مصر – كشفت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية أن صفقة تصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر، البالغة قيمتها 35 مليار دولار، تقترب من لحظة الحسم.

وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين يجد نفسه في موضع حرج، إذ يتعين عليه الموازنة بين الالتزام بأسعار غاز منخفضة في السوق المحلية، وتنفيذ صفقة استراتيجية تخدم مصالح إسرائيل الجيوسياسية والاقتصادية، لكنها قد تهدد القدرة الشرائية للمواطنين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.

وتنص الصفقة التي جرى الإعلان عنها قبل أربعة أشهر على أن تبيع شركتا “نيو ميد إنيرجي” و”لوثيان” 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر حتى عام 2040، مقابل 35 مليار دولار، في ما يعد أضخم صفقة تصدير في تاريخ إسرائيل.

وتأتي الصفقة كتحديث وتوسيع لاتفاقية التصدير الحالية الموقعة عام 2019، والتي كانت تنص على تصدير 60 مليار متر مكعب فقط.

وبحسب الخطة، سيبدأ التنفيذ الفعلي في النصف الأول من 2026، بتصدير 20 مليار متر مكعب، يليها 110 مليارات متر مكعب إضافية بعد الانتهاء من مشروع توسعة حقل لوثيان (المرحلة 1B)، الذي سيرفع الإنتاج السنوي، شريطة الحصول على ترخيص تصدير رسمي من وزارة الطاقة.

وتشير “كالكاليست” إلى أن شركات الغاز كانت ترفض ضخ استثمارات تصل إلى مليارات الدولارات في مشروع التوسعة دون وجود عقد تصدير طويل الأمد يضمن عوائد مستقرة — وهو ما توفّره هذه الصفقة.

ولفتت الصحيفة إلى أن كوهين واجه تحدّيين رئيسيين: أولاً: أن سعر التصدير إلى مصر أعلى بكثير من السعر المحلي، ما يخلق حافزًا قويًّا للشركات لتصدير الغاز بدلاً من بيعه في السوق المحلية، مما قد يرفع أسعار الكهرباء وتكاليف الصناعة.

ثانيًا: أن السوق الإسرائيلية تفتقر إلى المنافسة الحقيقية. فشركة “شيفرون” (المالكة لـ39.7% من حقل لوثيان و25% من حقل تمار) تُسيطر تشغيليًّا على غالبية الإنتاج، بينما يكاد المورد المنافس الوحيد (كريش) ينفد.

وفي هذا السياق، طالبت وزارة المالية — ضمن قانون “الترتيبات” الاقتصادي الحالي — بتعديل قواعد السوق عبر فرض قيود ذكية على التصدير، لا لتجميده، بل لضمان وفرة الغاز محليًّا.

ويرى خبراء الوزارة أن الحل يكمن في خلق “فائض اصطناعي” في العرض المحلي، عبر إلزام شركات الغاز بالاحتفاظ بكميات أكبر من الغاز في السوق مما يحتاجه الاقتصاد فعليًّا. هذا الفائض سيولّد منافسة بين الشركات لبيعه، ما يؤدي إلى خفض الأسعار تلقائيًّا.

واقترحت الوزارة أن لا يتجاوز التصدير 85% من الفارق بين القدرة الإنتاجية والطلب المحلي، لضمان أمن الإمدادات الداخلية.

لكن شركات الغاز اعترضت بشدة على هذه الخطة، محذرة من أنها:

تضر بجاذبية الاستثمار في قطاع الغاز الإسرائيلي، تقوض الاستقرار التنظيمي، وقد تؤدي إلى إلغاء تطوير احتياطيات الغاز المستقبلية.

كما أكدت أن الصفقة مع مصر كانت ستلغى لولا وجود ضمانات بتنفيذها كما هو مخطط. وأشارت إلى أن إلغاء مشروع توسيع لوثيان سيكلّف الدولة خسارة تصل إلى 60 مليار شيكل، تشمل:

35–40 مليار شيكل من ضرائب “شينسكي” (الضريبة الخاصة على موارد الطاقة)، 22–25 مليار شيكل إضافية من إتاوات وضرائب أخرى.

في المقابل، ترى وزارة المالية أن الاحتفاظ بالغاز تحت الأرض قد يوفّر تكاليف هائلة للمستهلكين والصناعة، نظرًا لتأثير ارتفاع أسعار الغاز المباشر على أسعار الكهرباء وتكاليف الإنتاج.

وشددت “كالكاليست” على أن الصفقة لا تهدد أمن إمدادات الغاز المحلي، إذ التزمت الشركات بعدم السماح بأي نقص، خاصةً في ظل الاعتبارات الأمنية التي تتطلب ضمان استقلالية الطاقة على المدى الطويل.

