صاندي تايمز: الضغط الداخلي المتصاعد أجبر كير ستارمر للتخطيط للاعتراف بفلسطين
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
كشفت صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية، في تقرير مشترك أعده الصحفيان هاري يورك وهوغو دانيال، عن خطط يجري إعدادها داخل رئاسة الحكومة البريطانية للاعتراف بدولة فلسطينية خلال شهر أيلول/سبتمبر المقبل.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن هذا التوجه، رغم ارتباطه بمحددات سياسية خارجية، يأتي بالدرجة الأولى استجابة لضغوط متصاعدة من الداخل البريطاني، وخاصة من قواعد حزب العمال وموجة المعارضة اليسارية المتنامية.
وبحسب التقرير، فإن رئيس الوزراء كير ستارمر يشترط هذا الاعتراف بتنفيذ الاحتلال الإسرائيلي جملة من الالتزامات، أبرزها وقف الحرب الدموية في قطاع غزة، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى السكان المحاصرين الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية بشكل كارثي.
وترى الصحيفة أن توقيت الإعلان لم يكن اعتباطياً، بل جاء نتيجة لثلاثة عوامل رئيسية: ضغوط داخلية، وتطورات جيوسياسية، وتحركات أوروبية حاسمة.
تململ داخل حزب العمال
بحسب صاندي تايمز، فإن طريقة إدارة حزب العمال للحرب على غزة أثارت موجة نقد غير مسبوقة من داخل قواعده ومن تيارات يسارية صاعدة.
وقد ساهمت هذه الانتقادات في زعزعة تماسك الحزب الحاكم، وأظهرت شروخاً في جدار شعبيته حتى داخل الدوائر الانتخابية التي فاز بها بفارق ضئيل العام الماضي.
في هذا السياق، أبرزت الصحيفة أن الضغوط لا تأتي فقط من الناشطين المناصرين لفلسطين أو من حزب الخضر، بل أيضاً من نواب مستقلين جدد دخلوا البرلمان على أساس دعمهم للقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى الحزب الجديد الذي أطلقه زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن.
مرشحون مستقلون يهددون هيمنة العمال
أشارت الصحيفة إلى أن الذكرى السنوية الأولى لفوز ستارمر الساحق على المحافظين، في تموز/ يوليو 2024، تزامنت مع نشاط سياسي لافت لجيرمي كوربن، الذي حضر تجمعاً في إلفورد، حيث كادت لين محمد مرشحة فلسطينية-بريطانية٬ أن تطيح بمرشح حزب العمال ووزير الصحة ويز ستريتنغ، بفارق لم يتجاوز 528 صوتاً.
وشهد التجمع أيضاً حضور أندريه فينستين، السياسي الجنوب أفريقي اليهودي والناشط المخضرم في حزب المؤتمر الوطني، والذي خسر أمام ستارمر في دائرة هولبورن-سانت بانكرس في الانتخابات الماضية.
ورغم أن عدد النواب المستقلين المنتخبين لا يزال محدوداً، إلا أن الصحيفة تشير إلى أن كوربن استطاع مع عدد من النواب المؤيدين لفلسطين تأسيس حزب جديد، يحمل اسماً مؤقتاً هو "حزبكم"، ويتوقع أن تقوده إلى جانبه النائبة السابقة عن حزب العمال زارا سلطانة، الممثلة حالياً لمنطقة كوفنتري ساوث.
استطلاعات الرأي: جيل الشباب يميل إلى "حزبكم"
بحسب استطلاع أجراه مركز مور إن كومون، فإن 29 بالمئة من الناخبين البريطانيين من "جيل Z" – أي المولودين بين منتصف التسعينات ونهاية العقد الأول من الألفية – يفضلون حزب كوربن الجديد، مقابل 27 بالمئة فقط ما زالوا مع حزب العمال.
وترى الصحيفة أن ستارمر، عبر منحه حق التصويت للفئة العمرية بين 16 و17 عاماً، أنشأ دون قصد٬ قاعدة انتخابية خصبة لصالح كوربن، خصوصاً في عشر دوائر انتخابية رئيسية يهيمن فيها المسلمون والناخبون الشباب، والتي قد تقلب موازين الانتخابات المقبلة.
دعم فلسطيني يتجاوز الهويات
تكشف صاندي تايمز أن التأييد للقضية الفلسطينية لم يعد حكراً على الجاليات العربية أو المسلمة، بل امتد ليشمل قطاعات واسعة من البريطانيين، خاصة من اليساريين البيض من أبناء الطبقة المتوسطة.
ويرى أندريه فينستين أن دعم فلسطين أصبح معبّراً عن مظلة أوسع من القضايا الاجتماعية التي تشهد تراجعاً في ظل سياسات الحكومة، مثل أزمة السكن، وتكاليف المعيشة، وفقر الأطفال، والرعاية الاجتماعية.
ويعتقد المقربون من كوربن أن حزبه الجديد قادر على المنافسة الجادة في ما بين 30 إلى 50 مقعداً برلمانياً، إذا ما تحالف مع أطراف تقدمية كحزب الخضر، ما يضع حزب العمال في مواجهة احتمال فقدان الغالبية مستقبلاً.
توني بلير وحرب العراق
وتنقل الصحيفة عن مراقبين تشبيههم للوضع الحالي بما حدث خلال فترة توني بلير وحرب العراق، حيث تسببت السياسات الخارجية في تآكل ثقة الجمهور بالحزب الحاكم.
