تحليل: تصنيف عبدالملك الحوثي إرهابيًا ضرورة استراتيجية
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
أكد تحليل لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية أن تصنيف زعيم الميليشيات الإيرانية في اليمن، عبد الملك الحوثي، كإرهابي عالمي خاص يمثل أداة ضرورية لمواجهة أنشطته الإرهابية وعزله عن دعم شبكاته وتمويل عملياته.
ويشير التحليل إلى أن استمرار الحوثيين في زعزعة استقرار الملاحة البحرية والهجمات على المدنيين والقوات الدولية يجعل من هذا التصنيف خطوة استراتيجية لا غنى عنها لضمان الأمن الإقليمي ووقف الهجمات المستقبلية.
منذ تصاعد العمليات الحوثية بعد أحداث أكتوبر 2023 في غزة، نفذت ميليشيا الحوثي نحو 1835 عملية استهدفت إسرائيل، والشحن التجاري في البحر الأحمر وخليج عدن، والقوات البحرية الأمريكية وحلفائها. وقد قتل الحوثيون تحت قيادته ثمانية بحارة، وأصابوا آخرين، واستولوا على أكثر من 30 رهينة من سفينتين، هما "جالاكسي ليدر" و"إتيرنيتي سي" في عامي 2024 و2025.
ويشير التحليل الذي أعدته الباحثةبريدجيت تومي إلى أن هذه العمليات لا تُظهر فقط قدرة الحوثيين على التخطيط والتنفيذ، بل تُبرز أيضًا دور عبد الملك المباشر في قيادة وتنظيم هذه الهجمات، ما يجعله هدفًا أساسيًا لأي استراتيجية لمكافحة الإرهاب.
ورغم أن عبد الملك أدرج سابقًا على قائمة الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص (SDGT) عام 2021، تم رفع اسمه عنها لاحقًا عندما ألغت إدارة بايدن بعض التصنيفات. ويشير التحليل إلى أن إعادة إدراجه في قائمة الإرهابيين ستُمكّن الولايات المتحدة من تطبيق عقوبات أشد على الحوثيين وقيادتهم، وكذا استهداف أي فرد أو كيان يتعاون مع الحوثيين بموجب عقوبات ثانوية، إلى جانب تشجيع حلفاء الولايات المتحدة على تبني تصنيفه كإرهابي عالمي، مما يزيد عزلة الجماعة دوليًا.
وتُبرز مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن عبد الملك ليس مصنفًا كإرهابي عالمي من قبل معظم حلفاء أمريكا، مما يحد من قدرة التحالف الدولي على مواجهة الحوثيين بشكل فعّال.
وتُصنف الولايات المتحدة الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO)، مع فرض قيود على تقديم الدعم المادي لهم وملاحقة أي طرف يساندهم. ويشير التحليل إلى أن إدراج عبد الملك ضمن قائمة الإرهابيين سيضاعف فعالية هذه العقوبات ويُسهل استهداف القيادات العليا للجماعة، ما يمثل ضغطًا إضافيًا لإضعاف هياكل الحوثيين وتمويل عملياتهم.
كما يُعد هذا التصنيف أداة مهمة للولايات المتحدة وشركائها لتأكيد أن أي دعم مباشر أو غير مباشر للجماعة أو لقياداتها سيواجه تبعات قانونية صارمة.
وتُشير الباحثة بريدجيت تومي إلى ضرورة استخدام كل الأدوات المتاحة للعزل السياسي والمالي للحوثيين، بما في ذلك استهداف القيادات العليا مباشرة، لا سيما عبد الملك الحوثي، وتشديد العقوبات المالية والاقتصادية على الجماعة وشبكاتها، وتعزيز التعاون الدولي لتبني تصنيفات قائمة الإرهاب للجماعة، ما يوسع نطاق التدابير ضدها.
ويؤكد التحليل أن هذه الإجراءات ضرورية لإجبار الحوثيين على وقف أنشطتهم الإرهابية في البحر الأحمر والمناطق المجاورة، وضمان عدم استخدام الجماعة مواردها لزعزعة الأمن الإقليمي.
وفي ظل استمرار الهجمات الحوثية على المدنيين والسفن والمصالح الدولية، يؤكد تحليل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن إعادة تصنيف عبد الملك الحوثي كإرهابي عالمي خاص ليس خيارًا فحسب، بل ضرورة استراتيجية لمواجهة الإرهاب والقرصنة، ولتعزيز قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على وقف تهديد الجماعة بشكل مستدام. ويشير التحليل إلى أن استهداف قيادات الحوثيين بهذه الطريقة يُرسل رسالة قوية بأن المجتمع الدولي لن يتسامح مع أنشطة الجماعة الإرهابية.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الملک الحوثی عبد الملک
إقرأ أيضاً:
تخبط وعجز عن اختيار بدلاء.. صراع محتدم يعيق الحوثي عن تشكيل حكومة جديدة
تعيش ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران حالة غير مسبوقة من الارتباك السياسي والانقسام الداخلي في صنعاء منذ مصرع رئيس حكومتها غير المعترف بها أحمد الرهوي وتسعة من وزرائه في غارة إسرائيلية أواخر أغسطس الماضي؛ حيث عجزت الجماعة من تشكيل حكومة بديلة أو حسم أسماء المرشحين لشغل الحقائب الوزارية الشاغرة.
وبحسب مصادر محلية في صنعاء أن الميليشيات الحوثية تحاول إظهار قدر من التماسك السياسي والإداري أمام أنصارها إلا أن المعطيات تكشف عن أزمة عميقة داخل الصف القيادي الأول والخلافات المتصاعدة حول أسماء القائمة الجديدة وكذا انعدام الثقة ناهيك عن تفاقم الخوف من الاختراقات الأمنية بعد الضربة الإسرائيلية التي أصابت قلب سلطتها في صنعاء.
