بحث وفد من مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، التحديات التي تواجه محافظة المهرة ومستجدات الأوضاع السياسية، ومسار السلام في اليمن، الغارق بالحرب منذ أكثر من 10 سنوات.

 

جاء ذلك خلال لقاء سكرتير ثاني بمنظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة المهرة محمد سالم كده مع علي سالم باكريت سكرتير الدائرة السياسية لإشتراكي المهرة، أمس الجمعة، وفدًا من مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن برئاسة ماساكي واتنابي كبير مسؤولي قسم الشؤون السياسية.

 

وناقش اللقاء الذي عُقد في مدينة الغيضة، الأوضاع السياسية والاقتصادية والخدمية والأمنية في محافظة المهرة إضافة إلى التحديات التي تواجه السلطة المحلية والمجتمع وأهمية دور الأحزاب والمكونات السياسية في دعم جهود الاستقرار والتنمية المحلية.

 

وأكد محمد سالم كده، أن الحزب الاشتراكي اليمني لطالما كان داعمًا لمسار السلام والحل السياسي انطلاقًا من إيمانه بضرورة الحفاظ على السيادة الوطنية وتحقيق العدالة والمواطنة المتساوية.

 

وخلال اللقاء، قدّم علي سالم باكريت قراءة تحليلية شاملة للوضع في المهرة، مؤكدًا أن المحافظة تشهد حالة خاصة من الاستقرار النسبي مقارنة بغيرها، لكنها ليست بمنأى عن تأثيرات الأزمة اليمنية الكبرى، داعيًا إلى ضرورة دعم هذا الاستقرار بتدخلات تنموية حقيقية وحضور أممي يعكس احتياجات السكان.

 

وأوضح باكريت، أن المهرة تفتقر إلى كثير من المشاريع الخدمية والبنى التحتية رغم كونها بوابة اليمن الشرقية ما يتطلب دورًا فاعلًا من المانحين والمنظمات الدولية في تعزيز التنمية المستدامة خصوصًا في مجالات التعليم والصحة والشباب والمرأة.

 

وأشار إلى أن اشتراكي المهرة ينشط سياسيًا ومجتمعيًا ويسعى إلى بناء شراكة حقيقية مع جميع المكونات في سبيل إرساء مبادئ الدولة المدنية، وترسيخ قيم الديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد.

 

وجدّد الحزب الاشتراكي تأكيده على أهمية استمرار الشراكة مع الأمم المتحدة، ودعمه لأي جهود دولية تصب في تحقيق السلام المستدام وتحافظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، مطالبين بضرورة أن تكون المهرة حاضرة في أي ترتيبات قادمة باعتبارها جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني.

 

من جهته، قدّم وفد مكتب المبعوث الأممي إحاطة حول مسار العملية السياسية وتأكيد التزام المبعوث الخاص هانس غروندبرغ بالتواصل مع جميع الأطراف السياسية والمجتمعية في اليمن والاستماع لمطالبهم ورؤيتهم لحل الأزمة.

 

 واستعرض الوفد أبرز التحديات التي تواجه عمل البعثة خصوصًا فيما يتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار وتهيئة الأرضية لحوار شامل يمني - يمني.

 

وفي ذات السياق، التقت قيادات لجنة الاعتصام السلمي بمحافظة المهرة، الوفد الأممي الذي يزور محافظة المهرة، لمناقشة مستجدات الأوضاع السياسية، والتحديات التي تواجه المحافظة، وجهود دعم الاستقرار، وتعزيز فرص السلام في اليمن.

 

وأكد رئيس الدائرة الأمنية في لجنة الاعتصام "مسلم رعفيت" أن لجنة الاعتصام عملت خلال الفترة الماضية على تعزيز وترسيخ التماسك المجتمعي لأبناء محافظة المهرة، بما يدعم أمن واستقرار المحافظة.

 

وأوضح رعفيت أن محافظة المهرة من المحافظات اليمنية الآمنة، والتي احتضنت كل أبناء الوطن خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن هناك محاولات لزعزعة أمن واستقرار المحافظة، من خلال الأجندات المشبوهة، ونشر المليشيات الخارجة عن إطار الدولة، ونشر الطائفية والمذهبية والمناطقية وهو ما يرفضه أبناء المهرة، ويؤكد السعي للسيطرة على المحافظة لصالح جهات خارجية، وفقا للجنة الإعتصام.

 

وأكد رعفيت دعم لجنة الاعتصام لكل حلول السلام والاستقرار في اليمن، بما يعمل على المحافظة على السيادة الوطنية، من خلال إشراك جميع مكونات المحافظة، والابتعاد عن الاقصاء والتهميش، وعلى رأسها المكونات الوطنية في محافظة المهرة التي تمثلها لجنة الاعتصام السلمي.

