محللون: نتنياهو وضع أميركا بمأزق ولا يستطيع تكرار عدوانه على قطر
تاريخ النشر: 11th, September 2025 GMT
لن يكون بمقدور إسرائيل تكرار محاولتها استهداف قادة المقاومة الفلسطينية الموجودين في العاصمة القطرية الدوحة، وذلك رغم التهديد الذي أطلقه بنيامين نتنياهو، الأربعاء، والذي يقول محللون إن الولايات المتحدة لن تسمح له بتنفيذه.
فبعد أن ثبت لإسرائيل فشل عمليتها العسكرية باغتيال قادة حماس، خرج نتنياهو ليطالب الدول المستضيفة لهم بطردهم أو محاكمتهم، مهددا بأنه سيفعل ذلك إن لم يفعلوه بأنفسهم.
وذهب نتنياهو لانتقاد الدول التي احتجت على انتهاكه لسيادة دولة مستقلة تلعب دور الوسيط لإنهاء الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ قرابة عامين.
وكان العدوان الإسرائيلي على قطر عصر أمس الثلاثاء قد أثار موجة احتجاج وتنديد دولية واسعة، وانتقدت هذه الدول انتهاك إسرائيل لسيادة دولة مستقلة، وتلعب دور الوسيط لإنهاء الحرب وتسعى لاستعادة الأسرى الإسرائيليين.
وبحسب محللين فإن العدوان على قطر، يعكس رغبة بنيامين نتنياهو في قتل عملية التفاوض، ويضرب مصداقية الولايات المتحدة عند حلفائها.
وفي محاولة لتبرير هجومه الذي اعتبرته الدوحة إرهاب دولة، ووصفه رئيس وزرائها وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بأنه "غادر"، قال نتنياهو إن الولايات المتحدة سبق لها اغتيال الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن، في بلد ثالث هو باكستان.
ضرب مصداقية واشنطنلكن محللين يرون أن نتنياهو -وهو يحاول تحقيق أي انتصار يساعده على تخفيف أزمته الداخلية والخارجية- "هشَّم فكرة الوساطة لإنهاء الحرب على غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين".
ليس هذا وحسب، فقد ضربت إسرائيل بهجومها على الدوحة الضمانة الأميركية، ووضعت العملية السياسية كلها أمام لحظة صعبة، لكي تواصل خطتها لاحتلال مدينة غزة.
فلم يعد ممكنا -برأي محللين- الثقة بما تقوله الولايات المتحدة ما لم تظهر موقفا حقيقيا إزاء سعي إسرائيل لقتل مفاوضين سبق لمسؤولين أميركيين الجلوس معهم على طاولة واحدة، وعلى أرض حليف وثيق لواشنطن.
إعلانوكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض قد أعلنت بعد ساعات من العدوان الإسرائيلي على الدوحة، أن الجانب الإسرائيلي أبلغ الأميركيين بالعدوان قبل وقت قصير من حدوثه، وقالت إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلب إبلاغ الجانب القطري.
لكن قطر أكدت على لسان كبار المسؤولين فيها، أن الأميركيين اتصلوا بهم بعد 10 دقائق من وقوع العدوان، بينما كانت أصوات الانفجارات تدوي في العاصمة الدوحة.
كما أكد رئيس الوزراء القطري أن بلاده لا تقبل التهديدات الصادرة عن نتنياهو، مشيرا إلى أن هناك ردا سيكون من المنطقة ويجري بحثه مع الشركاء الإقليميين.
بيد أن تهديد نتنياهو الأخير، ليس جادا برأي المحلل في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو، الذي قال إن واشنطن لم تكن تتفاوض مع بن لادن عندما قتلته، وإنها لم تحاول قتل قادة حركة طالبان وهي تتفاوض معهم، مضيفا أن ما جرى يؤكد عدم جدية تل أبيب في المفاوضات.
وإلى جانب ذلك، فقد قبلت الولايات المتحدة بالتفاوض مع الفريق الذي حاولت إسرائيل قتله في بلد يعتبر حليفا إستراتيجيا لأميركا ويضم قاعدة عسكرية مهمة لها، ومن ثم فإن من يفاوض لا يحاول قتل المفاوضين، وفق ما قاله فرانكو خلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر".
محاولة لقتل المفاوضات
واستبعد المحلل الأميركي إقدام إسرائيل على مهاجمة قطر مجددا، رغم تهديد نتنياهو الأخير، مؤكدا أن "المهم في هذا الأمر هو ما تقوله الولايات المتحدة وليس ما يقوله نتنياهو"، بل إنه نقل عن مصادر في البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب "شدد على ضرورة عدم تكرار هذا الأمر".
وفي حال خالف نتنياهو التوجيهات الأميركية، قد تلجا واشنطن لسحب دعمها الذي توفره لإسرائيل منذ بداية الحرب، لأن ما جرى في الدوحة وضع الولايات المتحدة في موقف صعب، وضرب مصداقيتها بشكل لا يمكن تجاوزه، برأي فرانكو.
وكان ترامب قد أكد في تصريحات أمس الثلاثاء عن عدم رضاه عن العدوان الإسرائيلي الذي وقع في دولة قطر، وسارع للاتصال بأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وتحدث أيضا مع رئيس وزرائه للتأكيد على حرصه على علاقات بلاده الوثيقة مع الدوحة.
وهذه هي المرة الأولى تقريبا التي يصف فيها فرانكو -وهو داعم قوي لإسرائيل منذ بداية حربها على قطاع غزة– ما أقدمت عليه إسرائيل بأنه "خطير للغاية"، مؤكدا أن القصف تم من دون تنسيق مسبق وأن إخطار الأميركيين جاء في وقت لا يسمح لهم بإبلاغ القطريين به.
وحتى الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى يرى أن الخطاب الأخير لنتنياهو كان موجها للداخل، وأنه حاول من خلاله القول إنه لا يهاب الولايات المتحدة ولا العالم كله، بعدما فشل في تحقيق انتصار كان يعول عليه كثيرا للخروج من مأزقيه الداخلي والدولي.
فبعد الضربات القوية التي تلقتها إسرائيل خلال الأيام الأخيرة في قطاع غزة والضفة الغربية، حاول نتنياهو قتل المفاوضات وليس قتل المفاوضين، فضلا عن أنه سعى لاغتيال الوساطة القطرية التي يحاول وقفها بأي طريقة، وسيواصل وضع شروط تعجيزية لشراء الوقت بعدما فشلت هذه العملية، كما يقول مصطفى.
لذلك، من المهم جدا -برأي المتحدث- ألا تمنح الدوحة نتنياهو ما يريد، وأن تواصل العمل على المفاوضات حتى لا توفر فرصة مواصلة الحرب في غزة.
إعلانففي الوقت الراهن، يعول نتنياهو على انسحاب قطر بالذات من المفاوضات لكي يواصل تدمير غزة، خصوصا أن غالبية التقارير تؤكد أن كافة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية رفضت عملية الدوحة لكن نتنياهو مضى بها على مسؤوليته أملا في تحقيق إنجاز لم يتحقق، وفق المتحدث نفسه.
ولم يختلف الباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر عن الرأيين السابقين بقوله إن نتنياهو "حاول قتل المفاوضين لوضع العالم كله أمام واقع لا رجعة فيه"، واصفا ما جرى بأنه "ضربة للإقليم العربي كله، وهذا ما دفع واشنطن للتأكيد على عدم تكرارها".
بيد أن هذا الوعد الأميركي يتطلب تحركا لإحياء المفاوضات وصياغة العملية السياسية بشكل جاد بعد أن شاركت بنفسها في تعطيل المفاوضات وإفراغها من مضمونها لصالح إسرائيل، رغم مرونة الجانب الفلسطيني، برأي شاكر.
كما أن هذا التطور غير المسبوق في سلوك إسرائيل، يفرض على الولايات المتحدة تسمية الأمور بمسمياتها، وأن تظهر نبرة واضحة وملزمة، وإلا فلن يتراجع نتنياهو عن سلوكه، برأي شاكر.
