تناولت وسائل إعلام إسرائيلية انتقادات واسعة من مسؤولين أمنيين وسياسيين سابقين للحكومة بشأن إدارة الحرب على غزة وتجاهل ملف الأسرى والأوضاع الإنسانية المتدهورة.

ووجه رئيس جهاز الشاباك الأسبق يورام كوهين انتقادات حادة للحكومة الإسرائيلية، مؤكدا أن الجيش يحقق إنجازات ويقدم أفضل ما يمكنه في المعارك، لكن الحكومة لم تحقق إنجازات مهمة في ملف الأسرى والمفاوضات.

وأشار كوهين إلى الثمن الباهظ المدفوع بمقتل أكثر من 40 جنديا إسرائيليا، بالإضافة إلى التعرض لانتقادات دولية غير مسبوقة.

وفي هذا الإطار، شككت عضو الكنيست عن حزب الديمقراطيين إفراد إكمام في تحقيق نجاح إستراتيجي رغم تنفيذ الجيش للمهام المكلف بها، مشيرة إلى أن العالم يرى الضرر والصورة المفزعة للمجاعة والكارثة الإنسانية، في حين تبتعد آفاق صفقة الأسرى أكثر.

وبالتوازي مع هذه الانتقادات، يواجه المستويان السياسي والعسكري في إسرائيل توترا متصاعدا، حسبما كشف مراسل الشؤون السياسية في القناة 12 يارون إبراهام، الذي أوضح أن وزراء اليمين يضغطون لاحتلال قطاع غزة بالكامل والدخول إلى مناطق فيها أسرى، بينما يعارض الجيش هذا التوجه.

وتوقع إبراهام أن يكون الأسبوع الحالي حاسما في اتخاذ قرارات إستراتيجية ستغير شكل الحرب إن لم يحدث تقدم في صفقة الأسرى.

وعلى صعيد متصل، يسود التشاؤم من إمكانية إنهاء الحرب الأوساط التحليلية، إذ عبر محلل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل عن اعتقاده بعدم وجود نهاية للحرب في الأفق، إلا إذا تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقوة كما فعل سابقا.

وفي تطور ذي صلة، اتهم المستشار السابق لوزير الدفاع باراك سري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بـ"الجري وراء" الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وهذا أدى لوضع إسرائيل تحت وطأة "سونامي دبلوماسي" وتحقيق إنجازات لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بالإضافة إلى تحول الحركة إلى الطرف الفلسطيني الذي يتحدث عن الدولة الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

إعلان

وإلى جانب هذه الاتهامات، وصل الإحباط من أداء الحكومة لحد اتهامها بالكذب والخداع، إذ وصف محلل آخر كل الوعود الحكومية بالانتصار المطلق وإعادة المخطوفين بالضغط العسكري بأنها أكاذيب، مشيرا إلى استنزاف الجيش ومقتل الجنود وتعفن المخطوفين، بالإضافة إلى انتحار جنود وكارثة إنسانية في غزة ووضع دولي كارثي.

إهمال الأسرى

وفي خضم هذه التطورات، تتفاقم معاناة أهالي الأسرى مع إهمال الحكومة لملفهم، إذ نقلت والدة أسير إسرائيلي تجربتها المؤلمة مع منسق الأسرى الذي أجابها بأن تدهور حالة ابنها "بسبب حماس".

في حين اشتكى والد أسير آخر من نسيان الحكومة للأسرى وعدم إجراء نقاشات جدية حول استعادتهم أو إنهاء الحرب.

وعلى الصعيد الإعلامي، وصلت الانتقادات لحد توجيه اتهامات بعدم الإنسانية، إذ تساءل مقدم البرامج السياسية ريال بيركوفيتش عما إذا كان لدى نتنياهو وبن غفير وسموتريتش قلب أو شفقة أو مشاعر، محذرا من أن التاريخ سيحاكم نتنياهو على "هذه الصور" التي ستلطخ وجهه.

وعلى الصعيد الميداني، احتد الجدل حول طبيعة العمليات العسكرية بين المسؤولين السابقين، إذ وصف قائد المنطقة الجنوبية السابق عميران لفين الأوامر الحكومية للجيش بالجريمة، متهما إياها بإصدار أوامر إطلاق النار على الأطفال والآباء الجائعين، واصفا ذلك بـ"الإبادة الجماعية".

وفي السياق نفسه، أكدت الصحفية روتيم إيزاك من "يديعوت أحرونوت" تقارير حول إطلاق النار على مسنين وأطفال لعدة أيام قبل إلغاء الأمر، مشيرة إلى تعرضها للسب والشتم بسبب كتابتها حول هذا الموضوع.

ومن ناحية أخرى، تشير التحليلات الإستراتيجية لعدم فهم إسرائيل لطبيعة حماس، حسب رئيس إدارة السجون الإسرائيلية السابق يوفال بيتون، الذي أكد أن الحركة لن تستسلم أبدا ولن تسلم سلاحها، متسائلا عن مكان الحكومة والدولة اللتين تتجاهلان التضحية بالأسرى وإراقة دماء الجنود عبثا.

وفيما يتعلق بالحرب الإعلامية، أشار أستاذ الدراسات الفلسطينية ميخائيل ميلشتاين إلى براعة حماس في رصد الخطاب العالمي والإسرائيلي، خاصة حملة المجاعة والقلق على الأسرى، وإنتاج حملة دعائية تربط بين الأمرين.

وفي هذا الصدد، انتقدت المتحدثة السابقة باسم الجيش أفيتالي ليبوفيتش الأداء الإعلامي الإسرائيلي، مؤكدة أن حماس بنت حملة دقيقة ومنظمة لأسابيع، بينما انجرت إسرائيل لردة الفعل بدلا من المبادرة، وهذا أدى لخسارة نقاط مهمة.

