مقال في هآرتس: إسرائيل تدمر نفسها بتجويع وقتل الآلاف في غزة
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
في مقال لاذع نشرته صحيفة هآرتس أطلقت الكاتبة الإسرائيلية إيريس لئيل صيحة تحذير من أن الجرائم المقترفة في قطاع غزة لم تدمر الفلسطينيين وحدهم، بل دفعت إسرائيل نحو عزلة دولية خانقة وسقوط أخلاقي وسياسي مدوّ.
وكتبت لئيل أن الجسور التي تربط إسرائيل بدول العالم الحر تُهدم واحدا تلو الآخر، وأصبح كل من له صلة بإدارة الحرب أو شارك في اتخاذ القرارات المتعلقة بها يدرك تدريجيا أنه لن يتمكن من وضع قدمه في عواصم العالم دون تعريض نفسه للخطر.
واستعرضت الكاتبة في مقالها بعض التداعيات الخطيرة الناجمة عن تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع، مؤكدة أن إسرائيل تتحمل مسؤولية مباشرة عن مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني، من بينهم ما لا يقل عن 18 ألفا و500 طفل، وفقا لتقارير دولية، أبرزها ما نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية نقلا عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).
وتشير التقارير إلى أن الأطفال يُقتلون بمعدل يتجاوز طفلا واحدا كل ساعة منذ اندلاع الحرب، كثيرون منهم ماتوا في أسرّتهم أو أثناء اللعب، وبعضهم دُفن قبل أن يتمكن من المشي.
ووصفت لئيل ما يجري في غزة بـ"حرب إبادة"، مشيرة إلى أن القيادة الإسرائيلية تعي تماما أن الحرب على غزة فقدت أي أهداف عسكرية حقيقية.
وأضافت أن المجادلة بأن الحرب وسيلة قاسية وخطيرة تُزهق أرواحا بشرية هي مقولة باطلة في ظل بعض الحقائق الصارخة على الأرض التي دفعت إلى التحذير من أن قطاع غزة على حافة المجاعة، ورغم ذلك فإن إسرائيل لم تحرك ساكنا ولم تتخذ إجراء لتفاديها.
يمكن افتراض أن كل من شارك في اتخاذ القرارات منذ اليوم الأول لهذه الحرب، والأسوأ من ذلك من لا يزالون يتخذون قرارات حتى الآن يدركون تماما أنهم متورطون في جرائم حرب وتطهير عرقي وإبادة جماعية
وتأكيدا على ذلك، ذكرت الكاتبة أن حكومة بنيامين نتنياهو كانت على علم بأن مؤسسة غزة الإنسانية المنوط بها توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع لا توزع حليب الأطفال، وبالتالي فإن الرضّع سيموتون جوعا.
والأدهى من ذلك أن إسرائيل كانت على دراية بالوضع الكارثي لما تبقى من مستشفيات في غزة بعد أن دمرت سائرها، وكان من المفترض أن تدرك أن الطواقم الطبية نفسها تعاني من الجوع والوهن.
إعلانورغم ادعائها أن بعضا من ذلك القول صحيح فإن الكاتبة تعتقد أن نتنياهو وأعضاء حكومته بنوا قراراتهم على فرضية أن العالم سيبتلع أو يهضم تجويع آلاف الأطفال عمدا، من دون أن يكلفهم ذلك ثمنا دبلوماسيا باهظا على هذه المجازر.
ووفقا للمقال، فإن ثمة تساؤلات ملحة تظل قائمة في وقت تواجه فيه إسرائيل أخطر أزمة دبلوماسية في تاريخها، وموجة اشمئزاز دولية تعتري كل إنسان عاقل يطالع هذه التفاصيل.
وأوضحت لئيل أن الأسئلة المعنية هي: كيف للمرء أن يحكم على أداء الوزراء وقادة المؤسسة الأمنية ورئيس أركان الجيش وكبار قادة الجيش والشاباك ورئيس الموساد؟
وأجابت بالقول إنه يمكن افتراض أن كل من شارك في اتخاذ القرارات منذ اليوم الأول لهذه الحرب، والأسوأ من ذلك من لا يزالون يتخذون قرارات حتى الآن يدركون تماما أنهم متورطون في جرائم حرب وتطهير عرقي وإبادة جماعية.
وقالت إن السؤال الذي يشغل بال الجميع الآن هو: "هل هؤلاء مؤهلون لاتخاذ قرارات مصيرية نيابة عنا؟".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات فی غزة من ذلک
إقرأ أيضاً:
عناق النهاية
من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
تقلب صفحات الكتاب الذي تمسكه بيديها كل يوم، لكنها هذه المرة لم تقرأ كما اعتادت.
تسهر الليل لتُنهيه، حتى وقفت عند إحدى صفحاته، وكتبت بخط مرتجف:
"لم تكن الحياة عادلة... أنفترق دون وداع؟ لما لم يحارب من أجلي! أين الوعد؟ أين الحب؟ أكان كل ذلك وهماً؟"
أغلقت كتابها، وفتحت إحدى رسائله على الهاتف. قرأتها، فانهمرت دموعها؛ لقد كان قاسيًا حتى في الوداع.
أغلقت الهاتف واستجمعت نفسها وغادرت منزلها.
الجو حار، والرصيف مزدحم.. وجهاهما تلاقيا.
قلوبهما اشتعلت في اللحظة نفسها، لكن العيون انكسرت نحو الأرض، تخشى فضح الشوق.
تقدما بخطوات بطيئة حتى صارا متقابلين، ثم مرا بجانب بعضهما. كلٌّ منهما يحارب رغبته في الالتفات، خشية خيانة كرامته.
وانتهى اللقاء بلا كلمة، بلا نظرة، بلا وداع.
عادت إلى حياتها، تنشغل بعملها وكتبها، وتخط بقلمها ما يخفف والآم الذكرى.
مضت الأيام سريعًا، حتى حلّ الشتاء بجوه البارد.
وفي صباحٍ مشرق، خرجت إلى عملها، وكأن القدر لبّى نداءها.
يقود دراجته حين لمحها واقفة عند زاوية الطريق.
توقف فجأة، وتوقف الزمن معه.
اقترب، وصوته المرتجف يفضحه:
ــ هل ما زلتِ تحبّينني؟
لم تُجب. حدّقت في عينيه طويلاً، ثم ألقت بنفسها في حضنه، تتمسّح به كطفلة صغيرة.
كان عناقًا قصيرًا كالحلم، دافئًا كالحياة، عميقًا كالنهاية.
ابتسمت له ابتسامة وداع، ومضت. ليسمعا صوت ضجيج حتى جاءت شاحنة مسرعة، كيد القدر، لتسلب جسديهما وتجمعهما في حياة أخرى… في عالم لا يعرف طريقًا للفراق.