لكن القضية، وفق الصحيفة، تتجاوز الاقتصاد المحلي لتصل إلى حسابات جيوسياسية معقدة:

مصر، الشريك الاستراتيجي، تمرّ بأزمة طاقة حادة بعد تراجع إنتاجها من الغاز، رغم الطلب المرتفع على الكهرباء والصناعة. هناك شعور مصري بالإهمال من جانب إسرائيل، خصوصًا مع تقارب القاهرة من الدوحة. الصفقة تحمل أيضًا أهمية استراتيجية لأوروبا، التي تبحث عن بدائل للغاز الروسي، ويمكن للغاز الإسرائيلي أن يُوجّه عبر مصر إلى الأسواق الأوروبية.

وفي الختام، خلصت “كالكاليست” إلى أن القرار الحالي يشكل مواجهة ثلاثية الأبعاد:

وزارة المالية: تدافع عن المستهلك وتحارب التضخم. شركات الغاز: تحمي أرباحها واستقرار البيئة الاستثمارية. وزارة الطاقة: تحاول الموازنة بين غلاء المعيشة، والأمن الطاقي، وتنمية القطاع.

ورغم أن القرار الرسمي بيـد وزير الطاقة إيلي كوهين، فإن الصحيفة تشير إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيكون الطرف المحوري، خاصة أن ترامب يمارس ضغطًا شخصيًّا لضمان تنفيذ الصفقة. وفي ظل الأولويات السياسية والدبلوماسية، قد لا يولى ارتفاع تكلفة المعيشة نفس الأهمية لدى نتنياهو مقارنة بالتزاماته الدولية.

 

المصدر: صحيفة “كالكاليست”

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: شرکات الغاز متر مکعب إلى أن

إقرأ أيضاً:

“الطاقة الدولية” تخفض توقعاتها لفائض سوق النفط في 2026

الثورة نت /..

رفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2026، وخفضت في الوقت ذاته توقعاتها لنمو إمدادات النفط في تقريرها الشهري الأحدث الصادر اليوم الخميس، ما يشير إلى انخفاض طفيف في الفائض المتوقع في السوق للعام المقبل.

وأظهر تقرير الوكالة صورة مختلطة لأسواق الطاقة العالمية، حيث رفعت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعامي 2025 و2026، مدفوعة بتحسن الآفاق الاقتصادية الكلية، في حين يواجه المعروض ضغوطا ناتجة عن العقوبات وتخفيضات “أوبك+”، مما أدى إلى تراجع أسعار الخام والنفط المخزن في البحر إلى مستويات قياسية.

وتتوقع الوكالة زيادة الطلب العالمي بمقدار 830 ألف برميل يوميا في عام 2025، مع رفع توقعات عام 2026 بمقدار 90 ألف برميل يوميا لتصل الزيادة السنوية إلى 860 ألف برميل يوميا، بحسب وكالة الأنباء القطرية.

وأكدت وكالة الطاقة الدولية أن الفائض العالمي المتوقع في الأسواق سيستمر حتى عام 2026، حيث من المتوقع أن ينمو المعروض بمقدار 3 ملايين برميل يوميا في 2025 ، و2.4 مليون برميل يوميا في 2026، مما يبقي الضغوط التراجعية على الأسعار قائمة رغم التوترات الجيوسياسية والعقوبات المستمرة.

مقالات مشابهة

  • “الطاقة الدولية” تخفض توقعاتها لفائض سوق النفط في 2026
  • انطلاق هاكاثون “أبشر طويق” الأكبر في العالم بالشراكة بين وزارة الداخلية وأكاديمية طويق
  • تركيا: هدف “نتنياهو” الأساسي هو تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية
  • تهديدات داخل بيت هرتسوغ: رجل أعمال يلوّح بكشف “أسرار خطيرة” إذا مُنح نتنياهو عفوا
  • الصورة الأكثر تداولا في إيران.. “نتنياهو” يقف في طابور أمام مخبز في طهران!
  • ليبيا تختتم «منتدى الغاز الدولي» وتعزز شراكاتها الإقليمية والدولية
  • إنشاء مركز للغاز الطبيعي.. استثمارات بقيمة 3.5 مليار دولار لدعم قطاع الطاقة النظيفة بالمغرب
  • الطاقة في زمن الاضطراب.. قراءة سياسية - اقتصادية في خريطة الأسواق العالمية
  • هل يلتقي نتنياهو والسيسي في قصر ترامب؟ مطالب مصر وتحذير في إسرائيل