السيارات الهجينة الموصولة بالكهرباء أكثر تلويثًا مما تدعيه الشركات
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
في ضربة جديدة لصورة السيارات الهجينة القابلة للشحن كخيار صديق للبيئة، كشف تقرير حديث صادر عن مجموعة من المنظمات الأوروبية المعنية بالنقل والبيئة أن هذه المركبات قد تكون أكثر تلويثًا مما تعلنه شركات تصنيعها.
فوفقًا للتقرير، فإن الفارق الحقيقي في الانبعاثات بين السيارات الهجينة القابلة للشحن (PHEVs) وسيارات البنزين لا يتجاوز 19% فقط، بينما تزعم اختبارات الشركات أن النسبة تصل إلى 75%.
الدراسة التي شملت بيانات دقيقة من عدادات استهلاك الوقود لنحو 800 ألف سيارة هجينة مسجلة في أوروبا بين عامي 2021 و2023، أظهرت أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الفعلية من هذه السيارات تزيد بمقدار 4.9 مرة عن الأرقام المعلنة رسميًا.
السبب الرئيسي وراء هذا التفاوت الكبير، كما يشير التقرير، هو أن الشركات المصنعة والمختبرين يفترضون أن السيارات تعمل في وضع القيادة الكهربائية بنسبة 84% من الوقت، بينما تُظهر البيانات الواقعية أن النسبة الفعلية لا تتعدى 27%.
بمعنى آخر، رغم أن هذه المركبات تُباع على أساس أنها تعمل بالكهرباء أغلب الوقت، إلا أن السائقين في الواقع يعتمدون بشكل أكبر على محركات البنزين، ما يجعلها تقترب كثيرًا من السيارات التقليدية من حيث الانبعاثات والتلوث.
والأسوأ من ذلك، أن التقرير أكد أن حتى أثناء القيادة في الوضع الكهربائي، لا تكون هذه السيارات خالية من الانبعاثات كما يُروّج لها. إذ أن المحركات الكهربائية فيها غالبًا ما تفتقر إلى القدرة الكافية لدفع السيارة بمفردها، ما يضطر محرك الاحتراق الداخلي للتدخل لتغطية ما يقرب من ثلث المسافة المقطوعة.
التقرير أشار أيضًا إلى أن غياب تقنيات الشحن السريع في معظم السيارات الهجينة يجعل استخدامها أقل راحة، إذ يفضّل كثير من السائقين ملء خزانات الوقود بدلًا من انتظار شحن البطارية لساعات، مما يضاعف من الاعتماد على البنزين. وهذا لا يؤدي فقط إلى زيادة الانبعاثات، بل أيضًا إلى ارتفاع تكاليف التشغيل، حيث ينفق السائقون في المتوسط نحو 582 دولارًا أكثر سنويًا على الوقود مقارنة بالتقديرات الرسمية التي تروّجها الشركات.
وتوضح صحيفة الجارديان أن شركات صناعة السيارات الأوروبية الكبرى مثل فولكس فاجن، ومرسيدس بنز، وبي إم دبليو، كانت من أبرز المدافعين عن السيارات الهجينة القابلة للشحن باعتبارها حلًا مؤقتًا يوازن بين الأداء البيئي ومدى القيادة، قبل الانتقال الكامل إلى السيارات الكهربائية. غير أن نتائج التقرير تضع هذه الادعاءات تحت المجهر، وتكشف أن تلك الشركات استفادت من الأرقام المضللة لتجنب غرامات ضخمة.
فبحسب التحليل، تمكّنت أربع مجموعات رئيسية لصناعة السيارات من الإفلات من غرامات كان من المفترض أن تتجاوز 5.8 مليار دولار خلال الفترة من 2021 إلى 2023، بسبب التلاعب في تقدير الانبعاثات داخل المختبرات. هذه البيانات الرسمية سمحت لها بالامتثال للحدود الأوروبية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بينما في الواقع كانت السيارات التي باعتها مسؤولة عن إطلاق 52 مليون طن إضافية من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
المنظمات التي أعدّت التقرير طالبت المفوضية الأوروبية بمراجعة آليات اعتماد السيارات الهجينة القابلة للشحن وفرض اختبارات أكثر واقعية تستند إلى الاستخدام الفعلي في الشوارع لا إلى ظروف المختبر المثالية. كما شددت على ضرورة إعادة تقييم الحوافز المالية والإعفاءات الضريبية التي تحصل عليها هذه السيارات في عدة دول أوروبية بدعوى الاستدامة، خاصة بعد أن أثبتت البيانات أن فائدتها البيئية محدودة للغاية.
