التعليم الجيد مفتاح العراقيين نحو غدٍ أفضل
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في بلد يزخر بالطموحات والتحديات مثل العراق، يبرز التعليم الجيد كأداة محورية لتحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، وهو ما تؤكد عليه أجندة الأمم المتحدة في أهداف التنمية المستدامة، وتحديدًا الهدف الرابع منها. فالتعليم لم يعد رفاهية أو خيارًا، بل ضرورة قصوى للنهضة، خاصة في المجتمعات التي عانت من الصراعات والفساد وتراجع الخدمات، كما هو حال العراق في العقود الأخيرة.
إن التعليم الجيد، الذي يقوم على تكافؤ الفرص والمناهج الحديثة والمعلمين المؤهلين والبيئة الدراسية الآمنة، يمثل نقطة الانطلاق الأساسية لتمكين الفرد العراقي من تحسين واقعه. فالشاب المتعلم لديه فرصة أكبر للحصول على عمل كريم، والمواطنة المتعلمة تملك أدوات أفضل للمشاركة في صنع القرار الأسري والمجتمعي، والأجيال الصاعدة إن تلقت تعليماً سليماً، فهي الأكثر قدرة على كسر دوائر الفقر والبطالة والتهميش ولكن السؤال الأهم هل التعليم الجيد يقتصر على المدارس والكليات؟
الإجابة بالتأكيد لا. فالعالم اليوم يشهد ثورة في مفاهيم التعليم وأساليبه، والتعليم غير التقليدي بات يشكل مسارًا مهمًا وموازيًا، بل أحيانًا متفوقًا، في بعض الجوانب. في العراق، يمكن توظيف المنصات الرقمية، والدورات التدريبية عبر الإنترنت، والتعليم المهني والتقني، وحتى المبادرات الثقافية المجتمعية كأدوات تعليم بديلة أو مكملة. فالحِرَف، المهارات التقنية، تعلم اللغات، إدارة المشاريع، والتدريب على ريادة الأعمال كلها مجالات لا تتطلب شهادة جامعية بقدر ما تتطلب نظامًا يوفر المعرفة التطبيقية والدعم المستمر.
وقد أثبتت المبادرات المحلية والمنظمات المدنية في العراق، أن الدورات المجانية أو منخفضة التكاليف في مجالات مثل التصميم الرقمي، البرمجة، الأعمال الصغيرة، وصيانة الأجهزة، ساعدت مئات الشباب والشابات على دخول سوق العمل دون انتظار تعيين حكومي أو شهادة جامعية. كذلك، فإن محو الأمية وتعليم الكبار، رغم أنها مشاريع غالبًا ما تُهمل، تُعد من أكثر الأدوات فعالية لتحسين نوعية حياة الفئات الفقيرة والمهمشة.
التعليم الجيد ليس مجرد مقاعد وصفوف، بل هو منظومة متكاملة تشمل الدولة والمجتمع والأسرة والقطاع الخاص. وعلى الحكومة العراقية أن تستثمر في بنية تحتية تعليمية حديثة، وتوفر بيئة محفّزة للمعلمين والطلاب، وتشجع المبادرات الشبابية والتعليمية المستقلة. كما يجب أن يكون هناك دعم جاد للتعليم المهني والتقني وتكامل بين مخرجات التعليم وسوق العمل.
ختاما إن مستقبل العراق لن يُبنى فقط بالموارد الطبيعية، بل بالعقول المؤهلة، والكوادر المتعلمة، والأفكار الجديدة. فالتعليم الجيد هو المفتاح الحقيقي لباب العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، والاستقرار الوطني. وعلى كل عراقي أن يدرك أن اكتساب المعرفة بأي شكل كان، هو استثمار في الذات وفي الوطن.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات التعلیم الجید
إقرأ أيضاً:
«إتقان» تطلق أول معايير وطنية لاعتماد مؤسسات التعليم الفني والتقني
أطلقت الهيئة المصرية لضمان الجودة والاعتماد في التعليم الفني والتقني والتدريب المهني «إتقان» اليوم، الإصدار الأول من وثيقة «معايير اعتماد مؤسسات التعليم الفني والتكنولوجي»، في خطوة تعد الأولى من نوعها لبناء نظام وطني شامل لضمان جودة مؤسسات التعليم الفني في مصر، وفقًا للمعايير والمواصفات الدولية، وذلك بحضور وزير العمل
وأكدت الهيئة أن الوثيقة الجديدة تمثل نقلة نوعية في تطوير التعليم الفني وربطه بمتطلبات سوق العمل المحلي والدولي، مشيرة إلى أنها تتويج لجهود استمرت أكثر من عامين بمشاركة واسعة من الوزارات والجهات المعنية وخبراء التعليم والتدريب الفني، بهدف وضع إطار وطني متكامل يعزز تنافسية الخريج المصري ويرتقي بجودة العملية التعليمية والتدريبية.
وقال الدكتور محمد موسى عمارة، رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية لضمان الجودة والاعتماد في التعليم الفني والتقني والتدريب المهني (إتقان)، إن إطلاق هذه المعايير يأتي تتويجًا لتوجه الدولة نحو إصلاح شامل لمنظومة التعليم الفني والتقني، مشيرًا إلى أن الهيئة، التي أنشئت بقرار جمهوري عام 2022، تعد أول كيان وطني مستقل يُعنى باعتماد مؤسسات وبرامج التعليم الفني والتقني والتدريب المهني تحت مظلة رئاسة مجلس الوزراء.
