طهران- إثر احتدام الأزمة في علاقاتهما، واعتبار طهران سلوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تواطأ مع الجرائم" الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي والأميركي على منشآتها النووية، صادق الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أمس الأربعاء، على قانون تعليق تعاون بلاده مع الوكالة الأممية.

مصادقة بزشكيان على التشريع جاءت بعد مرور نحو أسبوع من موافقة مجلس صيانة الدستور -الهيئة المعنية بمراجعة التشريعات- على القانون الذي أقره البرلمان غداة وقف إطلاق النار بين طهران وتل أبيب، مما يجعله نافذا وفق المادة 123 من الدستور الإيراني.

وجاء في نص القانون أنه "نظرا إلى انتهاك الكيان الصهيوني والولايات المتحدة سيادة إيران الوطنية وسلامة أراضيها، عبر استهدافهما المنشآت النووية السلمية في إيران وتعريض مصالحها العليا للخطر، واستنادا للمادة 60 من معاهدة فيينا لعام 1969 بشأن قانون المعاهدات، ستكون الحكومة الإيرانية مُلزَمة -فور المصادقة على هذا القانون- بتعليق أي تعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك استنادا لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية واتفاق الضمانات المرتبط بها، إلى حين تحقيق شروط من بينها توفير الحماية للمنشآت النووية والعلماء".

شروط الإلغاء

وتعليقا على إبلاغ الرئيس الإيراني هذا القانون السلطات المعنية ودخوله حيز التنفيذ، أرجع المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، السبب إلى غضب الإيرانيين من سلوك الوكالة الذرية قائلا "المدير العام للوكالة رافائيل غروسي كان يعلم أن أنشطتنا النووية سلمية بحتة، لكنه وفَّر بتقريره المنحاز ذريعة للعدوان الإسرائيلي الأميركي على منشآتنا".

من جانبه، حدد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إبراهيم عزيزي -في حوار مع التلفزيون الرسمي- شرطين أساسيين لإنهاء سريان هذا القانون على النحو التالي:

إعلان أولا: ضمان احترام السيادة الإيرانية وسلامة أراضيها، لا سيما تأمين الحماية للمراكز النووية والعلماء، على أن يُصدّق المجلس الأعلى للأمن القومي على تحقق هذا الشرط. ثانيا: تعديل سلوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاعتراف بحقوق إيران المشروعة بإطار المعاهدات الدولية، خاصة المادة 4 من النظام الأساسي للوكالة الذي يقر بحق جميع الدول الأعضاء تنمية وتطوير التكنولوجيا النووية.

وفيما أثار القرار القاضي بتعليق التعاون مع الوكالة الذرية تساؤلات عما إذا كانت طهران تنوي تنفيذ تهديدها السابق بالتحرك نحو صناعة السلاح النووي حال تعرضها لتهديد وجودي، يقول وزير خارجيتها عباس عراقجي إن برنامج بلاده النووي لا يزال سلميا، ولا نية لديها لامتلاك أسلحة نووية.

وأوضح -في تصريح صحفي- أن "هذه الأسلحة محرمة شرعا بموجب فتوى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، ولا مكانة لها في عقيدتنا الأمنية".

إيران تمتلك صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية (رويترز) مبرر القانون

من ناحيته، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية المتخصص بالملف النووي الإيراني، محسن جليلوند، أن القانون الجديد يأتي إكمالا لقانون "الإجراءات الإستراتيجية لإلغاء العقوبات الأميركية" الذي سبق وأقره البرلمان عام 2020.

وأوضح للجزيرة نت أن انعدام الثقة أمسى سيد الموقف في العلاقة بين طهران والوكالة الذرية، وأن الإيرانيين يتهمون غروسي بتنفيذ أجندة، وتأدية دور فاعل لتنفيذ مؤامرة غربية عبرية ضد برنامج طهران النووي.

وتابع جليلوند أن تقديرات إيرانية تشير لاعتماد الوكالة الذرية مفتشين إسرائيليين بجوازات سفر غربية للتجسس على برنامجها النووي، عازيا سبب رفض طهران زيارة غروسي لتفقد منشآتها النووية للخشية من تحديده الأماكن السليمة فيها تمهيدا لقصفها مستقبلا.

