في كل عام، تتجدد معجزة طبيعية فريدة، حيث تُحلِّق ملايين الطيور المهاجرة في رحلات ملحمية عبر القارات، قاطعة آلاف الكيلومترات بحثًا عن الدفء والغذاء، تُعد هذه الطيور ثروة بيولوجية لا تُقدر بثمن، ومؤشرًا حيويًا على سلامة النظم البيئية، لكن هذه الرحلة العظيمة لم تعد آمنة كما كانت، فقد أصبحت مهددة بالصيد الجائر والتدمير الممنهج لموائلها.

من هنا، انطلقت حملة «حتى تعود الطيور»، ليس فقط لحماية هذه الكائنات، بل لإعادة الوعي بأهمية الحفاظ على كل جناح يُحلِّق في سمائنا.

أرقام تُثير الصدمة

الأرقام تتحدث بصراحة عن حجم الكارثة التي تواجه الطيور المهاجرة:

فعلى مستوى العالم، هناك أكثر من 4000 نوع من الطيور المهاجرة، وهو ما يمثل حوالي 40% من إجمالي أنواع الطيور المعروفة، كل هذه الأنواع معرضة لمخاطر مختلفة.

تُعد مصر أحد أهم مسارات الهجرة في العالم، حيث تستقبل سنويًا ما يقارب 500 نوع مختلف من الطيور، لتصبح محطة حيوية لملايين الطيور.

حتى تعود الطيور

لكن للأسف، تُظهر الإحصائيات أن الصيد الجائر يمثل تهديدًا جسيمًا، فوفقًا لتقارير دولية، يُقدر أن أكثر من 25 مليون طائر يُقتلون بطريقة غير قانونية في منطقة البحر المتوسط وحدها كل عام، هذا الرقم المروع كان الدافع الرئيسي خلف إطلاق الحملة كما يقول خالد النوبى رئيس جمعية حماية الطبيعة التى تقدم خطة إنقاذ شاملة تركز على ثلاثة محاور رئيسية الأولى هي حماية الطيور المهاجرة وإيقاف نزيف الصيد العشوائي، وتوفير ملاذات آمنة للطيور خلال مواسم هجرتها، خاصة للأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.

وتثقيف وتوعية المجتمع بدءًا من المدارس والجامعات وحتى الصيادين أنفسهم، لتعريفهم بأهمية هذه الطيور ودورها في التوازن البيئي.

ثم دعم التشريعات والقوانين أجل تفعيل القوانين البيئية الحالية، والمطالبة بفرض عقوبات أكثر صرامة على كل من يخالفها.

الواقع يتحدث

من الفكرة إلى الواقع كانت جمعية حماية الطيور تقوم بعد نشاطات كما يقول محمد حسين مسئول الاتصال بالجمعية حيث اعتمدت الحملة على مجموعة من الأنشطة المبتكرة

منها حملات ميدانية مكثفة إلى المناطق الساحلية والأراضي الرطبة، وهي الأماكن المفضلة للطيور المهاجرة، لمراقبة ورصد عمليات الصيد وتوثيقها، وتوزيع منشورات توعوية على الصيادين.

مع بناء الوعي عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية لنشر مقاطع فيديو مؤثرة وصور مدهشة للطيور، مما ساهم في انتشار هاشتاج الحملة وتفاعله مع الجمهور على نطاق واسع.

كما تم تنظيم ورش عمل تفاعلية للأطفال والشباب، لتعليمهم كيفية التعرف على أنواع الطيور المختلفة وأهميتها، وغرس قيم المحافظة على البيئة في نفوسهم منذ الصغر.

ويضيف النوبى قامت الحملة بتوثيق علمي للطيور ومساراتها وأعدادها، مما شكل قاعدة بيانات مهمة للباحثين والمهتمين بالبيئة.

تأثير حملة حتى تعود الطيور

العمل المنظم يجب أن يأتي بتأثير وهو ما فعلته حملة حتى تعود الطيور عندما ساهمت في الحث على إصدار وزارة البيئة قرار وقف الصيد فى بحيرة ناصر لمدة عامين لتظهر آثار القرارت الإيجابية فى انخفاض في معدلات الصيد الجائر في بعض المناطق، وذلك بفضل الوعي المتزايد لدى الأهالي والصيادين. والعمل على البحث عن فرصة جديدة لسياحة الطيور

كما تحولت قضية حماية الطيور من اهتمام خاص للناشطين إلى قضية عامة يناقشها المجتمع بجدية، ولأول مرة استوطنت بعض الطيور بحيرة ناصر فى هدوء ومنظر خلاب كان هو ثمرة متميزة لقرار وقف الصيد بالبحيرة

باختصار أصبحت حملة حتى تعود الطيور نموذجًا يحتذى به للمبادرات البيئية التي تعتمد على التفاعل المجتمعي والشراكات الفعالة، والتى تجعلنا نغنى معا أيُّها الطيرُ المُهاجرُ

حِينَ تَمضي.. حِينَ تَرجعْ

سَوْفَ تَبْقَى شُهُبُ العُمْرِ تُغَنِّي بَينَ أَرْضٍ وسَماءْ لتبقي كلمات الشاعر عبد الوهاب البياتي لتعبر عن هدف حملة «حتى تعود الطيور» التى لم تكن مجرد نداء لحماية كائنات صغيرة، بل كانت دعوة للحفاظ على منظومة الحياة بأكملها وان العمل الجماعي المنظم يمكن أن يُحدث فرقًا، وأن حماية التنوع البيولوجي هي مسؤولية مشتركة، تبدأ من فرد وتصل إلى مجتمع بأكمله، فكل جناح يحلق في سمائنا هو قطعة من هذا الكون، وحمايته هي حماية لجماله وتوازنه للأجيال القادمة.

