إلى جانب مواصلة دولة الاحتلال الإسرائيلي ترقّب نتائج عدوانها على اليمن الخميس، وما أسفر عنه من استهداف قيادات حوثية عسكرية وسياسية كما زعمت، فإنها تولي أهمية كبيرة لما تعتبره "إنجازات" استخباراتية بعد تقارير سابقة أشارت إلى نقص في المعلومات عن اليمن.

 

 واعتبر المراسل والمعلّق العسكري في صحيفة معاريف العبرية آفي اشكنازي، الجمعة، أن استهداف اجتماع قمة لقيادات سياسية وعسكرية حوثيّة يُعدّ خطوة من شأنها تغيير الواقع بشكل ملموس.

 

وأوضح أن سلاح الجو الإسرائيلي استعد لهذه العملية على مدار أيام: "اعتماداً على معلومات استخباراتية دقيقة، وبقدرة على التنسيق بين استخبارات عالية الجودة وتنفيذ عملياتي صارم ودقيق. وقد أسقط سلاح الجو عشر ذخائر، وزن كل واحدة منها طن، على النقطة نفسها بفارق أجزاء من الثانية بين كل ضربة وأخرى".

 

وأضاف عن الجانب الاستخباراتي: " الإنجاز مذهل بكل المقاييس. حتى قبل نحو عامين، لم تكن لدى إسرائيل منظومة استخباراتية في اليمن. إنها دولة تقع في الدائرة الرابعة من حيث الأهمية، ولا تربطها أي علاقة مباشرة بالتوترات مع إسرائيل. ولكن منذ أن بدأ الحوثيون بالتحرك ضد إسرائيل بتوجيه من إيران، اضطرت شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) والموساد إلى بناء شبكة استخباراتية واسعة النطاق هناك".

 

وتدرك إسرائيل، وفق الكاتب، أن "الوسيلة الوحيدة لتحقيق تأثير فعّال هي من خلال استخبارات عالية الجودة، تركّز العمليات على مراكز الثقل السياسية والعسكرية للحوثيين. هذا من شأنه أن يحقق هدفاً مزدوجاً: ردع النظام الحوثي وتوجيه رسالة ردعية لإيران والمنطقة بأكملها. بالإضافة إلى كونه خطوة عقابية ضد قادة التنظيم الذين يشكلون تحدياً لإسرائيل منذ نحو عامين".

 

وبعد الفشل الذريع لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يقول أشكنازي: "اضطر الجيش الإسرائيلي إلى إعادة بناء منظومته الاستخباراتية، وجرى ذلك في ظل حرب تدور على سبع جبهات. وتُظهر الساعات الأخيرة أن إسرائيل لا تبني فقط تفوقاً جوياً، بل أيضاً تفوقاً استخباراتياً يليق بقوة إقليمية".

 

وفي السياق، أفادت القناة 12 العبرية بأن الهجوم الجوي، الذي نفذته إسرائيل الخميس في صنعاء، "لم يكن هجوماً اعتيادياً،  فقد بدأ بناءً على معلومات استخباراتية أشارت إلى اجتماع استثنائي لكبار قادة تنظيم الحوثيين من المستويين السياسي والعسكري معاً.

 

ووفقاً للتقديرات، كان رئيس الأركان الحوثي حاضراً في المكان، لكن حالته غير واضحة في هذه المرحلة. أما زعيم التنظيم عبد الملك الحوثي، فلم يشارك في الاجتماع ولم يكن من بين أهداف الهجوم". وتابعت القناة أنه في مناقشات المستوى السياسي التي جرت بالتعاون مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، طُرحت إمكانية تصفية كبار قادة الحوثيين منذ عدة أشهر: "لكن الفرصة للهجوم أمس كانت فريدة من نوعها".

 

من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل أن كثيراً من الإسرائيليين يرون في الصواريخ اليمنية "مصدر إزعاج غير خطير. لكن من المهم الانتباه إلى أن هذه الصواريخ، كما حدث قبل الحرب مع إيران، تُجبر إسرائيل على إطلاق صواريخ اعتراض، ومخزونها من هذه الصواريخ محدود. بالإضافة إلى ذلك، بدأ الحوثيون بإطلاق صواريخ مزودة بذخائر متشظية، ما يصعّب عملية الاعتراض".

 

وأضاف: "القصف يوجّه مراراً وتكراراً نحو مطار بن غوريون. ضربة ناجحة واحدة لصاروخ، أو حتى شظايا على المدرج، قد تهزّ من جديد قطاع الرحلات الجوية الأجنبية إلى إسرائيل الذي لا يزال يعاني منذ الحرب ضد إيران. سلاح الجو الإسرائيلي شنّ، أمس، غارة جديدة على صنعاء، ووفقاً للتقارير الأولية، يبدو أنها كانت محاولة لاغتيال وزير الدفاع ورئيس الأركان الحوثي. وإذا نجحت هذه الضربة بالفعل، فقد يؤدي ذلك إلى أيام مضطربة إضافية".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اسرائيل الحوثي غارات جوية استخبارات

إقرأ أيضاً:

“الذكرى الثانية لطوفان الأقصى”.. اليمن بين القيادة الحكيمة والتعبئة الشعبية

يمانيون | تقرير
مع حلول الذكرى الثانية لعملية “طوفان الأقصى”، تتجدد أمام العالم صورة موقف اليمن الثابت والصارم تجاه العدوان الظالم على غزة، موقف لم يكن مجرد بيانات رمادية أو تصريحات شكلية، بل ترجمة حقيقية لإرادة شعب يمتلك وعياً تاريخيًا واستراتيجية واضحة في الدفاع عن القيم والمقدسات.

هذه الذكرى ليست مجرد تذكير بتاريخ العمليات العسكرية، بل اختبار حي لإدراك العالم العربي والإسلامي أن اليمن يرى في القضية الفلسطينية قضية مركزية، ويمارس التزامه تجاهها بكل أبعاد القوة السياسية والشعبية والعسكرية.

من هذا المنطلق، تتجلى أهمية تحليل الموقف اليمني ليس كحدث عابر، بل كدرس استراتيجي متكامل في صمود الشعوب أمام العدوان وإرادة الهيمنة.

اليمن، منذ اللحظة الأولى للعدوان الصهيوني على غزة، لم يكتفِ بالإدانة، بل حول الموقف إلى خطة عمل عملية ومباشرة، دمجت بين الخطاب السياسي، التعبئة الشعبية، والرد العسكري المدروس، لتشكل نموذجًا استراتيجيًا فريدًا في المنطقة.

هذه التجربة تكشف أن الوقوف إلى جانب فلسطين ليس خيارًا تزيينيًا، بل واجب أخلاقي واستراتيجي، وأن إرادة شعب متحدة مع قيادته يمكن أن تُحدث أثرًا ملموسًا في موازين القوى، وتثبت للعالم أن الدفاع عن الأرض والمقدسات ليس كلامًا على الورق، بل موقفٌ يُمارس على الأرض، يقرأه العدو قبل الصديق.

 

الرؤية الاستراتيجية للرئيس المشاط

في الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى المباركة خرج فخامة رئيس المجلس السياسي الأعلى الرئيس مهدي المشاط، بتصريحات ترسم إطارًا استراتيجيًا متكاملًا لموقف اليمن تجاه العدوان الصهيوني، مؤطرة بمبدأ الحق المشروع في الدفاع عن النفس.

العملية التي وصفها بأنها إعلان تاريخي عن إرادة شعب رفض أن يُدفن حيًا، تتجاوز اللحظة العسكرية لتصبح رسالة سياسية وعسكرية متكاملة، تؤكد أن الرد اليمني ليس مجرد رد فعل، بل استراتيجية مدروسة تهدف إلى الحفاظ على الحقوق والأرض والمقدسات، وتحديد ملامح التوازن بين القوة والحق.

في كلمات الرئيس، تتضح إرادة اليمن في مواجهة الاحتلال بكل أبعادها، من القوة إلى الرمزية، ومن الدفاع عن الأرض إلى حماية الكرامة.

الرئيس المشاط يجعل من “طوفان الأقصى” نقطة تحول في الصراع، ليس على المستوى الفلسطيني فقط، بل على المستوى الإقليمي والدولي، حيث تعكس تصريحاته إدراكًا تامًا للبعد الاستراتيجي للعملية، وتأثيرها على مشاريع التهويد والتطبيع.

في كل عبارة، يربط المشاط بين الإرادة الشعبية الفلسطينية وصمودها على الأرض، وبين القدرة اليمنية على دعم هذا الصمود، مشيرًا إلى أن المقاومة المنظمة والمستدامة هي السبيل الوحيد لمواجهة العدوان، وأن كل خطوة يخطوها الشعب اليمني أو قيادته تحمل أبعادًا تاريخية وسياسية واضحة.

كما أن الرئيس يؤكد الدور الأخلاقي والتاريخي لليمن في حماية القضية الفلسطينية، معتبرًا أن الصمت أو التردد ليس خيارًا.

من خلال إشادته بصبر الفلسطينيين وصمودهم، وبتضحيات الحلفاء والشركاء في المنطقة، يبرز المشاط أن موقف اليمن ليس منفصلًا عن السياق العربي والإسلامي، بل جزء من استراتيجية أوسع للتضامن والمواجهة.

تصريحاته تضع اليمن في موقع قيادي يربط بين القوة العسكرية، والوعي الشعبي، والبعد الرمزي للمعركة، لتشكل رؤية متكاملة للتعامل مع العدوان على فلسطين بشكل يفرض معادلات جديدة على كل الأطراف.

ترجمة الموقف إلى عمل ميداني متكامل

اليمن منذ اللحظة الأولى للعدوان الصهيوني الظالم على غزة لم يكتفِ اليمنيون بالكلمات، بل حول الموقف إلى واقع ملموس على الأرض، من خلال دمج الخطاب السياسي مع التعبئة الشعبية والقدرات العسكرية.

الضربات الجوية والصاروخية الدقيقة على العمق الصهيوني، وتفعيل الطائرات المسيرة والصواريخ الفرط صوتية، لم تكن مجرد عمليات عابرة، بل أدوات استراتيجية لإعادة رسم موازين القوة وإظهار هشاشة الدفاعات الإسرائيلية.

هذه العمليات شكلت رسالة واضحة أن اليمن قادر على تحويل الإرادة السياسية إلى تأثير ملموس، وأن الدفاع عن فلسطين ليس مجرد موقف أخلاقي، بل أداة استراتيجية لتغيير المشهد الإقليمي.

على مدى عامين، استمرت العمليات اليمنية بشكل متواصل، مع توسع نطاق الحصار البحري ليشمل السفن الإسرائيلية والداعمة لها، وصولًا إلى شركات الملاحة العالمية المتعاملة مع الكيان.

هذه الإجراءات لم تمر بصمت على المستوى الدولي، فقد أدرك العدو والوسطاء أن المعادلة اليمنية ليست مجرد تهديد مؤقت، بل مشروع استراتيجي طويل الأمد قادر على فرض التوازن وإعادة تشكيل حسابات القوى في المنطقة، مما يؤكد أن الموقف اليمني كان أكثر من مجرد رد عسكري، بل خطة متكاملة لفرض إرادة وطنية واستراتيجية واضحة.

التعبئة الشعبية كقوة موازية

التجربة اليمنية أكدت أن القوة الحقيقية للدولة تتجسد فقط عندما ينسجم الشعب مع قيادته. مسيرات مليونية انطلقت في كل المحافظات، من الجامعات إلى القرى والقبائل، لتعلن التضامن الكامل مع فلسطين.

هذه المشاركة لم تكن رمزية، بل تعبير عن وعى تاريخي وأخلاقي يربط بين الدفاع عن المقدسات والالتزام الشعبي المباشر، مؤكدًا أن الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية واجب يخرج عن إطار الاختيارات السياسية ليصبح ممارسة حية وملموسة على الأرض.

الدعم الشعبي امتد إلى أبعاد لوجستية وعسكرية دقيقة، حيث شارك المتطوعون في تدريب المقاتلين، تجهيز المعسكرات، وتنسيق الدعم الميداني مع القوات المسلحة. هذا الدمج بين التعبئة الجماهيرية والقدرات العسكرية الرسمية خلق منظومة صمود متكاملة، تعزز الانتماء الوطني والديني، وتحوّل الالتزام الأخلاقي إلى أفعال ملموسة تؤثر مباشرة في موازين القوى، وتضع اليمن في موقع قوة لا يمكن تجاهله.

