إيكونوميست: ترامب يحلم بنصر سريع على إيران.. لكن الواقع مختلف
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
تثير تقارير استخباراتية مسربة الشكوك حول فعالية الضربة الأخيرة التي استهدفت منشآت التخصيب الإيرانية، ورغم الإعلان عن تدمير مواقع استراتيجية في نطنز وفوردو، إلا أن المعطيات الأولية تشير إلى أن البرنامج النووي تأخر لأشهر فقط.
ونشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا حول ما قالت إنها الفنتازيا المغرية للنصر السريع على إيران، حيث جاء فيه إن المعلومات الاستخباراتية الغامضة تقترح أن احتواء النظام الإيراني يحتاج إلى سنوات من استعراض القوة الأمريكية، فبعد النشوة، الشك أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه عملية "مطرقة منتصف الليل" "محت بالكامل" منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية.
وأضاف التقرير أن تقييم استخباراتي مبكر سرب في 24 حزيران/يونيو إلى أن البرنامج النووي قد تأخر لأشهر فقط، وأن بعض اليورانيوم المخصب ربما يكون قد سرق.
وقالت المجلة إن التقرير يعد تقييما أوليا وبدرجة ثقة متدنية، رفضته إدارة ترامب والمصادر الإسرائيلية. لكنه يركز الضوء على مشكلة أكبر وهي أن ترامب يريد حلا سريعا للكابوس الإيراني بضربة ضخمة واحدة وواضحة، يتبعها وقف إطلاق نار ثم ازدهار. إلا الحقيقة غير ذلك، كما تقول المجلة، فأمريكا ستواجه سنوات من عدم اليقين حول قدرات إيران النووية.
وأشارت إلى أن افتراض ترامب بأنه يستطيع تحقيق انتصار نصر حاسم وفي يوم واحد بالشرق الأوسط، ثم تأمين صفقة دائمة وسريعة، افتراض في غير محله.
وتابع التقرير أن الأخبار الجيدة لترامب هي أن وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في يوم 24 حزيران/ يونيو مستمر، كما أن التقرير المسرب من وكالة الاستخبارات الدفاعية ليس قاطعا، وسيتعرض للمراجعة وستظهر عدة تقييمات مخالفة من وكالات استخبارات أمريكية أخرى.
وأكدت مصادر إسرائيلية للتقرير أن صور الأقمار الاصطناعية لا تظهر وحدها إلا القليل نسبيا عن فعالية الضربات تحت الأرض، وتصر على أن إسرائيل احتفظت بسجلات اليورانيوم عالي التخصيب، وقال نائب الرئيس، جيه. دي. فانس، في 23 حزيران/يونيو، بأن اليورانيوم ربما "دفن" تحت الأنقاض.
وأضاف التقرير أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، أن أضرارا جسيمة قد وقعت في موقعي التخصيب الرئيسيين. ويقول خبراء إن الانفجار ربما أحدث موجات كافية لإتلاف أجهزة الطرد المركزي الهشة حتى لو لم يدمر الهياكل الإسمنتية الرئيسية تحت الأرض.
وتعتقد المجلة أن هذا الغموض الجنوني ليس عيبا، بل هو طبيعة متأصلة في الحروب التي تشن من الجو. ولكنه يطرح سؤالا مقلقا، وهو، إذا تمسك قادة إيران بالسلطة واستمروا في محاولات تطوير وراء برنامج نووي سري، فإن التعامل معهم سيتطلب التزاما عسكريا أمريكيا طويل الأمد تجاه المنطقة. فهل أمريكا مستعدة حقا لذلك؟
والجواب على حد تعبير المجلة "ربما"، ذلك أن الرئيس ترامب تحدث عن وقف النار بأنه سيظل للأبد، وقدم مقارنة في 24 حزيران/يونيو بين قنابله الخارقة للتحصينات على نطنز وفوردو والقنبلة النووية الأمريكية على هيروشيما في الحرب العالمية الثانية " التي أنهت الحرب، وهذه أنهت الحرب".
وعلق فانس أن عقيدة ترامب الجديدة في السياسة الخارجية لـ "تغيير العالم" تحتوي على "تحديد واضح" للمصالح الأمريكية ومفاوضات "عدوانية" وإذا لزم الأمر اللجوء إلى "القوة الساحقة".
ومع ذلك ترى المجلة أن التوقعات بشأن إيران، تبدو أكثر غموضا. قد تفوض أمريكا مهمة قمع الجيش الإيراني وأي برنامج نووي قائم إلى إسرائيل، التي أظهر جواسيسها مهارة استثنائية في اختراق النظام والتي يسيطر طياروها على الأجواء. ومع ذلك، فإن إسرائيل بلغت أقصى قدراتها، وستعيد إيران بناء دفاعاتها. قد تضطر أمريكا إلى تقديم دعم وأسلحة مستمرة، وقد يطلب منها الدفاع عن إسرائيل والخليج من الغارات الإيرانية. وربما اضطرت لإرسال المقاتلات مرة أخرى لضرب أهداف لا تستطيع إسرائيل الوصول إليها.
