مدرسة ابراهيم العبيد بقرية النوبة تكمل عامها المائة
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
*يروي الاستاذ علي لطفي (عليه رحمة الله)من اعيان مدينة رفاعة أن والدهم الاستاذ محمد عبد الله قوي(شيخ لطفي)حل ضيفاً على معلمه الشيخ محمد اسماعيل بقرية النوبة بولاية الجزيرة وكان يومذاك يعمل مفتشاً للمدارس الصغرى، قضى الشيخ لطفي ليلته مع الشيخ محمد اسماعيل ورأي في منامه أن المصطفى عليه الصلاة والسلام يهديه سبحة وطاقية بيضاء.
ويروي اسماعيل محمد اسماعيل لبرنامج دنيا بتلفزيون السودان فى العام ٢٠٠٩م ضربة البداية للمدرسة ،بدات بعدد محدود من الطلاب يمثلون الدفعة الاولى في المدرسة منهم كرار صباحي والفكي محمد اسماعيل وشيخ جيلان واخرين وأغلقت المدرسة فى العام ١٩٣١م لقلة الطلاب وانتقلت للمسيد).
*وتروى بعض المصادر ان السبب فى نقلها يعود الي غيرة بين مواطني النوبة والمسيد حول المدرسة وأنحازت إرادة احد المسؤولين في التعليم لصالح تحويل المدرسة الي اهله بالمسيد ويروى أن المسؤول قد اعطى تلاميذ المدرسة اجازة لمساعدة ذويهم فى الزراعة فى اليوم الذي كان مقررا فيه لزيارة مفتش التعليم للمدرسة وعندما سُئل المسؤول عن سبب غياب التلاميذ أشار الي عدم رغبتهم فى التعليم لانشغالهم بالزراعة مع ذويهم وعلى ضوء ذلك وافق المفتش على نقل المدرسة لقرية المسيد.
*تحمل المدرسة الان اسم الاستاذ ابراهيم العبيد احد رواد التعليم في السودان وهو من خريجي كلية غردون وقد ألتحق معلما بوزارة التربية وتنقل في معظم ولايات السودان وترقي في سلم الوظيفة حتي وصل الي مفتش تعليم قبل أن يختم مسيرته التعليمية بمدرسة النوبة التى حملت اسمه تخليدا لدوره الرائد العملية التعليمية ويؤكد الاستاذ اسماعيل المبارك (عليه رحمة الله)وقد عمل مديرا للمدرسة إن إرادة المواطنين بالنوبة ورغبتهم الملحة في التعليم أدت إلى بناء مدرسة جديدة وبدعم شعبي بعد نقل المدرسة الاولي للمسيد وتم جلب الطوب لبنائها من قرية الجريف شرق على ظهر المراكب وافتتحت المدرسة للمرة الثانية باسم (مدرسة النوبة الابتدائية) فى العام ١٩٣٩م.
*ارتبطت مدرسة ابراهيم العبيد في تاريخها الطويل بتلاميذ أسهموا في بناء نهضة السودان،منهم المقرىء بالاذاعة السودانية الشيخ محمد بابكر القريش والعميد(م)عبد الله الشيخ الهادي أول دفعة في الكلية الحربية السودانية وشارك كضابط في قوات حفظ السلام في الكنغو، والاستاذ محمد العبيد اسماعيل من اوائل الجامعيين الذين التحقوا بالاذاعة السودانية وتدرج فيها حتى وصل مراقب عام الاذاعة السودانية ووكيلا لوزارة الرعاية الاجتماعية فى عهد نميري وحسن عباس التوم مدير عام وقاية النباتات الاسبق أ.د.محمد بخيت سعيد مدير هيئةالبحوث الزراعية والاستاذ عمر محمد اسماعيل محافظ النيل الازرق فى حكومة مايو ومعتمد اللاجئين والاستاذ يوسف عثمان محافظ النيل الابيض فى حكومة مايو والحاج احمد يوسف مقدم برنامج(ادب المدائح)وموسي عبد الرحيم سفير السودان بعدد من الدول منها العراق وكندا والجامعة العربية وعبد الكريم احمد يوسف السفير بوزارة الخارجية اخرها سفير السودان بجزر القمر والاستاذ النور الانقاري أحد رواد الحركة المسرحية فى السودان ومن زملائه عوض صديق واسماعيل طه والفقيه الشيخ الهادي الذي كان ملما بالعلوم الشرعية ويعد مرجعا فى الافتاء.
*تكمل مدرسة ابراهيم العبيد هذا العام ٢٠٢٣م عامها(المائة) وهذا ارث تليد وتاريخ مجيد ونناشد اهل النوبة كافة وخريجي المدرسة للاحتفال بهذا الحدث التاريخي الذي يؤرخ لتجربة تعليمية تستحق الاحتفاء بها على نطاق واسع ويكون ذلك بتعظيم دورها واعادة تعميرها وتوقير معلميها وتوفير معينات التدريس لتلاميذها كما نادى بذلك الشاعر معروف الرصافي :-
ابنو المدارس واستقصوا بها الأملا
حتي نطاول في بنيانها زحلا.
