمنية".

ولفت إلى أن "الاحتلال مثلا يمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية إلى مستشفى الصليب الأحمر والذي يُعتبر مكان تابع لمنظمة دولية محايدة، ويمنع دخول هذه الاحتياجات أيضا للمستشفى التابع للهيئة الطبية الدولية، كما منع الاحتلال إدخال جهاز تصوير الأشعة للمستشفى الأردني والذي نحتاجه بشدة لاستخدامه في غرف العمليات".

وخلص بالقول، "الاحتلال الإسرائيلي لا يأبه لأي قانون دولي، هو فقط يريد أن يقتل أبناء الشعب الفلسطيني بكل الطرق، لذلك رسالتنا لكل العالم بأن يساعدوننا لوقف هذه الحرب وايقاف حرب والتجويع ومساعدتنا في إدخال كل ما يحتاجه قطاع غزة من طعام وشراب وأدوية حتى نستطيع أن نحيا حياة كريمة كما كنا نحياها في السابق أسوة ببقية شعوب العالم".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مقابلات الاحتلال الفلسطيني غزة فلسطين غزة الاحتلال مستشفي ناصر المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی مجمع ناصر الطبی الصلیب الأحمر المجمع الطبی مستشفى ناصر أبناء شعبنا عن الخدمة قطاع غزة لا یوجد فی حال

إقرأ أيضاً:

المرزوقي لـعربي21: إسرائيل في حالة غطرسة نووية.. ومصر حُيّدت تماما لصالح الاحتلال

قال الرئيس التونسي الأسبق، الدكتور محمد المنصف المرزوقي، إن الهجوم الإسرائيلي على إيران يُعد امتدادا لاستراتيجية رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للبقاء في السلطة، مشيرا إلى أن "نتنياهو وجد في الحرب خيارا أكثر قبولا لدى الشارع الإسرائيلي المتطرف مقارنة بمجزرة غزة، وهو ما يمكنه مؤقتا من تجنّب السقوط ودخول السجن"، لافتا إلى أن "إسرائيل باتت في حالة غطرسة نووية لا تجد أحد في المنطقة يتصدى لها بشكل حاسم".

وأضاف، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن نتنياهو يعتبر هذا التوقيت "فرصة لا تُعوّض" بوجود دونالد ترامب على رأس الإدارة الأمريكية الحالية، لتحقيق حلم قديم يتمثل في "منع إيران من أن تصبح مثل إسرائيل قوة نووية في الشرق الأوسط، بما ينهي احتكار الأخيرة لورقة التخويف وإخضاع شعوب المنطقة".

وعن تأثير الضربات الإسرائيلية على إيران، رأى المرزوقي أن "طهران كانت تتوقع الضربة وتُعدّ لها مسبقا"، مُشدّدا على أن لديها ما لا تملكه إسرائيل: "العمق الجغرافي وحجم المساحة".

وأوضح أن إيران "تستطيع توزيع قواها وجهدها على مساحة واسعة يستحيل السيطرة عليها، بينما كل بيض إسرائيل في سلة صغيرة، أي منطقتي حيفا وتل أبيب، ما يجعلها أكثر عرضة للإيذاء، كما رأينا في الليالي الأربع الأولى للحرب".


التجربة الأمريكية في العراق

وفيما يتعلق بأهداف إسرائيل من الحرب، قال المرزوقي إن "الاحتلال يدرك جيدا ارتباط إسقاط النظام الإيراني بالقضاء على برنامجه النووي، ويسعى لتكرار تجربة الأمريكيين مع النظام العراقي الذي ترأسه صدام حسين"، لكنه استدرك قائلا: "هناك فرق هائل؛ فلا أحد يتصور أن أمريكا ستشنّ هجوما بريا على إيران من أجل عيون إسرائيل، والاعتماد على ثورة شعبية تطيح بالنظام الإيراني يبدو بعيد المنال حاليا؛ إذ نرى العكس تماما، من حيث التفاف الشعب الإيراني حول قيادته".