ويأتي هذا التقرير في وقت تتجه فيه أوروبا نحو تسريع التحول الكامل إلى السيارات الكهربائية بحلول عام 2035، ضمن خطة طموحة لتحقيق الحياد الكربوني. ومع ذلك، فإن النتائج الجديدة تضع علامات استفهام حول مدى فعالية المرحلة الانتقالية التي تمثلها السيارات الهجينة، والتي يبدو أنها تساهم في تأخير التحول الحقيقي أكثر مما تدعمه.
في نهاية المطاف، يُظهر التقرير أن الهجين القابل للشحن قد لا يكون الحل الأخضر الذي تم الترويج له على مدار السنوات الماضية، بل حلًّا مؤقتًا مليئًا بالتناقضات التقنية والبيئية. ومع تصاعد الضغط الشعبي والسياسي في أوروبا من أجل شفافية أكبر، يبدو أن شركات السيارات ستواجه مرحلة جديدة من التدقيق والمساءلة في سباقها نحو مستقبل النقل المستدام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السيارات السيارات الهجينة المنظمات الأوروبية سيارات البنزين ثاني أكسيد الكربون الوقود
إقرأ أيضاً:
التغير المناخي يضاعف المخاطر.. «النينيو» يهدد العالم بأعاصير وفيضانات وموجات حر
كشف فريق دولي من علماء المناخ أن ظاهرة “النينيو” في المحيط الهادئ، المسؤولة عن تقلبات كبيرة في الطقس العالمي، ستشهد زيادة حادة في شدة وتأثيراتها بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين نتيجة الاحتباس الحراري، ما يعزز المخاطر المناخية على مختلف أنحاء العالم.
ووفق دراسة حديثة نشرها معهد أبحاث العلوم الأساسية (IBS) في كوريا الجنوبية، فإن التغير المناخي سيضاعف وتيرة النينيو، ويقلل من فترات الاستقرار المناخي الحالية، بحيث ستظهر الذروات القوية للنينيو كل 2-3 سنوات، مح replacing لانينيا قوية بنفس القدر.
ويؤدي النينيو، إلى جانب ظاهرة لانينيا، إلى تقلبات واسعة في الرياح والتيارات البحرية، مما يسبب موجات جفاف متكررة أو أمطار غزيرة وفيضانات، كما حدث في “جفاف الألفية” في أستراليا بين 1996 و2010.
وباستخدام نموذج حاسوبي متقدم يأخذ في الاعتبار درجات حرارة الهواء والمحيط وتأثير الانبعاثات المرتفعة للغازات الدفيئة، أوضح الباحثون أن تقلبات النينيو ستتزامن مع ظواهر مناخية أخرى مثل تذبذب شمال المحيط الأطلسي وثنائي المحيط الهندي، ما سيزيد من شدّة الأعاصير والفيضانات وموجات الحر في أوروبا، أمريكا الشمالية، الشرق الأوسط، وأجزاء أخرى من العالم.
وأكد البروفيسور أكسيل تيمرمان من IBS أن “التغير المناخي لا يجعل النينيو أقوى وأكثر انتظاماً فحسب، بل يزيد من قدرته على توليد أحداث مناخية متطرفة، مما يضع البشرية أمام تحديات جديدة في التكيف مع الطقس والتخطيط لمستقبل مستدام”.
وتشير الدراسة إلى أن تعزيز المراقبة المناخية العالمية ووضع خطط استباقية لتقليل الأضرار سيكون أمراً حاسماً، مع ضرورة تقليل الانبعاثات والحد من آثار الاحتباس الحراري لتخفيف تأثير هذه الظواهر المستقبلية على البيئة والاقتصاد والبشر حول العالم.