تسع سنوات عجاف مضت من عمر انقلاب طال أمده وتاه الشعب اليمني المغلوب على أمره طوال سنيه المليئة بالاخفاقات وليس انتهاءً بالفساد والعهر السياسي بشتى أنواعه، فلم يبق في هذه البلاد شيء الا وطالته يد الميليشيا على امتداد أرضه أو مشاريع التمزيق الأخرى، واللاهثون وراء مصالحهم الشخصية.
فترة عصيبة يعيشها اليمن ليست في فقط على مستوى الأوضاع السياسية والاقتصادية بل امتدت لتطال كل شيء جميل في البلاد، حتى الشجر والحجر، في وضع فقدنا فيه كل شيء وأي أمل لإصلاح الوضع والوصول إلى نهاية الطريق وبر الأمان.
تسع سنوات مرت على اليمنيين لم نلحظ فيها سوى التخبط السياسي والعسكري والاقتصادي مع فشل قيادي مريع، ومن رحم هذا الوضع الصعب، ولد مجلس القيادة الرئاسي الذي جرى تشكيله في لحظة فارقة قد تكون أصعب مرحلة يعجز كل خبراء السياسة عن تفكيكها، فقد كان الوضع معقد لدرجة كبيرة وفيها شعب يترجع الآلام ويئن بصمت حيناً وينفجر حيناً آخر، وما يزال.
عام ونصف منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، الذي جاء في وضع مشبع بالكوارث السياسة وشعب متخم بالازمات المتلاحقة على رأسها الأزمة الاقتصادية التي صنعتها مليشيات ايران في اليمن وضاعفتها باستهدافها موانئ النفط ومنع تصديره.
اقرأ أيضاً يضم عسكريين.. وفد سعودي كبير في عدن لدعم مجلس القيادة الرئاسي والكشف عن أهم أهدافه الدكتور رشاد العليمي.. وحبّات المَسْبَحة مجلس القيادة الرئاسي يوجه ثلاث ضربات متتالية للمليشيات الحوثية عاجل: عضو بمجلس القيادة يطالب الرئيس العليمي بإحالة رئيس الوزراء للتحقيق وإلغاء اتفاقيات تمس السيادة الوطنية ”وثيقة” أبو زرعة المحرمي يكشف ”إنجازات” مجلس القيادة الرئاسي وما الذي دفعه لقبول المنصب ولماذا يتألم؟ عضو مجلس القيادة ‘‘أبوزرعة’’ يكشف عن الجهة التي زودت تنظيم القاعدة بالطائرات قرار مرتقب يطيح باللواء فرج البحسني من مجلس القيادة الرئاسي وتعيين هذه الشخصية بدلا عنه الرئيس العليمي يغادر المهرة ويدلي بتصريحات مهمة اليمن: صراع فوق قارب يغرق بالجميع رسالة رئيس مجلس القيادة إلى الملك سلمان وولي العهد السعودي المهرة ترحب بالرئيس العليمي .. شاهد بالفيديو كيف تم استقبال رئيس مجلس القيادة في بوابة اليمن الشرقية المجلس الانتقالي عبر قناته الرسمية: مجلس القيادة الرئاسي أضاع البوصلة وخياراته تتقلص وتُعد بالأيام!على رأس هرم مجلس القيادة الرئاسي، يتسنّم الدكتور رشاد العليمي منصب الرئيس، وهو ذي الخلفية الأكاديمية، وابن الدولة الذي تدرج في هرمها الوظيفية، حتى وصل إلى مناصب متقدمة في عدة حكومات متعاقبة إبان حكم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وما بعدها، وربما يكون الوحيد من بين قيادات المجلس من يمتلك خلفية سياسية حزبية ومعرفة بتفاصيل وتكوينات المجتمع اليمني.
يعد الدكتور رشاد العليمي، اليوم بمثابة "شعرة معاوية" -إن جاز التعبير-، المتبقية لهيكل الشرعية السياسي وآخر الحصون التي يأمل الجميع أن تصمد كثيراً وتعيد تدارك الأوضاع ولململتها وإعادة صوغ مشهد سياسي واقتصادي وعسكري مختلف.