وتشير إلى أن عشرات النواب والوزراء في حكومة ستارمر يواجهون الآن ضغوطاً انتخابية من نشطاء مؤيدين لفلسطين في دوائرهم، إلى حد تعرض بعضهم لهجمات شخصية.
وتبرز من بينهم شبانة محمود، وزيرة العدل، وجيس فيليبس، وزيرة الداخلية، اللتان كادتا تخسران مقعديهما في برمنغهام أمام مرشحين مناصرِين لفلسطين العام الماضي.
خطة ستارمر... وثلاثة دوافع للإعلان
كشفت مصادر في مقر رئاسة الوزراء 10 داونينغ ستريت٬ أن مستشار الأمن القومي جوناثان باول هو من تولى إعداد خطة الاعتراف منذ أشهر، وتم تضمينها بشكل مبدئي في البرنامج الانتخابي.
إلا أن التوقيت الحالي للإعلان استند إلى ثلاثة عوامل أساسية وهي:
- التأثير السياسي الفوري: رغبة ستارمر في إعلان اعتراف يفضي إلى نتائج ملموسة على الأرض، تحديدًا وقف المجاعة في غزة.
- غياب الدعم الأمريكي: ما دفعه للسعي إلى تحالف من دول مجموعة السبع والدول العربية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي.
- الدفع الأوروبي: إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 24 تموز/يوليو الماضي عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين شجع لندن، خصوصاً مع إعلان كندا عن توجه مماثل.
كما قاد ستارمر بالتنسيق مع ماكرون حملة دبلوماسية عربية، أسفرت عن دعوة سعودية-قطرية-مصرية لحركة حماس لنزع سلاحها كشرط أساسي لقيام دولة فلسطينية.
رغم هذه الخطوة، هاجم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إعلان ستارمر، فيما اعتبر فريق كوربن أن الاعتراف "غير كافٍ ومتأخر جداً"، واتهموا رئيس الوزراء بالتقصير في دعم فلسطين.
ومن المنتظر أن تنظم جماعات مؤيدة لفلسطين مظاهرات أمام مكاتب عشرات النواب تحت شعار "حصار حزب العمال"، سعياً لتأجيج الضغط الشعبي والسياسي، وإجبار الحزب على اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل.
وفي مشهد رمزي، رُفع علم فلسطيني ضخم خارج مقر شركة "إيكوتريسيتي"، المملوكة للمتبرع البارز لحزب العمال ديل فينس، ما يعكس تحول الرأي العام حتى داخل أوساط داعمي الحزب التقليديين.
ديوزبري نموذجاً: جراح سياسية لا تندمل
في مدينة ديوزبري شمال إنجلترا، التي فاز فيها إقبال محمد٬ الناشط المؤيد لفلسطين٬ كأول نائب مستقل منذ أكثر من قرن، يعكس المزاج الشعبي حجم الغضب تجاه حزب العمال.
وتشير صاندي تايمز إلى أن سكان المدينة، التي يعاني نصفها من الفقر والتهميش، باتوا يرون في الحزب "خيانة لمبادئه"، ولم تعد وعود ستارمر كافية لإعادة بناء الثقة.
يقول إقبال محمد، وهو في الـ35 من عمره، أثناء تجوله مع عائلته: "لقد حدثت أضرار جسيمة... ومن الصعب التعافي منها".
أما عبد الله، وهو مدير متجر عطور، فيرى أن "الاعتراف بفلسطين أمر جيد بنسبة 100%"، لكنه يشدد على أن تحسين مستويات المعيشة يجب أن يتصدر أولويات أي حكومة. ويضيف: "لن أعطي صوتي مجددًا لحزب العمال، ما لم تحدث تغييرات جذرية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية فلسطينية ستارمر الاعتراف كوربن بريطانيا فلسطين اعتراف كوربن ستارمر صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صاندی تایمز حزب العمال إلى أن
إقرأ أيضاً:
عشرات الآلاف ينظمون مسيرات حاشدة في أستراليا دعمًا لفلسطين
خرج ما يقدر بنحو 90 ألف شخص اليوم الأحد في مسيرات حاشدة عبر جسر ميناء سيدني الاسترالي في طقس ممطر كجزء من احتجاج مؤيد للفلسطينيين.
وذكرت صحيفة سيدني مورنينج هيرالد الاسترالية أن عشرات الآلاف من المتظاهرين تحدوا الطقس الممطر وساروا عبر جسر ميناء سيدني الشهير دعما للشعب الفلسطيني.
ودعا المتظاهرون إلى السلام وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب، مع تحذير خبراء الأمم المتحدة من مجاعة من صنع الإنسان.
وأطلق منظمو مسيرة اليوم عليها اسم مسيرة من أجل الإنسانية.. وحمل بعض المشاركين في المسيرة أواني الطبخ كرمز للجوع، وهو ما يظهر غالبا في الصور القادمة من غزة، كما لوح المتظاهرون بالأعلام الفلسطينية وهتفوا كلنا فلسطينيون.
وقد أعيد فتح الجسر الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي بعد إغلاقه أمام حركة المرور منذ وقت متأخر من الصباح، كما تظاهر الآلاف في ملبورن وأديلايد احتجاجا على الأزمة الإنسانية المتفشية في غزة.
اقرأ أيضاًعاجل.. مسيرات في بيت لاهيا تطالب حماس بالتنحي وتدعو لوقف الحرب «فيديو»
عاجل| مظاهرات حاشدة في عدة عواصم حول العالم تطالب بوقف العدوان على غزة (فيديو)
استشهاد 7 فلسطينيين بسبب المجاعة وسوء التغذية فى قطاع غزة