 

وأشار إلى أن لجنة الاعتصام ترى أن الحل اللازم للأزمة في اليمن يبدأ من خلال حوار يمني يمني بعيدًا عن التدخلات الخارجية الأمر الذي سيسهم في إحلال السلام والاستقرار في اليمن.

 

وخلال اللقاء استعرض وفد مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن عرضا حول جهود الأمم المتحدة في دعم مسار السلام، وآليات تثبيت وقف إطلاق النار بشكل مستدام، وأشار إلى المراحل المختلفة للعملية السياسية والمناقشات الجارية مع الأطراف المعنية للوصول إلى حلول شاملة وعادلة للأزمة اليمنية.

 

ويوم أمس الأول، التقى محافظ المهرة محمد علي ياسر، مع الوفد الأممي برئاسة ماساكي واتنابي، كبير مسؤولي قسم الشؤون السياسية، بحضور الأمين العام للمجلس المحلي سالم عبدالله نيمر.

 

وذكر مركز المهرة الإعلامي، أن اللقاء ناقش مستجدات الأوضاع الاقتصادية والإنسانية والأمنية بالمحافظة، والتحديات التي تواجهها السلطة المحلية، إضافة إلى جهود الأمم المتحدة في دعم الاستقرار وتعزيز فرص السلام في اليمن.

 

واستعرض المحافظ الأوضاع العامة في المهرة وأبرز الاحتياجات والأولويات المحلية، وجهود السلطة في تعزيز الأمن وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين، مؤكدا أن المهرة محافظة آمنة ومستقرة وبعيدة عن الصراعات، وأن السلطة المحلية تعمل باستمرار للحفاظ على هذا الاستقرار ودعم التنمية.

 

وأشار المحافظ إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا وما نتج عنها من تحسن في سعر العملة المحلية وانخفاض نسبي في الأسعار، مؤكدا في الوقت نفسه أن جماعة الحوثي تمثل التحدي الأكبر أمام جهود السلام.

 

وأكد "ياسر"، التزام السلطة المحلية بالتعاون مع الأمم المتحدة وتقديم كل التسهيلات لإنجاح زيارة الفريق الأممي ومهامه الميدانية، التي تشمل لقاءات مع الأجهزة الأمنية والعسكرية ومديري المنافذ والبنك المركزي ضمن جهود ترسيخ السلام ووقف إطلاق النار في اليمن.

 

بدوره، أشاد الوفد الأممي بالأوضاع الأمنية المستقرة التي تشهدها المهرة، وبجهود قيادة المحافظة في تسهيل عمل المنظمات الدولية، مؤكدين اهتمام مكتب المبعوث الخاص بمتابعة الأوضاع في المحافظة والاستماع إلى رؤى السلطة المحلية والتعرف على خصائص المهرة واحتياجاتها وأولوياتها ضمن إطار دعم مسار السلام الشامل في البلاد.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: المهرة غروندبرغ لجنة الاعتصام الاشتراكي اليمن التحدیات التی تواجه مکتب المبعوث الخاص السلطة المحلیة الأمم المتحدة محافظة المهرة لجنة الاعتصام فی الیمن

إقرأ أيضاً:

اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى

 

مثّلت الحرب الشاملة التي شُنّت على اليمن في مارس 2015، التدشين العملي والأخطر لمؤامرة دولية مركبة، حيكت خيوطها بعناية فائقة في الغرف المظلمة بين واشنطن وتل أبيب؛ فالموقع الجيوسياسي لليمن، الحاكم على رئة العالم في باب المندب، جعل منه هدفاً دائماً لأطماع قوى الاستكبار التي ترى في استقلال هذا البلد تهديداً وجودياً لمشاريعها في المنطقة، ولعل المتأمل في مسار الأحداث يدرك بيقين أن ما يجري هو عقاب جماعي لشعب قرر الخروج من عباءة الوصاية.

إن القراءة المتأنية للرؤية الأمريكية والإسرائيلية تجاه اليمن تكشف تحولاً جذرياً في التعامل مع هذا الملف، فمنذ نجاح الثورة الشعبية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، أدرك العقل الاستراتيجي في البيت الأبيض والكيان الصهيوني أن اليمن قد غادر مربع التبعية التي كرسها “سفراء الدول العشر” لسنوات طويلة، وأن القرار اليمني لم يعد يصاغ في السفارات الأجنبية. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة زلزال سياسي دفع بنيامين نتنياهو مبكراً للتحذير من أن سيطرة القوى الثورية الوطنية على باب المندب تشكل خطراً يفوق الخطر النووي، وهو ما يفسر الجنون الهستيري الذي طبع العدوان لاحقاً. وقد تجلت هذه الرؤية بوضوح صارخ في المرحلة الحالية، وتحديداً مع انخراط اليمن في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، حيث سقطت الأقنعة تماماً، وانتقلت أمريكا من إدارة الحرب عبر وكلائها الإقليميين إلى المواجهة المباشرة بالأساطيل وحاملات الطائرات، بعد أن أدركت أن أدواتها في المنطقة عجزت عن كبح جماح المارد اليمني الذي بات يهدد شريان الحياة للاقتصاد الصهيوني.

