لماذا يستعد رواد التقنية لنهاية العالم؟
تاريخ النشر: 15th, October 2025 GMT
بدأ العديد من كبار رجال التقنية المنخرطين في قطاع الذكاء الاصطناعي وتقنياته ببناء مجموعة من المخابئ والملاجئ تحت الأرض لتحميهم حال حدوث شيء يهدد الحياة على سطح الأرض، وذلك في خطوة تشبه ما يحدث في أفلام الخيال العلمي، وذلك وفق تقرير نشرته "بي بي سي".
وتضم هذه الموجة العديد من الأسماء البارزة مثل مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة "ميتا" الذي يملك منشأتين مماثلتين، إحداهما هي "كولاو رانش" (Koolau Ranch) في جزيرة كاواي التابعة لجزر هاواي، والثانية اشتراها مؤخرا في حي بالو ألتو بولاية كاليفورنيا.
فضلا عن ريد هوفمان المؤسس المشارك في منصة "لينكد إن" الذي تحدث باستمرار عن تأمين نهاية العالم عبر امتلاك ملاجئ تحت الأرض، مشيرا إلى أن أكثر من نصف أثرياء العالم يملكون مثل هذه الملاجئ.
ولا يبدو أن هذا التوجه لأثرياء التقنية تحديدا عشوائيا، إذ أنهم اجتمعوا عليه رغم اختلافهم في العديد من الأمور الأخرى، فلماذا يسعى هؤلاء لبناء ملاجئ تحت الأرض تحميهم؟ وهل يعرفون شيئا عن الذكاء الاصطناعي لا نعرفه؟
توجه عالميتحدث إيليا سوتسكيفر، كبير العلماء والمؤسس المشارك لشركة "أوبن إيه آي" عن استعداد شركته لبناء مخبأ تحت الأرض لحماية كبار علمائها حال تطوير تقنية الذكاء الاصطناعي العام، وهي التقنية التي يرى سوتسكيفر أن شركتهم أوشكت على تحقيقها.
كما أشار سام ألتمان المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" في وقت سابق أنه ينوي الانضمام إلى بيتر ثيل في ملجئه تحت الأرض والموجود في نيوزيلندا في حالة وقوع كارثة عالمية تهدد أمنه الشخصي.
وربما لا يوجد مثال أوضح على الاستعداد لهذا الحدث الكارثي المجهول أكثر من مارك زوكربيرغ، الذي بدأ في بناء ملجأ "كولاو رانش" في عام 2014 ولم ينته منه حتى الآن، إذ تصل مساحته لأكثر من 460 مترا مربعا ويملك إمدادات طاقة وغذاء خاصة به.
وبينما أكد زوكربيرغ سابقا أثناء إحدى المحادثات أنه لا يبني ملجأ تحت الأرض استعدادا لنهاية العالم، ولكنه يبني منزلا تحت الأرض، فإن السرية المحيطة بهذا المشروع فضلا عن اقتنائه 11 عقارا في حي كريسنت بارك في بالو ألتو بولاية كاليفورنيا بمساحة تحت الأرض تصل إلى 650 مترا مربعا أثار المزيد من الشكوك.
إعلانوينظر إيلون ماسك المدير التنفيذي لمنصة "إكس" وشركة "تسلا" وأحد أثرى أثرياء العالم إلى هذا الأمر بشكل مختلف، فرغم غياب المعلومات حول ملكيته لمنشأة تحت الأرض مماثلة لزوكربيرغ، فإنه أكد مرارا وتكرارا أن الهروب من كوكب الأرض وبناء مستعمرات المريخ هو الحل الأنسب له.
لذا يسعى بشكل جاد لتطوير كافة التقنيات التي تجعل بناء هذه المستعمرة والعيش عليها أمرا ممكنا خلال السنوات المقبلة استعداد لما قد يحدث.
الخوف من الذكاء الاصطناعي العاميتحدث العديد من خبراء الذكاء الاصطناعي ومنهم آباؤهم الروحيون عن تقنية الذكاء الاصطناعي العام بشكل من الخوف، وذلك لأنها حجر البناء لتقنية مستقبلية يتخطى فيها ذكاء الحواسيب الذكاء البشري ونصبح غير قادرين على ملاحقته.
لذا ربط سوتسكيفر سابقا بين بناء "أوبن إيه آي" ملجأ تحت الأرض بتطوير هذه التقنية وطرحها للأسواق.