وفي أواخر أغسطس الماضي، استهدفت غارات إسرائيلية العاصمة صنعاء، ما أدى إلى مقتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد الرهوي وتسعة وزراء من حكومته، من بينهم وزراء الخارجية والمغتربين، الشباب والرياضة، الكهرباء والطاقة والمياه، الثقافة والسياحة، الزراعة والثروة السمكية، الشؤون الاجتماعية والعمل، الإعلام، والاقتصاد والصناعة والاستثمار، إضافة إلى وزير العدل ومدير مكتب رئاسة الوزراء. وبذلك تكون الضربة قد أزاحت نحو نصف التشكيلة الحكومية الحوثية التي كانت تضم 22 وزيرًا، في واحدة من أعنف الضربات التي تتلقاها الجماعة منذ بدء الحرب.
وبعد يومين فقط من الغارة، أعلنت الميليشيا تعيين محمد مفتاح قائمًا بأعمال رئيس الوزراء خلفًا للرهوي، مؤكدة أن إعلان الحكومة الجديدة سيتم خلال "أيام قليلة"، لكن مر نحو شهرين على ذلك الوعد، دون أي إعلان رسمي، وهو ما كشف عن حالة تخبط غير مسبوقة داخل الميليشيا.
ويرجّح مراقبون أن الجماعة تواجه خلافات حادة بين أجنحتها القيادية حول توزيع الحقائب والمناصب، خصوصًا بين الجناح الأمني المقرب من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي والجناح السياسي المنتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام المتحالف معها شكليًا، أو حتى على مستوى الأجنحة الداخلية التي يقودها "مهدي المشاط" أو "محمد علي الحوثي" وآخرين. كما تسود مخاوف كبيرة من الاختراقات الأمنية والاستخباراتية التي أدت إلى الغارة، ما جعل الاجتماعات القيادية محدودة جدًا وتحت رقابة شديدة.
مصادر سياسية في صنعاء، ربطت عجز الميليشيات الحوثية عن تشكيل حكومة جديدة يعود إلى فقدان الجماعة حالة الزخم التي كانت تحظى بها بين النخب السياسية المتحالفة معها، وسط تصاعد حالة من التوجس داخل المؤتمر الشعبي العام الذي توترت علاقته مع الحوثيين بعد سلسلة من الاعتقالات والإقامات الجبرية التي طالت قيادات بارزة فيه.
وترى المصادر أن الجماعة تواجه أزمة حقيقية في إيجاد شخصيات "مقبولة" لتولي المناصب، سواء من داخل صنعاء أو من المناطق الجنوبية، التي تبحث الميليشيا عن شخصية منها لإضفاء مظهر "التوازن الجغرافي" على حكومتها الجديدة، وهو ما لم يتحقق منذ إقالة حكومة عبد العزيز بن حبتور قبل عام.
وبحسب المصادر أن محاولات الحوثيين لتشكيل حكومة جديدة ما هي إلا محاولة للخداع السياسي والإعلامي أكثر من كونها خطوة حقيقية لإدارة الدولة. وأن الحكومة الجديدة – في حال تشكّلت – ستكون مجرد "ديكور سياسي" لتغطية فشل الجماعة في إدارة مؤسسات الدولة وانهيارها الإداري والمالي.
وأكدت المصادر إن "الهدف من هذه الحكومة الشكلية هو محاولة الحفاظ على تماسك القواعد الحوثية وإيهام الرأي العام الخارجي بأن الجماعة ما تزال تملك مؤسسات قادرة على العمل، بينما السلطة الفعلية بيد المشرفين الميدانيين".
وفي ظل الأجواء المشحونة، تؤكد التقارير أن الجماعة تواجه أزمة استخباراتية عميقة، حيث تعيش قياداتها العليا في حالة من القلق والارتياب المستمر، وتخشى عقد الاجتماعات خوفًا من رصد مواقعها. ووفق المصادر، فإن هذه التحركات المحدودة والاحتياطات الأمنية المفرطة جعلت من عملية التشكيل الحكومي "أمراً مؤجلاً إلى أجل غير مسمى".
ورغم مقتل رئيس الحكومة وتسعة من وزرائها، لم يتأثر عمل الجماعة فعليًا، إذ ما تزال السلطة الحقيقية بيد المشرفين الحوثيين الذين يديرون الوزارات والمؤسسات العامة، في استمرار للنظام الموازي الذي أقامته الجماعة منذ سيطرتها على صنعاء عام 2014.
ويقول مراقبون إن ذلك يؤكد أن الحكومة الحوثية لم تكن سوى واجهة شكلية لإضفاء طابع "الدولة" على سلطة دينية عقائدية تتحكم في كل مفاصل الإدارة والأمن والاقتصاد من خلال شبكات المشرفين التابعين لعبد الملك الحوثي.
وتكشف التطورات الأخيرة أن ميليشيا الحوثي تواجه أعمق أزمة داخلية منذ نشأتها، ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضًا الأمني والتنظيمي، إذ فقدت عدداً من أبرز وجوهها السياسية، وتواجه عزوفاً متزايداً من الشخصيات الوطنية عن الارتباط بها. وفي ظل هذا التصدع، يبدو أن الجماعة تسير نحو مزيد من العزلة الداخلية والتآكل السياسي، فيما تبقى سلطتها مرتهنة بالكامل لزعيمها الديني ومشروعها الإيراني العابر للحدود.