وبشأن ما إذا كانت إسرائيل أصبحت بالفعل "سيدة المنطقة" كما يزعم البعض، قال المرزوقي إن "الاحتلال يسعى لذلك بالفعل، لكن مطامحه أكبر بكثير من حجمه وقدراته الحقيقية"، مضيفا: "لقد أصبحت هذه الدولة المارقة في وعي كل شعوب المنطقة خطرا داهما على الأمن القومي العربي، والإيراني، والتركي"، مؤكدا أن المنطقة "تحكمها منذ مئات السنين هذه الأمم الثلاث، ولن يغيّر في الأمر دخيل طارئ، بل سيحشد ضده بحماقاته كل شعوب المنطقة".

وأكد أن "إسرائيل اليوم في حالة غطرسة نووية، وتتصور أنها قادرة على وضع كامل منطقة الشرق الأوسط تحت إرادتها، باعتبارها القوة النووية الوحيدة في المنطقة"، مشيرا إلى أن الاحتلال "يريد أن تعيش شعوب المنطقة تحت رحمة القنابل والغطرسة الإسرائيلية، وهو أمر لا يمكن قبوله بتاتا".

وشدّد الرئيس التونسي الأسبق، على أن "كل شعوب المنطقة باتت تدرك جيدا أننا أمام مشروع استعماري توسّعي واضح"، قائلا: "هم يتوسعون في لبنان ويسعون في سوريا، أما الضفة الغربية فقد أصبحت في نظرهم جزءا أصيلا من إسرائيل، ومَن يقول غير ذلك لا يقرأ الخريطة كما ينبغي".

مواجهة إسرائيل بقوة

وأردف: "هم يضربون إيران حتى لا تُشكّل خطرا نوويا، لأنهم يريدون أن تبقى إسرائيل القوة المسيطرة على المنطقة بصفتها القوة النووية الوحيدة، وبالتالي لا تدخل في أي محاولات للعيش أو التفاهم المشترك، بل تريد السيطرة والاستعلاء، وهذا ما يجب أن نواجهه بكل قوة".

وفي تقييمه للمواقف العربية والدولية من الحرب بين إيران وإسرائيل، أشار المرزوقي إلى أن "كل الدول تشعر بقلق شديد من احتمال توسع الحرب وامتداد أجلها وأثرها الكارثي على الاقتصاد"، متوقعا أن تكون "جهود تطويق الحريق الحالي أقوى من الموقف المخزي تجاه مذبحة غزة المستمرة للشهر الـ20 على التوالي".


ولدى سؤاله عمّا إذا كان تواطؤ المجتمع الدولي وغض الطرف عن الاحتلال والإبادة في فلسطين قد أوصل إسرائيل إلى هذا التوغّل، أجاب المرزوقي إن "أهم عامل هو موقف الدول العربية التي لها علاقات بإسرائيل"، موضحا أنه "لو أن مصر ضربت بشكل جاد على الطاولة وقالت: إما نهاية المجزرة أو نهاية التطبيع، لتوقفت إسرائيل على الفور؛ لأنها لا تخشى شيئا قدر تجدّد جبهة عربية رافضة لها، لكن السيسي ليس لديه هذه القدرة، ولا الشجاعة، ولا الإرادة".

ولم يستبعد المرزوقي اتساع نطاق الصراع ليشمل باكستان، قائلا: "يبدو لي أن باكستان بدأت تنظر لما يجري كتهديد مؤجل؛ فهي الدولة المسلمة الوحيدة التي تملك السلاح النووي، وتحالف إسرائيل والهند ليس وليد الأيديولوجيا فقط".

وواصل حديثه قائلا: "الأمة التركية، والأمة العربية، والأمة الإيرانية، يجب أن تتوحد ضد هذا الخطر الداهم"، مؤكدا: "كلنا على قائمة الطعام، العرب، وحتى الأتراك. إسرائيل لا تخشى شيئا من تركيا إلا احتمال ردعها، بعد أن حُيّدت مصر تماما، وأدخلتها في منطق الاستسلام الكامل لتل أبيب وواشنطن".

