الجالية العربية في كاليفورنيا.. مخاوف أمنية بعد عقود من الاستقرار
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
كاليفورنيا- تتواصل حملات توقيف المهاجرين غير النظاميين بولاية كاليفورنيا، وخصوصا في مدينة لوس أنجلوس، إذ دخلت أسبوعها الثالث، وسط حالة من القلق والتوجس تسود الجالية العربية، وتصاعد الاحتجاجات والانقسام السياسي والأمني بشأن تداعياتها.
وتعيش الجالية العربية، التي تقدر أعدادها بمئات الآلاف في كاليفورنيا، على وقع هذه التطورات بقلق بالغ، وسط مخاوف من أن تطال الإجراءات الفدرالية بعض أبنائها، خصوصا من ذوي الوضع القانوني غير المستقر، أو من المقيمين في المناطق المتأثرة بهذه الحملات.
وتشير تقديرات إلى أن عدد أفراد الجالية العربية في الولاية يبلغ نحو 374 ألف شخص، بأعلى نسبة من السكان من أصول عربية في الولايات المتحدة، وتتركز أغلب التجمعات العربية في مدن لوس أنجلوس، وإل كاهون، وسان دييغو، وإيرفين، وأناهايم.
أما عدد المسلمين في الولاية فيبلغ مليون نسمة تقريبا، ربعهم من أصول شرق أوسطية، ونحو 40% من أصول آسيوية، و20% من أصول أفريقية، والبقية من خلفيات أخرى، وفق إحصائيات مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) بكاليفورنيا.
يقول المدير التنفيذي للمجلس المدني العربي الأميركي بكاليفورنيا رشاد الدباغ، إن الحملات الأمنية التي نفذتها إدارة الهجرة والجمارك مؤخرا في مدينة لوس أنجلوس، تركزت أساسا على المهاجرين من أصول لاتينية، ألقت بظلالها على العرب المقيمين في الولاية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الدباغ أن "ما يمس الجالية اللاتينية ينعكس بشكل مباشر على العرب"، مشيرا إلى وجود عدد من المهاجرين العرب في وضع قانوني هش قد تطالهم الإجراءات، خاصة أن هناك ترابطا بين الجاليتين في سوق العمل والمجالات الاقتصادية.
وأضاف أن النشاط الاقتصادي لبعض المناطق ذات الأغلبية العربية بجنوب كاليفورنيا تضرر نتيجة التوتر، حيث تغيب كثير من العمال من أصول أميركية لاتينية عن عملهم، خوفا من الاعتقال، وهو ما أثر على المحلات التجارية والمطاعم العربية التي تعتمد عليهم.
ولفت الدباغ إلى حادثة توقيف مهاجر عربي في مايو/أيار الماضي في مقاطعة أورانج وترحيله لاحقا، مما زاد من حالة القلق لدى الجالية العربية، ودفع العديد من الأسر إلى تقليص حركتها والبقاء في المنازل، خوفا من التفتيش أو التوقيف المفاجئ.
وفي تطور لافت، أدان المجلس المدني العربي الأميركي قرار نشر قوات من الحرس الوطني ومشاة البحرية (المارينز) في مدينة لوس أنجلوس، معتبرا إياه "استعراضا غير مبرر للقوة" و"انتهاكا للحريات المدنية".
إعلانوقال في بيان إن العرب في الولاية ليسوا بمنأى عن الإجراءات الأمنية الفدرالية، في ضوء تاريخ من التضييق بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وما تبعها من استهداف للعرب والمسلمين.
من جهته، أكد المدير التنفيذي لمجلس "كير" في كاليفورنيا حسام أيلوش، أن تبعات الحملات الأمنية تطال جميع المهاجرين، حتى أولئك الذين يتمتعون بوضع قانوني سليم.
وقال للجزيرة نت إن عددا من الناشطين العرب شاركوا في الاحتجاجات الجارية في لوس أنجلوس، تضامنا مع المهاجرين الموقوفين، واحتجاجا على "النهج المتشدد" في سياسات الهجرة.
ويرى أيلوش أن ما يجري لا يمكن فصله عن السياسات العامة للإدارة الأميركية الحالية تجاه ملف الهجرة، والتي خلقت، حسب رأيه، مناخا من التوتر والخوف داخل صفوف الجاليات العربية والمسلمة، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.
وأشار إلى أن ولاية كاليفورنيا -التي يبلغ عدد سكانها نحو 40 مليون نسمة- تعد من أكثر الولايات تنوعا وانفتاحا، وغالبية سكانها تميل للتوجهات الليبرالية، في حين يقدر عدد المهاجرين غير النظاميين فيها بنحو مليوني شخص، أغلبهم من بلدان أميركا اللاتينية.
وتعتبر الولاية الأولى من حيث الناتج المحلي الإجمالي على مستوى البلاد، إذ تجاوز 4.1 تريليونات دولار عام 2024، ما يعادل 14% من حجم الاقتصاد الأميركي، وتحتل المرتبة الثالثة من حيث المساحة الجغرافية.
أما رئيس الجمعية المغربية الأميركية بكاليفورنيا سعيد الخليفي، فأكد أن الجالية العربية في الولاية، ورغم تاريخها العريق الذي يمتد لأكثر من قرن، لا تزال تواجه تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية، من أبرزها التمييز المرتبط بالهوية الدينية أو العرقية، خاصة في أوقات التوتر السياسي أو عند تفجر الأزمات في منطقة الشرق الأوسط.
وقال الخليفي، في حديثه للجزيرة نت، إن اللاجئين والمهاجرين الجدد من أبناء الجالية يواجهون صعوبات متزايدة في تسوية أوضاعهم القانونية، مما يجعلهم عرضة لخطر التوقيف أو الترحيل، في ظل استهداف ممنهج لذوي الأصول اللاتينية الذين يتشابهون في الكثير من المؤشرات السلوكية والديمغرافية مع المهاجرين العرب.
