د. أحمد يوسف **

مع تراجع التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، تعود الأنظار مجددًا إلى قطاع غزة، والسؤال الأبرز الآن: ما مصير حركة حماس؟ وإلى أين تتجه خياراتها في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية؟ فبعد سنوات من السيطرة على القطاع، وتصدّر مشهد المقاومة المسلحة، تقف الحركة أمام منعطف تاريخي قد يفرض عليها مراجعة كبرى لمسارها السياسي والعسكري.

أولًا: خيارات حماس بشأن حكم غزة

منذ عام 2007، تفرض حماس سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، لكن التحديات المتراكمة من حصار خانق، وحروب مدمرة، وضغوط داخلية وإقليمية، تجعل من استمرار هذا الوضع أمرًا مكلفًا.

فهل تختار الحركة الحفاظ على سيطرتها المنفردة، أم تتجه نحو شراكة وطنية تُعيد الاعتبار للمرجعية الفلسطينية الموحدة؟

ثانيًا: المقاومة والميل نحو السياسة

بعد سنوات من العمل العسكري، تظهر دعوات داخلية وخارجية تطالب حماس بتحول تدريجي نحو العمل السياسي، ضمن مشروع وطني جامع. خيار المقاومة لم يُلغَ، لكنه لم يعد وحده كافيًا في ظل متطلبات إدارة الحكم، وإعادة إعمار القطاع، والبحث عن اعتراف سياسي إقليمي ودولي. وقد يكون الوقت قد حان لأن تعيد الحركة صياغة خطابها لتوازن بين المقاومة والبراغماتية السياسية.

ثالثًا: الانسحاب الإسرائيلي.. جزئي أم شامل؟

في ضوء الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل، تظهر سيناريوهات تتحدث عن انسحاب جزئي أو كامل من غزة، ليس على طريقة "فك الارتباط" فقط، بل ضمن اتفاق سياسي يضمن التهدئة طويلة الأمد. وهنا يبرز دور حماس في رسم شكل المرحلة التالية: هل ستدخل في تفاهمات هدنة أم في ترتيبات حكم جديدة؟

رابعًا: إشراف عربي ودولي ومشاريع إعادة الإعمار

مع تصاعد الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب، تطرح أطراف إقليمية ودولية فكرة إشراف عربي-دولي على القطاع، لإعادة الإعمار وتوفير ضمانات الاستقرار، وهو ما قد يفتح الباب أمام نموذج جديد في إدارة القطاع، شبيه بتجارب دول ما بعد النزاع. غير أن نجاح هذه الفكرة مرهون بوجود طرف فلسطيني مُوحّد يحظى بشرعية وطنية وشعبية.

خامسًا: حكومة تكنوقراط انتقالية ومرجعية وطنية موحّدة

من السيناريوهات المطروحة تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية، تتولى إدارة الشأن العام في غزة، بإجماع وطني، وبالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية شرعية ووطنية. هذه الخطوة قد تفتح الباب لمرحلة جديدة من التفاهم الداخلي، وتساهم في تخفيف الحصار وتسهيل جهود الإعمار.

سادسًا: نحو شراكة وطنية عادلة

تدرك كافة القوى الفلسطينية أن الانقسام أضعف المشروع الوطني وأضر بالقضية الفلسطينية. لذلك، فإن أفضل شكل للشراكة الوطنية يجب أن يُبنى على قواسم استراتيجية، وليس مجرد تفاهمات إجرائية. المطلوب هو مشروع وطني مشترك يعيد بناء منظمة التحرير، ويضمن تمثيل الجميع ضمن رؤية موحدة.

سابعًا: خطاب سياسي جديد تحت عباءة منظمة التحرير

لكي تكون لحماس ولغيرها من الفصائل دور فاعل في النظام السياسي الفلسطيني، لا بد من خطاب سياسي موحد، يتكئ على الشرعية التاريخية والدولية التي تمثلها منظمة التحرير. وهو خطاب يُراعي ثوابت القضية، لكنه في ذات الوقت مقبول عربيًا ويحظى بدعم دولي، ويُشكّل مظلة للعمل السياسي والمقاومة الشعبية والدبلوماسية.

ختامًا.. حماس أمام مفترق طرق، وأيًّا كانت الخيارات، فإن اللحظة الراهنة تفرض مراجعة شاملة، ما بعد المواجهة الإيرانية الإسرائيلية ليس كما قبلها، والمنطقة تدخل مرحلة إعادة تشكيل قواعد اللعبة، وعلى حماس أن تختار: إما العزلة أو الشراكة، إما الاستمرار في إدارة أزمات القطاع، أو المساهمة في صناعة مستقبل وطني جامع.

والفرصة لا تزال قائمة، ولكنها لن تنتظر طويلًا!

** المستشار السابق لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الصحة العالمية: خطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة بالكامل مقلقة للغاية

حذر تيدروس أدهانوم جيبريسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية ، من أن خطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة بالكامل "مقلقة للغاية وتعرض مزيدا من الأطفال للخطر" نتيجة سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية، خلال حسابة على منصة "اكس".

رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران يزور العراق ولبناننتنياهو يبلغ ترامب بخطط السيطرة على مدينة غزة والمخيمات

وشدد جيبريسوس على أن "المزيد من التصعيد العسكري سيؤدي إلى تعريض مزيد من الأطفال للخطر، نتيجة سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية".

وقال جيبريسوس، على حسابه بمنصة "إكس"، الليلة الماضية، إن "خطة إسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية في غزة مقلقة للغاية، بالنظر إلى الوضع الإنساني والصحي المتردي أصلا في أنحاء القطاع"، وفقا لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا".

وجدد مدير منظمة الصحة العالمية، دعوته إلى "إتاحة الوصول الفوري وغير المقيد والواسع إلى المساعدات الغذائية والصحية" إلى القطاع المحاصر.

وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة، أمس، حول قرار الاحتلال الإسرائيلي توسيع العدوان على الشعب الفلسطيني وإعادة احتلال قطاع غزة، وشهدت الجلسة إدانات دولية واسعة لقرار إعادة احتلال غزة.

طباعة شارك منظمة الصحة العالمية غزة سوء التغذية جيبريسوس إسرائيل

مقالات مشابهة

  • فصائل المقاومة الفلسطينية تنعي خمسة صحفيين ارتقوا بقصف صهيوني
  • الصحة العالمية تحذّر من خطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة
  • الصحة العالمية: خطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة بالكامل مقلقة للغاية
  • حرب الظلّ الإلكترونية بين إسرائيل وإيران تتصاعد رغم وقف إطلاق النار
  • تحذيرات من كارثة إنسانية متفاقمة.. 217 شخصاً ضحية المجاعة في غزة
  • غزة لن تنهزم وإرادة الشعوب لا تنكسر
  • نتنياهو: لا نريد في غزة لا حماس ولا السلطة الفلسطينية
  • عاجل | نتنياهو: هدفنا نزع سلاح حماس وإنشاء إدارة مدنية غير إسرائيلية لا تقودها حماس أو السلطة الفلسطينية في غزة
  • كاتب سياسي: المملكة تصدت لخطة إسرائيل لاحتلال غزة منذ السابع من أكتوبر
  • مفكر سياسي: جيش إسرائيل عقيدته عدوانية وأفكاره عنصرية