الجزيرة:
2025-10-18@11:10:35 GMT

الغذاء والوقود ساحة حرب جديدة بين أميركا والصين

تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT

الغذاء والوقود ساحة حرب جديدة بين أميركا والصين

تتخذ الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مسارا غير مسبوق هذه المرة، إذ انتقلت من المعادن الدقيقة والرقائق الإلكترونية إلى الغذاء والوقود الحيوي، في مواجهة اقتصادية جديدة تلعب فيها بكين بذكاء على الميدان الزراعي، وفق ما أوردته وكالة بلومبيرغ.

ويصف التقرير الجولة الأخيرة من النزاع بأنها "حرب غذاء" تُظهر كيف نجحت الصين في تغيير موازين القوة في التجارة الزراعية العالمية، بينما تواجه إدارة الرئيس دونالد ترامب ضغطا داخليا متزايدا من المزارعين الذين خسروا أكبر سوق تصديرية لفول الصويا في العالم.

ويقول التقرير إن بكين "تبدو الآن صاحبة اليد العليا في هذا الملف"، بعدما استطاعت تعويض وارداتها من فول الصويا الأميركي عبر شركات أميركا الجنوبية، ورفعت مشترياتها من البرازيل إلى مستويات قياسية في سبتمبر/أيلول الماضي، في حين لم تشترِ حتى الآن أي شحنة واحدة من محصول فول الصويا الأميركي الجديد، رغم أن قيمتها العام الماضي بلغت 12.6 مليار دولار.

خسارة أميركية ثقيلة ومخزون بلا مشترين

وتؤكد بلومبيرغ أن المشهد في الريف الأميركي بات قاتما، إذ "تكدّست كميات فول الصويا في المخازن مع تراجع الأسعار الحاد"، بينما ينتظر المزارعون دعما حكوميا متوقفا بسبب الإغلاق الإداري في واشنطن.

وتشير بيانات وزارة الزراعة الأميركية إلى أن أسعار العقود الآجلة لفول الصويا تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ 5 سنوات، مما يهدد سبل معيشة آلاف المزارعين الذين يعتمدون على السوق الصينية لتصريف محاصيلهم.

وفي محاولة لتخفيف الضرر، قالت وزيرة الزراعة بروك رولينز إن الإدارة الأميركية تجري محادثات مع دول في أميركا الجنوبية لـ"تنفيذ عمليات سحق هناك لفول الصويا الأميركي وغيره من المحاصيل"، في خطوة تهدف إلى فتح أسواق بديلة، لكنها لن تعوض بأي شكل عن خسارة السوق الصينية، حسب محللي بلومبيرغ.

الصين لم تشتر أي شحنة فول صويا أميركية منذ بداية الموسم الجديد (رويترز)ترامب يلوّح بورقة "زيت الطهي"

ردّ ترامب لم يتأخر، إذ هدّد في خطاب الثلاثاء الماضي بوقف استيراد زيت الطهي من الصين، متهما بكين بأنها "تتعمد إحداث صعوبات أمام مزارعينا".

إعلان

غير أن بلومبيرغ توضح أن المقصود هو زيت الطهي المستعمل، وهو نفايات الزيت الذي يُعاد تدويره ويُستخدم كمادة أولية في إنتاج الوقود الحيوي ووقود الطائرات المستدام، وهي صناعة تشهد توسعا متسارعا عالميا.

وأشارت الوكالة إلى أن "القدر الصيني الساخن يمكن أن يُشغّل طائرة في المستقبل"، في إشارة رمزية إلى كيف أصبحت النفايات الغذائية جزءا من معادلة الطاقة النظيفة.

لكن هذا التهديد الأميركي، حسب بلومبيرغ، يأتي متأخرا ويستهدف تجارة هامشية الحجم، إذ إن قيمة واردات أميركا من زيت الطهي الصيني لا تُقارن بحجم صادرات فول الصويا الأميركية إلى الصين.

ورغم أن الولايات المتحدة كانت أكبر وجهة لصادرات الزيت الصيني المستخدم عام 2024، فإن هذه التجارة تراجعت هذا العام بفعل الضرائب الجديدة وسياسات الوقود النظيف والرسوم الجمركية المفروضة من ترامب، إلى جانب زيادة الطلب الداخلي الصيني على الوقود الحيوي الذي امتص جزءا كبيرا من المعروض المحلي.

صعود صيني في صناعة الوقود النظيف

وتقول المحللة في "بلومبيرغ" نيف جيد باترسون إن "الصين تبني بهدوء منظومة وقود متجددة قادرة على امتصاص كل فائض الزيت المستخدم داخل البلاد"، مشيرة إلى توسّع مشاريع الهيدروكربونات النظيفة والمعالجة الحيوية في عدد من المقاطعات الصناعية.

وتُظهر بيانات بلومبيرغ أن الطاقة الاستيعابية لهذه المنشآت سترتفع بأكثر من 25% خلال العام المقبل، مما يقلّص اعتماد الصين على الصادرات إلى السوق الأميركية.

الولايات المتحدة في مأزق سياسي وزراعي

في المقابل، يرى التقرير أن البيت الأبيض يواجه غضبا متزايدا من المزارعين الذين يشعرون بأنهم يدفعون ثمن الحرب التجارية. فبينما يحاول ترامب استخدام ملف الزيوت كورقة ضغط، تتآكل شعبيته في ولايات الغرب الأوسط التي تعتمد على الزراعة، تشير بلومبيرغ إلى أن المزارعين يفقدون الثقة بقدرة الإدارة على إنقاذ الموسم الزراعي، خصوصا مع استمرار تعثّر المساعدات الاتحادية وتراكم الديون الريفية.

بلومبيرغ ترى أن الصين تمسك بزمام المبادرة في الساحة الزراعية العالمية (الفرنسية)حرب غذاء مفتوحة بلا فائز

ويخلص التقرير إلى أن الصين نجحت في قلب المعادلة في قطاع الغذاء كما فعلت سابقا في قطاع المعادن، إذ لم تعد أسواقها رهينة القرارات الأميركية.

في المقابل، تُظهر بيانات التجارة أن واشنطن فقدت واحدة من أهم أدواتها التفاوضية بعد أن تحوّل فول الصويا إلى سلاح بلا هدف.

ويرى مراقبون نقلت عنهم بلومبيرغ أن "المعركة الحالية لم تعد مجرد نزاع تجاري، بل إنها صراع على من يُطعم العالم ومن يملك وقود مستقبله"، إذ أصبحت الطاقة والغذاء وجهين لحرب اقتصادية بلا نهاية، تتبدل ساحاتها من الرقائق إلى الحبوب، ومن المعادن إلى الزيوت، لكنّها جميعا تدور حول شيء واحد وهو من يملك السيطرة على المستقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات زیت الطهی إلى أن

إقرأ أيضاً:

الصين توافق على محادثات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة

أعلنت الصين، موافقتها على محادثات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن.


الجدير بالذكر، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق، إن الرسوم الجمركية البالغة 100% التي قرر فرضها على السلع القادمة من الصين لن تكون مستدامة لكنه حمّل بكين مسؤولية الأزمة الأحدث في المحادثات التجارية بين البلدين والتي بدأت بتشديدها القيود على صادراتها من العناصر الأرضية النادرة.
 

ورداً على سؤال عما إذا كانت هذه الرسوم المرتفعة مستدامة وما قد يفعله ذلك بالاقتصاد، أجاب ترامب "إنها ليست مستدامة، ولكن هذا هو الرقم".
وقال في مقابلة أذاعتها شبكة "فوكس بيزنس" اليوم الجمعة "اضطروني للقيام بذلك"، وفقًا لـ "رويترز".

وأضاف أنه يتوقع أن "الأمور ستمضي بشكل جيد مع الصين"، معبراً عن تطلعه للتوصل إلى صفقات تجارية عادلة مع بكين.


وتابع: "سألتقي الرئيس الصيني خلال أسبوعين".
وكان ترامب قد كشف عن رسوم إضافية بنسبة 100% على صادرات الصين المتجهة إلى الولايات المتحدة قبل أسبوع، فضلاً عن فرض ضوابط جديدة على تصدير "جميع البرمجيات الحرجة" بحلول الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، أي قبل 9 أيام من انتهاء مدة الإعفاء من الرسوم الجمركية الحالية.


حضَّت الصين على "حوار متكافئ" مع الولايات المتحدة وسط تصاعد الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين، وذلك تزامناً مع زيارة رئيس شركة "أبل" تيم كوك إلى الدولة الآسيوية.


وتزايدت التوترات بين بكين وواشنطن في الأسابيع الأخيرة بعدما فرضت الصين قيوداً واسعة على صادرات المعادن النادرة.
 

مقالات مشابهة

  • أميركا والصين.. حرب الزيت وفول الصويا | ما تأثيرتها المتوقعة؟
  • الصين تعلن موافقتها على محادثات تجارية جديدة مع أميركا
  • الصين توافق على محادثات تجارية جديدة مع أميركا
  • ترامب: الرسوم الأميركية المرتفعة على الصين لن تستمر
  • الصين توافق على محادثات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة
  • التجارة العالمية تحذّر من التوترات بين أميركا والصين
  • بلومبيرغ: قراصنة الصين يهاجمون المملكة المتحدة منذ 10 سنوات
  • بلومبيرغ: البحر ساحة نزاع اقتصادي جديد بين أميركا والصين
  • أميركا تأمل ألا تطبق الصين قيودا تصديرية جديدة