ولم يختلف فرانكو مع الحديث السابق، لأنه يعتقد أن الوضع بات غامضا فعلا وأن على ترامب إظهار مواقف قوية إزاء هذا السلوك الإسرائيلي الذي يمثل صفعة لواشنطن، وضربة لمصداقيتها.
وصحيح أن إسرائيل يمكنها فعل ما تريد من دون موافقة الولايات المتحدة كما سبق أن قال الرئيس ريتشارد نيكسون، لكن السؤال المطروح سيكون حول مدى مواصلة واشنطن دعم تل أبيب في هذه الحالة، وهو ما يجعل ترامب في موقف صعب، برأي فرانكو.
فحتى ردة الفعل الأولية لواشنطن كانت فاترة، ولعل السبب في ذلك -بنظر المحلل الأميركي- أن الإدارة الأميركية تحاول صياغة رد لا يقوض إسرائيل وفي الوقت نفسه يطمئن الحلفاء لأن الضمانات الأميركية أصبحت محل شك.
وغالبا، ستعمل الولايات المتحدة مع كل من قطر ومصر، لتجاوز هذا الأمر وإحياء المفاوضات سريعا، لأن نتنياهو -برأي فرانكو- حاول بهذه العملية المضي في احتلال مدينة غزة وتدمير البنية التحتية لحماس ثم التفاوض لاحقا على مستقبل القطاع.
فإسرائيل -والحديث للمحلل الأميركي- ستصل إلى أقصى ما يمكنها الوصول إليه اعتمادا على الدعم الأميركي الذي تعرف أنه ما زال قويا لأنه مرتبط بأمن الإقليمي عموما، ولأن الداخل الأميركي لا يزال في صف إسرائيل رغم تآكل مكانتها بسبب هذه الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
محللون: نزع سلاح حزب الله بالقوة قرار غير عقلاني في ظل تغول إسرائيل
بعد شهر من بدء الجيش اللبناني تنفيذ الخطة التي أقرتها حكومة نواف سلام لحصر السلاح بيد الدولة، لا يزال سلاح حزب الله مثار جدل داخلي، بسبب اعتراض الحزب على توقيت وطريقة تسليم سلاحه الذي يعتبره حاجز الصد الوحيد أمام إسرائيل.
وبحث مجلس الوزراء اللبناني -الثلاثاء- خطة تقرير الشهر من عملية حصر السلاح وبسط سلطة الدولة على أراضيها وذلك في وقت تتواصل فيه الغارات الإسرائيلية المتقطعة على عدد من مناطق الجنوب والتي كان آخرها في البقاع.
فقد شنت إسرائيل غارات على 3 مناطق بالبقاع اليوم الاثنين وقالت إنها استهدفت مواقع عسكرية للحزب وأعلنت اغتيال قيادي كبير فيه بمنطقة النبطية في حين قصفت مسيّرة سيارة في بلدة زبدين.
ووفقا لرئيس تحرير صحيفة اللواء اللبنانية صلاح سلام، فقد أكد قائد الجيش خلال الاجتماع تنفيذ أكثر من 85% من الأهداف التي وضعت له جنوب نهر الليطاني رغم الصعوبات الكبيرة التي تفرضها الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة والتي قتلت وأصابت بعض أفراده.
كما عرض الجيش ما تم إنجازه من أجل السيطرة على المعابر التي وصفها سلام خلال برنامج "ما وراء الخبر"، بغير الشرعية على الحدود مع سوريا، وقال إنه أغلق 11 منها شمال وجنوب الليطاني.
أهداف أولية جيدةوبناء على هذه التقديرات، اعتبر سلام أن الجيش حقق الأهداف الأولية للخطة رغم تواضع قدراته، وقال إنه ينتظر تلقي مساعدات تقنية ضرورية لتنفيذ بقية الخطة بسبب صعوبة الوصول إلى بعض الأهداف المحددة.
بيد أن المحلل السياسي حبيب فياض، رد على هذا الكلام بقوله إن الجيش لم تكن لديه مشكلة في نزع السلاح جنوب الليطاني لأن الدور الذي يقوم به في هذه المنطقة موضوعي، مؤكدا أن المشكلة دائما في شمال النهر.