وتقول "إيكونوميست" إن أمريكا أصبحت شريكة داعية للحرب مع إسرائيل وتولت الملف النووي الإيراني. ولو انهار النظام في طهران، فسيطلب من ترامب التدخل ومحاولة وقف انتشار الفوضى بالمنطقة. ويخشى البعض في أمريكا أن هذا يصل إلى حد "الحرب الأبدية" ومواصلة بذل الجهود لاحتواء إيران المتمردة، وهو ما سيجر أمريكا إلى مستنقع إيران.
وتابع التقرير أن هناك من يقارن بين حرب الخليج الأولى عام 1991، عندما طردت أمريكا العراق من الكويت، بدون أن تطيح بنظام صدام حسين، وبدلا من ذلك حاولت السيطرة على أسلحة الدمار الشامل التي زعم أنه يملكها، ولتحقيق هذا فرضت نظام تفتيش صارم ومناطق حظر الطيران والقصف، ونقلت المجلة عن ريتشارد فونتين، من مركز الأمن الأمريكي الجديد، في واشنطن قوله: "إذا غيرت حرفا واحدا فقط في اسم الدولة، فقد يصبح كل شيء مألوفا بشكل مخيف". ويضيف فونتين: "السيناريو الأقل ترجيحا هو أن تختفي إيران ببساطة كتهديد أمني".
فقد كان احتواء العراق المرهِق مقدمة لغزو عام 2003. وترى المجلة أن البديل عن تغيير النظام، هو محاولة تحويل النجاح العسكري إلى تسوية سياسية دائمة.
وفي هذا المجال فشل رؤساء سابقون. فقد قادت رونالد ريغان لحفظ السلام في لبنان إلى هجمات انتحارية على جنود ودبلوماسيين أمريكيين عام 1983. وتسببت الحملة الجوية لباراك أوباما في ليبيا عام 2011 في حرب أهلية لا تزال مستعرة. وقد استحضر ترامب شعار ريغان ونسبه لنفسه: "السلام بالقوة".
وذكر التقرير أن مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، قال إن محادثات "واعدة" تجري مع إيران، بشكل مباشر وغير مباشر. ويؤكد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، استعداد بلاده لحل خلافاتها مع أمريكا "في إطار المعايير الدولية". ومن هنا ترى المجلة أن الأولوية هي الحد واحتواء البرنامج النووي الإيراني، مع أن هذه الجهود تشتمل على وقف الحرب في غزة وتحقيق اتفاقية تطبيع بين السعودية وإسرائيل.
وأضاف أن الأولوية هي تقييد البرنامج النووي الإيراني (على الرغم من أن الجهد قد يمتد بشكل معقول إلى إنهاء حرب إسرائيل في غزة وتعزيز اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية)، وما يهم في كل هذا هو التوصل لاتفاق يجبر إيران للتخلي عن قدرتها على تخصيب اليورانيوم والتنازل عن مخزونها من المواد الانشطارية المخصبة إلى درجة نقاء بنسبة 60 بالمئة، وهو ما يقترب من درجة صنع الأسلحة.
وأردف ان إيران أصرت دائما على حق التخصيب للأغراض "المدنية". وقد يجد ترامب أن إغراءاته بشأن التجارة وكسب المال والصداقة مع أمريكا ليست كافية لإغراء المتشددين الجدد في إيران الذين شعروا بالانزعاج بعد نجاح الهجوم الإسرائيلي والتوتر من افتقارهم إلى الردع. وكلما ضغط ترامب بقوة من أجل "صفر تخصيب "، زادت صعوبة إقناع إيران بالتوصل إلى اتفاق. ولإقناع قاعدته من ماغا، قال ترامب إن إظهار القوة لفترة قصيرة سيحقق نتائج.
وأضاف أنه لو عاد ترامب للتهديد باستخدام القوة من جديد، فستتوصل قاعدته الانتخابية إلى أنه يقود أمريكا إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط. وفي المقابل، لو قرر ترامب الالتزام باستراتيجية احتواء طويلة الأمد لإيران، فسيضطر لتحويل الأصول العسكرية الأمريكية التي من المفترض أنها موجهة لأسيا.
فقد نصت التعليمات الدفاعية الوطنية المؤقتة للإدارة، الصادرة في آذار/مارس، على أن أولويات الجيش الأمريكي من الآن فصاعدا هي الدفاع عن الوطن ومنع الغزو الصيني لتايوان. ولم يستغرق الأمر سوى ثلاثة أشهر حتى فرضت الأحداث واقعا مختلفا جدا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الإيرانية ترامب إيران امريكا المشروع النووي ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البرنامج النووی التقریر أن المجلة أن إلى أن
إقرأ أيضاً: