مغامرة نتنياهو الجديدة في غزة.. الجيش قد يقع في "فخ تكتيكي"
تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT
منذ مصادقة المجلس الوزاري الأمني المصغر على خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لفرض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، ترددت العديد من الأسئلة بشأن قدرة الجيش على تحقيقها، لا سيما وأن تبني هذا الطرح جاء في ظل خلافات علنية عميقة بين المستويين السياسي والأمني في إسرائيل.
ولكن إصرار نتنياهو ومعه وزراء اليمين المتطرف على التوجه نحو هذا السيناريو كان جامحا وتم تمرير خطته بعد جلسة ماراثونية للكابينت استمرت أكثر من 10 ساعات.
وبعد أن أصبح على المؤسسة الأمنية الإذعان لهذه الرغبة، وبات قادتها بين خياري التنفيذ أو الإقالة، ربما يبحث وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير عن الطريقة التي يمكن بها المضي قدما لتطبيق رؤية نتنياهو المتمثلة في خمسة مبادئ، هي:
نزع سلاح حركة حماس، إعادة جميع الأسرى الأحياء منهم والأموات، تجريد غزة من السلاح، فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع، إنشاء إدارة مدنية لا تتبع حماس ولا السلطة الفلسطينية.وفي الوقت الذي لم تأبه فيه حكومة نتنياهو لعاصفة الانتقادات الدولية التي قوبلت بها الخطة الجديدة بشأن غزة، بل وبادرت لتوجيه الاتهامات للدول التي عارضتها بأنها تكافئ حماس، يبدو أن الهوة بين تل أبيب والمجتمع الدولي آخذة في الاتساع مع تبني المزيد من دول العالم مواقف لا تنسجم مع مزاج صانع القرار الإسرائيلي وداعمه الأقوى وربما الأوحد الآن الولايات المتحدة.
ووضع التطور الأخير الجيش الإسرائيلي في موقف صعب يتخطى مخاوفه التي أعرب عنها علانية والمتمثلة في حالة الإرهاق بين الجنود واهتراء الآليات الثقيلة والدبابات بسبب الحرب التي شارفت على إتمام عامها الثاني، وسط تحذيرات من تحول السيطرة على غزة إلى "خطر وفخ تكتيكي"، حسبما نقل موقع واللا عن مصادر عسكرية.
وللمفارقة أقر الكابينت التوجه دون خطة واضحة، ليبدأ بعدها رئيس الأركان مشاوراته مع قادة الجيش للتخطيط لمستقبل العملية في غزة، وليس العكس.
العملية الجديدة التي لم يطلق عليها حتى الآن اسم يضاف إلى سابقاتها من العمليات، والتي كان آخرها عربات جدعون، ربما تعد الأخطر في الحرب الإسرائيلية على غزة، بحسب الكثير من المراقبين، ليس بسبب التحذيرات التي أطلقها ساسة وعسكريون إسرائيليون فحسب من سقوط المزيد من القتلى في صفوف الجيش والتضحية بمن تبقى من المحتجزين في غزة، ولكن بسبب مواقف العديد من دول العالم التي بدأت تتبلور في صورة إجراءات فعلية تتعدى حدود التنديد والإدانة.
مواقف دولية معارضة
في أوضح تحول في موقف ألمانيا حيال التصعيد العسكري الإسرائيلي، أعلن المستشار فريدريش ميرتس تعليق منح أي تراخيص جديدة لتصدير أسلحة يمكن استخدامها في القطاع، مع احتمال تعليق تسليم أسلحة من صفقات مبرمة سابقا إذا كانت هناك إمكانية لاستخدامها في غزة.
ويأتي هذا التحرك وسط ضغوط متزايدة وتحذيرات من جانب برلين من أي خطوات إسرائيلية لإعادة احتلال القطاع أو ضم أجزاء من الضفة الغربية.
وفي السياق ذاته، جاء قرار هولندا بسحب 3 تراخيص لتصدير مكونات سفن حربية إلى إسرائيل بسبب تدهور الوضع في غزة ومخاطر "الاستخدام غير المرغوب فيه"، بالتزامن مع مناقشة طارئة في البرلمان الهولندي لمقترحات بحظر شامل للسلاح وعقوبات أوسع مع الاعتراف بدولة فلسطين.
وتزامن ذلك مع استدعاء بلجيكا سفيرة إسرائيل في بروكسل احتجاجا على خطة السيطرة على غزة أو احتلالها كما سمتها وسائل إعلام إسرائيلية، وذلك للتعبير عن رفض الدولة الشديد لقرار حكومة نتنياهو والتحذير من تداعياتها.
ولم يكن استدعاء السفيرة الإسرائيلية مجرد إجراء دبلوماسي للتعبير عن رفض تلك الخطوة، لكنه كان شاهدا على التأكيد على موقف بلجيكا المؤيد لحل الدولتين مع التعبير عن رؤية مفادها أن هدف القضاء على حماس "لا يبرر عمليات غير متناسبة تزيد معاناة المدنيين الفلسطينيين".
وبعد إعلان بريطانيا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية الشهر المقبل، واصل رئيس حكومتها كير ستارمر توجيه الانتقادات لإسرائيل، ورأى أن الخطة الجديدة "لن تسهم في إنهاء هذا الصراع أو في تأمين إطلاق سراح الرهائن، بل ستفاقم سفك الدماء".
وألقت هذه المواقف المتوالية بظلالها على الداخل الإسرائيلي، حيث نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤولين في الجيش مخاوفهم من تداعيات المقاطعة الدولية فيما يتعلق بشراء الأسلحة ومواد الصناعات الدفاعية.
تخبط في التصريحات
ووسط قنبلة السيطرة على غزة بالكامل ووضع أهداف فشل الجيش في تحقيقها على مدار 22 شهرا، دون تنسيق مع قادة المؤسسة الأمنية، تجلى التخبط في التصريحات التي تناقلتها وسائل إعلام إسرائيلية عن كاتس وزامير، فذكرت إذاعة الجيش أن وزير الدفاع سيطرح في اجتماع الحكومة المقبل قرار استدعاء 430 ألف جندي على مدار الأشهر الثلاثة المقبل، بينما نقلت هيئة البث عن رئيس الأركان تقديراته أن خطة السيطرة على غزة ستحتاج 200 ألف جندي احتياط، في حين أوردت القناة 15 أنه سيتم إرسال 250 ألف أمر استدعاء لجنود الاحتياط.
ويرى مراقبون أن إدراك المسؤولين الإسرائيليين لتشابك الموقف داخليا وخارجيا وما تنطوي عليه الخطة الجديدة من مخاطر ربما دفع بعضهم لترك الباب مفتوحا أمام التراجع عنها، ورهنوا ذلك بتلقي مقترحا للصفقة أو طلب من جانب حماس للانخراط في المفاوضات مجددا، حسبما جاء على لسان زعيم حزب شاس رييه درعي.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات نتنياهو كاتس زامير حماس الأسرى السلطة الفلسطينية غزة الجيش الإسرائيلي عربات جدعون الحرب الإسرائيلية على غزة ألمانيا ميرتس الضفة الغربية هولندا الاعتراف بدولة فلسطين بلجيكا حل الدولتين بريطانيا ستارمر حماس حزب شاس نتنياهو غزة حماس نتنياهو كاتس زامير حماس الأسرى السلطة الفلسطينية غزة الجيش الإسرائيلي عربات جدعون الحرب الإسرائيلية على غزة ألمانيا ميرتس الضفة الغربية هولندا الاعتراف بدولة فلسطين بلجيكا حل الدولتين بريطانيا ستارمر حماس حزب شاس شرق أوسط السیطرة على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الكابينت الإسرائيلي يقر خطة نتنياهو لاحتلال غزة بالكامل
أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت" فجر الجمعة، خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاحتلال قطاع غزة بالكامل.
وقالت وسائل إعلام عبرية إن الموافقة على الخطة جاءت خلال اجتماع استغرق 10 ساعات، فيما كما أورد موقع "أكسيوس" الأميركي موافقة "الكابينت" على خطة اجتياح القطاع الذي يتعرض لإبادة جماعية منذ 22 شهرا.
من جهته أفاد مكتب نتنياهو في بيان فجر الجمعة، أن الجيش الإسرائيلي يستعد للسيطرة على مدينة غزة، مع توزيع المساعدات الإنسانية على المدنيين خارج مناطق القتال، على حد زعمه.
وذكر البيان أن "الكابينت" اعتمد بأغلبية الأصوات ما وصفها بـ "المبادئ الخمسة لإنهاء الحرب"، وهي نزع سلاح حركة "حماس"، وإعادة جميع الأسرى (الأحياء والأموات)، ونزع السلاح من القطاع، والسيطرة الأمنية عليه، وإقامة إدارة مدنية بديلة بعيدا عن "حماس" والسلطة الفلسطينية.
ومساء الخميس عرض نتنياهو خلال اجتماع "الكابينت" خطة "تدريجية" لاحتلال قطاع غزة، رغم معارضة المؤسسة العسكرية لها بسبب خطرها على حياة الأسرى والجنود، وفق إعلام عبري.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر رسمية مطلعة، لم تسمّها، أن نتنياهو قدم "خطة مخففة وتدريجية"، وذلك في إطار اجتماع "يُعد من بين الأكثر حساسية منذ بدء الحرب، والمخصص لمناقشة مستقبل العمليات العسكرية" في قطاع غزة.
وتنص الخطة، بحسب المصادر، على بدء الجيش الإسرائيلي التحرك نحو مناطق لم يدخلها سابقا، بهدف السيطرة عليها وسط القطاع ومدينة غزة، رغم تحذيرات رئيس هيئة الأركان إيال زامير، من هذه الخطوة.
وبحسب الطرح الذي قدمه نتنياهو، فإن الخطة تبدأ بتهجير فلسطينيي مدينة غزة نحو الجنوب، يتبعها تطويق المدينة، ومن ثم تنفيذ عمليات توغل إضافية في مراكز التجمعات السكنية.
وخلال الاجتماع، أعرب عدد من الوزراء عن رفضهم لأي حل لا يشمل احتلال كامل أراضي القطاع، في حين حذر زعيم حزب "شاس" (ديني متطرف) أرييه درعي (عضو الكابينت ووزير دون حقيبة)، من استمرار الحرب.
واعتبر درعي، أن خطة نتنياهو "تُحدث ضررا سياسيا متواصلا وتعرّض حياة الأسرى للخطر"، داعيا إلى "الاستماع لتقديرات الجيش".
من جانبه، جدد رئيس الأركان زامير، معارضته لخطة احتلال غزة بالكامل، مشيرا إلى عدة اعتبارات "أبرزها: الخطر على حياة الأسرى، استنزاف جنود وقوات الاحتياط، والإضرار بالشرعية الدولية لإسرائيل".
وفي وقت سابق الخميس، حاول نتنياهو، تبرير عزمه احتلال قطاع غزة بالكامل، بالقول إنه سيسلم القطاع بعد "السيطرة عليه"، وفق زعمه، لـ"حكم مدني" خال من نفوذ حركة "حماس".
وردًا على سؤال في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية عما إذا كانت إسرائيل "ستسيطر" على القطاع بأكمله، قال نتنياهو: "نعتزم ذلك بهدف ضمان أمننا وإبعاد حماس وتسليم القطاع لحكم مدني"، وفق زعمه.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، تتصاعد خلافات في إسرائيل إذ يتجه نتنياهو نحو إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، بما في ذلك المناطق المرجح وجود أسرى إسرائيليين فيها، وفق مكتب رئيس الوزراء.
بينما يطرح رئيس الأركان "خطة تطويق" تشمل محاور عدة في غزة، بهدف ممارسة ضغط عسكري على حركة حماس، لإجبارها على إطلاق الأسرى.
والأربعاء، وصف زامير، خطة نتنياهو بـ"الفخ الاستراتيجي"، مؤكدا أنها ستنهك الجيش لسنوات وتعرض حياة الأسرى للخطر.
وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وفي 24 يوليو/ تموز الماضي، انسحبت إسرائيل من مفاوضات غير مباشرة مع حماس، بالدوحة، بعد تعنت تل أبيب بشأن الانسحاب من غزة، وإنهاء الحرب، والأسرى الفلسطينيين، وآلية توزيع المساعدات الإنسانية.
ويُحمّل 52 بالمئة من الإسرائيليين حكومتهم المسؤولية؛ كاملة أو جزئيا، عن عدم إبرام اتفاق مع حماس، وفق استطلاع للرأي نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي نتائجه الأحد.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة 61 ألفا و258 قتيلا و152 ألفا و45 مصابا من الفلسطينيين وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.