جودوا عليها بما درت مكاسبكم
وقابلوا باحتقار كل من بخلا.
إن كان للجهل في أحوالنا علل
فالعلم كالطب يشفي تلكم العللا
سيروا إلى المعلم فيها سير معتزم
ثم اركبوا الليل في تحصيله جملًا.
لا تجعلوا العلم فيها كل غايتكم
بل علموا النشء علمًا ينتج العملا
هذه مدارسكم شروى مزارعكم
فأنبتوا في ثراها ما علا وعلا.
لا تتركوا الشوك ينمو في منابتها
أعني بذلكم الأهواء والنحلا.
وأسسوها على الأعمال قائمةً
ممهدين إلى المحيا بها سبلا.
يلقى بها النشء للأعمال مختبرًا
وللطباع من الأدران مغتسلًا.
ويشير الاستاذ عثمان عبد الصادق الي تقدير اهل قرية النوبة لرواد التعليم ولمن كان لهم الفضل في نهضة التعليم فسميت المدارس الاساسية الاربعة علي التوالي باسماء الشيخ الهادئ و،ابراهيم العبيد لمدارس البنين والفكي محمد اسماعيل وطه حمد لمدارس البنات.
khalidoof2010@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: محمد اسماعیل فى العام
إقرأ أيضاً:
كيف تحوّل الشواء من طعام العبيد المخبأ إلى طقس اجتماعي ترفيهي؟
بالرغم من أن طهو اللحوم على النار المكشوفة في الهواء الطلق يعد أقدم طرق الطهي التي عرفتها البشرية منذ اكتشاف النار، فإن كثيرا من الثقافات في العالم انفردت بطريقتها وطقوسها التي تميزها عن الآخرين.
فجذور ما يُعرف اليوم بالشواء أو الـ"باربكيو"، تعود إلى السكان الأصليين للأميركتين، وارتبط بثقافة جبال الإنديز بطقوس روحية، وتروي تقاليد أخرى قصصا عن ارتباطه بالصمود كما في الشواء الكوري، وفي جنوب أفريقيا برزت الشواية رمزا للمقاومة والوحدة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"سياحة الخبز".. هكذا تكتشف ثقافات العالم من قلب الأفرانlist 2 of 2شعوبend of list كيف تحول الشواء إلى طقس للاستمتاع؟في كتابه "الدخان الأسود: الأميركيون الأفارقة وتاريخ الشواء في الولايات المتحدة"، يسرد مؤرخ الطهي، أدريان ميلر تاريخ الشواء كوسيلة للبقاء لدى سكان أميركا الأصليين (التاينو) عندما حاول الاستعمار الإسباني القضاء عليهم، ولم ينج منهم سوى القليل ممن فروا مع مجموعة من العبيد الأفارقة المتمردين "المارون" واستقروا سويا في تلال جامايكا.
كان لشعب تاينو عاداتهم المميزة في الطهي، فكانوا يُتبلون اللحوم ويحفرون حفرة في الأرض مملوءة بخشب الفلفل الحلو، ويدفنون فيها اللحم المتبل حتى لا يكتشفهم المستعمرون الأوروبيون، إذ خشب الفلفل الحلو لا يصدر كثيرا من الدخان.
ومع التوسع الغربي عام 1803 -أو ما يعرف الآن بالولايات المتحدة-، تم جلب العديد من القبائل الأصلية مع العبيد الأفارقة، واندمج العبيد في الممارسات الثقافية للسكان الأصليين واتقنوا ثقافة الشواء.
إعلانوطوال التاريخ الاستعماري وما قبل الحرب الأهلية الأميركية، استقر العبيد بشكل رئيسي في الجنوب، وكانوا يتجمعون خلال إجازاتهم بعد الانتهاء من أعمال الزراعة لشوي اللحوم، واعتادوا على حفر خندق في الأرض تُشعل فيه النار باستخدام نوع من الخشب الصلب، وبعد أن يتحول الخشب إلى فحم ساخن، يوضع اللحم على النار، كما كانت تُمسح اللحوم أحيانا بصلصة خل متبلة بالفلفل الأحمر وربما ببعض التوابل الأخرى، تماما كما فعل عبيد المارون في جامايكا، ولكن هذه المرة ليس لمنع آسريهم من العثور عليهم، بل لأن هذه الطريقة لا تتطلب كثيرا من الوقود، والأهم من ذلك أنها كانت وجبة شهية.
ولأن الشواء يقوم على التجمعات والتواصل بالآخرين، فقد وجد استحسانا لدى النخب والأثرياء ومالكي العبيد في الجنوب، وأقبلت عليه الشخصيات البارزة في المشهد السياسي الأميركي خلال مواسم الاقتراع لكسب التأييد السياسي، ومع ذلك ظل مرتبطا بالعبودية، ولا سيما أنه يتطلب جهدا كبيرا، إذ كان طهاة هذه الفعاليات من العبيد السود الذين أجبروا على تجهيزه وإعداده وتقديمه، حتى بعد حركة تحرير العبيد 1863 ظل السود يجندون في المجتمعات المحلية لإقامة حفلات الشواء.
