إدارة سلاسل القيمة خطوة استراتيجية في إطار توجه الحكومة لتخفيض فاتورة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء
تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT
الثورة نت /تقرير: يحيى جارالله
بالنظر إلى ما يمكن أن يحققه من نتائج اقتصادية، يعد برنامج إدارة سلاسل القيمة واحدا من أهم المشاريع الاستراتيجية التي تعمل عليها حكومة التغيير والبناء سعيا لتخفيض فاتورة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
يكتسب هذا البرنامج أهميته من كونه يرتبط بالركائز الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد المقاوم والمتمثلة في العمليات الإنتاجية والصناعية، وما يرافق ذلك من تمكين وتحسن في الأوضاع المعيشية لشريحة واسعة من السكان في الريف والحضر من مزارعين ومسوقين وتجار ومصنعين وغيرهم من المستفيدين من فرص العمل المنبثقة عن ذلك.
ويأتي إطلاق برنامج إدارة سلاسل القيمة من قبل الحكومة ضمن رؤية وطنية طموحة في ظل ما يمتلكه اليمن من إمكانيات كبيرة وواعدة يمكن أن تحقق الكثير لأبناء البلد في حال نجحت الجهات المعنية في استنهاض القدرات الكامنة سواء في الاقتصاد الوطني أو المجتمعات المحلية.
تدرك القيادة الثورية والسياسية والحكومة أن هذه العملية لن تتحقق إلا بإيجاد شراكة حقيقية وفاعلة مع القطاع الخاص والمجتمع، واستنهاض كافة الجهود ليساهم الجميع في الوصول بالبلد إلى مرحلة الاكتفاء والاعتماد على الذات.
لذلك تسعى الحكومة إلى إعطاء بعد أكثر قوة وتأثير للجانب الاقتصادي خلال المراحل المقبلة وبما يتلاءم مع طبيعة التحديات الراهنة وفي ظل التداعيات الكارثية الناتجة عن عشر سنوات من العدوان والحصار.
وضمن برنامجها العام حرصت حكومة التغيير والبناء على مراعاة الاقتصاد المجتمعي كونه المحرك الرئيس للبناء التنموي والاقتصادي، والذي انبثق عنه برنامج التحفيز كبرنامج اقتصادي للخمس السنوات المقبلة.
وهنا تضطلع وزارة الإدارة والتنمية المحلية والريفية بدور محوري من خلال ما تقوم به من تشبيك وتنسيق لجهود مختلف الجهات الحكومية المعنية وأجهزة السلطة المحلية والمجتمع، إلى جانب دورها الحيوي في استنهاض وتحفيز وتنظيم الجهد المجتمعي.
وانطلاقا من هذا الدور تولي قيادة الوزارة اهتماما كبيرا بتفعيل دور السلطة المحلية في تحفيز الدور المجتمعي والتركيز على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية واستنهاض إمكانات المجتمع وطاقاته وقدراته بهدف تحقيق التنمية المحلية والريفية.
بني برنامج إدارة سلاسل القيمة وفق أسس الاقتصاد المقاوم والاقتصاد الخدمي مع مراعاة عوامل نجاحه من خلال تفعيل القدرات المعطلة داخل الاقتصاد الوطني مع مراعاة أوضاع البلد وما يتعرض له من عدوان وحصار.
لذلك يعتبر الكثير من المختصين إدارة سلاسل القيمة من أفضل وأنجح وسائل الصمود في مواجهة الأزمات والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن.
يركز البرنامج في مراحله الأولى على أكثر من 42 صنفا من السلع والخامات الزراعية المحلية لاستنهاضها في الجانب الصناعي، ليشكل هذا البرنامج أحد العناوين العريضة لحكومة التغيير والبناء في ظل ما يتم دفعه سنويا كفاتورة استيراد تصل تكلفتها إلى 15 مليار دولار.
