عندما رأى الطفل باسكال جيليه (14 عامًا آنذاك) كتيبًا دعائيًا لمدرسة داخلية كاثوليكية في جنوب فرنسا، حلم بتجربة تشبه فيلم Dead Poets Society: رياضة، مغامرات، صداقات، واستكشاف الذات. لكن الليلة الأولى في مدرسة "نوتردام دو بيتهارام"، كانت كافية لتدمير كل تلك الأحلام. اعلان

"كنت أظنني أبدأ مرحلة مشرقة في حياتي، لكنني سرعان ما وجدت نفسي أقف طوال الليل في البرد كعقوبة على همسة.

هناك، يبدأ الرعب ولا ينتهي"، قال باسكال، الموظف اليوم في بوردو، وهو واحد من عشرات الناجين الذين كشفوا عن أوسع شبكة انتهاكات ممنهجة ضد الأطفال داخل مؤسسة تعليمية كاثوليكية في فرنسا.

جراح لا تندمل: ضرب، إذلال، وتواطؤ

تشير روايات الضحايا إلى نظام عقوبات قائم على العنف والترهيب: ضرب على الرأس، وقوف جماعي بجوار الأسرّة لساعات، قلب الأسرة على التلاميذ، وحتى حالات إغماء ونزف. لكن الأشد وطأة كان ما يجري في الخفاء: اعتداءات جنسية يصفها الناجون بأنها "منهجية ومتعمدة".

 الناجون أكدوا أن التلاميذ المستهدفين كانوا غالبًا من خلفيات هشّة اجتماعيًا أو عائليًا، ما جعلهم فريسة سهلة في غياب أي رقابة حقيقية أو آلية حماية فعالة.

Relatedأكبر قضية اعتداء جنسي في البلاد.. محكمة فرنسية تحكم على جراح سابق بالسجن 20 عامًاجرأة محفوفة بالمخاطر.. شهادات علنية لضحايا اعتداء جنسي تتحدى ثقافة العار.. جيزيل بيليكوت غيرت المشهدمؤسسة مراقبة الإنترنت: أكثر من 291 ألف بلاغ عن صور اعتداء جنسي على الأطفال في أوروبامدير المدرسة المعتدي… والظرف الذي يعيد الذاكرة

 من بين أبرز الشهادات، ما رواه بوريس (51 عامًا، يعمل حاليًا في إدارة الفعاليات)، إذ أُرسل إلى المدرسة من قبل والدته بعد تعرّضه لتحرّش سابق في بوردو. وللمفارقة، اعتقدت الأم أنها بذلك تحميه.

في عيد ميلاده الرابع عشر، استدعاه مدير المدرسة الكاهن بيير سيلفيه-كاريكار إلى مكتبه، واعتدى عليه جنسيًا، ثم ناوله ظرفًا يحتوي على 50 فرنكًا… نفس المبلغ الذي كان يقدّمه له المتحرّش الأول في بوردو.

 "الصدمة لم تكن فقط في الاعتداء، بل في التكرار المقصود لمعالم الجريمة الأولى. كان الأمر أشبه بإعادة تمثيل للإذلال"، قال بوريس، الذي طالب بإبقاء اسمه العائلي سريًا.

اعتداء في يوم الجنازة… وصمت طويل

 قصة أخرى صادمة رواها ابن مارتين (71 عامًا اليوم)، الذي تعرّض للاعتداء على يد نفس الكاهن، صباح جنازة والده.

"عند الساعة السادسة صباحًا، ذهب به الكاهن إلى حمام الكهنة وطلب منه أن يغتسل ليبدو نظيفًا في الجنازة، ثم اعتدى عليه هناك. لم يخبرني، لكنني رأيت علامات الانهيار. عند المحرقة، حاول فتح تابوت والده وهو يصرخ: أريد أن أذهب معه"، روت مارتين.

 الابن ظل صامتًا حتى سن الـ21، حين اعترف أثناء تحقيق جنائي بتعرضه المتكرر للاغتصاب في المدرسة. وعلى إثر ذلك، تم توقيف الكاهن كاريكار لفترة وجيزة، قبل أن يُفرج عنه، ويسمح له بالسفر إلى روما. في عام 2000، وعندما حاولت الشرطة استدعاءه مجددًا، أقدم على الانتحار.

القضية تتحوّل إلى أزمة سياسية: بايرو في الواجهة

 فضيحة "بيتهارام" لم تتوقف عند الجوانب القضائية والإنسانية، بل تمددت إلى قلب السلطة. فقد تبين أن رئيس الوزراء الفرنسي الحالي، فرانسوا بايرو، أرسل أبناءه إلى المدرسة ذاتها، وكانت زوجته تدرّس فيها التعليم الديني.

 وقد استجوبته لجنة برلمانية مؤخرًا بشأن مدى معرفته بما كان يجري داخل المدرسة، وما إذا تدخل يومًا لحماية أحد الكهنة. بايرو أنكر بشدة أي علم مسبق، واصفًا ما يجري بأنه "حملة سياسية منظمة تهدف إلى تدميره".

التحقيقات البرلمانية والحقوقية كشفت أن عدد الشكاوى المقدمة ضد كهنة ومشرفين في المدرسة بلغ أكثر من 200 شكوى، من بينها 90 تتعلق باعتداءات جنسية أو اغتصاب مباشر. إلا أن أغلب هذه القضايا لم تصل إلى القضاء بسبب قانون التقادم الذي يمنع محاكمة الجرائم الجنسية بعد مرور سنوات محددة، وهو ما اعتبره الضحايا "نظام حماية غير مباشر للجناة".