علاوة على ذلك، لعبت الحملات الشعبية دورًا استراتيجيًا في التأثير على الرأي العام الدولي، وكشف حجم التضامن اليمني غير المسبوق مع الشعب الفلسطيني. كل تبرع، وكل تدريب، وكل مشاركة في التعبئة الجماهيرية كانت جزءًا من خطة شاملة، تعكس قدرة المجتمع على تحويل دعم القضية الفلسطينية إلى استراتيجية وطنية فعالة، تربط بين القوة العسكرية والشرعية الأخلاقية والسياسية، وتؤكد أن الشعب اليمني أصبح قوة موازية لا تقل تأثيرًا عن الجيش في مواجهة العدوان.

مواجهة الضغوط الدولية والتحديات الاستراتيجية

التصعيد الأمريكي والدولي لم يثنِ اليمن عن موقفه، بل أكد العكس. التدخل الأمريكي المباشر لمحاولة وقف العمليات، وإعلان واشنطن البدء في إجراءات عسكرية محدودة، لم يغير شيئًا على الأرض.

انسحاب القوات الأمريكية من نقاط المواجهة في البحر الأحمر شكل مؤشرًا واضحًا على فشل محاولات تثبيط اليمنيين عن ممارسة موقفهم المشروع.

في هذا السياق، يظهر جوهر الدرس الاستراتيجي: الإرادة الشعبية والقيادة المتماسكة قادرة على مقاومة الضغوط الدولية وتحقيق نتائج ملموسة، وأن القوة لا تعني السيطرة المطلقة، بل القدرة على فرض معادلات جديدة في مواجهة الخصوم، مهما علا صداها على المستوى العالمي.

اليمن أثبت أن الموقف الثابت والقرارات الحازمة تستطيع أن تغيّر موازين القوى الإقليمية، وتجعل من القضية الفلسطينية محورًا حقيقيًا للتأثير الاستراتيجي.

اليمن نموذج متكامل للصمود والدفاع عن القيم

تؤكد تجربة اليمن في مواجهة العدوان الصهيوني على غزة، أن الصمود ليس مجرد رد فعل عاطفي، بل ممارسة استراتيجية متكاملة، تجمع بين القيادة الحكيمة، التعبئة الشعبية، والقدرات العسكرية.

هذا النموذج يثبت أن الإرادة الشعبية، حين تتحد مع قيادة حازمة ومواقف واضحة، تستطيع إعادة صياغة المشهد الإقليمي، حماية الحقوق والمقدسات، وإعطاء درس للعالم بأن الدفاع عن القيم والمبادئ ليس خيارًا، بل واجب تاريخي وأخلاقي واستراتيجي.

اليمن بهذا الموقف يقدم نموذجًا متكاملًا لأي مجتمع يسعى للحفاظ على هويته ومقدساته في مواجهة العدوان والتحديات الاستراتيجية، ويؤكد أن الإرادة الموحدة بين القيادة والشعب، المدعومة برؤية واضحة واستراتيجية دقيقة، يمكن أن تحقق نتائج ملموسة تعيد صياغة موازين القوى على الأرض، وتثبت أن الحق يمكن أن يقف صامدًا أمام كل التحديات والضغوط.

 

المصدر : موقع 21 سبتمبر

مقالات مشابهة

  • “الذكرى الثانية لطوفان الأقصى”.. اليمن بين القيادة الحكيمة والتعبئة الشعبية
  • اليمن صمام أمان المنطقة أمام أطماع الكيان الصهيوني
  • الحوثي: اليمن يمتلك قوة صاروخية دقيقة لضرب أي دولة تعتدي عليه
  • الأونروا: العدوان الإسرائيلي لم يترك مكانًا آمنًا لأطفال غزة
  • ما أبرز إنجازات وإخفاقات إسرائيل بعد عامين من حربها على غزة؟
  • فعالية في صنعاء تضامنا مع الصحفيين اليمنيين وضحايا العدوان الإسرائيلي على صحيفتي “26 سبتمبر” و”اليمن”
  • قطاع غزة.. 92 شهيدًا يوميًا من المدنيين منذ بدء العدوان الإسرائيلي
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 67.160 شهيدًا و169.679 مصابًا
  • ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 67139 شهيدًا و169583 مصابًا
  • اليمن يدعو لتجفيف منابع تمويل الحوثي