يحاول الأكاديمي والسياسي ورجل الأمن، أن يمسك العصا من الوسط، وان يكون قريباً من الجميع للوصول إلى نقطة التقاء تبقي الرهان على "الشرعية" قائماً وأنها "الضوء الوحيد" في ظل "الأفق المظلم" للوصول بالوضع إلى بر الأمان، في ظل أجندات ومشاريع تفتيت قد تكون مرتبطة بأطراف دولية، كل ذلك في ظل إسناد قوي من تحالف دعم الشرعية، الذي يسعى وبكل السُبل من أجل إبقاء الأوضاع في اليمن وخاصة في المحافظات المحررة مستقرة وعجلة التنمية تدور فيها..
لا يخفى على الجميع، أن الوضع ما يزال صعباً خاصة وأن مشاريع التمزيق تسعى إلى فرض "توهان سياسي" وستفقد الجميع البوصلة لإنهاء الانقلاب وسيجعل من "الشرعية" لقمة سائغة لميليشيا ايران التي تسعد كثيراً بما يحدث وتتحين الفرصة من أجل الانقضاض على الجميع وبدون استثناء.
لكن رغم ذلك، فالامل الآن مازال على معقوداً على مجلس القيادة وعلى رأسه د. رشاد العليمي، الذي لا يوصد أبوابه ويستقبل الجميع على مختلف مشاربهم، بترحاب وسعة صدر، ويسعى جاهداً الى إعادة لحمة "الصف الجمهوري والشرعي" في ظل تعقيدات كبيرة داخلياً وخارجياً وفي ظل سعي بعض الأطراف الحثيث من أجل "هدم المعبد"، ويثق الكثير ممن يعرف الرجل وحكمته بأن مجلس الرئاسة سيظل وسيكون قوياً ليس لشيء وإنما من أجل الحفاظ على اليمن مستقراً موحداً ينتصر على كل مشاريع التمزيق والميليشيا المفروضة.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: مجلس القیادة الرئاسی رشاد العلیمی من أجل
إقرأ أيضاً:
حين يصمت الجميع وتنطق صواريخ أنصار الله “غزة ليست وحدها”
منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، التزمت حركة “أنصار الله” بقيادة السيد عبدالملك الحوثي بموقف واضح وصريح ألا وهو نصرة الشعب الفلسطيني.
ذلك الالتزام لم يكن مجرد خطاب عاطفي، بل تُرجم إلى عمليات عسكرية نوعية أعلن عنها المتحدث العسكري، يحيى سريع، واستهدفت الكيان الصهيوني، في رد مباشر على المجازر الأمريكية-الصهيونية بحق المدنيين. وهي المواقف التي أنعشت فينا الأمل بأن العروبة لا تزال تنبض بالحياة.
في المقابل، يقف قادة العرب والمسلمين، ومعهم جيوشهم المدججة بأحدث الأسلحة، متفرجين أمام مشهد الإبادة الجماعية في غزة، لا يحركون ساكنًا، بل ويحولون بين الشباب العربي ورغبتهم في الانضمام إلى صفوف المقاومة الفلسطينية. وكأنهم يتمنون أن تبتلع أمواج البحر غزة لتريحهم من الحرج.
وأما الشعوب العربية والإسلامية، فقد وقعت في أسر القهر السياسي، لا تملك حرية الفعل، مقيدة بخوف مزروع في الذاكرة الجمعية، عاجزة عن نصرة إخوانها في غزة، تكتفي بالصمت والذهول، وكأن المأساة تحدث في كوكب آخر.
في هذا السياق، يؤكد السيد عبدالملك الحوثي على أن جماعته اختارت “الخيار الصحيح”، وهو الجهاد ضد العدو الصهيوني والأمريكي، ردًا على استمرار العدوان على غزة وانهيار محاولات وقف إطلاق النار. وقد دفعت الولايات المتحدة ثمن عدوانها على اليمن، إذ كبدتها القوات اليمنية خسائر فادحة، دفعت واشنطن إلى إعادة حساباتها. ووفق تقرير لشبكة “NBC” الأمريكية، فإن هذه الحرب القصيرة نسبيًا كلّفت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار، وأدت إلى نفاد الآلاف من القنابل والصواريخ، بالإضافة إلى تدمير سبع طائرات مسيّرة، وإغراق مقاتلتين حربيتين.
