من العجز أمام قراصنة هواة إلى تصفية حكومته.. انكشاف حوثي في المعركة السيبرانية
تاريخ النشر: 10th, September 2025 GMT
اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية مليشيا الحوثي الإرهابية باستغلال الهجمات الإسرائيلية، التي قضت على حكومتها، لتبرير تصعيد قمعي ضد المدنيين، شمل اتهام موظفي الإغاثة بالتجسس.
وأشارت المنظمة، في بيان لها، إلى حملة المداهمة التي شنتها المليشيا في 31 أغسطس الماضي على مكاتب تابعة للأمم المتحدة في صنعاء، واعتقلت خلالها ما لا يقل عن 19 موظفاً أممياً.
وأضافت أن ذلك جاء بعد ثلاثة أيام فقط من الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت صنعاء وأسفرت عن مقتل رئيس حكومة المليشيا وعدد من وزرائه، مشيرة إلى أن الحوثيين استغلوا هذه الهجمات لتبرير تصعيد قمعي ضد المدنيين، شمل اتهام موظفي الإغاثة بالتجسس دون أي أدلة ملموسة.
وعقب حملة الاختطافات، أصدرت وزارة الخارجية في حكومة المليشيا بياناً هاجمت فيه الإدانات الأممية والدولية، زاعمة أن الحملة استهدفت "خلايا تجسس شاركت في جرائم، ومنها جريمة استهداف رئيس وأعضاء حكومة المليشيا".
مزاعم المليشيا بوجود "جواسيس" والقول إنهم يقفون وراء الغارات الإسرائيلية، تتزامن مع استمرارها في فرض تكتيم شديد حول تفاصيل هذه الغارات، رغم مرور أكثر من عشرة أيام على وقوعها.
وتحاول المليشيا من خلال هذه المزاعم تبرير حالة الاختراق التي تعرضت لها، ومكنت إسرائيل من كشف موقع اجتماع حكومتها واستهدافه بالطائرات، باعتبارها نتيجة "عامل بشري". غير أن ما رشح حتى الآن من معلومات يُرجّح أن الاختراق كان تقنياً، وليس عبر عنصر بشري.
ومن أحدث ما سُرّب بهذا الشأن، ما كشفه الصحفي فارس الحميري الأحد، حول تفاصيل جديدة للغارات الإسرائيلية التي استهدفت حكومة المليشيا.
وبحسب الحميري، فقد تلقى رئيس حكومة الحوثيين أحمد الرهوي وأعضاء حكومته، مساء الأربعاء 27 أغسطس، تعميماً داخلياً في مجموعة عبر تطبيق (واتساب) بالاجتماع في اليوم التالي من المدعو "أبو راغب"، مسؤول دائرة الأمن برئاسة الوزراء والمشرف الرئيس على تحركات مسؤولي الحكومة الحوثية.
وأضاف الحميري أن "أبو راغب" شارك صباح الخميس بعض التعليمات مع رئيس وأعضاء حكومة المليشيا، شملت وقت ومكان الالتقاء في موقع بعيد عن مكان الاجتماع الفعلي الذي استُهدف لاحقاً، حيث تركوا هناك سياراتهم وأفراد الحراسة، قبل أن يتم نقل الرهوي والوزراء بسيارات خاصة إلى الفيلا المستهدفة في حدة.
وبحسبه، فإن الإجراءات الأمنية للمليشيا تفرض عدم الإبلاغ المسبق أو الإلكتروني عن أماكن الاجتماعات، ولا يُسمح بالوصول المباشر إليها، بل يتم عبر مراحل وتنقلات متعددة.
هذه التفاصيل تشير إلى أن المخابرات الإسرائيلية تمكنت من كشف مكان اجتماع حكومة المليشيا عبر اختراق تقني لدائرة ضيقة من قياداتها، على رأسها "أبو راغب"، جرى خلالها تبادل تفاصيل الاجتماع، ليتم تتبعها لاحقاً وصولاً إلى الموقع المستهدف.
ويُعزز هذا الترجيح غياب أي معلومات لدى إسرائيل، منذ وقوع الغارات وحتى اللحظة، حول مصير القيادات الحوثية التي أعلنت استهدافها، خلافاً للعمليات الدقيقة التي نفذتها تل أبيب سابقاً ضد قيادات حزب الله في لبنان أو الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وحتى في هجومها الأخير على إيران.