وينبثق برنامج إدارة سلاسل القيمة من مشروع التمكين الاقتصادي الذي يأتي ضمن برنامج التحفيز الاقتصادي الذي تبنته الحكومة وشمل إصدار قانون الاستثمار الجديد ليسهم القانون إلى جانب برنامج التمكين وما يتضمنه من برامج أهمها إدارة سلاسل القيمة في إحداث أثر اقتصادي ملموس.
وفي هذا الإطار تم أيضا تشكيل اللجنة الوطنية للتمكين الاقتصادي برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية محمد المداني، والتي بدأت تخطو خطوات قوية في تحقيق برامج التحفيز التي تعتمد على سلاسل القيمة وإدارة فاتورة الاستيراد.
وضمن سلاسل القيمة تم إقرار ثمانية برامج ومشروعات رئيسة تتمثل الأولى في دعم الصناعات النسيجية، كقطاع واعد يستوعب الكثير من الأيدي العاملة، من خلال إعفاء كافة الأعمال والمنشآت المتصلة بهذا الجانب من معامل ومصانع من كافة الضرائب والرسوم الأخرى ليسهم في تحقيق تمكين اقتصادي عال بدءا من إنتاج القطن وإنشاء المحالج والمصانع.
وتتمثل السلسلة الثانية في صناعة الألبان والتي ستشهد تطورا كبيرا ليشمل كافة القيعان الزراعية مثل قاع البون وجهران ورصابة وقاع الحقل بيريم وكتاب والسحول في إب وصولا إلى القاعدة والحوبان بتعز، بحيث يتم التركيز على البنى التحتية كمراكز التجميع الصغيرة والمتوسطة ووسائل النقل المبردة وذلك قبل الوصول إلى عملية التوزيع بما يحقق مواصفات أعلى للمنتج.
أما السلسلة الثالثة فتتمثل في إنتاج مجموعة من المواد الغذائية المعتمدة على الخامات الزراعية المحلية ومنها إنتاج “حلاوة الطحينية” خصوصا بعد نجاح زراعة السمسم الأبيض في اليمن، في حين تتمثل الرابعة في صناعة العصائر من خلال مصانع إنتاج المركزات كخطوة مهمة لحل الكثير من الاشكاليات خصوصا أثناء المواسم الزراعية وما تشهده من كساد لبعض المنتجات الزراعية.
وتشمل سلاسل القيمة أيضا تشجيع وتنمية الصناعات الصغيرة والأصغر، وكذا الصناعات الجلدية التي يمتلك اليمن مقومات النهوض بها في ظل توفر الجلود بكميات مناسبة في البلد، حيث يتم تصدير الخامات الخاصة بالصناعات الجلدية.
وامتدادا لذلك يأتي الاهتمام بدعم وحماية المنتجات المحلية بما يمكنها من توسيع مشاريعها القائمة وتعزيز جودة منتجاتها التي أثبتت قدرا عاليا من الجودة ما يؤهلها للمنافسة، لتشكل بديلا مناسبا لمثيلاتها من السلع المستوردة.
ففي هذا السياق تضطلع وزارتا الاقتصاد والصناعة والاستثمار، والمالية بدور محوري في تنفيذ سياسات التوطين والحماية للمنتجات المحلية وتخفيف الإجراءات على القطاع الخاص باعتباره حجر الزاوية والشريك الأساسي في تحقيق النمو الاقتصادي المأمول.
مثَّل قانون الاستثمار إضافة نوعية داعمة لهذا المسار كونه جاء برؤية جديدة في فكر الدولة بدعم ورعاية القيادة الثورية والسياسية، لفتح آفاق رحبة أمام رأس المال الوطني في القطاعين العام والخاص للدخول في مشاريع استثمارية بحوافز غير مسبوقة وضمانات كاملة، وأعطى دعما كاملا للصناعات الوطنية وحماية عالية للمنتج المحلي، بهدف النهوض بواقع القطاع الصناعي من خلال إدارة سلاسل القيمة وخفض فاتورة الاستيراد.