وخلال عشرينيات القرن العشرين إلى سبعينياته، غادر ملايين الأميركيين الأفارقة الجنوب بحثا عن حياة أفضل واستقروا في مدن مثل شيكاغو وكليفلاند وكانساس سيتي ولوس أنجلوس ونيويورك وأخذوا معهم وصفات الشواء وتراثهم الجنوبي وطوروا تتبيلاتهم الخاصة، ومع تطور أدوات الشواء، أصبح جزءا من الثقافة الأميركية ولم يعد يقتصر على السود، وصار تقليدا مهما في العديد من المناسبات ومن أهم الطقوس الصيفية المقدسة.
رمز للمقاومة والوحدة في جنوب أفريقياتشير كلمة "براي" في اللغة الأفريكانية إلى اللحم المشوي، لكن المعنى أعمق بكثير من مجرد وجبة شهية، إذ برزت الشواية كرمز للمقاومة والوحدة وتوطيد الروابط الاجتماعية أثناء سنوات الفصل العنصري، ولجأ السود في جنوب أفريقيا والذين كانوا يستبعدون من الحدائق العامة والشواطئ، إلى ساحات منازلهم وبلداتهم حيث واصلوا الاحتفال بثقافتهم وتقاليدهم، بينما يشعلون نار الحطب أو الفحم لشواء اللحوم والأسماك وأسياخ الدجاج.
وفي عام 1995، وبعد انتهاء نظام الفصل العنصري وانتخاب نيلسون مانديلا أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا، شهدت البلاد حقبة جديدة من الوحدة، وتخليدا لهذا التحول، أُعلن يوم 23 سبتمبر/أيلول عطلة وطنية رسمية مخصصة لحفلات الشواء وتعرف باسم "يوم التراث"، حيث يجتمع الناس من جميع طبقات المجتمع حول النار للشواء ومشاركة الطعام، وأصبح الشواء ممارسة شائعة في المناسبات والأعياد والتجمعات وينتشر في الأماكن العامة والأكشاك والبلدات.
الشواء الأنديزي.. طقوس دينيةفي جميع أنحاء جبال الأنديز، كان السكان يجتمعون في مواسم الزراعة والحصاد حول "باتشامانكا"، وهي طريقة تقليدية للطهي، تعود إلى ثقافة ما قبل الإنكا (أهم الحضارات في أميركا الجنوبية 1400- 1533)، وتتضمن وضع اللحوم مع البطاطس ومزيج من الخضروات والموز في حفرة تحت الأرض مبطنة بالحجارة المسخنة بالنار ثم تغطى الحفرة بالأحجار والعشب، وتُترك المكونات تنضج مدة 40 دقيقة تقريبا.
إعلانووفق هذا التقليد، يقدم كبار المجتمع قرابين من الطعام المشوي وأوراق الكوكا والذرة إلى باتشاماما (الأم الأرض) امتنانا لخيراتها أو لتلقي بركات خاصة من آلهتهم، وبعد الانتهاء يحتفل الناس بالطعام والرقص والموسيقى مما يعزز الروابط المجتمعية واحترام الطبيعة.
ولا تزال هذه الطقوس موجودة إلى الآن وبالأخص في دولة بيرو، وأصبحت الحدث الأبرز في جميع المناسبات كحفلات الزفاف والفعاليات الاجتماعية التي تضم الأهل والجيران والأصدقاء، يتجمعون حول باتشامانكا ويتشاركون قصصهم وتاريخ عائلتهم الذي يعود تاريخه في بعض الأحيان إلى هذا التقليد القديم.
الشواء الكوري.. ضرورة حياتيةوفي كوريا الجنوبية، كان اللحم نادرا على مدى تاريخ البلاد، وإن توفر لعامة الشعب، يكون قاسيا وجودته رديئة مما يتطلب التتبيل أو التعتيق لجعله أكثر طراوة، إلى جانب صلصات غنية بنكهة الثوم والزنجبيل وفول الصويا تمكنهم من الاستمتاع بتناوله.
ومع تحول البلاد إلى قوة اقتصادية هائلة وتوفر اللحوم، أصبح الشواء هو الطعام الأكثر شعبية في كوريا وتحول إلى نوع من الرفاهية والمتعة، وما يميز الشواء الكوري "غوغي غول" أن اللحم يوضع على شواية غاز أو فحم تتوسط الطاولة ليتمكن الحضور من الشواء من مقاعدهم.
هكذا يعكس تقليد الشواء تاريخا وثقافة فريدين، إلى أن تطور وأصبح لغة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات، يتجمع الناس حول روائحه اللذيذة يتبادلون القصص ويخلدون ذكريات لا تنسى، حتى وإن اختلفت مسمياته من مشاوي أسادو في الأرجنتين إلى الياكيتوري الياباني والتندوري الهندي والزرب في الأردن ومانغال في تركيا.