اقرأ أيضاً«معلومات الوزراء»: 20 مليون طن من منتجات البلاستيك تتسرب إلى المحيطات والنظم البيئية

محطات الصرف واحات جديدة تغير خريطة هجرة الطيور

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الطيور المهاجرة حماية الطيور المهاجرة حماية الطيور الطیور المهاجرة الطیور ا

إقرأ أيضاً:

اليمن تمطر وفاءً.. حين تلتقي السماء بالأرض نصرةً لغزة

 

في لحظة استثنائية من لحظات التاريخ، وفي مشهد تختلط فيه الدموع بالمطر، وتتوشّح فيه الأرض بكرامة الشرفاء، شهدت العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات اليمنية يومًا لا يُنسى.. يومًا تلاقت فيه السماء بالأرض، لا لتهطل مطرًا فحسب، بل لتشهد على وفاء شعب، وعلى ملحمة لا يصنعها سوى الأحرار في زمن الانكسار.

رغم الأمطار الغزيرة التي غمرت الشوارع، ورغم حبات البرد التي كانت تقسو على الأجساد، لم يتراجع اليمنيون، ولم ينكفئوا إلى دفء البيوت. بل خرجوا من ميادين صنعاء إلى ميادين صعدة، من ذمار إلى إب، من تعز إلى الحديدة وغيرها، في مسيرات مهيبة كأنها نهرٌ بشريٌّ جارف، يصرخ بالحقيقة في وجه عالمٍ أخرس؛ لم تكن المظاهرات مجرّد مناسبة، بل كانت إعلانًا جديدًا بأن قضية فلسطين لا تزال في صدارة الوجدان اليمني.

رغم اضطراب الطقس الجوي بأمطاره الغزيرة الممزوجة بحبات البرد، واضطراب الطقس السياسي برياح المؤامرات وتيارات التطبيع، واشتعال الطقس العسكري بنيران العدوان والحصار، خرج اليمنيون كما يخرج النور من عتمة الليل، لا يثنيهم بردٌ ولا ترهبهم نار المؤامرات ولا تهزهم رياح التهديدات، ولا تربكهم الحسابات.

لقد تحدّوا جميع الظروف – جوًا وسياسةً وسلاحًا – وأثبتوا أن إرادة الشعوب حين تتصل بالمقدّسات، تصبح أقوى من أي مناخ، وأصلب من أي جدار.

لقد كانت قطرات المطر التي تبلّل وجوههم دموع السماء على أطفال غزة، وكانت حبات البرد المتساقطة شاهدةً على صلابة الإيمان في قلوبهم، وإصرارهم على أن لا تذبل راية فلسطين، ولا تنكسر كرامة الأمة.

وكلما اشتدّت المعاناة في سبيل نصرة غزة، كلما تعاظم شعور اليمنيين بالطمأنينة، وكأنهم يخوضون معركة الشرف على طريق النصر المؤجل. ومن يرى هذا الحشد الممتد من شمال اليمن إلى جنوبه، ومن سهوله إلى جباله، يدرك أن الأمة لا تزال بخير، وأن النصر قادم لا محالة.

لقد أثبت اليمنيون – مرةً أخرى – أنهم شعب لا يخذل إخوانه في فلسطين، ولا يتخلّى عن قضاياه في أحلك الظروف.

أنهم باقون على العهد، لا يحيدون، ولا يبدّلون، وأنهم اختاروا موقعهم في الصفوف الأولى، مهما كلّف الثمن.

سلامٌ على يمننا، أرضًا وشعبًا، وسلامٌ على هذه الهامات الشامخة التي أبت إلا أن تكون في طليعة المدافعين عن الحق، مهما كان الطقس، ومهما كانت التضحيات.

وسلامٌ على غزة التي تنزف، وقد عرفت أن لها هناك، في الجنوب العربي، شعبًا لا ينام على الضيم، ولا يخذله المطر ولا البرد ولا الجوع ولا نيران الأعداء.

 

 

 

مقالات مشابهة

  • محطات الصرف واحات جديدة تغير خريطة هجرة الطيور
  • اليمن تمطر وفاءً.. حين تلتقي السماء بالأرض نصرةً لغزة
  • الجيل: تصريحات الرئيس السيسي بشأن غزة صرخة حق في وجه الظلم
  • مركب جديد من الشوكولاتة قد يغيّر قواعد علاج إنفلونزا الطيور والخنازير
  • مساع قطرية لحماية الطيور المهاجرة ... ضرورة للحفاظ على التنوع البيولوجي والتوازن البيئي
  • صرخة تونسيين ضد حصار وتجويع غزة
  • جامعة بجنوب أفريقيا تطلق مشروعا لحماية وحيد القرن من الصيد الجائر والتهريب
  • الكاتب والجندي الإسرائيلي.. قصة خيالية مستوحاة من واقع غزة
  • كاتبة الدولة في الصيد تبرر تأخر مشروع في طنجة حول تفريخ الأسماك حصل على دعم الدولة