تشمل استراتيجية دعم الصناعات الوطنية وحماية المنتج المحلي تشجيع الصناعات الغذائية على التوجه نحو استخدام المواد الخام المحلية، بما يسهم في خلق نشاط صناعي إنتاجي يعمل على دعم وتنمية الاستثمارات في المجالات الزراعية والثروة الحيوانية بالاستفادة من المزايا والتسهيلات والحوافز التي يقدمها قانون الاستثمار الجديد.
وكانت حكومة التغيير والبناء أقرت برنامج التحفيز الاقتصادي الذي يتضمن العديد من المسارات والمستهدفات، أهمها توطين الصناعات وحماية المنتجات المحلية والذي يهدف إلى تحقيق زيادة كبيرة في فرص العمل وامتصاص البطالة، وتوفير منتجات وطنية ذات جودة عالية وبأسعار تنافسية، وذلك بالتزامن مع دراسة وإصدار قرارات لحماية وتوطين عدد من السلع الجديدة دعما للصناعات المحلية.
وحرصا على تطوير القدرات الإنتاجية للمصانع المحلية وحماية منتجاتها تبنت الحكومة خطوات وإجراءات مدروسة من ضمنها اتخاذ قرارات لحماية المنتجات الوطنية، والعمل على تعزيز ثقة المستهلك فيها، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص في هذا الجانب كونها الضمانة لتحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.
سبأ
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: فاتورة الاستیراد التغییر والبناء من خلال
إقرأ أيضاً:
الحكومة: تحرير 781 محضرا للحرق المكشوف للمخلفات الزراعية وإزالة 342 مكمورة فحم
استعرضت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، خلال اجتماع مجلس الوزراء، المُنعقد اليوم برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، بمقر الحكومة بالعاصمة الجديدة، مجهودات الوزارة وإجراءات مواجهة نوبات تلوث الهواء الحادة خلال فصل الخريف 2025.
وأوضحت الوزيرة، في بداية العرض، أنه في إطار تعزيز منظومة التعامل مع السحابة السوداء، وتكثيف التعاون مع المحافظات والجهات المعنية للحد من التلوث ومواجهة الحرق المكشوف تم تنسيق الجهود وتنفيذ عدد من الإجراءات بهدف (بناء الوعي المجتمعي، والتنسيق المؤسسي ودعم القرار، والرقابة والمتابعة الميدانية).
ولفتت الدكتورة منال عوض، إلى أنه في سياق بناء الوعي المجتمعي؛ تم تنفيذ ندوات توعية للمزارعين بعدة محافظات حول مخاطر حرق مخلفات قش الأرز وحطب الذرة وطرق الاستفادة منها كعلف وسماد عضوي، كما تم عقد العديد من الندوات والفعاليات التوعوية الموسعة بالتعاون والتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية، فضلا عن عقد 198 ندوة و1100 حملة توعية خلال المرحلة الأولى من قبل الفروع الإقليمية لجهاز شئون البيئة.
ونوّهت الوزيرة، إلى أنه فيما يتعلق بالتنسيق المؤسسي ودعم القرار؛ تم عقد اجتماعات تنسيقية برئاسة المحافظين وبمشاركة مختلف الجهات المعنية، لتعزيز الجهود المشتركة في مواجهة الحرق المكشوف للمخلفات الزراعية والصلبة.
بالإضافة إلى إصدار قرارات بإيقاف عمل الصناعات المتوسطة والصغيرة الملوِّثة للبيئة خلال فترات نوبات تلوث الهواء.
وحول الرقابة والمتابعة الميدانية، أوضحت القائم بأعمال وزير البيئة أنه تم تشكيل 69 محورا ولجنة مرور مسائية على الأراضي الزراعية لمتابعة ومنع عمليات الحرق المكشوف للمخلفات الزراعية والصلبة، والتي تعمل بشكل يومي بالتعاون مع مديريات الزراعة والمحافظات.
