هل تحل المطلقة طلاقًا بائنًا لزوجها الأول بعد طلاقها من الثاني دون دخول؟.. أزهري يوضح
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
أوضح الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، حكم رجوع المطلقة ثلاثًا إلى زوجها الأول، في حالة ما إذا تزوجت بآخر ثم طلقها قبل الدخول بها.
وجاء توضيح فضيلته ردًا على سؤال ورد من إحدى السيدات قالت فيه: "طلقني زوجي ثلاث تطليقات، وانتهت عدتي، ثم تزوجت من رجل آخر فطلقني قبل الدخول بي، ويريد زوجي الأول أن يتزوجني من جديد، فهل أكون حلالًا له؟".
استشهد الدكتور لاشين في البداية بقوله تعالى: "فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ"، مؤكدًا أن الطلاق في الشريعة الإسلامية ينقسم إلى طلاق رجعي وطلاق بائن، وأن الطلاق البائن بينونة كبرى – وهو الطلاق الثالث – لا يجيز رجوع الزوجة إلى مطلقها إلا بشروط واضحة.
وأوضح أن من أبرز هذه الشروط أن تتزوج المرأة زواجًا شرعيًا مكتمل الأركان من زوج آخر، زواجًا قائمًا على الرغبة والاستمرار وليس بقصد التحليل، وأن يتم الدخول الحقيقي بها. فإذا طلّقها هذا الزوج بعد الدخول بها وانقضت عدتها، جاز لها الرجوع إلى زوجها الأول بعقد ومهر جديدين.
وشدد فضيلته على أنه لا يكفي مجرد العقد، وأنه إذا طلقها الزوج الثاني قبل الدخول بها أو مات، فإنها لا تحل للأول، واستند في ذلك إلى عدد من الأحاديث النبوية الصحيحة:
عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها".
وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حتى يكون الآخر قد ذاق من عسيلتها وذاقت من عسيلته".
وعن السيدة عائشة رضي الله عنها، في قصة امرأة رفاعة القرظي، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك."
واختتم الدكتور عطية لاشين فتواه بالتأكيد على أن هذه الضوابط تأتي حفاظًا على قدسية عقد الزواج، ومنعًا لأي تحايل يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عطية لاشين المطلقة ثلاث ا هيئة كبار العلماء بالأزهر عطیة لاشین
إقرأ أيضاً:
معنى سمة "ذبح العلماء" الذي عرف على مر العصور.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق، إن البشرية عرفت على مرِّ عصورها تصرُّفًا سلبيًّا، وهو «ذبح العلماء»، ولم تختص أمة بذلك، بل كانت سِمَةً جعلت الناس يُنشِئون الأمثالَ السارية كنوعٍ من أنواع التعبير عن الحكمة التي تتصل بالحياة، وقبل ذلك قتلوا النبيين والمرسلين، ولكن الله سبحانه وتعالى نصرهم وأيَّد العلماء، ونفع بهم البشرية عبر العصور.
سمة ذبح العلماءقال تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ [البقرة: 87].
وعن ابن عباسٍ قال: «ذُكِر خالدُ بنُ سِنانٍ للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ذاك نبيٌّ ضيَّعَه قومُه» [رواه الطبراني في الكبير].
ذبح العلماء على مر العصور
وأضاف فضيلة الدكتور علي جمعة أننا جميعًا نتذكر ما حدث لـ«جاليليو»؛ حيث أثبت ثباتَ الشمسِ ودورانَ الأرض، فاعتُرِض عليه، ولم يُحسِن حينئذٍ بيانَ بُرهانه التام، حتى إنه وافق على حَرْق كتبه. ولدينا في التاريخ الإسلامي نماذج كثيرة في هذا المعنى؛ فقد ورد أن الإمام البخاري صاحب «الصحيح» ـ الذي وُصف بأنه أصحُّ كتابٍ بعد كتاب الله من حيث الضبط والنقل والتوثيق ـ قد دعا على نفسه قبل أن يموت بأيام، وضاقت عليه الأرض بما رحُبَتْ، في نزاعٍ بينه وبين محمد بن يحيى الذُّهلي؛ حيث كانت قد اشتدت الخصومة بينهما، مما سبَّب له تركَ المدينة.
ولم يكن البخاري رحمه الله تعالى معتادًا على ذلك، فلم يتحمل ـ لشفافيته ورِقَّة قلبه ـ هذا النوعَ من الصدام، وانسحب تاركًا وراءه جهدَه الرصينَ الجبَّار، الذي استمرَّ هذه السنينَ الطوالَ مرجعًا للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ومثالًا لتطبيق المنهج العلمي، وللنية الخالصة، وللهِمَّة العالية، وأثرِ ذلك في بقاء الأعمال ونفعها لأفراد الناس وجماعاتهم ومجتمعاتهم....(يتبع)
ذبح العلماء قديمًا
وأوضح فضيلته أن في القرن السادس الهجري كان الشيخ عبدُ القادر الجيلاني، وتُنسب إليه بعض القصص الجديرة بالاعتبار ـ وإن كنا لم نحقِّق توثيقها له في ذاتها ـ؛ منها أنه كان يحضر له نحو أربعين ألفًا لسماع موعظته الحسنة التي خالطت القلوب، ورفع بعضُ الواشين أمرَه إلى الحاكم بأن عبد القادر أصبح خطرًا على الناس، فإنه يأتمر بأمره أربعون ألفًا.
وتابع الدكتور علي جمعة: لما استدعاه الخليفةُ في بغداد، وكلَّمه في ذلك، ضحك الشيخ، وقال: «أنا أظنُّ أن معي واحدًا ونصفًا، ولنختبر ذلك يا مولاي؛ فأرسلْ غدًا الشرطةَ أثناء الدرس بعد العصر تطلبني أمام الناس».
ذبح العلماء
وأكمل: فأرسل الخليفةُ رجالَ شرطته، وطلبوا الشيخ بطريقة عنيفة، ففَرَّ معها أكثرُ الحاضرين، وأصرَّ اثنان على أن يُصاحِباه، حتى إذا ما جاؤوا إلى قصر الخليفة تخلَّف أحدهما ينتظر الشيخ عند الباب، ودخل الآخر. فقال له الخليفة: ماذا حدث؟ قال: لم يَبْقَ معي إلا كما قلتُ لك: واحدٌ ونصف؛ هذا واحدٌ معي، والآخر خاف من الدخول فانتظر عند الباب.
واختتم حديثه قائلًا: وذهب الواشون وذهب عصرهم، لا نعرف أسماءهم، وبقي الشيخ عبد القادر عبر القرون؛ قد أذِن اللهُ أن يجعل كلماته نِبراسًا يُستضاء به، وهدايةً في الطريق إلى الله.