وبرأيه، فإن القانون الإيراني الجديد ينص على منع دخول مفتشي الوكالة الذرية وتفكيك كاميرات المراقبة وإيقاف تبادل البيانات الفورية عن نشاطات منشآتها، مستدركا، أنه وفي حال تم تدمير المنشآت النووية الإيرانية كما أعلن الجانبان الأميركي والإسرائيلي، فلم يعد هناك مبرر لمواصلة حضور المفتشين إليها.

وأوضح جليلوند أن القانون الإيراني ينص على "تعليق التعاون" وليس الخروج من عضوية الوكالة ولا الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، وذلك خلافا لبعض الدول النووية التي لم توقع على المعاهدة رغم عضويتها في الوكالة الأممية.

وخلص إلى أنه خلافا لما تريده إيران عبر هذا القانون لمواجهة انتهاك سيادتها وضمان سلامة برنامجها النووي، فإن الإجماع الدولي قد يُفسِّر هذه الخطوة كمؤشر على عزم طهران العمل ببرنامجها النووي بعيدا عن أعين الغرب.

"الغموض النووي"

أما الباحث السياسي حميد آصفي، فيعتقد أنه كان بإمكان بلاده تحقيق هدفها دون الحاجة إلى سن قانون برلماني سيلزم مساءلة الجهات التي قد ترى ضرورة لإلغائه أو تجميده، موضحا أن قوانين الوكالة الذرية تسمح للدول الأعضاء بتجميد تعاونها لفترات محددة عندما تتعرض لظروف طارئة كالزلازل والسيول والحروب، مؤكدا أن الهجمات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة تندرج في هذا الإطار.

إعلان

ويرى في حديثه للجزيرة نت أن سن القوانين في الظروف المتأزمة قد يقيد دبلوماسية البلاد، واستدرك أن القانون الجديد يخوّل مجلس الأمن القومي الإيراني بتجميده أو إلغائه عندما يتأكد من تحقيق الأهداف المنشودة من ورائه، أو أن إلغاءه يصب في مصلحة البلاد.

ومن شأن تعليق التعاون مع الوكالة الذرية -حسب آصفي- أن يدفع الترويكا الأوروبية مدعومة من أميركا لتسريع تفعيل آلية الزناد في الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

ورجّح أن تُفاقم الخطوة الإيرانية الضغوط الدولية عليها، وتُعمق عزلتها، وقد تعيد شبح الخيار العسكري فوقها بذريعة تبنيها سياسة "الغموض النووي"، لكنه استبعد أن يؤدي قرار طهران إلى طي صفحة المفاوضات النووية مع القوى الغربية.

وبعد أن أفقد الهجوم الإسرائيلي الأميركي الأخير إيران ورقة الرقابة الدولية التي كانت تستخدمها درعا فوق منشأتها النووية، يتساءل مراقبون في طهران عما إذا سيشكل تعليق التعاون مع الوكالة الذرية تدشينا لسياسة الغموض النووي.

والجواب، قد يتحدد بناء على الزيارة المزمعة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة– إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالرغم من أن طهران لا تستبعد أن تكون الزيارة تضليلا آخر في سياق استهداف برنامجها النووي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التعاون مع الوکالة الذریة تعلیق التعاون الغموض النووی هذا القانون

إقرأ أيضاً:

خطة جديدة لقصر العيني في توسيع الشراكات الدولية

كشف الدكتور حسام صلاح مراد عميد كلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة، عن خطة جديدة لتوسيع الشركات الدولية الرائدة. 

رئيس جامعة القاهرة يكشف آخر التطورات في مستشفى قصر العيني تعاون رفيع بين قصر العيني وجامعة شنغهاي جياو تونغ

جاء ذلك خلال استقبال وفد رسمي رفيع المستوى من مستشفى روجين التابع لجامعة شنغهاي جياو تونغ، في قصر العيني في إطار تعزيز التعاون الطبي والأكاديمي وفتح آفاق جديدة للشراكات الدولية بين الجانبين. 

وأوضح عميد الكلية أن قصر العيني يسعى في المرحلة المقبلة إلى ترسيخ نموذج تعاون يقوم على “الابتكار المشترك” وليس فقط تبادل الخبرات. 