واستعرضت الدكتورة منال عوض، أبرز نتائج ومؤشرات منظومة مواجهة أزمة تلوث الهواء الحادة خلال فصل الخريف (الفترة من 1 سبتمبر وحتى 3 نوفمبر 2025)، مشيرة إلى أنه من خلال منظومة الإنذار المبكر، تم رصد نقاط حرق في نطاق محافظات القاهرة الكبرى والدلتا ووسط الصعيد، والتي بلغت نحو 1116 خلال هذا العام، مقارنة بـ 3490 للعام الماضي.
وعن جهود الوزارة في إحكام السيطرة على المنشآت الصناعية؛ فقد تم رصد 198 مخالفة للحدود القصوى المسموح بها لانبعاثات مداخن المنشآت من خلال الشبكة القومية لرصد الانبعاثات الصناعية، فضلا عن التفتيش على 108 منشآت بالمناطق الصناعية بالقاهرة الكبرى والتوصية بضرورة تقديم المنشآت المخالفة خطط للإصحاح البيئي من خلال الهيئة العامة للتنمية الصناعية.
كما لفتت الوزيرة، إلى الإجراءات والنتائج الخاصة بفحص عادم المركبات -في إطار منظومة مواجهة أزمة تلوث الهواء- والذي يتم بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور والإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات، موضحة أنه تم تنفيذ 168 حملة فحص على الطريق داخل إقليم القاهرة الكبرى، و155 حملة بمحافظات الدلتا وأسيوط.
بالإضافة إلى فحص أسطول أتوبيسات هيئة النقل العام بالقاهرة الكبرى لعدد 1078 أتوبيسا.
و أشارت الدكتورة منال عوض، إلى نتائج مواجهة الحرق المكشوف للمخلفات الزراعية، منوهة إلى أنه في إطار التعاون بين وزارة البيئة والمحافظات المعنية قام المحافظون بالتواصل المستمر مع فروع جهاز شئون البيئة لمتابعة موقف جمع قش الأرز فضلا عن القيام بالمرور لمتابعة الموقف.
وفي هذا الإطار ذكرت الوزيرة وجود 655 موقعا لجمع قش الأرز، في هذا العام، مقارنة بـ 398 موقعا في العام السابق، بالإضافة إلى معدات تصل إلى 125 مكبسا وجرارا في العام الحالي، مقارنة بـ 73 في العام السابق.
وأضافت الوزيرة، أنه قد تم إصدار 107 تراخيص مزاولة نشاط جمع ونقل المخلفات الزراعية من خلال جهاز تنظيم إدارة المخلفات.
ولفتت إلى أن كمية قش الأرز التي تم تجميعها بلغت 2.7 مليون طن خلال هذا العام، مقارنة بـ 2.1 مليون طن في العام الماضي.
كما تحدثت الدكتورة منال عوض عن موقف محاضر حرق المخلفات الزراعية والتعامل مع مكامير الفحم المخالفة، منوهة إلى تحرير 781 محضر مخالفة للحرق المكشوف للمخلفات الزراعية، وإزالة 342 مكمورة فحم عشوائي، وغلق 12 مكمورة مطورة.
وتطرقت الوزيرة، إلى التنسيق بين غرفة الأزمات والكوارث البيئية المركزية وغرف الأزمات بالمحافظات، موضحة أنه من خلال التنسيق مع إدارة الأزمات بوزارتي البيئة والتنمية المحلية وغرف الأزمات بالمحافظات المعنية بمواجهة نوبات تلوث الهواء الحادة، تمت متابعة 69 محورا ميدانيا بشكل يومي لعدد 7 محافظات، ورصد 24 بلاغ حرق مخلفات زراعية وصلبة. كما تم رصد بلاغات عبر منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، وتوجيه الفروع الإقليمية المعنية لاتخاذ اللازم بشأنها.