ورغم كل هذه الحقائق، يواصل بعض القادة العرب والمسلمين رهانهم على حكومة نيتنياهو المتطرفة، أملاً في القضاء على المقاومة الفلسطينية، متجاهلين دروس التاريخ والمنطق. إن هذا الرهان ليس فقط غبيًّا من الناحية الاستراتيجية، بل يشكل سقوطًا أخلاقيًّا مدويًا. فالمقاومة ليست مجرد سلاح، بل روح شعب لا تُقهر.
ألا يدرك أولئك الحكام أن دعمهم لحكومة نيتنياهو، إحدى أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ الكيان الصهيوني، هو تماهٍ خطير مع مشروع استيطاني عنصري؟ .
إنهم بذلك يمنحون الضوء الأخضر لبناء المزيد من المستوطنات، مثلما أُعلن مؤخرًا عن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، ويشجعون على تهويد القدس، وتوسيع الحصار على غزة والضفة، وارتكاب المجازر دون رادع.
في المقابل، يُظهر اليمن وجهًا آخر من العروبة، وجهًا تفيض منه الكرامة والمقاومة. ففي الوعي اليمني، تعتبر نصرة المظلوم واجبًا دينيًّا وأخلاقيًّا، وفلسطين وغزة رمزان للظلم الصارخ على أمة الإسلام. لذلك فموقف أنصار الله في إسناد غزة ليس ظرفيًّا ولا دعاية مؤقتة، بل نابع من شعور إنساني أصيل وتاريخ من التضامن والتلاحم.
وعلى الرغم من الحصار والحرب والفقر الذي يعانيه اليمنيون، فإنهم لا يتوانون عن مد يد العون لغزة، بالمال والدم والسلاح. هذا الموقف ليس جديدًا، فقد شارك اليمنيون في الحروب العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان لهم حضور في حرب 1973، مما يعزز الروح التضامنية في وجدانهم.
إن معاناة اليمنيين اليومية تجعلهم أكثر شعورًا بآلام الغزّيين، وأكثر قدرة على فهم وحشية الحصار وآثاره النفسية والاقتصادية. ورغم كل التحديات، لا تزال صواريخ اليمن تنطلق وتدوي في سماء فلسطين المحتلة لتعلن أن غزة ليست وحدها، وأن الكفاح مستمر، وأن القضية الفلسطينية ستبقى حية في الوجدان العربي.
إلى ذلك يرى مراقبون أن استخدام صواريخ فرط صوتية يمثل تحولًا نوعيًا في طبيعة الصراع، وهو منعطف خطير للغاية في تطورات الشرق الأوسط إذ أن مثل هذه الأسلحة من الصعب اعتراضها عبر المنظومات التقليدية، ما يُحدث خللًا في معادلة الردع الإسرائيلية، إذ بدأت الحرب عن بُعد بالمسيرات والصواريخ من طرف دول لا تجمعها حدود جغرافية مع الكيان، الأمر الذي لم تكن إسرائيل تنتظره. وهو ما يعكس قدرة اليمنيين على التأثير في موازين القوة الإقليمية، رغم الحصار المفروض على اليمن.
فلاش: من بين المقولات التي تتردد على الألسنة مقولة: “من لم يؤدبه الزمن، يؤدبه اليمن” وهي مقولة تنبع من تاريخ طويل من الكبرياء، وتحمل تحذيرًا واضحًا لكل من يستخف بشعب اليمن ومقاومته. وما خضوع أمريكا لشروط صنعاء مؤخرًا إلا تأكيد على أن هذا البلد العريق لا يُقهر. ويكفيهم شرفا أن تُعرب كتائب المقاومة الفلسطينية، عن مباركتها للضربات الصاروخية التي تنفذها “أنصار الله” في عمق الأراضي المحتلة، حيث أشاد أبو عبيدة، المتحدث الرسمي باسم كتائب القسام، بالعمليات التي يقوم بها اليمنيون، واصفاً إياها بـ”النوعية”، ومثمناً في نفس الوقت تضامن الشعب اليمني وموقفه الداعم للقضية الفلسطينية واستعداده للتضحية من أجلها.
وختاما، فبينما يراهن البعض على الخنوع والتطبيع، يراهن أنصار الله وكل الأحرار على الشرف والمقاومة. والرهان الأخير هو ما تصنع به الأمم تاريخها، وتستعيد به كرامتها.
*كاتب مغربي