وأشار الرئيس التونسي الأسبق، إلى أن "إسرائيل ستسعى لاحقا للتطبيع مع كل مَن يقبل بالاستسلام والخضوع لها، ثم ستتجه فيما بعد إلى تركيا، لأن الأخيرة هي القوة الوحيدة التي يمكن أن تضع حدا لهذه الغطرسة، وقد تكون سوريا، لا قدر الله، ساحة المواجهة بين الطرفين".

وأشاد المرزوقي بما ورد على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن إسرائيل تمثل أكبر تهديد لأمن المنطقة، وإيقافها ضروري لخفض التوتر، قائلا: "أنا أتفق تماما وأثني على هذا الموقف، لأن قناعتي المطلقة أن إسرائيل أصبحت تُشكّل خطرا كبيرا وفادحا على الأمن القومي العربي، والإيراني، وحتى التركي".

الطبع يغلب التطبع

وفي سياق آخر، علّق المرزوقي على منع السلطات المصرية دخول متضامنين مع غزة إلى القاهرة، قائلا: "ناشدت السلطات المصرية للسماح بهذا التضامن الرمزي، لكن ما بالطبع لا يتبدل، والطبع هنا هو الخيانة والعمالة التي نراها واضحة في سلوك السلطات المصرية للأسف".

ورأى أن ما تريده السلطات المصرية هو "البقاء في السلطة"، متسائلا: "لكن هل السيسي متأكد أن خيار القمع والاستبداد وحصار غزة سيعينه على ذلك، دون أي مراعاة للغضب المتنامي داخل الشعب المصري؟، لا أعتقد ذلك مطلقا".


واستطرد قائلا: "هناك غضب متنامٍ داخل الشعب المصري، وداخل صفوف الجيش المصري، الذي يعلم أن إسرائيل تحتقره بزعم أنه لا يستطيع أن يتحرك، وهناك أيضا غضب في العالم العربي كله، بل وفي العالم أجمع، لأن هؤلاء المتضامنين يُمثلون دولا وبرلمانات ومؤسسات، وهو ما سيساهم في تغيير المعادلة الحالية يوما ما".

وتابع: "تعامل الحكومة المصرية مع قوافل التضامن مع غزة هو رسالة واضحة ومباشرة إلى الإسرائيليين: افعلوا ما تريدون، ولا تهتموا، وكونوا مطمئنين تماما من جانبنا، ولا يوجد شيء يمكن أن يوقف الجرائم الإسرائيلية التي لن نتصدى لها كما أننا لن نسمح لأحد بالتنديد بها من على أراضينا".

وكانت السلطات المصرية قد أوقفت أكثر من 200 ناشط أجنبي من جنسيات مختلفة لدى وصولهم إلى مطار القاهرة أو في فنادقهم، على خلفية مشاركتهم في "المسيرة العالمية إلى غزة"، وفق تصريحات سابقة للمتحدث باسم المسيرة سيف أبو كشك.

وخلال الأيام القليلة الماضية، توالت مبادرات لكسر الحصار عن غزة، وقطع العلاقات مع إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو –المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية– احتجاجا على العدوان على غزة.

نظام السيسي هو الخاسر

وأضاف المرزوقي أن "السلطات المصرية لن تربح شيئا من هذا السلوك المشين، بل ستخسر كل شيء"، مشيرا إلى أن "الرابح الوحيد من هذه العملية هو إسرائيل، والخاسر هو النظام المصري الذي سيفقد كل شيء، والخاسر الأكبر هي القضية الفلسطينية".