وعند النظر إلى الخارطة العملياتية للمؤامرة، نجد أن العدو اعتمد استراتيجية خبيثة تقوم على تقسيم الجغرافيا اليمنية وظيفياً، والتعامل مع كل جزء بأسلوب مختلف يحقق غاية واحدة هي “التدمير والإنهاك”. ففي المناطق والمحافظات الحرة التي رفضت الخضوع، لجأ التحالف الأمريكي إلى استراتيجية “الخنق والتجويع” كبديل عن الحسم العسكري المستحيل؛ فكان قرار نقل وظائف البنك المركزي في سبتمبر 2016 الضربة الاقتصادية الأخطر التي هدفت لضرب العملة الوطنية وتجفيف السيولة، مترافقة مع حصار مطبق على الموانئ والمطارات، في محاولة بائسة لكسر الإرادة الشعبية عبر لقمة العيش، ومؤخراً محاولة عزل البنوك اليمنية عن النظام المالي العالمي، وهي ورقة ضغط أخيرة تم إحراقها بفضل معادلات الردع الصارمة التي فرضتها صنعاء.

أما في الجانب الآخر من المشهد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والمناطق المحتلة، فتتجلى المؤامرة في أبشع صورها عبر استراتيجية “الفوضى والنهب”، حيث يعمل المحتل على هندسة واقع سياسي وعسكري ممزق يمنع قيام أي دولة قوية؛ فمن عسكرة الجزر الاستراتيجية وتحويل “سقطرى” إلى قاعدة استخباراتية متقدمة للموساد وأبو ظبي، وبناء المدارج العسكرية في جزيرة “ميون” للتحكم بمضيق باب المندب، إلى النهب الممنهج لثروات الشعب من النفط والغاز في شبوة وحضرموت، بينما يكتوي المواطن هناك بنار الغلاء وانعدام الخدمات. إنهم يريدون جنوباً مفككاً تتنازعه الميليشيات المتناحرة، ليبقى مسرحاً مفتوحاً للمطامع الاستعمارية دون أي سيادة وطنية.

وأمام هذا الطوفان من التآمر، لم يقف اليمن مكتوف الأيدي، بل اجترح معجزة الصمود وبناء القوة، مستنداً إلى استراتيجية “الحماية والمواجهة” التي رسمتها القيادة الثورية بحكمة واقتدار. لقد تحول اليمن في زمن قياسي من وضع الدفاع وتلقي الضربات إلى موقع الهجوم وصناعة المعادلات، عبر بناء ترسانة عسكرية رادعة من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والطائرات المسيرة التي وصلت إلى عمق عواصم العدوان، بل وتجاوزتها لتدك “أم الرشراش” وتفرض حصاراً بحرياً تاريخياً على الكيان الصهيوني، مسقطة بذلك هيبة الردع الأمريكية في البحر الأحمر. هذا المسار العسكري وازاه مسار اقتصادي يرفع شعار الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو الزراعة لكسر سلاح التجويع، ومسار تحصين الجبهة الداخلية عبر ترسيخ الهوية الإيمانية التي كانت السد المنيع أمام الحرب الناعمة.

خلاصة المشهد، أن اليمن اليوم، وبعد سنوات من العدوان والحصار، لم يعد ذلك “الحديقة الخلفية” لأحد، بل أصبح رقماً صعباً ولاعباً إقليمياً ودولياً يغير موازين القوى، وأن المؤامرة التي أرادت دفن هذا البلد تحت ركام الحرب، هي نفسها التي أحيت فيه روح المجد، ليصبح اليمن اليوم في طليعة محور الجهاد والمقاومة، شاهداً على أن إرادة الشعوب الحرة أقوى من ترسانات الإمبراطوريات.

 

مقالات مشابهة

  • أحمد علي عبدالله صالح يكسر الصمت ويطلق نداء هام لكل القوى السياسية في اليمن
  • رئيس اليمن الأسبق يكشف أسرار القصر المشؤوم والخلافات السياسية في جنوب اليمن
  • علي ناصر محمد يكشف أسرار "القصر المشؤوم" والخلافات السياسية في جنوب اليمن
  • جدل في المهرة بعد تغيير قائد عسكري من خارج المحافظة
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • عباس يبحث مع ملك إسبانيا تعزيز العلاقات والتطورات السياسية
  • المهرة.. اتفاق أمني بين درع الوطن والقوات الجنوبية لتأمين مطار الغيضة
  • اتفاق في المهرة على تقاسم المشهد العسكري بين الانتقالي ودرع الوطن
  • لجنة اعتصام المهرة تحذر من جر المحافظة إلى مربع الفوضى خدمةً لأجندات خارجية
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى