تعاون الذكاء الاصطناعي والبشر يعزز تدريب جراحي الأعصاب
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قوية جديدة في مجالات التدريب والتعليم، بما في ذلك مجال جراحة الأعصاب. ومع ذلك، تشير دراسة حديثة إلى أن التدريب بالذكاء الاصطناعي يحقق أفضل النتائج عند دمجه مع التوجيه البشري.
أجرى باحثون في مركز محاكاة جراحة الأعصاب والتعلم بالذكاء الاصطناعي بجامعة ماكغيل الكندية دراسة لاختبار كيفية دمج الذكاء الاصطناعي وتقنية الواقع الافتراضي في تدريب جراحي المخ.
شارك في الدراسة، التي نشرت مجلة "JAMA Surgery" نتائجها، 87 طالب طب من أربع كليات في كيبيك، جرى تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات: الأولى تلقت تغذية راجعة من الذكاء الاصطناعي فقط، والثانية من مدرب بشري، والثالثة من مدرب بشري مدعوم ببيانات أداء لحظية من الذكاء الاصطناعي.
- اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً جديدة لأبحاث الأمراض النادرة
تجربة جراحية
لتنفيذ الدراسة، اعتمد الباحثون على محاكاة عمليات جراحية للدماغ باستخدام تقنية الواقع الافتراضي، حيث قام الذكاء الاصطناعي بمراقبة أداء المتدربين بدقة، وتقديم تغذية راجعة شفهية مستمرة حول كيفية تحسين الأداء وتجنب الأخطاء.
في المقابل، وفّر المدربون البشريون توجيهاً فورياً وملاحظات مباشرة.
وفي المجموعة الثالثة، حصل المدرب البشري على بيانات أداء لحظية من الذكاء الاصطناعي، ما أتاح له تخصيص الملاحظات وربطها بسياق أداء الطالب أثناء التدريب.
- انظر أيضاً: الذكاء الاصطناعي يسلّح جهاز المناعة بـ"صواريخ" لمهاجمة الخلايا السرطانية
نتائج واعدة
وفقاً لموقع "ميديكال إكسبريس"، كشفت النتائج أن الطلاب الذين تلقوا تغذية راجعة مدمجة من مدرب بشري مدعوم ببيانات تحليلية من الذكاء الاصطناعي حققوا أداءً أفضل بكثير من المجموعتين الأخريين، سواء في جودة المهارات الجراحية أو في سرعة اكتسابها ونقلها لمواقف جديدة.
كما أظهرت هذه المجموعة قدرة أكبر على إدارة المخاطر المرتبطة بالنزيف وإصابة الأنسجة، وهما معياران أساسيان لقياس مستوى الخبرة الجراحية.
وأشارت الدراسة إلى أن أنظمة التعليم الذكية يمكنها تقديم تقييمات معيارية تعتمد على البيانات، لكن دمج الخبرة البشرية يعزز التفاعل ويجعل الملاحظات أكثر مرونة وتكيّفاً مع كل متدرب.
- طالع أيضاً: هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء؟.. رئيس "ChatGPT" يجيب
آفاق مستقبلية
رغم أن هذه الدراسة ركزت على تدريب جراحة الأعصاب، إلا أن نتائجها قد تنطبق على مجالات أخرى تتطلب اكتساب مهارات تقنية معقدة في بيئات عالية الضغط.
وقالت بيانكا جيغليو، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "تؤكد نتائجنا على أهمية المدخلات البشرية في التعليم الجراحي المدعوم بالذكاء الاصطناعي. فعندما يستخدم المدربون الخبراء بيانات أداء الذكاء الاصطناعي لتقديم تغذية راجعة مخصصة وفورية، يتعلم المتدربون بسرعة أكبر وينقلون مهاراتهم بكفاءة أعلى".
من جهته، قال الدكتور رولاندو ديل مايسترو، جراح الأعصاب والمؤلف المشارك: "الذكاء الاصطناعي لا يحل محل المدربين، بل يعزز دورهم. ومن خلال دمج قدراته التحليلية مع التوجيه الحاسم للمدربين الخبراء، نقترب من إنشاء (غرفة العمليات الذكية) القادرة على تقييم وتدريب المتعلمين وتقليل الأخطاء أثناء العمليات الجراحية".
أمجد الأمين (أبوظبي) أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأعصاب الأبحاث العلمية كندا الأبحاث الطبية الذكاء الاصطناعي جامعة ماكجيل من الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
هل سيبقى دور الأطباء محورياً في عصر الذكاء الاصطناعي؟
توقع خبير تقني أن يُحدث الطب المعتمد على الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في مجال الرعاية، من علاج ألزهايمر والسكري إلى التنبؤ بالخرف قبل ظهوره بسنوات، لكنه شدد على ضرورة أن تكون هذه التقنيات متاحة للجميع دون استثناء.
