على المقاعد الخشبية
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
مدرين المكتومية
استيقظت هذا الصباح غير العادي، أرى من خلف نافذتي أجواء خريفية جميلة، رائحة الأرض المشبعة بالمطر، الخضرة التي تكسو الجبال والأرض، البشر الذين يتسابقون لاختيار موقعهم على ذلك البساط الأخضر الممتد، الأطفال وهم يشعرون أن الحياة تختلف على الرغم من البساطة… بساط والقليل من الطعام والألعاب والكثير من المرح والسعادة.
أتنقل بين العيون وعبر الأودية وبين المناطق الجبلية والأخرى الساحلية، لأرى الجمال وكأنني في أحد المراسم الشهيرة التي شارك في رسم لوحاتها أعظم وأهم فناني العالم ليعكسوا لنا صور الجمال بأبهى ما يكون، ويعطونا درسًا أننا نمتلك ما يجعلنا دائمًا نشعر بالامتنان تجاه ذلك.
وبين هذا الجمال أستقر على طاولة من الخشب، وأمامي بحر هائج، وأصوات أمواج عالية، والقليل من رذاذ المطر، والضباب الذي يكسو الجو، وكأنني أخرج من أحد أفلام بوليوود الشهيرة، أو من رواية كاتب مشهور، وربما من قصة "ألف ليلة وليلة"، لكنني في الحقيقة أجلس على شاطئ "الدهاريز" بمحافظة ظفار في خريفها الاستثنائي.
وبينما أجلس على مقعدي، أرى الكثير من الناس من مختلف الثقافات، يجلس كل منهم أيضًا على طاولة، يتناقشون، وربما أيضًا يحللون شخصيتك، ومنهم من يفكر في ماهيتك وطبيعتك، والبعض يتساءل عن سبب وحدتك، والكثير منهم يريدون الاقتراب منك، كما إن الكثير منهم ربما أطلق عليك أحكامًا لا تعرفها، وببساطة إن ما أريد أن أتحدث عنه هو "الكيفية التي يراك بها الآخر"، فالكثير من الناس يعتقدون أن الأشخاص يمثلون الأحكام التي أطلقها الآخر عليهم، وربما الصورة التي رسموها لهم، دون أن يدركوا أن الإنسان لا يرى من الشخص سوى الشيء البسيط غير الظاهر لهم، لأن العمق يحتاج لمعرفة وتواصل دائم.
إنني أجلس على هذا المقعد الذي جلست عليه آلاف القصص، وآلاف الحكايات، والكثير من الظروف، ومن التفاصيل التي مثلها غيري، كل منهم يحمل في داخله شيئًا آخر غير الذي نراه، نتجمل ونرتدي أجمل ما نملك، ليرانا الآخر بصورة مليئة بالقوة والكبرياء والعلو، وقد يكون بالطبع هو عكس ما نحن عليه.
إننا نعيش وسط ضجيج الهواتف، وربما صخب العالم المليء بالشكليات والمظاهر، فالأحكام باتت على الآخرين مبنية على ما يرتدونه من ملابس ومجوهرات، وما يقودونه من سيارة، وربما مرتبطة بالمكان الذي يجلسون فيه، كثير منهم غير مدرك لقيمة تلك الأشياء وربما أهميتها بقدر ما يعكسه من صورة لنفسه أمام الآخر، يضطر للجلوس بمكان يتصنع فيه نفسه، يستنسخ من شخصيته لتتناسب مع المجموعة التي يكون بينها، فقط ليخلق صورة ذهنية لدى الآخرين بما يريده عن نفسه، لكن لربما حقيقته تختلف تمامًا عمّا هو عليه.
عندما كنت أرى الناس من حولي، كنت أرى العمق، وليس الشكل والمظهر والإطار الخارجي، كنت أقرأ في الملامح الكثير من التفاصيل غير الظاهرة، كنت أرى بنفسي كمية التجميل الخارجي حتى لا يرى أحد تلك الخدوش والصدوع الموجودة، وعلى الرغم من الوجع الذي قد يعيشه الشخص وهو يُجمّل في نفسه ليكون كما يريد الآخر أن يراه، إلا أنني بالطبع مع هذه الصبغة، فالإنسان لا يجب أن يجعل من نفسه قصة يستمتع الناس بالحديث عنها في الجُمَع والمجالس، لا يجعلهم يشمتون بحزنه وألمه، ولا يُقزّم من نفسه أمام الآخرين، بل على العكس، عليه دائمًا أن يكون في النسخة الأفضل، والقصة التي يرددونها بكل حماس وكأنهم يتحدثون عن أحد الأبطال.
في الختام، مهما كنت، ومهما كانت ظروفك، سيراك الآخر كما تريده أن يراك، مهما كانت قصتك حزينة، وجرحك ينزف، وفشلك متكرر، مهما كانت خساراتك كبيرة، ومهما كنت مخذولًا، تذكر أن الآخر يرى منك ما تريد أن يراه، لذلك استيقظ كل صباح وكأنك ذاهب لموعد غرامي، أو لمقابلة عمل، أو مسافر لبلد تنتظر السفر إليه طويلًا، حينها ستكون ابتسامتك تعلو شفتيك، وتلك الابتسامة هي من تصنع الفارق، وتجعلك في المقدمة، وتشعل فتيل الغيرة لدى من يريدون كسرك.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"القبول الموحد" يعلن عن الطلبة المرشحين لإجراء اختبارات القبول
مسقط- العمانية
أعلن مركز القبول الموحد بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار اليوم عن الطلبة المرشحين لإجراء اختبارات القبول والمقابلات الشخصية والفحوصات الطبية في 123 برنامجًا، والتي تتطلب ذلك للعام الأكاديمي 2025/2026
وتواصل المركز عبر خدمة الرسائل النصية القصيرة مع (6367) طالبًا وطالبة لإشعارهم بالبرامج الدراسية المرشحين لها، وتزويدهم بالإرشادات والمعلومات التي يحتاجونها خلال هذه المرحلة، وبلغ عدد المقاعد الدراسية في هذه البرامج (2617) مقعدًا.
وبيّن المركز أنّ الترشيح لا يعني القبول في البرنامج، وإنما يعتمد ذلك على نتيجة المقابلة أو الاختبار أو الفحص الطبي الذي يحدد من قبل المؤسسة التعليمية، وعدد المقاعد المتوفرة، والمعدل التنافسي للطالب مقارنة بالناجحين الآخرين، كما أنّ عدم الحضور للمقابلة أو الاختبار بسبب السفر أو غيره من الأسباب يُعدُّ رفضًا من الطالب للتنافس على هذه البرامج.
وكانت مرحلة تعديل الرغبات للعام الأكاديمي 2025/2026 انتهت الخميس الماضي، وقد بلغ عدد المسجلين الناجحين (43060) طالبًا وطالبة، منهم (20081) ذكرًا ، و(22979) أنثى.
وسيُعلن مركز القبول الموحد عن نتائج الفرز الأول مساء يوم الثلاثاء الموافق 19 أغسطس 2025م، وستتاح فترة استكمال إجراءات التسجيل بمؤسسات التعليم العالي من الثلاثاء الموافق 19 أغسطس وحتى الساعة 12 من ظهر يوم الأحد الموافق 25 أغسطس الجاري.