وأشار إلى أن التمثيل السياسي للعرب الأميركيين لا يزال ضعيفا، رغم أن الكثير منهم حققوا إنجازات مرموقة في مجالات متعددة، الأكاديمية والفنون والطب والتقنية، لكن الحضور العربي في مواقع صنع القرار ما زال دون الطموحات، مما يحد من القدرة على التأثير الفاعل في السياسات العامة.
الاحتفاظ بالهويةوتُعد منطقة "ليتل أرابيا" بمدينة أنهايم، على بعد نحو 45 كيلومترا من لوس أنجلوس، معقلا رئيسا للجالية العربية، وتضم أغلبية من أصول لبنانية وفلسطينية ومصرية وسورية ويمنية، وهي منطقة نابضة بالحياة، تعج بالمطاعم العربية والمقاهي ومحلات الجزارة والأسواق التقليدية.
ويعود الوجود العربي في الولاية إلى أواخر القرن الـ19، حين بدأت أولى موجات الهجرة من بلاد الشام، خاصة من لبنان وسوريا، لأسباب اقتصادية ودينية، وكان معظمهم من المسيحيين، ثم توالت الموجات لاحقًا، خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، وشملت مهاجرين من مصر والعراق وفلسطين، قبل أن تأتي موجة ثالثة في ستينيات القرن الماضي شملت فئات أوسع دينيا وسياسيا واجتماعيا.
إعلانواليوم، باتت "ليتل أرابيا" رمزا لهوية مستقرة ومتجذرة، يعززها حضور ثقافي وجمعوي نشط، ومدارس دينية ومؤسسات مجتمعية، تعمل على الحفاظ على اللغة والثقافة والروابط بين الأجيال، رغم التحديات المتواصلة.
وبينما تزداد وتيرة حملات الهجرة الفدرالية، يجد العرب الأميركيون أنفسهم بين سندان القوانين المتشددة ومطرقة الصورة النمطية التي تحاصرهم منذ سنوات، وهو ما يفرض -بحسب نشطاء ومراقبين- ضرورة رفع مستوى الوعي القانوني والسياسي داخل الجالية، وتعزيز تمثيلها في مراكز القرار لضمان حماية حقوقها ومكتسباتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجالیة العربیة لوس أنجلوس العربیة فی فی الولایة من أصول
إقرأ أيضاً:
تراجع الواردات الأمريكية أكثر من المتوقع في يونيو وسط مخاوف الرسوم
(رويترز) - أظهرت بيانات من الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة أن الواردات إلى الولايات المتحدة انخفضت بأكثر من المتوقع في يونيو، إذ أثر القلق إزاء تغيير سياسات الرسوم الجمركية على تجار التجزئة مما قاد لمخاوف تتعلق بتقلص الخيارات أمام المتسوقين.
تأتي هذه البيانات في الوقت الذي دخلت فيه العديد من الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيز التنفيذ، واعتبارا من السابع من أغسطس، صارت الرسوم الجمركية تتراوح بين 10و50 بالمائة، وتواجه الهند والبرازيل وسويسرا بعضا من أعلى المعدلات.
ومنذ الإعلان عن رسوم أساسية بنسبة 10 بالمائة فيما أطلق عليه "يوم التحرير" في أبريل، وعدل ترامب الرسوم الجمركية عدة مرات. وأدت هدنة مؤقتة مع الصين في مايو إلى خفض الرسوم الجمركية إلى 30 بالمئة، لكن زيادات جديدة استؤنفت في يوليو.
وبالأرقام، تعاملت الموانئ الأمريكية التي يغطيها تقرير الاتحاد الوطني للموانئ مع 1.96 مليون حاوية مقاس 20 قدما أو ما يعادلها في يونيو، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 8.4 بالمائة على أساس سنوي، لكنه يمثل في الوقت نفسه ارتفاعا بنسبة 0.7 بالمائة عن مايو.
كان هذا الانخفاض أكبر من توقعات الاتحاد الوطني للموانئ التي أصدرها قبل شهر. وكان الاتحاد قد توقع آنذاك أن تستقبل الموانئ 2.06 مليون حاوية مكافئة في يونيو، بزيادة قدرها 5.9 بالمئة عن مايو، وبانخفاض قدره 3.7 بالمائة على أساس سنوي.
علاوة على ذلك، من المتوقع مبدئيا أن يكون حجم البضائع المستوردة عبر الموانئ الرئيسية للحاويات في الولايات المتحدة في نهاية عام 2025 أقل بنسبة 5.6 بالمئة عن حجمها عام 2024، وفقا لتوقعات الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة.
وأبلغت شركات تجارة الملابس بالتجزئة، بما في ذلك أندر آرمور وديكرز أوتدور عن تأثيرات ترتبت على الرسوم الجمركية خلال الشهرين الماضيين، وتتخذ خطوات لتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها لتجنب الرسوم على السلع القادمة من أو التي يتم نقلها عبر دول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام.
وقال جوناثان جولد نائب رئيس الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة لشؤون سلاسل التوريد والسياسات الجمركية "بدأت الرسوم الجمركية في دفع أسعار المستهلكين إلى الارتفاع، وسوف يؤدي انخفاض الواردات في نهاية المطاف إلى نقص السلع على أرفف المتاجر".
وأضاف "نحن بحاجة إلى اتفاقيات تجارية ملزمة تفتح الأسواق من خلال خفض الرسوم الجمركية، وليس رفعها".
وأضاف أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، وانخفاض التوظيف، وانخفاض الاستثمار التجاري، وتباطؤ الاقتصاد.