واعتبر المرزوقي أن هذا الموقف "يخدم فقط إسرائيل، وهو ضد مصلحة النظام المصري ومصلحة مصر والعرب"، مضيفا: "إذا كنت تعتبر (السيسي) أن وجودك في السلطة مرهون برضى إسرائيل، فلك ذلك، لكن سترى عما قريب أن الفاتورة التي سيقدمها لك الشعب المصري والعالم الحر ستكون قاسية جدا".


وقال المرزوقي إن "البركان الذي يجلس على صفيحه هذا الحاكم المستبد (السيسي) لن يتيح لأي نظام مهما بلغت قسوته أن يواصل البقاء ضد إرادة الشعب"، مردفا أن في "النظام السوري العبرة والعظة، وهو ما لا يريد السيسي أن يفهمه بسبب غبائه اللامتناهي".

وأكد أن المأساة التي تشهدها غزة ما كانت لتقع لولا "الحصار المصري على القطاع". وقال: "من المضحك أن نقول إن إسرائيل هي التي تحاصر غزة؛ فهي لا تملك إلا ثلاثة منافذ، بينما المنفذ الرابع -معبر رفح- هو بيد مصر، وبالتالي نظام السيسي هو الذي يحاصر غزة وليس إسرائيل".

وأضاف: "هل كانت غزة مُحاصرة في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي؟ طبعا لا. ولو بقي مرسي -أو أي حاكم ديمقراطي آخر يستمع إلى شعبه- لما كانت غزة مُحاصرة أصلا. يستحيل أن تكون غزة عرفت هذه المأساة لو كان مرسي حيّا"، مُشدّدا على أن "انفجار 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 كان سببه الحصار الخانق الذي دام عشر سنوات ضد غزة".

وأكمل: "لو كان هناك حاكم ديمقراطي في مصر، لما انفجرت غزة. السبب بسيط: لم تكن لتُحاصر بهذا الشكل البشع، وكان سيبقى دائما معبر رفح مفتوحا لدخول الطعام والوقود وخروج الجرحى والتواصل بين العائلات".

يُشار إلى أن معبر رفح يُعدّ المنفذ الوحيد غير الإسرائيلي لقطاع غزة، وهو موقع حساس يترقب العالم تحركاته، خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية والسياسية هناك.

وزاد المرزوقي: "أنا أحمّل مسؤولية الكارثة الموجودة ومسؤولية انفجار 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 للنظام المصري. هو الذي يحاصر غزة وليست إسرائيل، ويجب أن نردد هذا بكل وضوح".

وأكد أن "الحصار لن يُرفع عن غزة إلا إذا رفع النظام المصري يده عن الحصار"، متابعا: "لو أفقنا غدا على حكم ديمقراطي في مصر، ستُفتح كل المعابر وتنتهي المأساة وتصل كل الإغاثات".

ورأى الرئيس التونسي الأسبق، أن السماح بدخول قوافل الإغاثة إلى القاهرة كان بمثابة "آخر فرصة للنظام المصري ليكفر عن ذنوبه المتراكمة"، مُشدّدا على أنه كان يمكن أن يُشكّل ضغطا على إسرائيل.

الحل بيد الشعب المصري

وأكد المرزوقي أن الحل بيد الشعب المصري والجيش المصري، قائلا: "هما القادران على وقف هذه المأساة. وإذا تواصلت المأساة أكثر، فسيكون ذلك بسبب الموقف المصري، لا الإسرائيلي. من الطبيعي أن تتصرف إسرائيل بوحشية وهمجية، لكن ما ليس طبيعيا هو أن يقبل عربي مسلم بما يحدث، ويتفرج، بل ويمنع وصول قوافل الإغاثة. هل هذا معقول؟، هذا ما يجب أن نحاسب أنفسنا عليه، وهذا ما يجب أن يحاسب الشعب المصري به السيسي".


كما تطرق إلى الحصار الذي تتعرض له "قافلة الصمود" المغاربية من قِبل قوات حفتر، مؤكدا أن "حفتر دمية بيد مصر والإمارات ويفعل ما يُؤمر به". واعتبر أن "كل هذه المآسي من نتائج تصفية الربيع العربي".