هذا الغياب يعكس ضعف احتمالية وجود عنصر بشري داخل المليشيا يمد إسرائيل بالمعلومات، ويرجّح أن الاختراق كان تقنياً بحتاً.
كما يعزز هذا الترجيح ما شهدته صنعاء مؤخراً من هجمات سيبرانية شنّتها مجموعة من القراصنة الهواة تُطلق على نفسها اسم "S4uD1Pwnz"، تمكنت خلالها من اختراق وتعطيل خدمات الاتصالات التي تسيطر عليها المليشيا ثلاث مرات خلال أقل من شهر.
وأعلنت المجموعة أيضاً اختراق عشرات المواقع الإلكترونية التابعة للمليشيا، وسحب بيانات منها، في هجمات كشفت مدى هشاشة وضعف الحوثيين في مجال الأمن السيبراني، ما يجعلهم هدفاً سهلاً أمام قوى تمتلك خبرات طويلة وإمكانات ضخمة في هذا المجال، مثل الكيان الإسرائيلي.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: حکومة الملیشیا
إقرأ أيضاً:
معاريف تفضح نتنياهو.. رئيس حكومة الاحتلال يتعمد إفشال خطة ترامب للسلام في غزة
تتجه الأنظار إلى واشنطن حيث من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 ديسمبر الجاري.
ويأتي هذا اللقاء في ظل حالة من الغموض تكتنف مصير المرحلة الثانية من خطة ترامب للسلام وإعادة الإعمار في قطاع غزة.
وتكشف المحللة السياسية الإسرائيلية آنا برسكي في تقرير لصحيفة "معاريف" عن استراتيجية "الانتظار" التي تتبناها حكومة نتنياهو إزاء الخطة الأمريكية. وتقوم هذه الاستراتيجية على "عدم الرفض المباشر" للمبادرة لتجنب إحراق الجسور مع واشنطن، ولكن في الوقت ذاته، "عدم الاندفاع إلى الأمام".
وتراهن الحكومة الإسرائيلية على أن "الواقع في المنطقة سيفعل ما يفعله"، وتترك المبادرة الأمريكية تنطلق دون أن تظهر كمن يُفشلها عمداً.
وتؤكد برسكي أن الأطراف الفاعلة تتبنى ثلاث رؤى متباينة بشكل جوهري حول ترتيب الخطوات في غزة:
تطالب الرؤية الإسرائيلية بترتيب واضح يبدأ بـ "نزع سلاح حماس وإزالة سيطرتها" أولاً، ثم يلي ذلك فقط إعادة الإعمار ودخول القوة الدولية والانسحاب الإسرائيلي.
تقترح رؤية الوسطاء (دول الخليج ومصر والولايات المتحدة) ترتيباً معاكساً يبدأ بـ "بدء الإعمار"، وتشكيل حكومة تكنوقراط، ودخول القوة الدولية، ومن ثم معالجة ملف حماس "بالتدريج".
رؤية ترامب المتوقعة يدرك نتنياهو أن ترامب لن يقبل بالشرط الإسرائيلي المسبق، ويتوقع أن يطالب البيت الأبيض بـ "تقدم متواز" يشمل فتح معبر رفح، والبدء بإنشاء قوة الاستقرار، وتعيين حكومة تكنوقراط، وبدء نقاش عملي حول نزع سلاح حماس بشكل متزامن.
ويواجه نتنياهو ما تصفه برسكي بـ “كابوس مزدوج”، أمنياً: تخشى المؤسسة الإسرائيلية أن أي ترتيبات جديدة قد تسمح للطرف الآخر بالنمو والتقوّي، استناداً إلى التجارب السابقة، وسياسياً فإن أي خطوة قد تُفسر على أنها موافقة ضمنية على بقاء حماس أو إعادة الإعمار، قد "تفجر المعسكر اليميني" داخل إسرائيل، مهددة الائتلاف الحكومي لنتنياهو.
وتشير "معاريف" إلى صعوبة إيجاد دول توافق على إرسال جنود لقوة حفظ الاستقرار، حيث من المتوقع أن "دول أوروبا ستكتفي بالشعارات، ولن ترسل جنودها إلى غزة".