وفي كتابه "الشفاء بالذكاء الاصطناعي"، يستعرض دانييلي كاليجيوري أحدث الابتكارات الطبية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل التصوير التشخيصي والروبوتات الجراحية والهياكل الخارجية التي تساعد مرضى إصابات العمود الفقري على المشي، ويرى أن هذه الثورة ستغير مستقبل الطب إلى الأبد.
- اقرأ أيضاً: هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء؟.. رئيس "ChatGPT" يجيب
نمو سريع
يشهد سوق الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية توسعاً لافتاً، إذ يتوقع أن ترتفع قيمته من 11 مليار دولار عام 2021 إلى نحو 188 مليار دولار بحلول 2030، بمعدل نمو سنوي 37%، بحسب موقع "ميديكال إكسبريس".
ويُستخدم حالياً في مجالات عدة، من تحليل البيانات الجينية للبحث عن مؤشرات الأمراض، إلى إدارة المواعيد والمهام الإدارية، مع توقع استمرار هذا التوسع.
لكن كاليجيوري يحذر من أن التطور قد يفاقم فجوة عدم المساواة، مؤكداً أن على الدول ضمان وصول هذه التقنيات للجميع بغض النظر عن مستوى الدخل أو مكان الإقامة، حتى لا تُحرم الدول الفقيرة من أحدث وسائل العلاج.
- طالع أيضاً: أداة ذكاء اصطناعي جديدة لتشخيص ورعاية فشل القلب
أداة مساندة
من أبرز تحديات الذكاء الاصطناعي الطبي تحديد المسؤولية عن القرارات العلاجية، خاصة عند وقوع الأخطاء، إضافة إلى صعوبة تفسير قرارات الأنظمة المتقدمة التي تعمل كـ"صندوق أسود" عبر عمليات معقدة لا يفهمها حتى مبدعوها.
ويؤكد كاليجيوري أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يدعم الأطباء لا أن يحل محلهم، فهم يمتلكون "قدرات فريدة على تقديم التعاطف والفهم والدعم العاطفي"، مشيراً إلى أنه "يجب النظر إليه كأداة، وليس كزميل، وينبغي أن يُنظر إليه دائماً كداعم، لا كبديل".
كما يشدد على أهمية التوازن في استخدامه؛ إذ يمكن للمرضى الاستفادة منه لمعرفة أمراض محتملة أو سبل الوقاية، لكن الطبيب يظل المرجع الأساسي للتشخيص والعلاج.
ورغم التحذيرات، يبدي مؤلف الكتاب تفاؤلاً كبيراً بتأثيره، مشبهاً إياه بالمجهر الذي يكشف الخلايا التالفة أو الخرائط التي تُظهر نشاط الدماغ، لما يوفره من دقة أكبر في المراقبة الطبية وتشخيص الأمراض.
- انظر أيضاً: الذكاء الاصطناعي يسلّح جهاز المناعة بـ"صواريخ" لمهاجمة الخلايا السرطانية
أثر عميق
من أبرز المجالات التي سيترك فيها الذكاء الاصطناعي بصمة واضحة، الطب التجديدي، حيث تُستخدم علاجات الجينات والخلايا الجذعية لإصلاح الأنسجة والأعضاء التالفة، وهو ما قد يساعد مرضى إصابات الحبل الشوكي.
كما يفتح الباب أمام العلاجات الشخصية المصممة لكل مريض وفق بصمته الجينية، مع أبحاث تستهدف أنواعاً مختلفة من اضطرابات الحركة لدى مرضى باركنسون، إضافة إلى الأنماط المتنوعة لسرطان الثدي.
ويرى المؤلف أن دمج الطب التجديدي بالكائنات المعدلة وراثياً والذكاء الاصطناعي يمثل الجبهة الطبية المقبلة.
ويشير إلى أن دمج الواقع الحقيقي والافتراضي قد يكون مفيداً في الرعاية الصحية، مثل استخدام "الميتافيرس" لجلسات العلاج الجماعي، و"التوائم الرقمية" التي تحاكي جسم المريض وعقله لمساعدة الأطباء على اختيار العلاج الأمثل.
- اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يُحدث نقلة في مكافحة التدخين الإلكتروني
تفاعل بشري
يؤكد الكتاب أن التطورات التي يجلبها الذكاء الاصطناعي ستعيد صياغة علاقة الطبيب بالمريض، لكن الحاجة إلى التواصل الإنساني ستظل جوهرية في الرعاية.
ويحذر كاليجيوري من أن دور الأطباء سيتطور مع اندماج هذه التقنيات، مشدداً على ضرورة أن يطور العاملون في القطاع مهارات تقنية لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على الصفات التي لا يمكن للتقنية محاكاتها، مثل التعاطف والذكاء العاطفي، باعتبارها أساس البعد الإنساني في العمل الطبي.
أمجد الأمين (أبوظبي)