وتكمن مشكلة الجيش في نزع السلاح شمال الليطاني في محدودية قدراته اللوجستية التي لا تمكنه من القيام بالمهام الموكلة إليه، وأيضا في احتلال إسرائيل واعتداءاتها المتواصلة على بعض مناطق جنوب البلاد، كما يقول فياض.
إعلانلذلك، فإن التقرير الأول للجيش يعتبر تصويبا لبوصلة الخلاف الذي كان قائما قبل أكثر من شهر بشأن الخطة التي أقرتها الحكومة لنزع السلاح في مختلف مناطق البلاد، لأن ما تم الإعلان عنه اليوم يعني أن السلطة انتقلت من الشعارات الكبرى إلى الواقع العملي المتعلق بالإمكانات والظروف الموضوعية، برأي فياض.
واتفق الخبير العسكري العميد إلياس حنا، مع حديث فياض بقوله إن نزع السلاح مشكلة سياسية بالأساس ولا يمكن حلها إلا بالطرق السياسية التي قد تساعد الجيش في الحصول على دعم أميركي يقدر بنحو 230 مليون دولار منها 190 مليونا مخصصة للعتاد والتدريب.
الحل سياسي وليس عسكرياكما أن حل هذا الخلاف سياسيا، قد يساعد الجيش اللبناني في تسلم سلاح الحزب بمختلف مناطق لبنان وربما في الاستفادة من تجاربه وقدراته العسكرية، برأي حنا، الذي أكد أن كلا الطرفين -الجيش والحزب- لم يعد بإمكانه استعادة ما احتلته إسرائيل مؤخرا بالقوة، مهما تحدث الحزب عن استعادة قدراته.
ولم ينكر حنا حق الدولة في حصر السلاح بيدها ولا في بسط سيطرتها على أراضيها لكنه أشار إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة التي تحاول إظهار لبنان كبلد ضعيف وفي الوقت تمنع حزب الله من لملمة نفسه واستعادة قوته.
لذلك، فإن الحل السياسي لهذا الخلاف سيكون هو السبيل الوحيد لتحويل الجيش اللبناني إلى نعمة للبلد بدلا من أن يكون نقمة عليه إذا تم استخدامه ضد طرف بعينه، كما يقول الخبير العسكري، الذي أكد على حتمية وضع إستراتيجية أمن قومي تتمخض عنها خطة دفاعية شاملة قد تستفيد من تجربة حزب الله في حروبه مع إسرائيل.
لكن سلام اختلف مع هذا الكلام وقال إن نزع سلاح الحزب مرهون باتفاقات إقليمية ودولية منها اتفاق الطائف الذي نص على سحب سلاح كل المليشيات، واتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي نص على حصر السلاح بيد الدولة في جنوب وشمال الليطاني.
وعلى هذا، فإن قرار الحكومة حصر السلاح واستعادة قرار الحرب والسلام ليس مرتبطا بتوافقات داخلية وإنما بالدعم الإقليمي والدولي المرهون بتنفيذ هذا البند، كما يقول سلام.
بيد أن اتفاق الطائف ينص أيضا على أمور كثيرة يقول فياض إن سلام لم يتطرق إليها مثل تشكيل مجلس شورى وانتخابات برلمانية غير طائفية تقوم على القوائم النسبية، والأهم من ذلك "على حق اللبنانيين في التصدي لإسرائيل بكل الطرق الممكنة".
وبالنطر إلى التغيرات الجيوإستراتيجية التي تشهدها المنطقة والتغول الإسرائيلي الواضح والحديث عن إسرائيل، فإن نزع سلاح الحزب بالقوة سيمثل مشكلة للحكومة وللحزب، برأي حنا.
وختم حنا بالقول إن سوريا الأسد كانت جزءا من اتفاق الطائف الذي يستند إليه سلام في حديثه، وهي لم تعد قائمة اليوم وبالتالي فإن العقل السياسي والعسكري يقول إن الحل لا بد وأن يكون سياسيا.