قال باسكال جيليه: "نريد تعديل القانون. الصمت قد يستمر لعقود بعد الصدمة. لا يمكن أن نُحاسَب نحن على التأخر في النطق، بينما يفلت الجاني."

الكنيسة تعترف… ولكن متأخرة

 في مارس الماضي، أصدرت الرهبنة الكاثوليكية التي كانت تدير المدرسة بيانًا اعترفت فيه بـ"المعاناة الجسيمة" التي لحقت بالتلاميذ، وأعلنت فتح تحقيق داخلي مستقل.

لكن الضحايا يرون أن الاعتراف جاء متأخرًا، ويتهمون الكنيسة بـ"إدارة الضرر إعلاميًا" دون محاسبة حقيقية. كما طالبوا بتوسيع التحقيق إلى مدارس أخرى للرهبنة نفسها في البرازيل، ساحل العاج، بريطانيا وتايلاند، حيث يُعتقد أن الانتهاكات قد تكون تكررت.

لوران، موظف في القطاع العام يبلغ من العمر 56 عامًا، روى أنه تعرّض للكم حتى فقد وعيه، فقط لأنه رمى كرة ثلج في الاتجاه الخطأ، كما اعتُدي عليه جنسيًا داخل مكتب أحد الكهنة.

وأضاف: "العنف لم يكن تأديبًا، بل منهج إذلال. ما زلت أعيش آثاره حتى اليوم. أنا أتكلم الآن لأجل الأطفال الذين لم يولدوا بعد. كي لا يمروا بما مررنا به."

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب إيران النزاع الإيراني الإسرائيلي روسيا قطاع غزة إسرائيل دونالد ترامب إيران النزاع الإيراني الإسرائيلي روسيا قطاع غزة اعتداء جنسي على الأطفال مدارس مدرسة فرنسا اغتصاب كنيسة إسرائيل دونالد ترامب إيران النزاع الإيراني الإسرائيلي روسيا قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا سوريا الحرس الثوري الإيراني استخبارات مجاعة

إقرأ أيضاً:

واقعة مدرسة حلمية الزيتون| أولياء أمور يحاولون التعدي على مراقبة ثانوية عامة.. و«التعليم» تحقق

واقعة مدرسة حلمية الزيتون أحدثت حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية بعد أن شهدت محاولات من أولياء الأمور على مراقبة خلال امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسي الحالي 2024 – 2025.

 

أولياء أمور يحاولون التعدي على مراقبة ثانوية عامة

وتداول رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» فيديو خلال الساعات الماضية أظهر محاولات لأولياء أمور مدرسة النعام في حلمية الزيتون التعدي على مراقبة إحدى اللجان في المدرسة بعد انتهاء أحد اختبارات امتحانات الثانوية العامة 2025 وظلوا يلاحقوها خارج المدرسة.

ويظهر في فيديو مدرسة النعام بحلمية الزيتون في محافظة القاهرة، قيام المراقبة بسحب أوراق الإجابة من بعض الطلاب قبل انتهاء الوقت الرسمي للامتحان، الأمر الذي أثار غضب أولياء الأمور ودفعهم لملاحقتها والتعدي عليها لفظيًا، فيما ظهر رجال الأمن المكلفين بتأمين لجان المدرسة بمحاولة تهدئة الأمور واحتواء الموقف.

ولتوضيح أسباب واقعة مدرسة النعام بحلمية الزيتون، قال رواد موقع التواصل الاجتماعي إن المشهد نتج عن سحب المراقبة ورق الإجابة من الطلاب قبل الموعد الرسمي لانتهاء امتحان المادة، وعندما اشتكى الطلاب لأولياء أمورهم انفعلوا وقرروا ملاحقة المراقبة ومحاولة التعدي عليها.

 

وزارة التعليم تحقق في واقعة مدرسة حلمية الزيتون

وكشفت مصادر بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني عن الإجراء الذي اتخذته الوزارة بشأن واقعة مدرسة حلمية الزيتون التي انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» خلال الساعات الأخيرة.

وأوضحت المصادر، في تصريحات خاصة لـ«الفجر»، أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تحقق في واقعة مدرسة النعام بحلمية الزيتون بالتنسيق مع الجهات المعنية، واتخاذ الإجراءات اللازمة حيال المتسببين في الواقعة. لرفضها أي محاولات للتأثير على سير امتحانات الثانوية العامة 2025 أو التعدي على القائمين عليها.

وشددت المصادر على اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لحماية المعلمين والمراقبين وضمان انتظام امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسي الحالي 2024 - 2025 في بيئة آمنة ومستقرة.
 

مقالات مشابهة

  • إجراء إسرائيلي يهدد مستقبل عشرات الطلبة الفلسطينيين بالضفة
  • النائب ثروت سويلم يطالب وزير التعليم بسرعة إنشاء عدد من المدارس بالشرقية
  • الصعدي يؤكد أهمية التعليم المهني في النهوض بعملية التنمية الشاملة
  • المَدْرسة المتميزة «عاتكة بنت زيد».. الإدارة التي تصنع الأثر
  • تحرش جنسي بكورنيش طنجة ينال استهجان المغاربة
  • وزير التعليم يعلن إطلاق 90 مدرسة جديدة للتكنولوجيا التطبيقية العام الدراسي المقبل
  • "تقويم التعليم" تعتمد 254 مدرسة أهلية وعالمية خلال النصف الأول من 2025
  • تضم 39 مدرسة.. «التعليم والتدريب» توقع اتفاقيات الاعتماد المدرسي الوطني مع 8 شركات تعليمية
  • واقعة مدرسة حلمية الزيتون| أولياء أمور يحاولون التعدي على مراقبة ثانوية عامة.. و«التعليم» تحقق