وأوضح رئيس الهيئة أن الوثيقة تمثل الإطار الوطني الأول من نوعه لتقييم واعتماد مؤسسات التعليم الفني والتكنولوجي في مصر، مؤكدًا أن الهدف منها هو ضمان جودة التعليم الفني ومواءمته مع احتياجات سوق العمل وخطط التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، بما يسهم في تعزيز القدرة التنافسية للكوادر المصرية محليًا ودوليًا.
وأشار الدكتور عمارة إلى أن الوثيقة تضمنت ثمانية معايير رئيسية وأربعين مؤشر أداء تغطي مختلف جوانب المنظومة التعليمية داخل المؤسسات الفنية، وتشمل الإدارة والحوكمة، والموارد المادية والتسهيلات الداعمة للتعلم، والموارد البشرية، والتعليم والتعلم والتدريب، وتقييم الطلاب، ودعم الطلاب، والمشاركة المجتمعية والروابط مع سوق العمل، وضمان الجودة والتحسين المستمر.
وأضاف أن الهيئة استندت في إعداد هذه المعايير إلى مراجعات مقارنة شاملة مع أبرز النماذج العالمية في أوروبا وآسيا وأفريقيا، واستعانت بخبرات محلية ودولية بالتعاون مع مؤسسات مثل مؤسسة التدريب الأوروبية (ETF)، والهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد (NAQAAE)، والهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة (EOS)، وذلك لضمان توافق المعايير الوطنية مع الأطر الدولية الحديثة.
وأكد رئيس الهيئة أن «إتقان» تبنت نهجًا تشاركيًا في إعداد المعايير، حيث شاركت فيها ممثلو الوزارات المعنية، منها التربية والتعليم والتعليم الفني، والصناعة، والصحة والسكان، ومؤسسات القطاع الخاص واتحاد الصناعات المصرية ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب نخبة من أساتذة الجامعات والخبراء المتخصصين في التعليم الفني.
وأوضح أن عملية الإعداد مرت بخمس مراحل تضمنت تحديد الجهات ذات الصلة والمستفيدين من الاعتماد، ودراسة التجارب الدولية والإقليمية، وتشكيل اللجنة الوطنية لوضع المعايير، وتنظيم ورش عمل ميدانية وجلسات حوار بمشاركة ممثلي المؤسسات التعليمية وسوق العمل، وصولًا إلى مرحلة المواءمة والمقارنة المرجعية مع المواصفات الدولية وأطر الجودة الأوروبية.
وقال الدكتور عمارة إن الوثيقة لا تمثل مجرد دليل إجرائي، بل تعد أداة وطنية لتطوير الأداء داخل المؤسسات التعليمية الفنية والتكنولوجية، مشيرًا إلى أن الهيئة ستمنح نوعين من شهادات الاعتماد، هما الاعتماد المؤسسي والاعتماد البرامجي، لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بعد مراجعة الأداء الميداني وضمان التزام المؤسسة بمعايير الجودة المطلوبة.
وشدد رئيس الهيئة على أن الدولة تعول على قطاع التعليم الفني والتقني باعتباره أحد المحركات الرئيسية للتنمية الصناعية والاقتصادية، موضحًا أن تطبيق معايير الاعتماد الجديدة سيعزز ثقة المستثمرين في جودة التعليم الفني المصري ويفتح آفاقًا أوسع للتعاون بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات الإنتاج والخدمات لتدريب الطلاب وتأهيلهم لوظائف المستقبل.
وأضاف أن «إتقان» تسعى إلى ترسيخ ثقافة الجودة داخل المؤسسات التعليمية الفنية من خلال نشر الوعي بالاعتماد المؤسسي وتدريب الكوادر البشرية ودعم قدرات المدارس والمعاهد على التقييم الذاتي، بما يضمن التحسين المستمر لمستوى الأداء والالتزام بمعايير النزاهة والشفافية والمساءلة.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل على بناء منظومة وطنية تضمن استدامة الجودة في التعليم الفني، وترتبط بشكل مباشر بسياسات الدولة للتنمية المستدامة، مؤكدًا أن هذه المعايير تشكل جزءًا من رؤية شاملة تستهدف أن يصبح التعليم الفني في مصر قادرًا على إنتاج خريج يمتلك الجدارات المهنية والمهارات التقنية التي تؤهله للمنافسة في سوق العمل الحديث.
وأكد رئيس الهيئة أن التجربة المصرية في بناء منظومة وطنية لضمان جودة التعليم الفني حظيت بإشادة واسعة من مؤسسات دولية عدة، التي اعتبرتها نموذجًا رائدًا في دول المنطقة، مشيرًا إلى أن الهيئة تسعى لتبادل الخبرات مع الدول العربية والأفريقية الراغبة في تطوير أنظمتها لاعتماد مؤسسات التعليم الفني.
واختتم الدكتور محمد موسى عمارة تصريحاته قائلًا إن إصدار وثيقة معايير اعتماد مؤسسات التعليم الفني يمثل بداية مرحلة جديدة في مسيرة تطوير التعليم الفني بمصر، مشيرًا إلى أن الهيئة ستواصل العمل على دعم المؤسسات التعليمية في تطبيق المعايير ومتابعة أدائها الميداني وصولًا إلى تحقيق أعلى مستويات الجودة والتنافسية، مؤكدًا أن «كل خريج من منظومة التعليم الفني في مصر يجب أن يحمل شهادة جودة حقيقية تعكس كفاءته وقدرته على الإبداع والإنتاج والمنافسة».