ونوه عميد كلية طب قصر العيني بأن ذلك من خلال بناء مشاريع بحثية ومراكز تدريب ثنائية تسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية ودعم قدرات شباب الأطباء والباحثين. 

ولفت عميد كلية طب قصر العيني أن هذه الزيارة تُعد أحد أهم محاور الانفتاح الدولي لقصر العيني خلال السنوات الأخيرة. 

وأشار إلى أن التعاون مع جامعة شنغهاي جياو تونغ _إحدى أعرق وأكبر الجامعات الطبية في آسيا والعالم– يعكس التزام جامعة القاهرة ببناء شبكة شراكات دولية رائدة تواكب التطور السريع في مجالات الطب الحديث. 

وأضاف أن كلية الطب جامعة القاهرة، بإرثها الممتد لما يقرب من مئتي عام، تظل منارة علمية إقليمية، وأن توسيع برامج التدريب والبحوث المشتركة مع الصين يمثل إضافة نوعية لمستقبل التعليم الطبي في مصر.

وشدد عميد كلية طب قصر العيني على أن مصر والصين تمتلكان إرثًا حضاريًا وإنسانيًا يجعلهما شريكين طبيعيين في تطوير الطب الحديث ومواجهة التحديات الصحية العالمية.
 

تعاون رفيع بين قصر العيني وجامعة شنغهاي جياو تونغ

استقبلت كلية طب قصر العيني جامعة القاهرة، وفدًا رسميًا رفيع المستوى من مستشفى روجين التابع لجامعة شنغهاي جياو تونغ، في إطار تعزيز التعاون الطبي والأكاديمي وفتح آفاق جديدة للشراكات الدولية بين الجانبين. 

جاء ذلك تحت رعاية الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، وكان في استقبال الوفد الدكتور حسام صلاح عميد كلية الطب ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية، والدكتور عبد المجيد قاسم وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور هاني العسلي نائب المدير التنفيذي للشئون المالية والإدارية.

وضم الوفد كلًا من: البروفيسور نينغ غوانغ رئيس مستشفى روجين الصينية، والبروفيسور وانغ وى تشينغ مدير قسم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي بمستشفى روجين، والبروفيسور تشانغ جون مدير قسم الأورام، وغونغ يان تشون نائب مدير قسم الخدمات الطبية الدولية، ولين جينغ شنغ مدير مكتب تخطيط التخصصات وتطوير المنشآت الكبرى، وتشنغ جيه مدير إدارة التعاون والتطوير، ولين جينغ مدير إدارة التعاون الدولي بمستشفى روجين.
 

وعبّر رئيس الوفد الصيني البروفيسور نينغ غوانغ – رئيس مستشفى روجين – عن تقديره العميق لجامعة القاهرة، مشيرًا إلى أن مصر أصبحت شريكًا رسميًا في منظمة شنغهاي للتعاون، وأن العام المقبل سيشهد انعقاد اجتماع موسع بين الدول الأعضاء تُعد فيه كلية طب جامعة القاهرة من أهم المرشحين للمشاركة بخبراتها ومقترحاتها.

مقالات مشابهة

  • المحطات النووية تعقد ورشة عمل حول إدارة النفايات المشعة بالتعاون مع الوكالة الدولية
  • ورشة عمل حول إدارة النفايات المشعة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • نيجيريا تعيد رسم شراكاتها الدولية وتعزز التعاون مع فرنسا
  • مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يحذر من حوادث نووية محتملة في الحرب الأوكرانية
  • الطاقة الذرية: انقطاع الكهرباء عن محطة زابوريجيا النووية بأوكرانيا
  • الوكالة الدولية الذرية: من الضروري ضبط النفس لتجنب وقوع حادث نووي
  • خطة جديدة لقصر العيني في توسيع الشراكات الدولية
  • مفاجأة الحرس الثوري الإيراني: حديد 110.. مسيّرة شبحية فائقة السرعة
  • رئيس هيئة سلامة الغذاء يستقبل مدير الوكالة الموريتانية على هامش منتدى أفراف
  • الكونغرس:تجميد 50%من المساعدات الأمريكية للعراق إلا بعد حل الحشد الشعبي الإيراني الإرهابي