ولا تعد فكرة الذكاء الاصطناعي الخارق الذي يتخطى قدرات البشر فكرة وليدة اللحظة، إذ ظهرت للمرة الأولى في عام 1958 تحت مفهوم "التفرد" الذي تحدث عنه عالم الرياضيات المجري المولد جون فون نيومان.
ويعود السبب في الخوف من تقنيات الذكاء الاصطناعي العام إلى أنه قادر على تخطي المفاهيم البشرية، وبينما يرى ماسك أنه سيعود بالنفع على الجميع، بدءا من علاج الأمراض المستعصية وحل مشاكل الوقود والغذاء وحتى البطالة، فإن الخبراء يخشون وقوع مثل هذه التقنية في يد المجرمين أو حتى أن تتحول التقنية نفسها إلى الجنون مثلما يحدث في أفلام الخيال العلمي.
لذلك تحاول العديد من المؤسسات الحكومية وضع قيود على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي فضلا عن القيود التي تضعها الشركات، وكما أوضح تيم بيرنز لي مبتكر شبكة "الويب" في حديث سابق مع "بي بي سي"، فإن الشركات يجب أن تملك طريقة توقف بها الذكاء الاصطناعي تماما حال حدوث أي كارثة.
مخاوف لا أساس لها من الصحةويختلف نيل لورانس وهو أستاذ التعلم الآلي في جامعة "كامبريدج" مع المخاوف العالمية من تقنية الذكاء الاصطناعي العام، قائلا بأن فكرة وجود ذكاء اصطناعي عام في حد ذاتها هي فكرة لا أساس لها من الصحة.
ويضيف لورانس قائلا: "تشبه هذه الفكرة المركبة عامة الاستخدام المناسبة لكل الاستخدامات، اختيار السيارة المناسبة يعتمد على السياق. استخدمتُ طائرة إيرباص للسفر إلى كينيا، وأستخدم سيارة للوصول إلى الجامعة يوميا، وأمشي إلى الكافتيريا… لا توجد مركبة قادرة على القيام بكل هذا".
ويرى لورانس أن الحديث عن الذكاء الاصطناعي العام هو تشتيت أكثر منه حديث مثمر حول تقنية مستقبلية، ومن الأفضل الحديث عن استخدامات التقنية التي نملكها بالفعل.
ويتفق معه فينس لينش، الرئيس التنفيذي لشركة "آي في. إيه آي" (IV.AI) ومقرها كاليفورنيا، إذ يصف الحديث عن تقنيات الذكاء الاصطناعي العام بكونها "تسويقا عظيما"، ويضيف قائلا: "إذا كنت الشركة التي تبني أذكى شيء على الإطلاق، فسوف يرغب الناس في إعطائك المال".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الذکاء الاصطناعی العام العدید من تحت الأرض إیه آی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في تحليل الصور الطبية
برز الذكاء الاصطناعي، منذ ظهوره، كأداة فعّالة لتحليل الصور الطبية. وبفضل التطورات في مجال الحوسبة ومجموعات البيانات الطبية الضخمة التي يُمكن للذكاء الاصطناعي التعلّم منها، فقد أثبت جدواه في قراءة وتحليل الأنماط في صور الأشعة السينية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي المحوسب، مما يُمكّن الأطباء من اتخاذ قرارات أفضل وأسرع، لا سيما في علاج وتشخيص الأمراض الخطيرة كالسرطان. في بعض الحالات، تُقدّم أدوات الذكاء الاصطناعي هذه مزايا تفوق حتى نظيراتها البشرية.
يقول أونور أسان، الأستاذ المشارك في معهد ستيفنز للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، والذي يركز بحثه على التفاعل بين الإنسان والحاسوب في الرعاية الصحية "تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي معالجة آلاف الصور بسرعة وتقديم تنبؤات أسرع بكثير من المُراجعين البشريين. وعلى عكس البشر، لا يتعب الذكاء الاصطناعي ولا يفقد تركيزه بمرور الوقت".
مع ذلك، ينظر العديد من الأطباء إلى الذكاء الاصطناعي بشيء من عدم الثقة، ويرجع ذلك في الغالب إلى عدم معرفتهم بكيفية وصوله إلى قراراته، وهي مشكلة تُعرف باسم "مشكلة الصندوق الأسود".
يقول أسان "عندما لا يعرف الأطباء كيف تُولّد أنظمة الذكاء الاصطناعي تنبؤاتها، تقلّ ثقتهم بها. لذا، أردنا معرفة ما إذا كان تقديم شروحات إضافية يُفيد الأطباء، وكيف تؤثر درجات التفسير المختلفة للذكاء الاصطناعي على دقة التشخيص، وكذلك على الثقة في النظام".