وتسائل: "هل كانت مأساة غزة ستوجد لو كان الرئيس الشهيد محمد مرسي في السلطة؟، وهل كانت القافلة ستُوقف في ليبيا لولا تدمير الثورة الليبية من قِبل الثورة المضادة المُموّلة إماراتيا والمدعومة من النظام الانقلابي في مصر؟".

وقرّر القائمون على "قافلة الصمود المغاربية لكسر الحصار على غزة"، الاثنين، عودتها من ليبيا إلى تونس، شريطة أن تطلق الحكومة المُكلّفة من البرلمان في الشرق الليبي سراح 15 موقوفا من ناشطي القافلة.

لكن المرزوقي لفت إلى أن هذا الحراك المتضامن مع غزة لن يتوقف أبدا، قائلا: "نحن في البداية ولسنا في نهاية المسار، وهناك شيء بدأ يتحرك بحجم المعاناة الهائلة في غزة، وهذا ستكون له تبعات قصيرة ومتوسطة المدى، ليس فقط على مصير غزة بل على مستقبل المنطقة برمتها".

وشدّد على أن "الذين تركوا أهلنا في غزة يموتون جوعا وقتلا سيدفعون الثمن، آجلا أم عاجلا، نتيجة هذا الموقف المخزي من المأساة البشعة التي نشهدها يوميا في القطاع".

ونوّه المرزوقي إلى أن "كرة الثلج الغضب الشعبي العربي بدأت تكبر من المغرب العربي، ولكن لا أتصور أنها ستصل الآن إلى مصر"، موضحا أن "موقف السلطات المصرية في الوقت الحاضر يمكن تفسيره بالخوف من امتداد هذه الكرة إلى الداخل المصري، بحيث تصبح غير قادرة على التحكم في تداعياتها".

وأضاف أن "ما يجري حاليا يُمثل فزعة شعبية تضامنا مع إخواننا في غزة، والفزعة تقليد متجذر في الثقافة العربية والإسلامية؛ فعندما يُقتل الأخ أو يُغتصب أحد من العائلة، يفزع الجميع"، لافتا إلى أن ما يهمه أكثر هو أن هذه الفزعة "ليست فقط عربية أو إسلامية، بل عالمية أيضا؛ فالفزعة لأهلنا في فلسطين أصبحت فزعة إنسانية عالمية".

وأكد المرزوقي أن التضامن مع غزة اليوم لا يقتصر على الحكومات فقط، بل يشمل المجتمعات أيضا، وقال: "ما يُثلج الصدر ويخفف من الألم هو هبّة الضمير في الجامعات والمجتمعات المدنية في أوروبا وأمريكا، وأخيرا هبة الضمير العربية في شكل قافلة الصمود المغاربية، رغم إجهاضها من قِبل النظام المصري وقوات حفتر المارقة".

مقالات مشابهة

  • البادئ أظلم.. نشطاء يتفاعلون مع استهداف إيران مجمع سوروكا الطبي الإسرائيلي
  • ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى
  • الاحتلال يتباكى على سوروكا ويحاول استثارة العالم.. هل نسي ما فعله بمشافي غزة؟
  • كارثة إنسانية تهدد حياة مئات الرضّع والخدّج في غزة
  • خروج نجل تامر حسني من العناية المركزة ووضعه تحت الملاحظة
  • المرزوقي لـعربي21: إسرائيل في حالة غطرسة نووية.. ومصر حُيّدت تماما لصالح الاحتلال
  • الخارجية الروسية: حياة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران معرضة للخطر
  • مدحت شلبي: ريبيرو يطلب التعاقد مع مهاجم.. والأهلي يعرض عليه أسامة فيصل وعمرو ناصر
  • غياب الأرصفة بحي سيدي موسى بسلا يعرض حياة المارة للخطر وجمعيات تطالب بتدخل عاجل