وفي خلاصة هذه التطورات، أشار مراسل الشؤون العربية أوهاد حمو إلى إنجاز مهم لحماس يتمثل في نجاحها بفرض مصطلح "صفقة واحدة" على الخطاب الإسرائيلي، بعد إصرار الحكومة لسنتين على الحديث بمصطلحات الصفقات المرحلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

كارثة تلوح في أفق غزة.. قائد إسرائيلي سابق يتهم الحكومة بالعجز ويحذر من انهيار شامل

حذر اللواء احتياط يفتاح رون تال، القائد السابق للقوات البرية في الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، من اقتراب إسرائيل من “كارثة حقيقية” في قطاع غزة، في ظل استمرار التمركز العسكري الإسرائيلي هناك لما يقارب العامين منذ بداية الحرب، وغياب استراتيجية واضحة من الحكومة الإسرائيلية، إلى جانب تدهور الأوضاع الإنسانية داخل القطاع.

وفي مقابلة إذاعية مع راديو “103 إف إم”، وصف رون تال الوضع بأنه على “شفا كارثة”، مشيراً إلى فقدان السيطرة على الجانب الإنساني في غزة، حيث وصلت كميات كبيرة من المواد الغذائية إلى حركة “حماس” بدلاً من السكان المدنيين، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية.

وقال: “نحن فقدنا السيطرة على الجانب الإنساني، وهناك كميات كبيرة من المواد الغذائية، لكن أغلبها لا يصل إلى السكان المدنيين.”

وانتقد بشدة عجز إسرائيل عن إدارة الشؤون المدنية داخل القطاع، معتبراً أن هذا التقصير يقوض المكاسب العسكرية التي تحققت على الأرض.

وأكد أن الجيش الإسرائيلي لم يستغل فرصته في تأسيس كيان بديل يدير الشؤون المدنية داخل غزة، ما سمح لـ”حماس” بالاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على الواقع المدني، رغم كونها “شبه مشلولة” عسكرياً.

وأضاف: “كان يجب على الجيش أن يستغل هذا لصالحه، ويؤسس قيادة بديلة داخل القطاع.”

ودعا رون تال الحكومة الإسرائيلية إلى وضع أهداف واضحة ومعلنة، مع ضرورة إنهاء حالة التردد المستمرة، قائلاً: “لا يمكن للحرب أن تستمر إلى الأبد، على الحكومة أن تحسم إلى أين تريد أن تذهب الأمور، ولا يمكن الاعتماد على تسوية جزئية في هذا السياق”.

وحول انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق داخل غزة، أقر القائد السابق بوجود حالة إرهاق كبيرة بين القوات، مشيراً إلى أن الاحتياط “مرهق جداً”، وأن الجيش في حالة انتظار بعد انتهاء مهامه في عملية “عربات جدعون”.

وأكد أن “حماس” لا يجب أن تبقى في غزة بعد انتهاء الحرب، لأنها ليست شريكاً ولا جارةً ولا تستحق أي مكانة بالقرب من إسرائيل.

وشدد على أهمية الحفاظ على السيطرة الإقليمية داخل القطاع، بوصفها ضرورية لأمن الدولة الإسرائيلية.

وقال: “نحن نسيطر حالياً على مساحة كبيرة داخل القطاع، ويجب إنشاء خط دفاعي واضح وضم هذه المناطق إلى نطاق السيطرة الإدارية والعسكرية. يمكن تأمين هذه المناطق بعدد محدود من الجنود إذا لم نكرر أخطاء الماضي”.

وفيما يتعلق بالضغوط الدولية، قلل رون تال من أهميتها، معتبراً أن التحديات الحقيقية تكمن داخلياً، وأضاف: “هل وضعنا السياسي في العالم بهذا السوء؟ المؤيدون لقيام دولة فلسطينية قد عبّروا عن مواقفهم في الأمم المتحدة، لكن المشكلة الحقيقية موجودة داخلنا، حيث يثير البعض التوترات بيننا.”

وفي ختام حديثه، رفض القائد السابق التردد في فرض الحكم العسكري على غزة، معتبراً أن الخوف من الظهور كقوة احتلال لا يبرر غياب الحسم، وقال: “المعارضة لفكرة الحكم العسكري تنبع من الرغبة في تجنب مظهر الاحتلال، لكن يجب أن نتذكر أن الجيش الإسرائيلي يخدم الدولة، والدولة هي صاحبة القرار، وهذا المفهوم الأمريكي بفصل الجيش عن الحكم المدني لا ينطبق على واقعنا.”

مقالات مشابهة

  • اعتراف إسرائيلي: الاحتلال يُمنى بخسارة مزدوجة.. يخسر الساحة الدولية ومصير الأسرى
  • مسؤول إسرائيلي سابق: نقترب من كارثة إستراتيجية وحماس نظمت صفوفها
  • إعلام إسرائيلي: حكومتنا مغرورة ومخادعة ولا إستراتيجية لديها بشأن غزة
  • احتجاجات في تل أبيب وعائلات الأسرى تحذر من خطر يتهدد أبناءها وتتهم الحكومة
  • الحكومة بلا استراتيجية.. جنرال إسرائيلي سابق يحذّر: نحن على حافة كارثة
  • أسبوع حاسم.. وسائل إعلام الاحتلال تتحدث عن تغيير بوجه الحرب في غزة
  • إعلام إسرائيلي يستبعد التوصل إلى صفقة قريبة لوقف الحرب على غزة
  • إعلام إسرائيلي: العالم يرانا متوحشين وحماس ذكية وتلقننا درسا
  • كارثة تلوح في أفق غزة.. قائد إسرائيلي سابق يتهم الحكومة بالعجز ويحذر من انهيار شامل