بالتعاون مع طالبة الدكتوراه أوليا رضائيان والأستاذ المساعد ألب أرسلان إمراه بايراك في جامعة ليهاي في ولاية بنسيلفانيا الأميركية، أجرى أسان دراسة شملت 28 طبيبًا متخصصًا في الأورام والأشعة، استخدموا الذكاء الاصطناعي لتحليل صور سرطان الثدي. كما زُوّد الأطباء بمستويات مختلفة من الشروح لتقييمات أداة الذكاء الاصطناعي. في النهاية، أجاب المشاركون على سلسلة من الأسئلة المصممة لقياس ثقتهم في التقييم الذي يُولّده الذكاء الاصطناعي ومدى صعوبة المهمة.
وجد الفريق أن الذكاء الاصطناعي حسّن دقة التشخيص لدى الأطباء مقارنةً بالمجموعة الضابطة، ولكن كانت هناك بعض الملاحظات المهمة.
اقرأ أيضا... مؤسسات تستخدم الذكاء الاصطناعي لأعمال معقدة ومتعددة الخطوات
كشفت الدراسة أن تقديم شروحات أكثر تفصيلًا لا يُؤدي بالضرورة إلى زيادة الثقة.
أخبار ذات صلةيقول أسان "وجدنا أن زيادة التفسير لا تعني بالضرورة زيادة الثقة". ذلك لأن وضع تفسيرات إضافية أو أكثر تعقيدًا يتطلب من الأطباء معالجة معلومات إضافية، مما يستنزف وقتهم وتركيزهم بعيدًا عن تحليل الصور. وعندما تكون التفسيرات أكثر تفصيلًا، يستغرق الأطباء وقتًا أطول لاتخاذ القرارات، مما يقلل من أدائهم العام.
يوضح أسان "معالجة المزيد من المعلومات تزيد من العبء المعرفي على الأطباء، وتزيد أيضًا من احتمال ارتكابهم للأخطاء، وربما إلحاق الضرر بالمريض. لا نريد زيادة العبء المعرفي على المستخدمين بإضافة المزيد من المهام".
كما وجدت أبحاث أسان أنه في بعض الحالات، يثق الأطباء بالذكاء الاصطناعي ثقةً مفرطة، مما قد يؤدي إلى إغفال معلومات حيوية في الصور، وبالتالي إلحاق الضرر بالمريض.
ويضيف أسان "إذا لم يُصمم نظام الذكاء الاصطناعي جيدًا، وارتكب بعض الأخطاء بينما يثق به المستخدمون ثقةً كبيرة، فقد يطور بعض الأطباء ثقةً عمياء، معتقدين أن كل ما يقترحه الذكاء الاصطناعي صحيح، ولا يدققون في النتائج بما فيه الكفاية".
قدّم الفريق نتائجه في دراستين حديثتين: الأولى بعنوان "تأثير تفسيرات الذكاء الاصطناعي على ثقة الأطباء ودقة التشخيص في سرطان الثدي"، والثانية بعنوان "قابلية التفسير وثقة الذكاء الاصطناعي في أنظمة دعم القرار السريري: تأثيراتها على الثقة والأداء التشخيصي والعبء المعرفي في رعاية سرطان الثدي".
يعتقد أسان أن الذكاء الاصطناعي سيظل مساعدًا قيّمًا للأطباء في تفسير الصور الطبية، ولكن يجب تصميم هذه الأنظمة بعناية.
ويقول "تشير نتائجنا إلى ضرورة توخي المصممين الحذر عند دمج التفسيرات في أنظمة الذكاء الاصطناعي"، حتى لا يصبح استخدامها معقدا. ويضيف أن التدريب المناسب سيكون ضروريًا للمستخدمين، إذ ستظل الرقابة البشرية لازمة.
وأكد "ينبغي أن يتلقى الأطباء، الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي، تدريبًا يركز على تفسير مخرجات الذكاء الاصطناعي وليس مجرد الوثوق بها".
ويشير أسان إلى أنه في نهاية المطاف، يجب تحقيق توازن جيد بين سهولة استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي وفائدتها.
ويؤكد الباحث "يُشير البحث إلى وجود معيارين أساسيين لاستخدام أي شكل من أشكال التكنولوجيا، وهما: الفائدة المتوقعة وسهولة الاستخدام المتوقعة. فإذا اعتقد الأطباء أن هذه الأداة مفيدة في أداء عملهم، وسهلة الاستخدام، فسوف يستخدمونها".
مصطفى أوفى (أبوظبي)